ستيفن كينغ أسطورة الرعبالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2016-05-18 23:29:43

ناصر بن محمد الزمل

العديد من القراء يعرفون الكاتب الشهير ستيفن كينغ ولكن القليلين فقط يعرفون عن قصة نجاحه التي تم اختيارها كأحد القصص الملهمة.

ويُعد ستيفن كينغ واحدًا من أكثر الكتاب إبداعًا و دهاءً في تاريخ البشرية، واتخذ من الرعب المعاصر، التشويق، الخيال علمي واللاعلمي محورًا لرواياته وقصصه، ولد في عام 1947 في بورتلاند، ماين، الولايات المتحدة. وقد تواجدت في حياته المشكلات العائلية بشكل كبير، حيث عانى ستيفن من طفولة صعبة بعد مغادرة والده دونالد ايدوين كينغ للعائلة عندما كان في الثانية من عمره تحت حجة «ذاهب لشراء علبة سجائر» الذي لم يعد بعدها، مما جعل والدته نيلي روث المعيل الوحيد له ولأخيه المتبنى دافيد.

كان ستيفن يقضي وقته في كتابة القصص وتجربة أفكار متنوعة، ويصّر على قراءتها بصوت عال أمام والدته، حتى إنه وخلال مرحلة الدراسة الثانوية كان يشارك في كتابة مقالات لنشرة كان يطبعها أخوه ديفيد بواسطة جهاز طباعة قديم، لكنه يتذكر قيامه ببيع قصص على أصدقائه ألفها بناء على أفلام سبق أن شاهدها، لكنه توقف عند ذلك بعد أن اكتشف أحد معلميه ذلك، وأجبره على إعادة أموال أصدقائه! لكنه يشير إلى أن أول قصة نشرت له كانت بعنوان: (كنت سارق القبر المراهق) في إحدى مجلات القصص المصورة غير المعروفة، وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره! لكنه استمر في إصراره على الكتابة خلال دراسته الجامعية للأدب الإنجليزي، فكان يكتب زاوية شبه ساخرة في نشرة حرم الجامعة، ورغم تخرجه بشهادة تؤهله للعمل بصفته معلمًا، لم يجد وظيفة مناسبة، مما اضطره للعمل في وظائف متعددة، بيد أنه في النهاية استطاع الحصول على وظيفة معلم، ولكنه براتب منخفض، قبل بها على مضض، واستمر يعمل ليل نهار بالكتابة وتطوير قصصه دون نتيجة ملموسة، حتى كاد يقع في إدمان الحكول لولا وقوف زوجته «تابيثا سبروس» معه، وهي الفتاة التي تعرّف عليها في مكتبة الجامعة، وكان لها أثر أكبر على حياته.

ففي عام 1973 كان كينغ يكتب رواية بعنوان كاري Carrie عن فتاة غريبة الأطوار تمتلك قدرة تحريك الأجسام عن بعد، لكنه فجأة ألقى بمسودة روايته في سلة المهملات؛ لأنه لم يكن راضيًا عن تقدمه في الكتابة، لكن زوجته استعادت الرواية وأقنعته بإكمالها من جديد، وبعد مدة من إرسال الرواية إلى مجموعة من الناشرين؛ رد الناشر «دابولداي وشركاه» بالموافقة على النشر، وأرفق شيكًا بقيمة 2500 دولار! مما جعل كينغ وزوجته يقفزان من الفرح والسرور جراء هذا المبلغ الكبير الذي يصلهما لأول مرة، نشرت الرواية في عام 1974، ولكن المثير في الأمر أن الرواية بعد نجاحها الساحق حققت لمؤلفها 400 ألف دولار فقط من حقوق الطبع وحدها! كان كفيلاً بانطلاق المسيرة المذهلة لهذا الكاتب الرائع. وهنا دائمًا ما يستذكر كينغ بمزيد من الفخر اتصال ناشره عليه، ليخبره أنه بإمكانه الآن التفرغ للكتابة وترك مهنة التدريس إلى الأبد!.

بالطبع لم يركن ستيفن كينغ لهذا النجاح الهائل، بل استمر وبسرعة مذهلة في إنتاج روايات متتالية، تتجاوز رواية واحدة في العام الواحد، وكل رواية لا يقل حجمها عن مئات الصفحات، وكل منها يتميز بفكرة مختلفة وحبكة مشوقة.

بدأت الصعوبات تطارد ستيفن إذ اضطر للانتقال بعائلته إلى منزل والدته التي أصيبت بالسرطان، وظلّ يراعاها طيلة النهار، بينما كان يقضي الليل في غرفة صغيرة في جراج المنزل، يكتب في روايته الثانية التي أسماها (العودة الثانية) قبل أن يقرر تغيير اسمها إلى (حشد سالم) وفيها يحكي عن قرية من مصاصي الدماء يقوم بزيارتها رجل وطفله الوحيد. وحين انتهت الرواية توفيت والدته.

المثير في الأمر أن إصرار ستيفن كان ينبع من قدرته على استلهام أفكار رواياته من الظروف والأماكن التي يمر بها، كما في رواية «مقبرة الحيوانات الأليفة» التي استلهمها من تجربة شخصية له عندما شاهد مقبرة حقيقة للحيوانات الأليفة في ولايته ميين، أو رواية «البريق» التي تتحدث عن كاتب مجنون يقضي الشتاء مع عائلته في فندق مهجور، التي استوحاها من إقامته القصيرة في دينفر بولاية كولورادو، وتحولت إلى فيلم سينمائي ناجح من بطولة النجم جاك نيكلسون، بالطبع لم يعجبه الفيلم كعادة كثير من الروائيين، فأصر على أن يقوم هو بإخراجها بنفسه، فقام بتعلم الإخراج ليظهرها على شكل مسلسل تلفزيوني قصير لم يكتب له النجاح، فعاد بقوة من جديد إلى الميدان الذي يعرفه بقوة وهو الكتابة. وهكذا وبعد توالي نجاحه الروائي أضحت شركات الإنتاج السينمائي تتسابق لإنتاج أفلام مقتبسة من رواياته المدهشة، التي زادت في النهاية من شعبيته، حتى صار النقاد والجمهور يلقبون ستيفن كينج بملك الرعب، برغم كثرة وتعدد مؤلفي روايات وقصص الرعب والإثارة.

يدرك ستيفن كينغ أن الإصرار والاستمرار هو سلاحه الأساسي في الحياة، فهو اليوم وبرغم تجاوزه عامه الـ66، وتضاعف رصيده بمقدار عشرة ملايين دولار أسبوعيًّا، فقط من إعادة طباعة رواياته، وتعرضه إلى حادث شبه مميت قبل سنوات؛ إلا أن نشاطه الأدبي ما يزال يتّقد، وما يزال يبهر جمهوره الواسع بإصدارات جديدة ومتنوعة، وما يزال يؤمن أن في جعبته الكثير ما دام إصراره مستمرًّا.

بيعت رواياته وقصصه أكثر من 350 مليون نسخة، وترجمت لأكثر من 35 لغة، واستطاع أن يحول أدب الرعب والخيال من فن ترفيهي للتسلية إلى أدب رفيع المستوى، شخوص وعوالم مختلفة، مساحات من الإنسانية ممزوجة بعالم الخيال والرعب بلغة ساحرة.

حصل كينج على عشرات الجوائز، ورشحت روايته The Way Station لجائزة نوبل عام 1980، ثم كانت الجائزة الكبرى بحصوله على وسام العطاء المميز في الآداب من المؤسسة الوطنية للكتاب في 2003 وبهذه الجائزة توّج ستيفن كينج بوصفه واحدًا من أهم وأشهر كتاب القرن العشرين على الإطلاق.

له أكثر من 120 كتابًا بين الرواية والقصة القصيرة والمسلسل، تم تحويل أكثر من 33 كتابًا منها إلى أفلام سينمائية. معظم أفلامه حققت نجاحًا في شباك التذاكر ونالت إعجاب النقاد.

كذلك له أفلام قصيرة وأفلام تلفزيونية ومسلسلات كثيرة ومتنوعة يتجاوز عددها الأربعين.

ستيفن كينغ تجارته الوحيدة هي الكتابة، اقتربت ثروته من الوصول إلى مليار دولار، وباع حتى الآن أكثر من 350 مليون نسخة من كتبه في أنحاء العالم بعد نشره لـ 50 رواية و حوالي الـ 200 قصة قصيرة.

يمكنني أن أتخيل كيف يمكن لستيفن كينغ كتابة هذا الكم الهائل، وكيف صنع لنفسه عوالمه الخاصة الموسومة بالرعب والغرابة والغموض والخيال.


عدد القراء: 6614

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-