اهتمامات وطنية وإقليمية وعالمية باللغة العربيةالباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2017-05-11 18:14:50

أ.د. عبد الله بن محمد الشعلان

قسم الهندسة الكهربائية - كلية الهندسة - جامعة الملك سعود - الرياض

تتجلى عظمة اللغة العربية وسموها ورفعتها أنها في المقام الأول اللغة الوحيدة التي اجتباها وخصها وشرفها رب العزة والجلال بأن تكون لغة القرآن الكريم، وذلك يتبدى في آيات كريمة وردت في عدد من السور، منها قوله تبارك وتعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يوسف:2 وقوله عز من قائل: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا) طه:113، وقوله جل وعلا: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) الشعراء: الآيات 193 - 195، وقول أصدق القائلين: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فصلت: 3.

ولقد تمكنت اللغة العربية منذ الأزل من أخذ مكانتها اللائقة بين اللغات العالمية الحية في مجالات العلوم والتقنيات الحديثة بجانب مكانتها السامية، التي أحرزتها وتبوأتها عبر تاريخها الطويل في مجالات العلوم الدينية والشرعية، ناهيك عمّا وصلت إليه في ميادين الشعر والأدب والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والفلك والطب والكيمياء والصيدلة.

كما أفادت اللغة العربية من الترجمة والتعريب مما زادها توسعًا ولانتشارًا وعالمية وثراء، حيث إن اللغة العربية لغة مرنة وطيعة تقبل الألفاظ الأجنبية والمصطلحات التقنية، وذلك لسهولة النحت فيها والتصريف والاشتقاق والقياس، ومع ذلك فلا يتم القيام بعملية التعريب إلا عند الحاجة والضرورة. لذا يستحسن عند تعريب الألفاظ والمصطلحات الأجنبية أن يراعى ما يلي:

1)  يفضل التغيير في شكل المصطلح حتى يصبح موافقًا للصيغة العربية ومضاهيًا لها، فمثلاً عندما ترجمت كلمة: تلفزيون إلى العربية وأصبحت (الرائي) لم تجد هذه الكلمة العربية قبولاً مستساغًا، فكان لا بد من تعريب الكلمة الأجنبية مع بعض التغيير الذي يضاهي العربية فأصبح لدينا كلمة: تلفاز (وإن كانت غير مستخدمة على نطاق واسع). كما نجحنا في تعريب تلفون ليصبح: الهاتف (وإن كانت الأولى لا تزال مستخدمة كلفظها الأصلي) وكذلك: كمبيوتر إلى حاسب آلي أو حاسوب وكذلك راديو إلى مذياع. وعند تعريب المصطلح العلمي يمكن كتابته باللغة العربية بصيغة أو بناء يوافقه مع المحافظة على معناه ولفظه قدر المستطاع، فمثلاً كلمة: تلفزيجن عربت تلفاز، وكلمة: فيزيكس عربت فيزياء، وكذلك تكنولوجي أصبحت: تقنية وماستر صارت ماجستير وكوليج: كلية، وبتروليوم: بترول، وموتور نلفظها ماطور والأصح: محرك، وهكذا.

2) يجب اعتبار المصطلح المعرب عربيًّا بحيث يخضع لقواعد اللغة ويجوز فيه الاشتقاق والنحت والتصريف، وتستخدم فيه أدوات البدء والإلحاق مع مواءمته للصيغة العربية، وهنا بعض الأمثلة:

دكتور: يمكن جمعها جمع تكسير فتصبح: دكاترة.

بروتون: يمكن جمعها جمع مؤنث سالم فتصبح: بروتونات.

أكسيد: يمكن جمعها جمع مؤنث تكسير فتصبح: أكاسيد، يمكن اشتقاق فعل منها فتصبح: يتأكسد.

إلكترون: يمكن إلحاقها بأل التعريف فتصبح: الإلكترون.

3) يحب تصويب الكلمات العربية التي حرفتها اللغات الأجنبية واستعمالها باعتماد أصلها الفصيح، فمثلاً كلمة: syrup أصلها العربي: شراب، وكلمة: alcohol أصلها العربي: الكحول، وكلمة: gas أصلها العربي: غاز، وكلمة: arsenic أصلها العربي: الزرنيخ.

4) ثمة كلمات أجنبية دخيلة (وما أكثرها) اخترقت لغتنا العربية عنوة أو أقحمت دونما استئذان فاستباحت ساحتها، وفرضت نفسها عليها، واحتلت مكانًا بين مفرداتها، ويُعدُّ هذا أحد عيوبنا في السماح لها، بل والترحيب بها ومن ثم استخدامها طوعًا دونما وعي أن في العربية معانٍ ومترادفات تحل محلها وتغني عنها، فخذ على سبيل المثال: لوجستي: عتاد، إثني: عرقي، برستيج: فخامة، كاريزما: جاذبية، ماراثون: سباق، كود: نظام، لوبي: تأثير، كلاسيكي: تقليدي، رومانسي: عاطفي، دراما: مشكلات نفسية وعاطفية، كوميديا: مرح، تراجيديا: مأساة، كنترول: تحكم، تكنولوجيا: تقنية. كما أن لكل مفردة عربية مترادفات متعددة. وثمة كلمات أخرى مستجدة لا مندوحة من إيجاد تعريبات لها مثل: مول وجاليريا وبلازا، إلخ.

ولعل من قبيل التقدير والاعتراف بالفضل والامتنان أن نذكر بعضًا من الجهات على سبيل المثال لا الحصر التي كان لها دور بارز ومحسوس ومؤثر في مجالات الترجمة والتعريب وتوحيد المصطلحات وتبني ونشر اللغة العربية، وهي:

1 - معهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب: أنشئ هذا المعهد عام 1433 هـ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت اسم معهد الترجمة والتعريب، وبصدور موافقة سامية في عام 1434 هـ أطلق عليه معهد الملك عبدالله للترجمة للتعبير عن الرسالة العالمية للمملكة العربية السعودية، من خلال سعي المعهد عبر جهود الترجمة إلى إيصال منجزات العلماء والباحثين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمراكز العلمية في المملكة في المجالات الشرعية والإنسانية والاجتماعية إلى المستفيدين في العالم قاطبة. وكان ثمة إسهامات عدة لرسالة هذا المعهد يمكن اختصارها في أن يحقق رؤية المملكة في التواصل العلمي مع الدول المتقدمة للإفادة المتبادلة معها في دعم الحوار بين أتباع الديانات والثقافات. كذلك إثراء المحتوى العلمي والثقافي في التخصصات العلمية في الجامعة من خلال تعريب الكتب والمراجع العلمية المتخصصة وترجمة الدوريات العلمية والكتب والأبحاث المتميزة الصادرة في الجامعة إلى اللغات الأخرى، كذلك إعادة تعريب الكتب العلمية التراثية التي فقدت أصولها العربية.

2 - الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة: دأبت هذه الهيئة الحكومية المعنية بالتقييس منذ إنشائها عام 1392 هـ على ترجمة الكثير من المواصفات القياسية الصادرة من الهيئة الدولية الكهرتقنية (IEC) لشتّى أنواع السلع الغذائية والمنتجات الآلية وتم مراجعتها وتدقيقها من قبل لجانها الفنية المتخصصة. وحرصًا من الهيئة على إنجاح عملية ترجمة المواصفات القياسية فقد سعت إلى إلحاق كل مواصفة بقائمة من المصطلحات الفنية، وكان لها تعاون وتنسيق في هذا المجال مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الدول العربية الأخرى في مجال تعريب المصطلحات الفنية وتوحيدها، ولم يقتصر دور الهيئة عند هذا الحد بل تجاوزه نحو التعاون مع الشعبة القومية المصرية في إيصال تلك المصطلحات المعربة إلى موقع الإلكتروبيديا (Electropedia) الخاص بالمصطلحات التقنية العالمية (IEV) التابع للهيئة الدولية الكهرتقنية لتحتل مكانًا ضمن المصطلحات التقنية لعشر دول أوروبية أخرى.

3 - مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية: قامت المدينة عام 1403هـ بإنشاء قاعدة معلومات خاصة بتعريب المصطلحات العلمية بمسمى: «البنك الآلي السعودي للمصطلحات (باسم)» بأربع لغات لإثراء اللغة العربية وخدمة العلماء والباحثين والدارسين، وهذه القاعدة المعلوماتية تقوم على أساس موسوعي متكامل أتى نتاجًا لتعاون واسع ومكثف في مجال تعريب المصطلحات العلمية والفنية والتقنية مع العديد من المصادر والهيئات العلمية وبنوك المعلومات ومجامع اللغة العربية والجامعات العالمية إلى جانب الاستفادة من الجهود المبذولة والخبرات المكتسبة في الدول العربية في هذا المجال.

4 - أقسام ومراكز للترجمة في الجامعات السعودية: أنشئ في أغلب جامعاتنا السعودية أقسام متخصصة في اللغات والترجمة ومراكز للترجمة، ولعلها تسهم في حل المعضلات وإزالة العقبات التي تقف في وجه طلاب الدراسات العليا في الكليات العلمية التي يرونها عائقًا دون كتابة رسائلهم (للماجسيتر والدكتوراه) باللغة العربية لغياب وعدم توفر ترجمات معتمدة وموثوق بها وللمراجع العلمية والمفاهيم التقنية والمصطلحات الفنية المستجدة.

5 - العربية للجميع: كانت نشأة وبداية انطلاقة "العربية للجميع" من رحم العمل الخيري، إذ كانت تبعيتها لمؤسسة الوقف، ثم أصبحت بعدئذ جهة اعتبارية مستقلة. ولقد أخذت العربية للجميع على عاتقها رسالة محددة في مجال خدمة اللغة العربية لغير الناطقين بها؛ وهي تعليمها ونشرها في جميع أنحاء العالم، فكثفت من جهودها العلمية منذ انطلاقتها الأولى في مختلف الأصعدة سواء تلك التي تخص المناهج العلمية أو تدريب المعلمين أو غيرها، والتي تصب جميعها في مصلحة متعلم اللغة العربية. وللعربية للجميع إسهامات علمية بارزة في العديد من المجالات الثقافية والعلمية كالمؤتمرات والندوات وورش العمل المحلية والدولية وما يقدم فيها من أوراق العمل والبحوث والدراسات، كذلك تقديم الاستشارات العلمية للجهات المهتمة بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كما أن لها خبرة واسعة في مجال تدريب معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها على الأساليب الحديثة في التعليم من خلال الدورات التدريبية التي تقيمها سنويًّا. وتملك العربية للجميع الخبرات العلمية في وضع المناهج التعليمية المتخصصة في هذا المجال. تهدف العربية للجميع إلى تسهيل و تأصيل تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وتسخير التقنية الحديثة لخدمة تعليم اللغة العربية ودعم ومساندة المؤسسات التي تعلم اللغة العربية في العالم, وللعربية للجميع إسهامات علمية بارزة في العديد من المجالات كالمؤتمرات العلمية وما يقدم فيها من أوراق العمل والبحوث والدراسات والملتقيات المحلية والدولية والزيارات العلمية، وتقديم الا ستشارات العلمية للجهات المهتمة بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ولها خبرة واسعة في مجال تدريب معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها على الأساليب الحديثة في التعليم من خلال الدورات التدريبية التي تقيمها سنويًّا، وتملك العربية للجميع الخبرات العلمية في وضع المناهج التعليمية المتخصصة في هذا المجال.

5 - مكتب تنسيق التعريب: ومقره في مدينة الرباط بالمغرب، وهو تابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وقد ألحق بها المكتب عام 1972م، ليصبح أحد الأجهزة الثقافية التابعة لها، وقد انبثق المكتب عن المؤتمر الأول للتعريب الذي عقدته الدول العربية بالرباط، في المملكة المغربية، عام 1961م، وتمتع باستقلال مالي وإداري قبل أن تحتضنه جامعة الدول العربية عام 1969م وتلحقه – بعد ذلك - بالمنظمة في التاريخ المشار إليه آنفًا، وبعدئذ صار له نشاط مشهود في إصدار المعاجم اللغوية وتعريب المصطلحات التقنية، معينًا في هذه الجهود في إنهاء فوضى وتشتت المصطلحات والمترادفات في الدول العربية، وساعيًا نحو تقريبها ومضاهاتها وتجانسها. كما يسعى نحو تنسيق جهود الدول العربية في مجال تعريب المصطلحات العلمية الحديثة، والمساهمة الفعالة في إيجاد أنجع السبل لاستخدام اللغة العربية في الحياة العامة، وفي جميع مراحل التعليم، وفي كل الأنشطة الثقافية والعلمية والإعلامية، ومتابعة حركة التعريب في جميع التخصصات العلمية والتقنية، وجعل اللغة العربية لغة تعليم ولغة تواصل ولغة البحث العلمي لتلبية حاجات الحياة العصرية. إن الغاية من إنشاء  هذا المكتب هو أن اللغة العربية لهي البوتقة التي تنصهر فيها الوحدة الفكرية المأمولة والثقافة العربية المنشودة، ومن هذا المنطلق جاء اهتمام المنظمة بإنشاء هذا المكتب لتنمية اللغة العربية والثقافة العربية داخل الوطن العربي، حتى يقوم بواجبه في مواكبة ركب الحضارة العالمية والإسهام العلمي في بنائها وامتدادها وبقائها.

6 - الاتحاد العربي لمنتجي وناقلي وموزعي الكهرباء: قام هذا الاتحاد (مقره في الأردن) بإيعاز من مجلس الوزراء العرب المعنيين بشؤون الكهرباء في دورته الخامسة المنعقدة بالقاهرة بتاريخ 23-24-4-2003 بترجمة ما يربو عن 14000 من المصطلحات العلمية في المجالات الكهربائية (الاتصالات والقوى والإلكترونيات والتحكم)، وقد تم إنجاز هذا المجهود الكبير بمشاركة كل المتخصصين في الدول العربية، مما ساعد في تقريب المفاهيم وتوحيد المصطلحات على اختلافها وتباينها في بعض تلك الدول وبخاصة دول المغرب العربي التي رزحت ردحًا طويلاً من الزمن تحت نير الاستعمار الفرنسي الذي عرف بفرض لغته وثقافته.

7 - المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر: وهو جهاز متخصص مقره دمشق وتابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، يقوم بتحقيق أهدافه وأداء مهامه في المساعدة على تعريب التعليم العالي والجامعي بفروعه وميادينه كافة في الوطن العربي، بما في ذلك تأمين حاجات التعريب من المراجع والكتب والدراسات والبحوث والمستخلصات ترجمة وتأليفًا ونشرًا وتوزيعًا، كذلك التعاون مع الجهات المختصة، ومنها مجامع اللغة العربية، ومراكز البحوث، واتحاد الجامعات العربية وسائر الجهات المعنية الأخرى العربية والدولية، إلى جانب تنسيق مجهودات الترجمة والتأليف التي تتم في الوطن العربي وتنشيط تبادل الخبرات والمطبوعات بين المؤسسات العربية العاملة في هذا الميدان. كما يقوم المركز على عاتقه بإثراء الثقافة العربية من خلال ترجمة الشهير والمرموق من روائع الفكر العالمي في العلوم والآداب والفنون، ومن مهامه أيضًا تنظيم مؤتمرات وندوات عربية ودولية مشتركة وحلقات بحث وورش عمل والمشاركة فيها لمعالجة الأمور المتعلقة بتعريب التعليم العالي في الوطن العربي، بما يخدم التكامل العربي علميًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا وتنمويًّا.

8 - المنظمة الألمانية GIZ: هي منظمة ألمانية حكومية تعمل في مجال تطوير التعاون الدولي وهي إحدى المنظمات المرتبطة بمكتب التعريب بمدينة الرباط بالمغرب، ولها نشاط في تعريب المصطلحات العلمية بإشراف من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليسكو) للعمل في هذا المجال، كما أن لها موقعًا إلكترونيًّا في الشبكة العالمية (الإنترنت) باسم www.arabterm.org، وهو عبارة عن قاموس يشتمل على مصطلحات تقنية معربة يمكن الوصول إليه والتعامل معه من خلال الشبكة العالمية، ويتألف هذا القاموس من ستة أجزاء تغطي مصطلحات لمختلف العلوم الهندسية والتقنية. وهذا المشروع تم العمل فيه بالمشاركة مع مكتب التعريب بمدينة الرباط، وقد عني أن تكون هذه المصطلحات في متناول جميع المهتمين دون أي قيود عليها بحيث يمكن الوصول إليها من خلال الشبكة العالمية أو أي وسائل أخرى كالهواتف الذكية. هذا وقد تم حتى الآن ترجمة ما يربو على 3000 مصطلحًا في مجالات التصميم والتحكم والسيطرة والحماية والقياس تشتمل على صيغ رياضية ورسوم بيانية وأشكال تقنية، وقد تم صياغتها بمفاهيم وأساليب تعليمية حديثة ودقيقة وميسرة. وهذه المنظمة تهدف من هذا التعاون والتنسيق إيجاد قاعدة مشتركة من شأنها أن توحد جهود المجموعات العلمية والهيئات الوطنية في البلدان العربية في اهتماماتها بتعريب المصطلحات الفنية وترجمة تعريفاتها بغية تبادلها واستخدامها وتوزيعها ونشرها والاستفادة منها.

9 - معهد الخرطوم الدولي للغة العربية: تأسس هذا المعهد في شهر أكتوبر من عام 1974م، ويعد أحد نتاجات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التي تحققت بناء على رغبة السودان في حل مشكلة التداخل اللغوي وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في مناطق من السودان. وتتركز أهداف هذا المعهد في إعداد اختصاصين في مجال تعليم اللغة العربية يكون لديهم الكفاءة في استخدام طرق التدريس المختلفة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها واختيار الوسائل التعليمية وتوفيرها واستخدامها وتدريب المعلمين وتأهيلهم وإعدادهم للإشراف والتوجيه في مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، كذلك تأليف الكتب ووضع المناهج  وإجراء البحوث والدراسات العلمية وتقويم مناهج اللغة العربية في التعليم العام، ودراسة بعض القضايا اللغوية الحية المتصلة بتدريس العربية من جهة والبحث العلمي في مجال اللغات الحية الأخرى من جهة أخرى. ومن جانبه يعد معهد الخرطوم نموذجًا في هذا الإطار من خلال استخدام طرق التدريس المختلفة في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وقد كانت له تجارب رائدة مع طلبة من تركيا والصين في مجال تعليم اللغة العربية.

10 - دول أجنبية تبنت اللغة العربية: تبوأت اللغة العربية مكانة متميزة في بريطانيا متفوقة بذلك على اللغة الفرنسية التي تعد واحدة من أوسع اللغات انتشارًا في بلاد الضباب بعد الإنكليزية، فقد أعد المجلس البريطاني تقريرًا حول مستوى الاهتمام باللغات الأجنبية في المملكة المتحدة، واحتلت فيه اللغة الإسبانية المركز الأول بـ 76 نقطة من 100، تلتها اللغة بـ 54 نقطة وتحصل الفرنسية على 47 نقطة على الرغم من التقارب الجغرافي والثقافي وتشابه اللغتين في كثير من المفردات، ولم يشكل موقع اللغة الإسبانية الصدارة في القائمة مفاجأة للقائمين على التقرير، إذ يرون أن هذه نتيجة طبيعية ناجمة عن كون اللغة الإسبانية من أكثر اللغات انتشارًا في العالم. هذا وجاء في التقرير أن اللغة العربية برزت في بريطانيا بصفتها واحدة من اللغات ذات الأولوية بالنسبة لوزارة الخارجية والكومنولث، حيث يعتزم المسؤولون زيادة عدد الدبلوماسيين الذين يتلقون تدريبهم باللغة العربية بنسبة 40 %. كما برزت 6 دول ناطقة باللغة العربية بين أبرز 50 سوقًا بريطانية متخصصة في تصدير البضائع". كذلك حظيت اللغة العربية مؤخرًا باهتمام كبير من قبل الطلاب بكوريا الجنوبية، حيث تدرس اللغة العربية في ست جامعات كورية وذلك بعد اختيار وزارة التربية الكورية لغة الضاد كمادة رسمية في الجامعات، لتكون بذلك ضمن امتحان القبول بها بصفتها اللغة الأجنبية الثانية منذ سنوات. وقد عبر الكثير من الكوريين عن إعجابهم باللغة العربية منوهين إلى أنها من أجمل لغات العالم المعاصرة.

كما تجدر الإشارة إلى قرار وزارة التعليم الفرنسية حول إدراج اللغة العربية بشكل رسمي في المناهج ابتداء من العام المقبل 2017، حيث سيتمكن التلاميذ الفرنسيون من اختيارها كلغة أجنبية تدمج داخل المنظومة التربوية والتعليمية الفرنسية مما يعد خطوة إيجابية لتعليم اللغة العربية للجاليات العربية المقيمة في فرنسا لما تحمله من تأصيل للهوية ومصالحة مع الذات وخدمة لأبناء العرب في المهجر بفرنسا وغيرها من الدول وتقديم الثقافة والقيم العربية الأصيلة من خلال مشروعات وأنشطة تربوية وثقافية. كما كان هناك جهود من قبل رئيس معهد العالم العربي بباريس جاك لانغ، من أجل توفير فرص أكبر لتعليم اللغة العربية لأبناء العرب المقيمين بفرنسا.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تتعاون حاليًا مع وزارة التربية الفرنسية في وضع «الكتاب المرجعي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها» مثلما تتعاون مع فريق علمي يعمل على إنتاج مجموعة من المعاجم التربوية الأحادية والمزدوجة اللغة «مشاتل اللغة العربية» ويشرف عليها أستاذ اللسانيات العربية في جامعة ليون والأمين العام للجنة الجامعية المشتركة للدراسات العربية بفرنسا د. جوزيف ديشي.

11 - أنشطة أخرى من جهات معنية أخرى من شأنها أن تخدم اللغة العربية: هناك مهام ومسئوليات وواجبات يتحتم أن تضطلع بها جهات معنية في بلداننا العربية مثل وزارات التجارة والصناعة والصحة والزراعة والطاقة عند استيراد البضائع والمعدات والأدوية والأغذية والأجهزة، التي تصاحبها كتيبات إرشادية حيث يجب أن تكون اللغة العربية ضمن لغاتها مع لغات أخرى، وفي هذا بلا شك رفع للغة العربية وفخر بشأنها وتعزيز لوجودها وتقدير لمكانتها.

كلمة أخيرة:

وأخيرًا أضحى الاهتمام باللغة العربية مطلبًا دينيًّا وتوجهًا وطنيًّا وضرورة حتمية أملته ظروف عصر تتفتق فيه الإبداعات والابتكارات بشكل متلاحق، وتحتدم فيه التغيرات التقنية والمعلوماتية على نحو مذهل، ولا يجمل بنا نحن أبناء هذه البلاد التي شرفها الله بخدمة البيتين العتيقين الشريفين أن نقف مكتوفي الأيدي أو كمتفرجين، وكأن الأمر لا يعنينا، كيف لا ولغتنا العربية لغة ثرية في مفرداتها غنية في اشتقاقاتها جزلة في مدلولاتها شرفها وأجلها الله عزّ وجلّ بأن جعلها لغة كتابه الكريم الذي أنزله على أشرف الخلق أجمعين،. وفي الختام هناك حوالي ألف مليون مسلم في حاجة إلى تعلم اللغة العربية لأجل تلاوة القرآن ومعرفة معانيه ودلالاته إلى جانب معرفة الأحاديث النبوية ولأجل التفكر والتدبر الضروري لأداء الشعائر الدينية التعبدية من صلاة ودعاء وحج وتلاوة آي الذكر الحكيم وغير ذلك.

ولغة ذاك شأنها وقدرها وتلك مكانتها وجلالها لحري بنا أن نحميها ونصونها ونحافظ عليها من العبث والتشويه، نظرًا لما نشاهده بكل حرقة وأسى ما يحدث أمام ناظرينا وبين ظهرانينا وفي عقر دارنا من ظهور كلمات أجنبية في مسمياتنا ولافتاتنا وإعلاناتنا ودعاياتنا، والذي هو بلا شك إحساس خاطئ نراه قد بدء يترسب في أعماق البعض منا ممن يرى أن تلك المسميات والمصطلحات والكلمات ذات الأصول الأجنبية لها وقع السحر في جذب الناس لشراء بضائعهم والتردد على متاجرهم، ولعلهم بهذا لايدركون أنهم  يغتالون لغتنا الجميلة ويتناسون أو يتجاهلون لغتنا الأصيلة بل لغة كتابنا المجيد والبوتقة، التي تنصهر فيها ثقافاتنا الأصيلة وتراثنا التليد وحاضرنا المجيد ومستقبلنا المشرق بمشيئة الله.


عدد القراء: 5081

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

التعليقات 1

  • بواسطة ايمان من العراق
    بتاريخ 2017-06-11 16:00:52

    اعتز بلغتي العربية وافتخر بها واجبنا ان نحافظ عليها من الدخيل كما فعل اسلافنا لغة شرفها الله تعالى وتبارك بالقران الكريم رائع ماقرأته من افكار وكلمات تعبر بصدق عن اهمية اللغة العربية ودورها في المجتمعات الانسانية

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-