الجديد عن النوم الباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2017-11-06 23:11:00

منة الله عبدالمنعم

كاتبة ومترجمة علمية وفيزيائية بمعهد الكبد القومي - جامعة المنوفية - مصر

رغم أن الإنسان يقضى ما يقارب من ثلث حياته نائمًا إلا أننا لا زلنا نجهل الكثير عنه وبالكاد في الوقت القريب عرفنا أنه ليس مجرد حالة من الاسترخاء البدني والذهني ولكن يحدث بداخله الكثير من العمليات الحيوية والعقلية ولكن لا شك في أهميته لصحة الإنسان منذ قديم الأزل لذا لا تتوقف الدراسات العلمية أبدًا عن دراسة النوم وخفاياه وفي مايلي نستعرض بعض من أحدث هذه الدراسات.

 

وضعية النوم قد تؤثر على نوعية الأحلام

كثيرًا ما نسمع أن الأكل الدسم قبل النوم يسبب الأحلام المزعجة وكذلك ينسب البعض ذلك للأنشطة الذهنية كالقراءة أو مشاهدة التلفاز لكن مؤخرًا يعتقد بعض العلماء أن وضعية النوم لها تأثير مبشر على جودته ونوعية الأحلام رغم أن الدراسات محدودة للغاية في هذا المجال فهناك دراسة عام 2004 شملت 63 متطوعًا، ووجد أن الأشخاص الذين اعتادوا أن يناموا على الجانب الأيسر معرضين للأحلام المزعجة والكوابيس بنسبة أكبر كثيرًا %40.9  مقابل 14.6 % فقط من الذين ينامون على الجانب الأيمن وبالطبع هذه الدراسة تعاني من قصور إحصائي شديد لقلة عدد المتطوعين، لذا هناك دراسة أخرى بجامعة هونج شيو يان بهونج كونج في عام 2012  قد تكون أكثر دقة لأنها شملت 670 متطوعًا،  ووجدت أن الأشخاص الذين ينامون بأوضاع منحنية يرون أحلام أكثر سعادة من الذين ينامون بأوضاع مستقيمة ويعلق أحد الباحثين القائمين على الدراسة أنه بالتأكيد لا يمكن إنكار تأثير المزاج والعوامل المحيطة على الأحلام لكن وضعية النوم كذلك مهمة للغاية برغم أن الدراسات لازالت محدودة بهذا الصدد لكن من المنطقي أن النوم بأوضاع محنية أفضل من الأوضاع المستقيمة لأن الأخيرة تجعل المخ متيقظ أكثر(1) .

لماذا نوم الإنسان يكون أكثر عمقًا وأقصر زمنًا من الكائنات الشبيهة به

من الأسئلة التي شغلت العلماء طويلاً هي طبيعة اختلاف نوم الإنسان عن الكائنات الأخرى حتى الأقرب شبهًا به مثل الثدييات ويعد الاختلاف الرئيسي بين نوم الإنسان والكائنات الأخرى هو قصر المدة الكلية وطول  أطوار النوم الأعلى جودة وخاصة مرحلة حركة العين الخاطفة  Rapid Eye Movement) REM) وهي نمط النوم الأفضل من مرحلة الغفوة وتبلغ معدلها عند الإنسان حوالي 25 % من مدة النوم الكلية أما عند حيوانات كالقرود والليمور تبلغ فقط 5 % من مدة النوم الكلية. ولكشف هذا الغموض قام علماء من جامعة دوك الأمريكية بجمع بيانات عن مئات الحيوانات الثديية من نحو 21 فصيلة مختلفة وبتحليل البيانات الدقيق تم التوصل لنموذج النوم الأمثل لكل فصيلة ووجد أن الإنسان قد طور النموذج الأمثل للنوم ما بين المدة الأقصر والأعلى جودة في حين أن قرد الشمبانزي الأكثر شبهًا بنا ينام في المتوسط 11 ساعة ليلاً وقد اقترح أحد الباحثين المتعاونين في الدراسة مسبقًا ويسمى ديفيد سامسون نتيجة لدراسته المطولة عن أنماط نوم أحد أنواع القرود المسماة إنسان الغاب (أورانجوتان) أن البشر طوروا نمط نومهم الحالي بسبب الانتقال من النوم من أعلى الأشجار إلى الأسرة المنخفضة حتى توصلنا إلى ما نعرفه النوم وكذلك اقترحوا أن الانسان قديمًا كان ما ينام لفترات أطول واضطر لتقصيرها تدريجيًّا لمزيد من التعلم واكتساب المهارات وقد دعم هذه الفرضية دراسة لمجموعات من القبائل البدائية بتنزانيا وناميبيا الإفريقيتين وبوليفيا بأمريكا اللاتينية ووجد أن هذه القبائل تنام لفترات أطول من البشر العاديين(2) .

كثرة النوم  ليلاً قد تعني الوفاة المبكرة

برغم أن الكثير من التحذيرات تطلق حول مخاطر الكسل سواء متمثلاً في كثرة النوم أم قلة الحركة إلا أن دراسة حديثة من جامعة سيدني الأسترالية أكدت أن كثرة النوم بالإضافة لقلة الحركة نهارًا هو مزيج قاتل ويضاعف خطر الوفاة المبكرة بأربع أضعاف احتماليات تعرض الأشخاص العاديين لها. وتعد الدراسة هي الأولى من حيث دمج الخطرين ودراسة أُثريهما بشكل دقيق على صحة الإنسان, وتعد الدراسة هي الدراسة الصحية الأوسع بجامعة سيدني حيث شملت 230 ألف شخص فوق سن 45 سنة وتحليل سلوكياتهم الضارة للصحة مثل التدخين وتناول الكحوليات والحميات الغذائية غير الصحية ونقص النشاط البدني وكثرة النوم أو قلته ودراسة الصلة بين هذه العادات والأمراض الخطيرة والوفاة. وتوصلت الدراسة وجد أن النوم الزائد عن تسع ساعات ليلاً حين يضاف إلى طول مدة الجلوس ما يزيد عن سبع ساعات يوميًّا وكذلك نقص الأنشطة البدنية يزيد خطر التعرض للأمراض الخطيرة كأمراض القلب والسكر والسرطان وقد يؤدي للوفاة المبكرة بأربع أضعاف الأنماط الغير صحية الأخرى ويقابله في الخطورة بنفس الاحتمالية التدخين مع تعاطي الكحوليات ونقص النوم عن سبع ساعات يوميًّا وهي نتيجة مرعبة بالطبع حيث قد يظن الكثيرين أن التدخين وتناول الكحوليات هما العادة الأخطر على الصحة. ويعلق البروفيسور أدريان بومان أحد المشاركين بالبحث أن بحثهم يوجه رسالة هامة لكل من الأطباء والقائمين على برامج الصحة العامة بضرورة زيادة التوعية حول مواجهة المخاطر الصحية مجتمعة بدلاً من كل على حده وكذلك أن الأمراض المزمنة الناتجة عن أنماط الحياة غير الصحية تقتل الملايين أكثر بكثير من الأمراض المعدية لذا بفهم العوامل المسببة لها يمكن أن نتصدى لها بشكل أفضل (3).

 

المصادر:

1-http://www.sciencealert.com/your-sleeping-position-can-affect-what-you-dream-about-more-than-you-think

2-https://www.sciencedaily.com/releases/2015/12/151214130926.html

3-http://www.asianscientist.com/2015/12/health/sydney-long-nights-lazy-days-send-early-grave/

 


عدد القراء: 5015

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-