صفحات في التاريخ السياسي القديم: سياسة حكّام بلاد فارس تجاه الخليج العربي (550 ق.م – 652 م)الباب: مقالات الكتاب

نشر بتاريخ: 2017-11-07 00:37:31

أ.د. قصي منصور التُركي

باحث وأكاديمي مختص في تاريخ وحضارة المشرق القديم - العراق

 

  • شيء عن اسم فارس والخليج العربي:

إن أقدم الإشارات الواردة حول اسم فارس أو القبائل الفارسية لا يتعدى القرن التاسع قبل الميلاد، فأول إشارة تاريخية مهمة وردت في كتابات الملك الآشوري "شيلم نصر الثالث" وتحديدًا في عام حكمه السادس عشر عام 843  والرابع والعشرين 835 قبل الميلاد، حيث يذكر لنا هذا الملك اسم قبيلتين مهمتين وهما قبيلة "أمادي" (Amadai) أو "مادا" (Màda) أي الماذيون، وقبيلة باسم "بارسوا" (Parsua) أو"بارسا" (Parsa) أي فارس، وقد تكررت الإشارات إلى هاتين القبيلتين لدى كتابات الملوك الآشوريين اللاحقين دون غيرهما، مما يعني أن أكبر القبائل الإيرانية الأصل وأشهرها، "الماذيون" و"الفرس". وقد أمكن تتبع اتجاه وانتقال هاتين القبيلتين الكبيرتين في بلاد إيران حتى استقرارهم في الموطن التاريخي الخاص بهم، فتبين أن الفرس اتخذوا من الجهة الجنوبية الغربية لإيران منطقة لاستقرارهم، بينما فضّل الماذيون الاستقرار شمالاً وراء الحاجز الجبلي بمحاذاة بلاد الرافدين غرب إيران، بيد أن الغلبة كانت على الدوام للقبائل الماذية، وفي المعتقد كان الفرس دون الماذيين مرتبة. إذ حكموا في موطنهم مستقلين مرة وتابعين للماذيين مرة أخرى وذلك في حدود القرن السابع قبل الميلاد، إلى أن فرض الملك الماذي "كياخسار" Cyaxares 584 – 633 سلطته الكاملة على الفرس، حتى ظهر بين الفرس قائد محنك اعتبر مؤسس الإمبراطورية الفارسية الأخمينية ويدعى "كورش" (Kurash) الأكبر(558 - 530 ق.م)، فبوصول هذا الملك أصبح للفرس شأن عظيم في التاريخ خاصة بعد أن تمكن من غزو بلاد بابل سنة 539 ق.م وفرض سيطرته على أجزاء كبيرة من الشرق الأدنى القديم.

نستنتج مما سبق أن الوجود الفارسي لم يتعدى من حيث الاستيطان والاستقرار المساحة الواقعة خلف الجبال المحاذية للساحل الشرقي للخليج، وذلك في حدود القرن التاسع قبل الميلاد، بينما كان تواجدهم بشكل رسمي في حدود القرن السادس قبل الميلاد. أما اسم إيران الذي تعرف به اليوم فلا يتعدى استعماله أواخر القرن الثالث قبل الميلاد، فأول استخدام للاسم جاء بصيغة «أريانا» (Ariana) وذلك على لسان الجغرافي "اراتوسثينس"  (Eratosthenes)من 276 إلى 194 قبل الميلاد. وبالمقابل نجد اسم الخليج العربي ككيان سياسي مستقل ووجود حضاري لممالك عظيمة (مملكة دلمون ومملكة مجّان) من الألف الرابع والثالث قبل الميلاد باعتبار المنطقة مجال مائي مرة، ومنطقة لأرض غير محددة مرة أخرى، حيث تشير الأدلة التاريخية إلى أرض عرفت بأرض البحر أو القطر البحري وأخذت ضمن التسلسل التاريخي لحضارات بلاد الرافدين المتعاقبة باسم سلالة مستقلة، هي "سلالة القطر البحري" وبالبابلية "مات تامتيم" (Mat Tamtim)، والتي لا يعرف على وجه الدقة امتدادها لكنها شملت في الغالب كلاً من منطقتي الخليج العربي وأهوار جنوب العراق. أما اسم الخليج فإنه يقترب من حيث المعنى واللفظ العربي أكثر مما يقال عن كونه خليجًا فارسيًّا، إذ إن جميع الأدلة اللغوية في الكتابات المسمارية من الألف الثالث والثاني قبل الميلاد، (ينظر كتاب الباحث والمعنون: عروبة الخليج، حقائق جغرافية ولغوية، دمشق، 2011) تشير إلى إن اسم الخليج يلتصق بالممالك الخليجية ولا ينتسب البته بأي ذكر للفرس أو غيرهم ممن حكموا الهضبة الإيرانية، فمن أولى الكتابات الآشورية نجد الخليج باسم "نار مارّاتو" (Nar marratu) أي بمعنى "النهر المر" (المالح)، والتطابق واضح في اللفظ والمعنى العربيين لأن اللغة الآشورية (Assyrian Language) لهجة رئيسية تنتمي إلى اللغة الجزرية (العربية الأم)، علمًا أن الآشوريين كانوا يطلقون كملة "نهر" على النهر والبحر معًا، وهنا جاءت بالمفهوم الحديث للخليج.

  • الدولة الفارسية الأخمينية (550 - 331 ق.م) وسياستها تجاه الخليج العربي

 تُعد الدولة الأخمينية (Achaemenides) أول الدول ذات الكيان السياسي التي حكمت بلاد إيران، فهناك معلومات متناثرة عن فترة حكم وتأسيس الدولة، تؤكد أنه قد حدث اتحاد للقبائل الفارسية في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد، تكون على إثره، قيام دولة تزعمها رجل يدعى (أخمينس) وبذلك تكون تسمية الأخمينين، نسبة إلى هذا الملك، الذي كان مقر حكمه في سهل بختياري.

أما أقدم الإشارات المسمارية عن الدولة الأخمينية تعود إلى الملك الأشوري (سنحاريب 681-669 ق.م) حيث ذكر بأنه واجه قوات من الجيش الأخميني بقيادة (أخمينس) التي صارت الدولة باسمه. ومن ملوك الدولة الأخمينية (كورش الثاني) (559-530 ق.م)، كانت له طموحات سياسية وعسكرية عالية، ساعدت الظروف الدولية المحيطة به، على تحقيق تلك الطموحات، خاصة ضعف الدولة البابلية من جهة وبلاد ميديا من جهة، فأعلن استقلاله عن الدولة الميدية وأسس الدولة الأخمينية بشكلها الحقيقي. فبدأ سياسة توسعية تهدف إلى السيطرة على الأقاليم البعيدة عن الدولة الأخمينية، واستطاع السيطرة على بلاد بابل ثم بلاد ميديا وأخيرًا مملكة ليديا في آسيا الصغرى سنة (547ق.م).

وعلى الرغم من عدم وجود إشارات كتابية عن رغبة كورش الثاني الأخميني في التوسع نحو ممالك الخليج العربي، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إنه قد توجه بأنظاره نحو احتلاله للخليج العربي، وهذا ما أكدته بعض الإشارات التي تحتاج إلى التثبت والتدقيق. أما خليفته وابنه الأكبر "قمبيز الثاني" (530-522ق.م) فإن المصادر الكتابية تؤكد بأنه احتل ممالك الخليج العربي.

لقد كانت سياسة الأخمينيين مع سكان الخليج تتسم بأنها سلمية، واعتبرت مناطق الخليج ولاية تابعة لهم، حيث عين قمبيز حاكمًا يبدو من خلال اسمه إنه من سكان المنطقة ويدعى "دايان شار أوصر" ومن خلال الاسم يتضح لنا بأنه اسم جزري، فأصبح هذا الحاكم نائبًا للملك قمبيز على القطر البحري (الخليج العربي)، وكان من سياسة الدولة الأخمينية فتح المناطق والسيطرة عليها وترك نائب يحكم بدلاً عنهم يؤمن لهم دفع ضريبة سنوية.

أما مدة حكم الملك "دارا الأول" أو "داريوس" (522 - 486 ق.م)، والذي يعد من الملوك الأقوياء للدولة الأخمينية، إذ قضى على العديد من الثورات والتمردات التي حدثت في المدن والأقاليم التي احتلها ملوك الدولة الأخمينية من قبله، سواء في بلاد بابل أو القطر البحري أو عيلام أو أشور أو ميديا أو على القبائل الأسكيثية، ثم عمل على تقسيم الإمبراطورية الأخمينية الفارسية إلى عدة ولايات وسميت تلك الولايات باسم (ساتراب) وتعني مظلة الحكم، أي إنه لكل ولاية حاكمها الخاص وواليها الخاص، ومنحهم السلطة المطلقة لكنهم ملزمين بدفع الضريبة سنويًا، والهدف من هذا التقسيم هو التوثيق بين النظام الإقطاعي القديم وبين مركزية الحكم الذي فرضته السيادة الأخمينية على جميع المناطق والبلدان التي خضعت لسيطرتهم. ولم تكن مدن الخليج العربي بمعزل عن ذلك التقسيم الإداري فأصبحت ولاية تابعة للدولة الأخمينية وكانت تدفع لها ضريبة سنوية أثناء الحروب الفارسية اليونانية (490-478ق.م)، كما إن الملك داريوس أسكن أسرى من اليونانيين في مستوطنات على ساحل الخليج العربي.   

أما في عهد الملك الأخميني أحشويرش (480ق.م)، فتذكر المصادر التاريخية إنه فرض سيطرته على مدن الخليج العربي ومنها تحديدًا مدينة (ماكا/ماكاي) الواقعة إلى الجنوب الشرقي من بلاد العرب، كما يدعوها الجغرافي الشهير سترابو، والتي سمتها الكتابات المسمارية (مكّان) وهي عُمان في الجغرافية العربية. وعين أحشويرش حاكمًا على عُمان فأصبحت المدينة تابعة للعاصمة الأخمينية (برسيبوليس).

لقد خلّف الملك أحشويرش حكّام ضعفاء شهدت فترتهم تنافس على السلطة مما خلّف فوضى سياسية في الدولة الأخمينية الفارسية، ومن بين ذلك عمليات القتل التي قام بها الملك (أرتحششتا 465-424 ق.م) بقتل جميع أخوته. واستمرت الدولة الأخمينية بالضعف إلى أن تمكن الاسكندر المقدوني من هزيمة الفرس في معركة (كوكميلا 331 ق.م)  والتي تعد من المعارك الفاصلة والمهمة بين الملك الأخميني (دارا الثالث) والملك الاسكندر المقدوني الذي تمكن من إنهاء حكم الدولة الأخمينة ودخلت بلاد إيران تحت سيطرة الحكم المقدوني، ثم وبوفاة الاسكندر أصبح السلوقييون الحكّام الجدد لبلاد فارس.

  • السلوقيون في بلاد فارس وسياستهم في الخليج العربي (323-247 ق.م):

يعود تاريخ تأسيس الدولة السلوقية إلى سنة (311 ق.م) عندما استولى أحد قادة الإسكندر "سلوقس" على مدينة بابل وسميت هذه الدولة باسمه. وتشكّلت مملكة كبيرة امتدت من تخوم الهند جنوبًا إلى حدود مصر غربًا ومن البحر الأسود شمالاً إلى سواحل الخليج العربي جنوبًا. كما ضمت أجزاء من أفغانستان وأرمينيا وتركمستان، ونظرًا لأتساع رقعة المملكة السلوقية وصعوبة إدارتها من مركز واحد انقسمت إلى قسمين هما: الأقاليم الشرقية بما فيها العراق وعاصمتها مدينة "سلوقية" على نهر دجلة، والأقاليم الغربية التي ضمت الشام وأجزاء من آسيا الصغرى وعاصمتها "أنطاكية" على نهر العاصي. وبذلك يكون الخليج العربي قد وقع تحت سلطة المملكة السلوقية الشرقية.

واشتهر العهد السلوقي في بلاد إيران والعراق والخليج العربي بإنشاء مراكز عمرانية وتعبيد الطرق البعيدة للمواصلات التجارية والسياسية, كان بعضها يربط عاصمة السلوقيين في العراق (سلوقية) ببلاد "البخت" النائية مارًا "بكرمنشاه" و"همدان". وفيما يخص الخليج العربي، فقد أسس السلوقيون ما لا يقل عن تسعة مدن في سواحل الخليج العربي من أجل إدامة العلاقات التجارية. وتذكر المصادر إنه في عهد الملك السلوقي أنطيوخوس الثالث (223 - 187ق.م) قام بجولة على شواطئ الجزيرة العربية ومر بالجزر العربية المشهورة بصيد اللؤلؤ وتجارته (جزر عمان والبحرين). كما توجه نحو مدينة "الجهراء" وأعد أسطولاً سنة (205 ق.م) للسيطرة عليها كونها مدينة مشهورة بالذهب والفضة، ففضل سكان المدينة التفاوض مع الملك أنطيوخوس وأرسلوا هدايا من الذهب والفضة والأحجار الكريمة، ومع ذلك هاجم المدينة وقام باحتلالها واصبحت تابعة للدولة السلوقية. وقد عثر على نقود يونانية في جزيرة (فيلكا) من بينها درهم ضربت في عهد الملك أنطيوخس يعود تاريخها إلى سنة (212ق.م).

وقد تكررت الإشارات حول سيطرة الحكم السلوقي على مدن الخليج العربي، والذي استمر إلى منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، حتى مجيء الفرثيون فدخلت إيران ومدن الخليج العربي تحت سيطرة الفرثيين.

  • الفرثيون في بلاد ايران وسياستهم تجاه الخليج العربي (247- ق.م- 226م):

الفرثيون هم أحدى القبائل الهندو- أوربية المتنقلة، عرفت تلك القبيلة باسم (فارني- بارني) وكانت تؤلف مجموعة من القبائل الأسكيثية الواسعة اسمها (داهي) كانت تلك القبائل تعيش في حياة بدوية في السهوب الممتدة بين بحر قزوين وبحر أورال واشتهرت تلك القبائل بالحرب والفروسية، وعرفت باسم الأشكانيين نسبة إلى جدهم "أشك بن أشكان" وورد في كتابات الأخمينيين إن الفرثين هم سكان إقليم (بارثافا).

خاض الملك الفرثي "أرشاق" الصراع مع السلوقيين حتى تمكن من تحقيق الانتصار عليهم وأعلن نفسه ملكًا، وأسس عاصمة سماها (أرشاق) كما سمي الفرثيين بالأرشاقيين.

وخلال حكم الفرثيين حدثت الهجرة العربية الكبيرة لقبائل تنوخ التي استقرت في بادئ الأمر في البحرين، ولما تكاثرت القبائل في البحرين تحالفوا وتعاقدوا على التناصر والتساعد فصاروا يدًا واحدة بعد ضمهم بطون من قبائل عديدة وكان اجتماعهم أيام ملوك الطوائف وكان للفرثيين مراكز للنشاط التجاري والحضاري في مدن عدة من الخليج العربي.

  •  الدولة الساسانية (226 - 652 م) وسياستها تجاه الخليج العربي:

تنتسب الدولة الساسانية إلى جدهم "ساسان" الذي كان كاهنًا بمعبد (أناهيتا) في مدينة (أصطخر) في إيران والتي كانت عاصمة الإقليم كان يحكمها ملوك محليون من الأسرة البازنجية، وكان ساسان قد عين أبنه "أردشير" (226-241 م) قائدًا عسكريًّا على بلاد فارس، كما تولى على حكم الدولة الساسانية ملوك اقوياء مثل "شابور الأول" (241 - 272م) والملك "كسرى أنوشيروان" (531-579م). ودخلت بعد ذلك مرحلة من الضعف والفوضى تمثلت بمجيء ملوك ضعفاء وعمليات قتل للملوك وبروز دور القادة العسكريين في الصراع الساساني البيزنطي، وأخيرًا كثرت المعارك بينهم وبين المسلمين وأدت في النهاية إلى انتصار المسلمين في معركة "نهاوند" عام 652م التي سميت بفتح الفتوح.

أما بخصوص سياسة الدولة الساسانية مع مدن الخليج العربي، فقد تمثلت بالعداء وخضعت القبائل العربية الساكنة في شرق شبه الجزيرة العربية لحكم الدولة الساسانية بقوة السلاح، إذ عبر "أردشير الأول" مياه الخليج إلى الجزيرة العربية فغزا عمان واليمامة، ثم سار إلى البحرين فتمكن من السيطرة عليها بعد أن عجز ملكها من الصمود بوجه الجيش الساساني، وبهذا أصبح العرب في شرق الجزيرة العربية جزءًا من الدولة الساسانية، فانتقل عدد من سكان البحرين بعد ذلك إلى بلاد إيران واستقروا فيها مستغلين فترات الضعف التي مرت به الدولة الساسانية خاصة بعد وفاة الملك "هرمز الثاني" (302-309 م) وتولي ابنه "سابور" العرش وكان طفلاً، فعبرت الخليج أعداد كبيرة من سكان الخليج من البحرين وكاظمة ونزلوا أبوشهر وسواحل أردشير وبعض مناطق إقليم فارس، فغلبوا على أهلها، وسكنوا تلك المناطق لا يغزوهم أحد.

ومنذ بداية القرن الرابع الميلادي اضطربت العلاقة بين عرب شرق الجزيرة العربية والساسانين فقد استغلت القبائل العربية صغر سن الملك سابور الثاني (309-379م) فخرجت عن الدولة، وعبرت قبائل منها إلى الساحل الشرقي للخليج العربي واستوطنت مناطق واسعة من كرمان وفارس وغلبت على أهلها أيضًا، الا أن الوضع لم يستمر أذ تمكن "سابور الثاني" من إعادة السيطرة على القبائل في شرق الجزيرة العربية وقام بعمليات تعذيب بشعة تمثلت بخلع أيديهم من أكتافهم  حتى لقب بـ "سابور ذو الأكتاف". رغبة منه في تخويف العرب والقبائل العربية التي كانت تقطن في كلا الشاطئين من الخليج العربي.

وعندما كبُر الملك "سابور" وبلغ سن السادسة عشر وقوي على حمل السلاح، بدأ بمحاربة القبائل العربية في الأقاليم الإيرانية التي استوطنوها فقتل وأسر أعدادًا كبيرة منهم، ثم عبر البحرين فغزا قبائل "عبد قيس" و"تميم" و"بكر بن وائل" و"تغلب"، ثم قام بإجلاء بعض قبائل تغلب إلى مدينة دارين والخط وقبائل عبد قيس إلى هجر، ومن كان من بكر بن وائل إلى كرمان، ومن كان من بني حنظلة إلى الرميلة والأحواز. وكان يهدف من سياسة الترحيل هذه تمزيق وحدة الصف العربي والقضاء على اللحمة الوطنية بين أبناء الخليج العربي، بيد أن ذلك كان حلم سابور ومن أعقبه من حكام بلاد فارس قديمًا وإيران حديثًا.

ونختم هذه الصفحات التاريخية عن سياسة حكام الأراضي الإيرانية في التاريخ القديم وأحلامهم في بسط سيطرتهم على ممالك ودول الخليج، بما دوّنه أحد الكتّاب الغربيين من المؤرخين والرحالة وهو المستشرق الدنماركي "كارستن نيبور" (Karsten Niebuhr)، والذي طاف "باليمن" و"الخليج العربي" وزار أطلال "فارس" و" آشور" عام 1763 للميلاد، فألف مؤلفًا يصف فيه بلاد العرب وسواحل الخليج العربي بالقول: "من المضحك أن يصوّر جغرافيون جزءًا من بلاد العرب كأنه خاضع لحكم ملوك الفرس، في حين أن هؤلاء الملوك لم يتمكنوا قط من أن يكونوا أسياد البحر في بلادهم الخاصة، لكنهم تحملوا صابرين على مضض أن يبقى هـذا الساحل ملكًا للعرب".

 


عدد القراء: 8542

اقرأ لهذا الكاتب أيضا

التعليقات 3

  • بواسطة بكر الدوري من استراليا
    بتاريخ 2020-05-03 03:59:37

    مقال رائع وجهد بحثي متميز لحقائق تاريخية مهمه وموضوع في غاية الأهمية جزيل الشكر للأستاذ د قصي

  • بواسطة د. قصي من استراليا
    بتاريخ 2019-11-07 20:25:10

    تحية لك اخي الفاضل محمد بن جثلان. على المؤرخ أن يبين للأجيال حقائق علمية . وعلى المسؤول أن يهتم بالمؤرخ الباحث . لكن مع الاسف اقولها وبمرارة لا يوجد هناك اهتمام والسبب هو !!!!!

  • بواسطة محمد بن جثلان من المملكة العربية السعودية
    بتاريخ 2017-11-09 20:32:18

    مقال يعتبر بحث ومصدر مهم تم حفظه بارشيفي الخاص اشكر أ.د. قصي منصور التُركي

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-