«مكتبة متنقلة» تنشر المعرفة في إندونيسيا

نشر بتاريخ: 2016-08-10

فكر – الرياض:

يجوب رضوان سروري شوارع قرية سيرانغ الإندونيسية على صهوة جواد، في مظهر يعيد إلى الأذهان رجال الكاوبوي الأمريكيين، لكنه في حقيقة الأمر صاحب مكتبة جوالة فريدة من نوعها تؤدي دوراً ثقافياً مهماً في المناطق النائية.

ويثير وصول رضوان على جواده الأبيض وبقبعته الكبيرة اهتمام السكان في هذه القرية الوادعة التي تحيط بها حقول الأرز على مقربة من بركان ساكن، في وسط جزيرة جاوا.

ويصيح الأطفال لدى رؤيته «جاءت المكتبة على الحصان»، ثم يسارعون إلى باحة المسجد حيث يوثق رضوان حصانه وعلى ظهره صندوقان كبيران مصنوعان يدوياً، حولهما إلى مكتبة صغيرة ذات رفوف.

وتشكل «مكتبة الحصان» هذه الفرصة الوحيدة لعدد كبير من سكان القرى النائية في هذه المنطقة من إندونيسيا للحصول على كتاب، إذ إن أقرب المكتبات إليهم موجودة في المدن الكبرى، ومن الصعب عليهم الذهاب إلى هناك.

إزاء ذلك، وجد رضوان سروري أنه قادر من خلال فكرته هذه على تشجيع الناس على القراءة. ونقل حلمه إلى حيز التنفيذ بدءاً بحصانه ومئة كتاب أهداها له صديق. ثم شرع في تجريب فكرته بين القرى، ليرى حجم الإقبال عليها ومدى نجاحها.

وبعد وقت قصير، أدرك هذا الرجل البالغ من العمر 43 سنة والذي يجني قوته من العناية بالخيول، أن فكرته تلقى إقبالاً كبيراً، وصار يتلقى طلبات الكتب من المدارس والسكان في قرى خارج منطقته أيضاً. ويقول في هذا الصدد: «الأطفال ينتظرونني، أحياناً يقفون في الصف وينتظرون لوقت طويل ليستعيروا كتاباً».

في سيرانغ، يقبل الأطفال بشغف على تصفح كتب رضوان، ويتفحصون صورها، والكبار يهتمون بشتى أنواع المصنفات، بما في ذلك المكتوبة بالإنكليزية. وفي انتظار وصول الدور، يداعب البعض منهم الحصان الذي يشكل عاملاً إضافياً لجذب الأطفال إلى هذه المكتبة. وتقول واريناتي (17 سنة) إن معظم سكان القرية لا وقت لديهم للبحث عن الكتب في مكان آخر، ولذا «تساهم المكتبة في تعميم الثقافة هنا ولا سيما في صفوف النساء».

ولئن كانت نسبة الأمية تسجل تدنياً مستمراً في إندونيسيا، فإن الفروق بين المناطق في هذا المجال ما زالت كبيرة. فمقاطعة جاوا مثلاً، ومعظم مناطقها نائية، فيها نسبة من الأمية هي من الأعلى في البلاد تطاول مليون شخص راشد، وفق أرقام رسمية نشرت عام 2013.

ومع انتهاء المحطة في القرية، يستعد رضوان للانطلاق إلى وجهة جديدة، تاركاً كتبه على سبيل الإعارة مع أطفال القرية وبالغيها، ليعود ويستردها الأسبوع المقبل ويعطيهم كتباً أخرى، ثم ينطلق إلى وجهة جديدة. ويقول: «حين أرى الأطفال يرحبون بي ويلحقون بالحصان أشعر بفرح كبير، أشعر بأني نافع للناس».


عدد القراء: 2444

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-