كتاب (الجسدنة بين المحو والخط) إجابة عن أسئلة الجسدنة الأنثوية والذكورية شعرًا وسردًا ونقدًا

نشر بتاريخ: 2016-11-05

فكر – المحرر الثقافي:

 

الكتاب: (الجسدنة بين المحو والخط الذكورية والأنثوية مقاربات في النقد الثقافي)

المؤلف: د. نادية هناوي سعدون

الناشر: دار الرافدين للطبع والنشر والتوزيع

 

يخطئ من يظن أن الحديث عن أدب نسائي ونقد نسائي وكتابة نسائية هو الحديث نفسه عن المرأة بوصفها جنسًا آخر والصحيح أن المرأة في الأدبيات النسائية ما بعد الكولونيالية هي عبارة عن نص مكتوب وقيمة وجودية مخصوصة وقراءة مقصودة. إنها الجسدنة التي فارقت الجسدية التي روجت لها الحاضنة الثقافية المركزية وأسهمت في تثبيتها.

وهذا ما تناوله كتاب (الجسدنة بين المحو والخط الذكورية والأنثوية مقاربات في النقد الثقافي) الذي صدر حديثًا للدكتورة نادية هناوي سعدون عن دار الرافدين للطبع والنشر والتوزيع ببيروت 2016.

والكتاب محاولة للإجابة عن أسئلة ذات أبعاد وقضايا تصب في ميدان النقد الثقافي من قبيل الجسدنة والأنثوية والجسدنة والذكورية شعرًا وسردًا ونقدًا ومن تلك الاسئلة: ما الشوط الذي قطعته النساء وهن يناضلن في سبيل إعلان بنات جنسهن قيمًا لا حاجات وهل استطعن أن يرأبن صدع الانكسار الذي تركته جداتهن في جسد التاريخ البشري؟

وهل سيكن قادرات ـ بما سيتاح لهن من امكانات ـ على تغيير خارطة الثوابت والمبدئيات التي بذلت الابوية، الغالي والنفيس في سبيل ارسائها وتوطيد كيانها، حتى صارت جذورها من القوة التي لا يستطاع معها رؤية نهايات تلك الامتدادت أو معرفة أبعادها؟ وما الذي جعل مرتكزاتها من الثبات الذي لن يفك عراه تفكير نسائي مثابر وحثيث؟ ليغدو من ثم اجتثاث أعماق هذا الثبات الفحولي وزحزحة المتأصل منه أمرا غير وارد إن لم يكن محالاً..

ولماذا لم تأخذ النسائية العربية اليوم خطًا نظريًا واضح المعالم؟ وما موقع النظرية النسائية بين النظريات الأدبية والنقدية الأخرى؟ وغيرها من الأسئلة التي كانت قد اختزنتها الذاكرة النسائية العربية على مرِّ الازمان وإختلاف الأماكن، حتى غابت النسائية ما بين غواية الجسد وهيمنة الذكور واستبداد اللغة ليتشتت العنصر النسائي فلا يكون له قدرة على إثبات حضوره الفعلي بشكل ذاتي مجسدن إلا بالتمرد الذي به تستكشف المرأة وعيها وتعبر عن مكنونات الأنا داخلها وتصعِّد فاعلية شاعريتها باتجاه من حولها وتوجه نقمتها لمن هو الحكم والخصم معًا.

ولئن كان المضي في استشعار مخاطر التشتت في المنجز النسائي العربي المعاصر قد افضى إلى اتجاهات ينتابها بعض التقوقع وربما الدوران في الحلقة نفسها التي دار فيها ذلك الإبداع في الماضي لذلك تاتي فكرة الكتاب (الجسدنة) انطلاقًا من هذه البغية سائرة على وفق منهجية ثقافية تتلمس الثيمات ولا تغفل عن الأشكال مؤسسة لبعض التنظيرات داعمة لها ببعض التطبيقات باتجاه تقديم فضاءات نقد نسائية فيها المرأة نص أدبي ومعطى قيمي حيث الكتابة النسائية هي المقصد والمبتغى في الجانبين النظري والاجرائي لتكون الكتابة النسائية هي الحصيلة المخبرية لنقد نسائي عربي..

وهذا ما يجعل الكتاب أقرب إلى المشروع الذي يسعى نحو تجلية أبعاد االجسدنة وارتياد مفاهيمها وتقليب مساراتها، ووضع لبنة في صرح النقد النسائي الذي يعنى بالمجهودات النقدية عن الأنثوية والفحولة وعلاقتهما بالجسدنة في التعاطي مع المرأة شعرًا وسردًا..

وليس خافيًا أن المؤسسة الأبوية ما كان لها أن تصنع ثقافة ذكورية لولا أنها عزمت على ذلك حتى تمكنت من تحجيم دور الخطاب النسائي في الثقافة المطبوعة مقابل تضخيم الخطاب الذكوري لتجعل منه معيارًا للتفوق وسببًا من أسباب النجاح ..

وبناء على هذا التشخيص يتوجه الكتاب إلى دارسي الأدب النسائي العربي والمهتمين به من باحثين وطلبة دراسات عليا ومثقفين نخبويين وغير نخبويين في محاولة لتجلية روافد نظرية ورؤى جدلية ترتكن إلى التاريخ وعلم النفس والفلسفة والأيديولوجيا وغيرها متغايرة في الرؤى والتوجهات قابلة للدحض والتفكيك وبالشكل الذي يتيح تشييد نظرية نسائية عربية تقرُّ بأن النسائية ليست واحدة؛ بل هي متعددة اختلافًا وانفصالاً بين المتجانسين والمؤتلفين من جهة ودعمًا وتحاورًا بين المختلفين والمتنافرين من جهة أخرى ..

ولقد بُني الكتاب على ثلاثة فصول تصب في خانة النسائية التي لا تعني إقصاء الفحولة patriarchal أو استبدالها بقدر ما هي محاولة تصب في خدمة نقدية تأسيسية تسعى إلى مضاهاة التأسيس الفحولي أو لعلها تحاول وإن من بعيد نقد المؤسسة الأبوية..

وقد استمدت مباحث هذه الفصول موادها الأولية من نصوص توسم بأنها أدب نسائي شكلاً ومضمونًا، سواء أكانت تلك النصوص نقدية أم شعرية أم روائية أم قصصية قصيرة.

فأما الفصل الأول فحمل عنوان (الجسدنة ونقد الذكورية) وتضمن مبحثين حمل المبحث الأول عنوان (الانشداد للمنظومة الذكورية) وجاء المبحث الثاني تحت عنوان (الانفلات من المنظومة الذكورية).

وأما الفصل الثاني فكان عن (الجسدنة والشعر) واشتمل على مبحثين وجاء الفصل الثالث تحت عنوان (الجسدنة الأنثوية والسرد) واندرجت تحته ثلاثة مباحث، ثم انتهى الكتاب بختام تضمن اهم المحصلات.


عدد القراء: 3388

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-