رحيل عبد القادر عبداللي.. مترجم الأدب التركي

نشر بتاريخ: 2017-03-02

فكر – الرياض:

يُحسب لعبد القادر عبد اللي (1957 -2017) أنه فطِن منذ بداياته – مع قلّة من أقرانه - إلى ضرورة إنهاء شبه القطيعة مع أدب الجوار العربي وثقافاته، إذ قدّم المترجم والكاتب السوري للمكتبة العربية أكثر من 80 كتاباً عن اللغة التركية، وتنوّعت اهتماماته فيها بين القصة القصيرة والرواية والمؤّلفات التاريخية والسياسية والسينما والدراما.

تجربته الممتدّة لأكثر من 35 عاماً، إنما غالَب مرضه لمواصلة مشروعه في تعريف القارئ العربي إلى معارف وإبداعات جديدة، وأن يجد بعض الوقت للرسم بعد أن انقطع عنه بسبب انشغالاته الأخرى.

لم يترك عبد اللي، الذي رحل ليلة أمس في مدينة أضنة التركية، وصية له؛ كان مقاوماً حالماً على طريقته، لا يؤمن إلاّ بالعمل في نهار طويل، وربما "استفاق من نومه ليلاً ليوثّق حلماً رآه، كتابة أو رسماً، ليكون على جدول عمله في اليوم التالي".

خلاصة تنسجم مع مسيرة إبداعه الطويلة، التي بدأها منذ دراسته في تركيا في سبعينيات القرن الماضي، حيث اطلّع هناك على التاريخ العثماني والأدب والفن التركي المعاصر، فتولدّت لديه القناعة بضرورة نقل الأدب التركي إلى العربية.

ترجم مختارات من القصة القصيرة التركية مطلع الثمانينات، ونشرها في "جريدة إدلب الخضراء" عام 1985، وهو لا يزال يعمل مدرّساً لمادة الفنون في "معهد إعداد المدرسين" في مدينة إدلب؛ مسقط رأسه. وحين انتبه إلى اهتمام القرّاء وإقبالهم على ترجماته، قام بنقل رواية "زوبك" لـ عزيز نيسين، وقد صدرت الطبعة العربية الأولى في 15 ألف نسخة.

عملٌ دؤوب وصامت، هكذا وزّع عبد اللي وقته بين التدريس والكتابة الصحافية والترجمة، متفرّغاً في مرحلة أولى إلى ترجمة أعمال نيسين، ثم توالت الترجمات لكتّاب آخرين؛ من بينهم: يشار كمال، وايلبر أوطايلي، وأورهان يشار، وفقير بايقورت، وأورهان باموق، وخلدون تتر.

اتجه بعد ذلك إلى تقديم الواقع السياسي والاجتماعي التركي عبر الأعمال التلفزيونية والسينما، حيث ترجم أكثر من عشرين عملاً درامياً، وعشرات الأفلام الوثائقية والسينمائية، وإلى جانب ذلك عمل في "مركز الدراسات الاستراتيجية" في دمشق لسنوات، قدّم خلالها أبحاثاً عن الشأن التركي وآلية القرار، لم يُؤخذ بها من قبل نظام الأسد رغم أن الأخير كان يتمتّع وقتها بعلاقة جيدة مع أنقرة، إذ طُلب من عبد اللي في عام 2005 أن يُقدّم مسودّة دستور على غرار الدستور التركي، لكن مشروعه بقي حبيس الأدراج.

رحل عبد القادر عبد اللي - الذي سيشيع جثمانه غداً في أضنة التركية - ومعه أحلام كثيرة مؤجلة، لم تتسع سنوات عمره الستون لإنجازها، لكنه بالتأكيد مطمئن إلى أن إخلاصه وكدّه قد تركا أثراً لن يمحى.


عدد القراء: 3198

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-