قَطَر الصديق الذى يريد بنا شرا

نشر بتاريخ: 2017-07-04

فكر – المحرر الثقافي:

 

الكتاب: قَطَر الصديق الذى يريد بنا شرا

المؤلف: نيكولا بو وجاك ماري بورجيه

الناشر: Fayard

عدد الصفحات: 304 صفحة

الرقم المعياري الدولي للكتاب: ISBN-10: 2213671281

 

تفاصيل مثيرة لحقيقة "الربيع العربي" والدور القطري الإسرائيلي المتآمر، فضلاً عن دور المخابرات الأمريكية في تدريب الكوادر والمختصين في الانترنت والحرب النفسية والعملية التي نفذت خطواتها بدقة شديدة..

هي قصة علاقة وطيدة يسردها لنا كاتبان فرنسيان، منذ بداية التآمر بين إسرائيل وقطر في مطلع تسعينيات القرن الماضي، ذلك تحت رعاية القوتين الدوليتين الأمريكية والفرنسية.

نيكولا بو وجاك ماري بورجيه اللذان يصنفان في قائمة أفضل صحافيي فرنسا، من حيث إجراء التحقيقات المتعمقة. يكشف الكتاب عن بعض من العلاقات السرية بين رباعي الشر الأمير القطري حمد بن جاسم والشيخ يوسف القرضاوي، وبين الموساد الإسرائيلي والكونجرس الأمريكي تحت عنوان «قَطَر الصديق الذى يريد بنا شرا».

والكتاب عبارة عن تحقيق صحفي ميداني من خلال مقابلات مع شخصيات كان لها دور أو علاقة بمحاور الموضوع، يكشف فيه الكاتبان عن ملابسات الكثير من القرارات السياسية التي اتخذت بين قطر وفرنسا وكانت خلفها مصالح مالية كبيرة، ويفضح المشروع الكبير المستتر وراء ما أطلق عليه الربيع العربي، فهو يؤكد أن المال سيد أخلاق السياسة في فرنسا على مدى الأعوام الأخيرة معبرًا بكل صراحة إن المصالح فوق الكرامة الوطنية.

يوثق الكتاب لعملية تمويل قطر للإرهابيين لتخريب سورية، ويفضح المستشارين الذين كان من ضمنهم عبد الكريم بلحاج القيادي في تنظيم القاعدة الإرهابي ـ سابقًا ـ والذى أصبح فيما بعد أحد المسئولين السياسيين في ليبيا. وفي الكتاب معلومات خطيرة عن كيفية احتلال ليبيا وقتل العقيد معمر القذافي وإثارة الشكوك حول مقتل ثلاث شخصيات من المطلعين بأسرار دعم القذافي للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالأموال وغيره وبينهم مثلاً وزير النفط ـ السابق ـ شكري غانم الذى قيل إنه مات غرقًا في سويسرا. ويوضح الكتاب أن مصالح مالية هائلة كانت وراء ضرب ليبيا وبينها الودائع الكبيرة للقذافي في قطر، كما كان وراءه أيضًا رغبة قطر في احتلال مواقع العقيد في إفريقيا حيث مدت خيوطها المالية والسياسية والأمنية تحت ذرائع المساعدات الإنسانية.

وفيما يخص قناة "الجزيرة" كرس الكاتبان جزءًا كبيرًا، شرحا فيه كيف دأبت قطر على استقبال حكام إسرائيليين ـ أمثال ـ شيمون بيريز، وتسيبي ليفنى زعيمة حزب كاديما الإسرائيلي، موضحًا كيف كانت علاقاتها بقطر، والقصر الأميري وناقلاً أحاديث لرئيس الوزراء حمد بن جاسم معهما عن الفلسطينيين خاصة قوله: "هل سيزعجنا هؤلاء الأغبياء طويلاً". وزاد الكتاب التأكيد أن فكرة إطلاق قناة "الجزيرة" كانت فكرة يهودية وإن من عمل على تنفيذها هما الأخوان اليهوديان الفرنسيان ديفيد وجان فريدمان.. وإنهما تمكنا من اقناع أمير قطر بتأسيس قناة "الجزيرة" من خلال الأعضاء في منظمة "الأيباك" التي تمثل اللوبي اليهودي في أمريكا حيث استمالت الفكرة امير قطر ووجد إنها فكرة مثالية قد تفتح أبواب العالم العربي لإسرائيل.

وتناول الكتاب عملية تعيين الليبي محمود جبريل مستشارًا للقناة بتكليف من الأمريكيين ومعروف إن جبريل أصبح بعد 15 عامًا رئيسًا للمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا كونه أحد الوسائل الأمريكية في صناعة ما سمي الربيع العربي. ويروى المُؤلف فكرة البدء بالربيع العربي منذ سنوات عندما اتخذت أمريكا قرارًا بتغيير الوطن العربي عبر الثورات الناعمة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي مشيرًا إلى تنظيم "جوجل" في 2010 ببودابست منتدى حرية الانترنت، أطلقت بعده وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت مؤسسة شبكة مدوني المغرب والشرق الأوسط، وسبق ذلك وتبعه سلسلة من المنتديات في قطر بعنوان منتدى "الديموقراطيات الجديدة"، شارك في أحدها في عام 2006 بيل كلينتون، وابنته وكوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية ـ آنذاك ـ وتم الاتفاق على وثيقة سرية باسم مشاريع للتغيير في العالم العربي.

وتحدث الكتاب ـ ايضًا ـ عن الخطوات العملية لإطلاق هذا الربيع العربي، حيث أسس هشام مرسي ـ المصري ـ صهر الشيخ يوسف القرضاوي أكاديمية التغيير ضمت العديد من المدونين وأطلقت في2011، بالثورة التونسية التي كانت تدار مباشرة من الولايات المتحدة. ويكشف الكتاب دور الأمريكي جيني شارب في صناعة هذه الفكرة كونه صاحب فكرة الثورة من دون عنف من خلال الاستناد إلى الانترنت وإلى فيديو التمرد بحيث يتم تصوير مشاهد تثير التعاطف حتى ولو كانت مفبركة. وأشار الكتاب إلى أن شارب هو مؤسس "معهد أنشتاين" بإشراف الاستخبارات الأمريكية مع الصربي "سردجا بوبوفيتش" الذى عمل على تغيير الثورات البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا وإنه بعد مغامراته تلك راح يستقبل المتدربين الذين ترسلهم قطر وأمريكا إلى بلجراد، وفي معهد "أنشتاين" تدرب أيضًا محمد عادل بطل الربيع العربي في مصر، وهو عضو في أكاديمية التغيير في قطر ـ حسب الكتاب ـ ويستطرد في شرح أساليب الفبركة الإعلامية ويسوقان لأمثلة كثيرة تم الاستفادة منها واقتباسها وبينها ـ مثلاً ـ تلك الصور التي نشرتها القنوات الأمريكية في 1991، لطيور "الغاق" التي قيل عنها ـ آنذاك ـ إن مازوت الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قتلها بينما هي صور مأخوذة أصلاً من غرف باخرة تورى كانيون في بريطانيا.. كما تم تصوير لقطات أخرى في استوديوهات أمريكية.

وبالعودة للحديث عن القرضاوي، يفضح الكتاب عملية زيارته إلى إسرائيل من خلال ما نقله المحققان عن مطلقة القرضاوي الجزائرية السيدة أسماء بن قادة التي تقول ـ حسب ما أشار نيكولا وجاك ـ إنه زار سرًا إسرائيل مطلع العام 2010، كما إنه حصل على شهادة تقدير من الكونجرس الأمريكي بوصفه أحد عملاء أمريكا، وكان دليلها على ذلك أن اسم القرضاوي لم يكن مدرجًا على لائحة الشخصيات غير المرغوب فيها في الولايات المتحدة. ويتحدث الكتاب عن الاستثمارات القطرية في فرنسا وكيف قامت قطر بمساعدة الرئيس فرانسوا أولاند عبر شبكة هائلة من المصالح جعلت قطر تسيطر على القرار الفرنسي وتشترى تقريبًا كل شيء بما في ذلك مؤسسة الفرانكفونية. ويرى المؤلفان إن الرئيس فرانسوا أولاند تجنب زيارة قطر في أولى زياراته الخارجية حيث إنه استهلها بالسعودية ثم الإمارات، ذلك بالرغم من تقرب قطر بكل الوسائل نذكر منها شراء الكثير من المصانع والفنادق والعقارات فضلاً عن فريق الكرة الشهير بارى ـ سان جيرمان، بالإضافة إلى أن الشيخة موزة أنقذت أحد أبرز مصانع فرنسا.

ولم يغفل الكاتبان الإشارة الى صفقات المال والأعمال التي كانت تتم في الكواليس، كاشفين عن أن رفيقة أولاند ـ السالفة ـ قد أهدت زوجة الرئيس الأمريكي أثناء مشاركتهما في قمة دول مجموعة الثماني في واشنطن حقيبة يد من ماركة "لوي ـ في ـ تون" أي المصنع الذى أنقذته الشيخة موزة، فارتفعت فجأة مبيعاته. كما لا يتردد الكاتبان الفرنسيان في الإشارة الخبيثة والتي جاءت ضمنيًا خلال الحديث عن غضب الرئيس الفرنسي ـ السابق ـ نيكولا ساركوزي من القذافي حين حاول إغراء زوجته الأولى سيسيليا في أثناء زيارتها إلى ليبيا لإطلاق سراح الممرضين المتهمين بضخ فيروس الإيدز في دماء أطفال ليبيين. بإشارة مماثلة يسوقانها عن الشيخة موزة والعقيد الراحل معمر القذافي.

ويرى الكاتبان إن ما تنقله "الجزيرة" من تضخيم للأحداث عن الوضع في مصر ما هو إلا عقدة نقص وطموح قطري فاشل في تبوء دور أكبر من حجمها وسط العالم العربي. وخلص تحليل المراقبين للشأن المصري فيما يخص دور القرضاوي في القناة بأنه ظل ومنذ لحظة الإطلاق الأولى الورقة المعدة للعب دور أكبر من دوره حيث أن الحديث كان يصور القرضاوي وعودته لميدان التحرير عقب ثورة 25 يناير على أنها عودة الإمام الخميني عام 1979 إلى طهران.

وتضمن الكتاب مجموعة كبيرة من المعلومات والأسرار والمقابلات، وبينها واحدة تتعلق بباخرة "لطف الله" التي أوقفها الجيش اللبناني أثناء توجهها محملة بالسلاح إلى سوريا قبل نحو عام.

ومفاد القصة أنه مع بداية الربيع السوري، أغمضت الأسرة الدولية عيونها عن البواخر المحملة بالسلاح من قطر وليبيا عبر لبنان إلى سوريا، ولكن عمليات التهريب هذه ازدادت على نحو أقلق الموساد الإسرائيلي، فأسرع إلى إبلاغ قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني، وهكذا تم توقيف الباخرة "لطف الله" في 27 نيسان العام 2012 في البحر، وكان ذلك إنذارًا للدوحة لكي تكون أكثر سرية في عملياتها ولتخفف من دعمها للجهاديين. اكتشف الجميع أن قطر ساعدت هؤلاء الجهاديين أيضًا بمستشارين، وبينهم عبد الكريم بلحاج القيادي القاعدي سابقاً، الذي أصبح لاحقًا احد المسؤولين السياسيين في ليبيا".


عدد القراء: 3861

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-