«هيا نشترِ شاعراً» رواية عن أثر الكلمات

نشر بتاريخ: 2017-09-19

المحرر الثقافي:

 

الكتاب: "هيا نشترِ شاعراً"

المؤلف: أفونسو كروش

المترجم: عبدالجليل العربي

الناشر: دار مسكيلياني

 

ترجمة جديدة لرواية "هيا نشترِ شاعراً" (دار مسكيلياني) للكاتب البرتغالي أفونسو كروش، وقد نقلها إلى العربية المترجم التونسي عبد الجليل العربي.

كروش (1971)، صاحب روايات تحمل دائماً عناوين وقصصاً إشكالية وغريبة، صدرت أولاها في العام 2008 ولها عنوانان أحدهما "مغامرات كونرادو فورتيس ولولا بينتيس" والثاني "لحم الرب". أما روايته الثانية والتي صدرت بعد عام واحد من الأولى فهي "موسوعة قصة العالم"، وهذه حققت ضجة كبيرة ولقيت مراجعات نقدية هامة ثم نال عنها جائزة "كاميو كاستيلو برانكو"، وفي 2011 كتب رواية بعنوان "الكتب التي افترست أبي" ثم "التناقض الإنساني"، و"المسيح يشرب البيرا" والتي اعتبرت أهم رواية برتغالية صدرت خلال نصف قرن، وفقاً لآراء نقاد برتغاليين، أما الصحف الأوروبية فقد اعتبرت أن اسم كروش سيكون من بين أهم 40 روائياً عالمياً في السنين المقبلة.

هذه المقدمة ضرورية لفهم الأجواء التي يشتغل فيها كروش، لا سيما وأن هذا هو الكتاب الأول الذي يترجم له إلى العربية. تدور "هيا نشتر شاعراً" في مجتمع متخيل، فيه تسيطر المادية على كل مظاهر حياة ساكنيه. الناس يلقبون بالأرقام بدلاً من الأسماء، ويأكلون الطعام بحساب الغرام، والحب يقاس بالنسبة المئوية، فهذا يحب بنسبة 70% أو 72%، وكل شيء يحسب بالأرقام كأن يجلس فلان على بعد 30 سم من فلان، والأهم أن الناس يربوّن فنانين بدلاً من الحيوانات الأليفة.

تختار بطلة القصة أن تربّي شاعراً، حيث أن الشاعر ليس مكلفاً كما أنه لا يوسّخ كثيراً مثل الرسام أو النحات، لكنه يتبدّل كثيراً، فتخبر والديها، فيصطحبها الأب إلى محل لشراء شاعر، فتختار واحداً بسعر مناسب ويعودان به إلى البيت، ويعدّان له مكاناً للنوم والأكل، مثله مثل أي حيوان أليف.

لكن وجود الشاعر مع الوقت يصبح مزعجاً، إنه يخربش على الجدران ويتلاعب بالكلمات ويصبح مكلفاً أيضاً حين تصيب العائلة ضائقة مالية، كما أنه يجرّ الفتاة إلى عالمه؛ فقد صارت تتحدّث مثله بالمجاز وهذا يثير سخرية الجميع في المدرسة منها، كما أنها ترى أموراً يكتبها، فهو حين يكتب عبارة "نافذة على البحر" تراها هي نافذة بينما لا يراها أحد سواها هي والشاعر.

انقلبت حياة العائلة بسبب اقتناء شاعر، ولن تعود الفتاة إلى سابق عهدها قبل أن يدخل حياتها. من هذه الأجواء واللغة الغرائبية، تكون "هيا نشتر شاعراً" رواية عن أثر الكلمات، وأهمية الشعر وخطورته وقدرته علينا وإمكانية استكشاف ذاتنا ونقدها ونقد محيطنا من خلال الشعر.

والأهم من موضوع الرواية هو المتخيّلات التي تستند عليها وفرادتها، والقدرة على ابتكار حكاية من نوع مختلف لن تجد مثل مزاجها وتفاصيلها في أعمال روائية أخرى، وهكذا هي أجواء روايات كروش الأخرى.


عدد القراء: 3470

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-