التعليم الفعّال للقراءة.. حالة تراجع

نشر بتاريخ: 2015-08-01

فكر – الرياض:

تثار في فرنسا منذ عقود من الزمن نقاشات كثيرة حول النظام التربوي والتعليمي عمومًا، وحول ظاهرة الانخفاض الكبير في مستوى القراءة لدى تلامذة المدارس الابتدائية والإعدادية خصوصًا. ذلك أن مختلف مشاريع إصلاح النظام التربوي في فرنسا خلال العقود الأخيرة باءت بالفشل. وبرزت عبر ذلك كلّه القناعة أنه ينبغي التفكير بإصلاح الذهنية التربوية برمّتها «ذلك أن المسألة التربوية تتعلّق تحديدا بمستقبل البلاد»، كما تردد الآراء.

وتتفق الآراء والإحصاءات الميدانية حول حقيقة الظاهرة الخاصّة بانخفاض مستوى القراءة لدى الأجيال الجديدة أن نسبة تقارب الـ 20 في المئة من الشبيبة الفرنسيين يغادرون مقاعد الدراسة الابتدائية، بل والإعدادية، دون أن يكونوا قادرين على قراءة نص بشكل صحيح.

هذه الظاهرة والبحث عن أفضل السبل لمكافحتها يشكلان محور كتاب باحثين فرنسيين ثلاثة هم «جيروم دوفيو»، أستاذ علم الاجتماع في جامعة فرساي غرب باريس، و«جانين ريشستات»، أستاذة الفلسفة في جامعة كريتاي شرق العاصمة باريس و«جان بيير تيريل»، الأخصائي بعلم الاجتماع التربوي. يحمل هذا الكتاب عنوان «التعليم الفعّال للقراءة».

يشير مؤلفو الكتاب الى أن العديد من وزراء التربية والتعليم في الحكومات الفرنسية التي تعاقبت منذ نصف قرن من الزمن «ربطوا» أسماءهم بـ «مشاريع إصلاح تربوي» لم تثمر في واقع الأمر شيئًا، في غالبية الحالات. والإشارة أن كل مشروع من تلك المشاريع «الإصلاحية» السابقة للمنظومة التربوية أولى اهتمامه لجانب من المشكلة، لكن مع غياب الرؤية «الشاملة».

لقد ركّز البعض، كما يشرح المؤلفون، على «الإيقاع الدراسي» عبر تحديد مدّة الدراسة وعدد ساعاتها اليومية أو الأسبوعية وتحديد إيقاع العطل المدسية ومدّتها؛ واهتمّ آخرون بإصلاح «المناهج الدراسية»، بينما ركّز غيرهم على المسائل المتعلّقة بتأهيل المدرّسين أو على طرق التدريس نفسها.. الخ. وفي المحصّلة، وعلى ضوء النتائج المترتبة على مختلف المشاريع الإصلاحية، يتم القول ان «الإصلاح هو الذي ينبغي إصلاحه».

الملاحظة الأساسية الأولى التي يتم تقديمها تتمثل في واقع «الغياب» الكبير للدراسات الجديّة المنشورة في فرنسا حول الطرق الفعّالة لتعليم القراءة، رغم إدراك مدى فداحة نتائج التقهقر الكبير في مستوى القراءة لدى نسبة مهمّة من تلامذة المدارس. وليس أقل تلك النتائج خطرا على المجتمع، أن التلميذ الذي لا يجيد القراءة يمثّل «مشروع تهميش ثقافي واجتماعي قادم».

النتيجة الثانية الأساسية التي توصّل لها فريق مؤلفي هذا الكتاب هي أن التلاميذ لأهل لم يحصلوا على شهادة الدراسة الثانوية قد «حصلوا على معدّلات أفضل في مجال تعلّم القراءة بالاعتماد على طرق فعّالة للتعلّم من أولئك الذين ينحدرون من أسر فيها الأب والأم حاصلان على الشهادة الثانوية، لكنهم ــ أي التلاميذ المعنيين ــ اعتمدوا على طرق تعليمية أقل فعالية».

إنه كتاب يوجهه مؤلفوه لجميع المعنيين بمسائل تعلّم القراءة من أهل ومدرّسين وغيرهم. وهم يقدمون مختلف الطرق التربوية المتّبعة في هذا الميدان ويقترحون بعض «الاختبارات» لسبر درجة تقدّم الأطفال المعنيين في مجال القراءة.

المؤلفون في سطور

جيروم دوفيو. أستاذ علم الاجتماع في جامعة فرساي غرب باريس. وهو أحد الباحثين في مختبر «برنتان» للمسائل التربوية. وجانين ريشستات هي أستاذة للفلسفة في جامعة كريتاي، شرق باريس. والمساهم الثالث في الكتاب «جان بيير تيريل» هو باحث في مجال علم الاجتماع التربوي.


عدد القراء: 2889

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-