فرناندو بايز: تاريخ شامل لتدمير الكتب

نشر بتاريخ: 2015-09-11

فكر – الرياض:

إحدى ممارسات استراتيجية العنف التي خبرها جميع الحضارات منذ القدم بغرض إثارة الرعب «حيث يحرقون الكتب ينتهي الأمر بإحراق البشر». تلك مقولة شهيرة أطلقها الشاعر الألماني الشهير «هنريش هاينه» منذ قرون عدّة، وبالتحديد عام 1821.

ولا يزال كُثر يذكرون تلك الجريمة الشهيرة التي رافقت دخول المغول بقيادة هولاكو إلى بغداد حيث ألقوا من المخطوطات والكتب في نهر دجلة ما جعل ماءه يتلّون بلون الحبر الذي كتبت فيه.

الباحث والشاعر الفنزويلي «فرناندو بايز» شارك في لجنة تحقيق حول تدمير المكتبات والمتاحف في العراق عام 2003 ومؤلف كتاب «تاريخ مكتبة الإسكندرية القديمة».

وكان قد قدّم كتاباً منذ سنوات تحت عنوان «تاريخ شامل لتدمير الكتب» ثمّ أعاد أخيراً النظر فيه وأضاف عليه الكثير من المعلومات الجديدة التي وفّرتها الأراشيف العديدة التي تمّ فتحها أمام الذين يريدون الاطلاع عليها وخرج من ذلك بكتاب أكثر اكتمالاً حول الموضوع نفسه تحت عنوان «تاريخ شامل جديد لتدمير الكتب».

ما يؤكّده المؤلف هو أن تدمير الكتب وحرقها ممارسة ليست بعيدة عن جميع حضارات العالم منذ القديم حتى اليوم. بل لا يتردد في القول إن الحرب كانت في التاريخ عامّة «فرصة للقيام بعمليات تدمير ثقافي». وفي جميع الحالات الخاصة بتدمير البشر أو بتدمير الكتب يرى أن الإستراتيجية «القديمة أصلاً» هي نفسها من حيث إن أحد أهدافها الحقيقية هو دائماً إثارة الرعب.

ومنذ القديم حتى اليوم سادت إستراتيجية تبنّاها البرابرة بكل صنوفهم عندما أرادوا باستمرار أن يهدموا التراث الثقافي للحضارات التي سبقتهم وإنهاء أي أثر لفنونها. باختصار أرادوا أن يمحوا ذاكرة شعوبها وتاريخ هذه الشعوب من أجل تثبيت هيمنتهم المطلقة.

ويحدد المؤلف القول إن الآثار الأولى المتبقية كشاهد على إرادة تدمير الإرث الثقافي للخصوم والأعداء تعود إلى ما قامت به سلالة «أور» الثالثة التي سادت على منطقة بلاد ما بين النهرين ــ العراق حالياً بشكل أساسي ــ خلال قرن من الزمن تقريباً في نهايات الألف الثاني قبل الميلاد.

يشير أنه تمّ العثور على قطع من «لوح أثري» يعود لمدينة «ماري» القديمة التي تتناظر جغرافياً مع منطقة جنوب شرق سوريا اليوم. ينقل المؤلف بعض ما جاء فيه ومفاده: «بناءً على أوامر اونليل ــ ملك آلهة بلاد ما بين النهرين ــ عليكم جعل البلاد والمدن حطاماً.... ذلك بحيث يتم إنهاء ثقافتها تماماً».

كتاب ــ مرجع. ولا شك أنه يمثّل أحد المصادر ــ المناجم التاريخية الأساسية فيما يتعلّق بقضية تدمير الكتب في التاريخ. لكن مكمن الأهميّة الرئيسي فيه أيضاً هو أنه يدل على الكيفية التي يصاغ فيها التاريخ عموماً. ذلك من حيث إنه سلسلة مستمرّة من الهدم وإعادة البناء وبالتالي إعادة الكتابة من جديد. وفائدة إضافية كبيرة أخرى من حيث إلقاء الأضواء بالنسبة للأحداث الراهنة.


عدد القراء: 3154

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-