تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على القراءة


نحن نعيش عصر العولمة وطغيان ثقافة الإنترنت وسهولة الحصول على المعلومة دون عناء، فأدوات الجيل الثاني من الويب أصبحت مؤثرة (فالفيس بوك) و(اليوتيوب) و(تويتر) وغيرها أصبحت هي الأدوات الثقافية الجديدة وأوجدت ثقافة الحوار والتعريف بالذات من خلال هوية وبلد المشترك وعاداته والتواصل مع الآخر ووضع قضية ما على محك الحوار واستقطاب المحاورين في دقائق وبغض النظر عما يحمله هذا النمط الجديد من ثقافة الحوار فإنه قد يحمل عدداً من السلبيات إذا لم يتم تشجيع الشباب العربي على اعتماد مناقشة ما يقرؤونه من كتب كمبدأ للحوار، سواء كانت هناك مناسبات ثقافية أو ذكرى رحيل مبدع عربي أو غربي من مبدأ المعرفة والتزود بالثقافة. إن عدم إثراء المحتوى العربي المعرفي على شبكة الإنترنت هو الأصعب، فكم هو عدد الكتب الإلكترونية العربية؟ وكم عدد رسائل الماجستير والدكتوراه المتاحة على شبكة الإنترنت؟ وكم هو عدد المجلات العلمية والثقافية الإلكترونية؟ وكم عدد بحوث المؤتمرات المتاحة الكترونياً؟ فالجواب يكون نادراً أو معدوماً، ومن ثمّ لم يتبق لنا في ثقافة الإنترنت غير الكثير من المحتوى الذي إما أن يكون غير أخلاقي أو سياسياً أو ترفيهياً. ولكن بما أن العرب يشكلون 5 % من سكان العالم فما حصتهم من الإنتاج المعرفي العالمي؟ على سبيل المثال يضم العالم العربي قرابة 395 جامعة، ولكن ما الإنتاج العلمي المشهود لأساتذة الجامعات، ففي الترتيب العالمي لأفضل 500 جامعة لا توجد جامعة عربية واحدة.

إن الارتقاء بالقراءة بوضع برامج وخطط ومشاريع ترصد لها ميزانيات بهدف إثراء المحتوى المعرفي على شبكة الإنترنت بتحويل الكثير من موارد المعلومات الثقافية والعلمية من الشكل المطبوع إلى الرقمي مع مراعاة حقوق الملكية الفكرية للناشرين والمؤلفين. تضاف أزمة القراءة في العالم العربي إلى منظومة الصعوبات والمعوقات التي يعاني منها الوطن العربي من محيطه إلى خليجه، مما أدى إلى هذا التراجع الخطير لدور المثقف العربي على كافة الصعد والمستويات، وذلك باعتبار أن القراءة بمفهومها الشامل والحديث ليس مجرد الجهر والنطق بالكلمات، ولكنها عملية فكرية عقلية تستند على العديد من المهارات كالنقد والتحليل، مما يؤدي إلى تفاعل منهجي بين القارئ وبين ما يقرأ.

ثمة حقيقة لا ينكُـرها عاقِـل، ألا وهي أن «معظم الصحف تُـعاني من ركودٍ ملحوظ في الشِّـراء، وبخاصة في الوطن العربي، وذلك بسبب الثورة المعلوماتية في الشبكة العنكبوتية»، ولم تعُـد الصحيفة هي المصدر الأوحد للخبر، فإن الإحصائيات المدونة تثير الفزع أيضاً، حيث يقدر نسبة الصحف التي يتم توزيعها إلى عدد السكان يقل عن (53) صحيفة لكل (1000) شخص في البلدان النامية مقارنة مع (258) صحيفة لكل (1000) شخص في البلدان المتقدمة.

 بل أصبح الإنترنت وسيلة أسرَع، فضلا ًعن أنه يُـتيح مجالا أوسع للبحث ومعرفة ما يحدُث في العالم كله لحظة بلحظة، وهو ما جعل مُـعظم الشباب من المثقفين العرب يعزُفون عن شِـراء الصحف والمجلات... فهناك بديل لا يمثل تكلفة مادية كبيرة، إضافة لكونه أسرع وأفضل، وهو الإنترنت.

ووفقاً لدراسة أصدرها مؤخراً مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في مصر بعنوان (ماذا يقرأ المصريون؟) فإن نسبة تصل إلى 88 % من الأسر المصرية لا يقوم أي من أفرادها بقراءة  أي نوع من الكتب باستثناء الكتب المدرسية.

وتشير الدراسة إلى أن نسبة قدرها 76 % من الأسر لا تقوم بقراءة الصحف والمجلات على الإطلاق، أما عدد الأسر التي يقوم أحد أفرادها بممارسة القراءة تقدر بنحو 2.2 مليون أسرة منهم نحو 5.1 ملايين ليس لديها مكتبة بالمنزل. وضمن الفئة القارئة فإن نسبة قراء الكتب الدينية تصل إلى 79 %، وتليها العلمية ثم الأدبية وأخيراً الكتب ذات الطابع السياسي.

لكن التطور الحاصل عالمياً في مجال الكتب الرقمية لا يجاريه تطور على المستوى العربي في هذا الاتجاه قد يدفع بالقراءة إلى مجال أوسع وأكثر عصرية، إذ إن نسبة المنشورات الرقمية العربية ضعيفة إضافة إلى ارتفاع نسبة (الأمية الرقمية)، وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي للطبقة الوسطى الأكثر عدداً، التي تعد الفئة الأكثر إقبالاً على القراءة والمعرفة.


عدد القراء: 11895

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-