قصائد من الأدب الفنزويلي المعاصر للشاعرة مارييلا كورديروالباب: مقالات الكتاب
شروق حمود شاعرة سورية – السويد |
ترجمة: شروق حمود
إلحاح
أحلم مع نهر الإشارات
العنيف بقدرِ جماله،
استيقظ بالاضطراب الصامد لمياه الجسد
أكنس الألوان وأشعر بإلحاح المجهول
فالشوارع المعتادة غير واضحة الآن
والوجوه التي أحببتها سابقاً
محطمة الآن
أرشف بعينيك ضوء هلوسة الغروب
أمش بلا اتجاه وعش نشوة لا تُترجم
نشوة لا تشعر إلا بالروح التي تجهلُ
أين تمضي.
الأوّل
أنا الأول
منذ بداية الزمن كنت،
في منتصف الحزن
في ذرّات هذا الغروب،
وعلى حافة الانهيار.
أنا الكلّ
ولا أحد.
الحشود
حين خطوتَ للمرة الأولى على أرض مملكة الموت
نسيت إشاراتك التي ورثتها
وأضاعتِ النجوم اللامعة البوصلة كما العادة وقت الرحيل.
هدمتَ دِينَك القديم
ولم تُسمع بعدها يوماً أنفاسٌ متواصلةٌ تشهقها أخلاقك.
تكاثرتَ في موسم الجروح والدموع
اتّبعت مسارَ الحشود
ولم يعد لك الآنَ اسم.
الوليمة التي لا تنتقص
ملايين من النظرات الثقيلة توهن المناخ
ويهاجمون نظرة الحب الهشة في عينيك.
تخنق الرائحة التي تنبعث من الملكة المسكينة
العطر الذي يثير قلبك
تناسيت جوع الكثيرين ممن نسوا إشارات ضوئهم
لتلتهم الشعلة التي لا تطعم سواك
هنالك لطف داخلك بللته الجريمة
في منتصف القحط تخفي حديقة
وفي الخارج وحده الصمت المرتعد من يتنفس
هنالك موسيقى في رأسك، تدور في أوردتك
حبك وليمة لا تنتقص
وسط المجزرة.
ما لم يمر عليك
تطلب مني ما أخفيه وعيناك تزفران نداءً دائريًا
ضبابه المستمر الذي لم يخترقك
يزعزع يقينك النظيف
تطلب مني ما يؤلم
ذاك الطابع البري الموجع لمسُه.
اللامخترق الذي يخدّره
تغليفٌ بديع ونجومٌ من البلاستيك.
ما الذي تستطيع التقاطه في وسط الدخان
إذا نلت ضربة صيادٍ محترف
ما الذي تطرده شبكة لا تقهر
من بحرٍ موجزٍ مظلم؟ّ
تبحث عن نبض الشيء ومراوغاته
وعن تعرقه الذي تهزه الفوضى
لتمنح نفسكَ
للذي لا اسمَ له.
أحيانًا أكون العطش أحيانًا أكون الماء،
أحياناً أكون الماء،
وأحياناً أكون العطش
كل شيء يتعاقب
رغم وجود لحظات يبدو الجلد فيها عبئاً
وتغلق العيون المتعبة
وتبدو النهارات أصداء
لكن كل شيء يتحرك باستمرار
والوقت الذي تبادلناه
يحيلنا ماءً
يحيلنا عطشا.
السماء فوق برلين
النظرة الأجنبية تحلقُ فوق التعفن الدوار والحمى الممزقة
تتجاهل صخب العالم
والوحشية اللعوب للبحث غير الموفق.
الأصوات العتيقة تطلب منك أن تقضم الحب
كتفاحة فظيعة عليك استهلاكها قبل الثلاثين
عليك أكلها قبل أن تتعفن.
نهزّ محاولة هشة للمس اللامحدود
ورغم كل شيء تتخلى عن منصبك الأنيق
تتسخ بسرور بتلك النظرة السائلة التي تتوسلك وتسحبك،
تستسلم للمتاهة وتفضل لو تحترق.
ولا حتى الملاك يعلم هذا
الحب فخّ
و بذاتِ الوقت
معجزة.
هشة كالمطلَق
هشةً كالمطلق
هكذا
تبزغ الملاطفة.
القصيدة الحاصلة على جائزة القصائد القصيرة باللغة الإسبانية في المسابقة الثالثة ترانسبالبر،2015،إسبانيا
ضحية
تعرض ضعفك الفاحش
وأقدس هشاشةٍ لديك
تطرق أبواباً قديمةً مدانة،
تركع مستمتعاً
لا تطمح سوى إلى الاستمتاع بما هو مطلقٌ وحميم
تمزّق الحب.
مبتدئ
لكلّ يومٍ
معموديّة نار
محاكمات متعطشة
وعواقب غير صالحةٍ للتنفس.
أنت تحترق في الدرس الدائم الإزهار،
في رهبة بلا هوادة
وتخشى أن تظل مبتدئاً
في الأرض الأخرى أيضاً.
الموت هو التغيير
ميتٌ أنت،
لذلك لا تتبعثر في المعرض اللانهائي
سقطت الأقنعة على الأرض،
بسقوطكَ، اندلع الصخب.
الكائنات التي اعتقدت أنها حِيكت لأيامك
ليست سوى صور مصفرّة مبعثرة
الصوتُ الذي أحببته
صار صدىً للتشوش،
الوجه الذي أحببه
صار عملاً تجريديًا رماديًا بعيدًا
ينهار بلا رحمة
وحياتك الملوثة جدًا بالضوضاء الملطخة
صارت الآن فراغًا نظيفًا زاهيًا
الألوان التي تبحث عنها
والرائحة التي تستنشقها
وكل ما يجعل دمك يتحرّك اليوم
حوّلك إلى شخصٍ آخر
أمام المرآة.
عن الشاعرة
ماريللا كورديرو شاعرة، كاتبة، مترجمة وفنانة بصرية فنزويلية. تعتبر كورديرو من أهم الشاعرات الشابات اللواتي حققن شهرة عالمية كبيرة. حصلت الشاعرة على العديد من الجوائز الأدبية العالمية منها:
الجائزة الثالثة بيزارنيك أرجنتينا (2014).
الجائزة الأولى في المسابقة الشعرية الأيبيرية - الأمريكية أويلر غراندا، الإكوادور (2015).
الجائزة الثانية في الشعر في المسابقة الأدبية الدولية الثنائية اللغة، إيطاليا (2015).
الجائزة الأولى في مسابقة القصائد القصيرة في إسبانيا (2015)، بالإضافة إلى المرتبة الأولى في الجائزة السنوية للشعراء ذوي الأصول الإسبانية، إسبانيا (2016).
تُرجمت قصائد مارييلا إلى العديد من لغات العالم ونشرت في الأنطولوجيات الشعرية في هذه البلدان.
تغريد
اكتب تعليقك