الأحلام.. رحلة إلى واقعنا الداخلي
المحرر الثقافي:
الكتاب: الأحلام.. رحلة إلى واقعنا الداخلي
المؤلف: شتيفان كلاين
الناشر: S. Fischer Verlag
تاريخ النشر2014
عدد الصفحات: 288 صفحة
يحلم كل إنسان حينما يخلد إلى النوم، أما من يظن نفسه استثناءًا فهو فقط لا يستطيع تذكر أحلامه، حيث أن الحدود لديه بين وعيه بالنهار وإدراكه لليل أقل نفاذية مقارنة بالآخرين. يعيش بعض النائمين كل ليلة تجارب مثيرة ومكثفة لدرجة أن هذه الانطباعات، التي قد تكون جميلة أو مفزعة أو مربكة أو منيرة، تظل باقية طوال اليوم. ولكن حتى هؤلاء النائمون لا يتذكرون سوى القليل مما تجري أحداثه أثناء النوم دون توقف أمام عيونهم الداخلية.
انشغل البشر منذ زمن بعيد بما يحدث في أجواء تخيلاتنا الليلية، منحتهم تلك التخيلات ألغازًا ودفعتهم إلى محاولات للتفسير كما أنها ألهمتهم إبداعيًا وأثرت قدرتهم على التخيل. اختفى إلى حد بعيد من مرمى بصر حاضرنا المتشبث بالواقع تفسير الحلم في سياق نبوي أو شعري، كما يبدو أن نموذج التحليل النفسي صار قديمًا. تقدم أبحاث المخ بشكل مستمر اكتشافات جديدة وقابلة للقياس لأنشطتنا أثناء الحلم وإيقاعها وكذلك للفترات الانتقالية المختلفة بين اليقظة والنوم والحلم التي تشير إلى أن حالات الوعي الثلاثة لا يمكن الفصل بينها بدقة بل إنهم يتداخلون على نحو مركب.
لخص عالم الفيزياء والفيلسوف شتيفان كلاين، والذي يعد حاليًا أكثر مؤلفي الكتب العلمية الألمانية نجاحًا، في كتابه "الأحلام، رحلة إلى واقعنا الداخلي" أحدث المعارف في مجال الفزيولوجيا العصبية وذلك في شكل سلس وممتع ومشوق. يتخلل الكتاب استعراض تاريخي صغير يُعَرَّف على سبيل المثال بمخترع جهاز قياس نشاط الكهربائي لأعصاب المخ فضلًا عن تعريفه بالأسلوب التحايلي الذي انتهجه شخص يدعى البارون ديرفي في القرن التاسع عشر ليتحكم في أحلامه من خلال الروائح، وكذلك عدم جواز تحميل السائرين نيامًا المسئولية عن أفعالهم. لا يتوقف كلاين عند تأملات في النظريات العلمية بل يقدم نصائح عملية لتفادي الكوابيس أو لتصنيفها. ابتعدت الأبحاث اليوم عن حماس فرويد في وصفه للحلم على أنه “الطريق الملكي إلى اللاوعي”، وإن كان هناك إجماعٌ على دور الحلم في التحرر من الضغوط النفسية.
للكتاب تأثير جذاب مميز: على الرغم من التزام الكتاب بسبل التجريب الحديث إلا أن شتيفان كلاين يحتفظ لنفسه ولقارئه بباب خلفي صغير ينفذ من خلاله إلى كل الحالات المتبقية غير القابلة للإثبات والخاضعة للتكهنات، إذ يعد ذلك جزءًا لا يتجزأ من عالم الأحلام. ففي نهاية الأمر تبهرنا قاعدة بيانات الأحلام وإمكانية قراءة مضمون الأحلام عبر المخ بدرجة أقل مقارنة بلغز قدرة الكفيف منذ الولادة على الحلم تمامًا مثل المبصر.
ما بين واقعية المعامل الغريبة التي يتسم بها الباحثين في مجال الأعصاب وبين دراسات الحالة التي تظهر نسبية أنماط التفسير لا يفقد الكاتب رؤيته لما يبهره شخصيًا بظاهرة الأحلام: إمكانية التعرف على الذات من خلال الأحلام وتحفيز الإبداع، من الواضح أنه اختبر منهجًا يتبعه رهبان منطقة التيبت للحلم الصريح الذي يسمح بالتحكم فيما نحلمه ليلًا بحسب الرغبة. ربما سيأتي علينا زمن ستكون التقارير حول تقنيات التحكم في الوعي التي تمارسها الشعوب القديمة مثيرة للاهتمام بدرجة تفوق بيانات القياس الصادرة عن المعامل. فيما يبدو أن شتيفان كلاين مؤهَّب لذلك.
المؤلف:
ولد شتيفان كلاين عام 1965 ودرس الفيزياء والفلسفة التحليلية في ميونخ وجرونوبل وفرايبورج. حصل على الدكتوراه وأجرى أبحاثًا في الجانب النظري من الفيزياء الحيوية. عمل محررًا علميًا بمجلة شبيجل SPIEGEL في الفترة بين 1996 و1999، ثم انتقل في عام 1999 للعمل في مجلة جيو GEO. ومنذ عام 2000 يعمل شتيفان كلاين صحفيًا مستقلًا ومستشارًا إعلاميًا ومحاضرًا وكذا كاتبًا حرًا، ويعيش مع أسرته في مدينة برلين.
حصل الكتاب على جائزة:
- 2011 جائزة أفضل كتاب علمي لعام 2011 عن كتاب “Der Sinn des Gebens” (مغزى العطاء).
- 1998 جائزة جيورج فون هولتسبرينك للصحافة العلمية.
تغريد
اكتب تعليقك