تاريخ العالم في القرن التاسع عشر

نشر بتاريخ: 2019-05-03

المحرر الثقافي:

الكتاب: "تاريخ العالم في القرن التاسع عشر"

المؤلف: 90 مؤرخًا وباحثًا، إشراف:  بيير سنغارافيلو وسيلفان فيناير

الناشر: فايارد Fayard

تاريخ النشر: 6 سبتمبر 2017

عدد الصفحات: 718 صفحة

الرقم المعياري الدولي: ISBN-13: 978-2213677194

"لم يتبق أحد ممن عايشوا ثورة الملاكمين في الصين في صيف عام 1900، أو حرب البوير في أفريقيا الجنوبية بين الأعوام 1899- 1902، أو ممن شهدوا تشييع الملكة فكتوريا والموسيقار جيزيب فيردي، وكلاهما توفي في شهر يناير من عام 1901.

آخر ركاب تايتانيك التي غرقت في عام 1912 توفيت في عام 2009، وكان عمرها شهرين عند وقوع الكارثة. أما السلحفاة هارييت التي درسها تشارلز داروين في عام 1835 في جزر غلاباغوس فقد ماتت هي الأخرى في عام 2006. ولم يتبق من القرن التاسع عشر إذًا غير آثار مادية ووثائق".

بهذه الكلمات بدأت صحيفة "لوموند" الفرنسية مقالتها عن كتاب موسوعي صدر حديثًا تحت عنوان "تاريخ العالم في القرن التاسع عشر" أشرف عليه مؤرخان مهمان، هما بيير سنغارافيلو وسيلفان فيناير، وشارك فيه 90 مؤرخًا وباحثًا، ويقع في 718 صفحة.

ما هو القرن التاسع عشر؟

يمنح الكتاب صفة تاسع عشر لكل ما حدث خلال السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر، ومنها بروز نجم نابليون بونابرت في أوروبا، إلى حين قيام الحرب العالمية الأولى في بدايات القرن العشرين. لكنه لا يقتصر على سرد أحداث سياسية تخص منطقة معينة، مثل أوروبا، بل يتجاوزها إلى بقية مناطق العالم، مع عدم الاكتفاء بتاريخ الأمم والشعوب، بل بتاريخ الترابط والتعارف بين مختلف المناطق، من خلال التجارة والتواصل المعرفي وقضايا أخرى عديدة.

بالاختصار يمكن وصف هذا المؤلف بأنه أول موسوعة شاملة عن تاريخ العالم في القرن التاسع عشر يتجاوز بها أوروبيون شعورهم بالتفوق الناتج من إيمانهم بأنهم نشروا ما يدعى بالحداثة في سنوات ذلك القرن، عندما وصلوا إلى أبعد المناطق، ووسعوا سيطرتهم على أراض شاسعة في قارات أخرى بعيدة.

وبعبارة أخرى، هذا الكتاب يتطرق إلى أمور عديدة، ومنها مرحلة الاستعمار التي يطرحها من وجهة نظر الدول الأخرى المستَعمَرة أيضًا.

تاريخ البيئة

يقع الكتاب في أربعة أجزاء، يضم كل منها فصولًا عديدة، يدمج كل فصل منها التطورات التاريخية التي وقعت في ذلك القرن مع أحداث وتطورات أخرى عديدة، منها نشوء دولة هاييتي في عام 1804، وتأسيس الصليب الأحمر في عام 1863، ومنح السلطات النيوزيلندية النساء حق المشاركة في الانتخابات في عام 1893.

كذلك يتطرق الكتاب إلى قضايا أخرى، منها تاريخ البيئة، من خلال الوقوف عند حدث مهم وقع في عام 1883 عندما انفجر بركان كراكاتو في أندونيسيا، ويتابع تحرك الأفكار الليبرالية في مختلف المناطق، وكذلك الهجرات السكانية والتطور الصناعي وثورة المواصلات، وهي أمور جاءت مع تسلسل زمني خاص بها، حسب المناطق المختلفة في الكرة الأرضية.

هناك أيضًا فصول عن تطور أفكار سياسية ونظريات اقتصادية وعن البعثات التبشيرية المسيحية وعن حياة الأسر اليومية وكيفية قضاء أوقات الفراغ في مناطق مختلفة من العالم.

نزعات القومية

على صعيد العلم، خلقت الثورة الفرنسية في نهايات القرن الثامن عشر شعورًا بضرورة المضي قدمًا في مجال البحث في أمور عديدة، مثل التاريخ والجيولوجيا وعلم الآثار والمتحجرات، مع رغبة في إعادة النظر في تاريخ الأرض والبشر.

في هذا القرن أيضًا وصلت بعثات إلى القطب الشمالي، وتم وضع أول تصنيف للشعوب مع إحصاءات وأرقام، كما ظهرت النزعات القومية، وبدأت مساع للبحث عن هويات مشتركة في آسيا وفي أفريقيا.

يقول المشرفون على هذه الموسوعة إن النقطة الأهم في كل هذا هو أن أحداثًا كبيرة ومهمة وقعت بين 1800 و1900 كان من أبرزها اختراع ما يدعى بالحداثة، ومنها أيضًا صياغة كلمة معاصر. بتعبير آخر، كان القرن الذي صنع فيه التاريخ الحديث.

فرض التقويم الأوروبي

هذا هو عنوان الجزء الأول في الكتاب، ويضم 14 فصلًا، تطرقت إلى تطور وسائل النقل والمواصلات والهجرات السكانية وحالات الاندماج بين شعوب مختلفة، ثم ظهور التصنيف العالمي والتصنيع وانتقال المعلومات وبدء العولمة وتسيد المطبوعات كوسيلة لنشر الأفكار والمعلومات، إضافة إلى بدء نشوء مدن ضخمة، مثل لندن وسنغافورة وطوكيو ونيويورك وشنغهاي.

في ذلك القرن أيضًا انتقل التقويم الأوروبي إلى بقية أنحاء العالم، بينما كانت شعوب أخرى تتبع أنظمة تقويمية مختلفة، مثل التقويم الهجري لدى المسلمين، والهندوسي لدى الهنود، والتقويم الصيني لدى سكان الصين.

بالنسبة إلى الهجرات مثلًا فقد بدأت في 1840 تقريبًا بتدفقات بشرية من أوروبا إلى العالم الجديد أو الأمريكتين، ثم من آسيا إلى أنحاء عديدة أخرى في العالم، ولكنها انتهت في حوالى عام 1920، عند فرض قيود على الهجرة في أميركا وفي المستعمرات.

ظهور الإرهاب

يشرح هذا الجزء بشكل عام التيارات والديناميات الرئيسة المسجلة في ذلك القرن، علمًا أن القائمين على المؤلف يرون أن ما حدث في تلك الفترة يتكرر اليوم في القرن الحادي والعشرين، من خلال قضايا الهجرات وتضخم المدن وتطور وسائل النقل والمواصلات والاتصالات، وحتى عولمة العلوم والثقافة.

يشير الباحثون أيضًا إلى ظهور الإرهاب الدولي في ذلك القرن في شكل هجمات فوضوية خلال العقد 1890. وشهد القرن كذلك بروز اهتمام جديد بالبيئة مع تأسيس متنزه يوزيميتي في كاليفورنيا في عام 1864 في حين صدر في بريطانيا في عام 1822 قانون يعاقب الأشخاص الذين يسيئون معاملة الحيوانات الأليفة.

التصنيع

هذا ومن المعروف أن التصنيع والأتمتة بدآ في انكلترا وأوروبا بشكل عام، ولكن هذه الموسوعة تكشف عن أن أول معمل في العالم لم يتأسس في هذه القارة، بل في دول أمريكا اللاتينية ومنطقة الأنتيل، حيث تقع مزارع قصب السكر، وحيث ظهرت للمرة الأولى أماكن ذات مساحات محددة وواسعة، يعمل فيها عدد كبير من الأشخاص بشكل مكثف لإنتاج مادة السكر. وكان هذا السكر يصدر إلى أوروبا على أية حال.

زمن العالم

يتكون الجزء الثاني الذي يأتي تحت عنوان "زمن العالم" من 42 فصلًا لها علاقة بحدث أو أحداث سياسية عدة وغير سياسية في العالم، مثل استقلال هاييتي وتأسيس ليبيريا ووفاة نابليون وثورات وقعت هنا وهناك، وانتشار وباء الكوليرا من البنغال إلى مكة وتنظيم معرض لندن الدولي في عام 1851، وثورة الهند في عام 1857 والحرب الروسية التركية في عام 1878 والأممية الثانية وإحياء الألعاب الأولمبية وحتى اكتشاف النفط في إيران في عام 1908.

يتتبع هذا الفصل مختلف التطورات السياسية والشعبية التي حدثت في دول ومناطق عديدة من العالم مع إيضاح الترابط القائم بينها.

مخزن العالم

يحمل الجزء الثالث عنوان "مخزن العالم"، وضم 23 فصلًا كرّس المشرفون كل فصل منها لتتبع تاريخ بضائع ومنتجات ظهرت في القرن التاسع عشر أو "مصنوع في القرن التاسع عشر"، وانتقلت تجاريًا إلى مناطق أخرى في العالم، لتكون بذلك بمثابة أولى خطوات العولمة.

من هذه البضائع الأسلاك الشائكة والفحم والبنادق والطربوش الذي تحول إلى رمز وطني لدى الأتراك، ولكنه كان يُستورد من أوروبا. ومنها أيضًا المعلومات الثقافية وانتشار المسيحية من خلال البعثات التبشيرية والمطبوعات والمطاط والكورسيه والساعات اليدوية والشاي والمقاعد ودواء الكينين والملابس المستعملة والمكائن البخارية والكهرباء والتلغراف والمعارض الدولية على سبيل المثال لا الحصر. أما معيار اختيار هذه المنتجات والمواد فهو أنها بدأت تظهر أو بدأت تخضع للحركة التجارية بين مختلف مناطق العالم خلال هذا القرن.

بقي الجزء الرابع الذي أثار أكبر قدر من الجدل في أوروبا لكونه اعتبر القارة العجوز منطقة حالها حال المناطق الأخرى في العالم وتخلى عن فكرة التفوق والعالمية، كما تجنب تقسيم العالم إلى مناطق دينية، بل اختار المشرفون تقسيمه إلى عشر مناطق جغرافية ثقافية، هي آسيا الشرقية والمحيط الهادي والعالم العثماني والهندي والأمريكي الجنوبي... إلخ.

لكن هذا التقسيم لم يجرد كل منطقة، ومنها أوروبا، من خصوصياتها وصفات تفردها، بل أوضحها وشرح نقاط التقائها مع المناطق الأخرى أو نفورها عنها.


عدد القراء: 3444

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-