العقد العنصري
المحرر الثقافي:
الكتاب: "العقد العنصري"
المؤلف: تشارلز و. ميلز
الناشر: "ميموار دونكرييه" الكندية
تاريخ النشر: 30 يناير 2023
اللغة: الفرنسية
عدد الصفحات: 214 صفحة
مع رحيل المفكّر البريطاني ــ الأمريكي تشارلز و. ميلز عام 2021، وهو في السبعين من عمره، خسر المشهد الثقافي الأنغلوفوني واحداً من أبرز المفكّرين المشتغلين بعدّة فلسفية على مواضيع التمييز والعنصرية وتقويض الاستعمار وتاريخه وبقاياه في الفكر الغربي.
عن "منشورات ميموار دونكرييه" الكندية، صدرت حديثاً الترجمة الفرنسية لأحد أبرز كتب ميلز، "العقد العنصري" (أو "العقد العِرقيّ"، The Racial Contract)، والذي كان قد نُشر في الأصل الإنجليزي عام 1997 وتحوّل، منذ ذلك الوقت، إلى مرجع أساسيّ حول الموضوع الذي يتناوله.
ويضيء المؤلّف، في عمله هذا، على النواقص في نظريات العقد الاجتماعي التي ازدهرت خلال فترة الحداثة الأوروبية، ولا سيّما عند جان جاك روسو، حيث يرى أن هذا النوع من النظريات مبنيّ على أساس أن المجتمع الذي ينظّر له هو مجتمعٌ مؤلَّف من أشخاص بيض البشرة فحسب.
ويذكّرنا ميلز بأن روسو لا يأتي في كتابه "العقد الاجتماعي" (1762) على ذكر العبودية أو على حقوق الأشخاص السود، رغم مرور أكثر من سبعين سنة، حين نشره الكتاب، على ولادة النقاشات حول حقوق المستعبَدين في المستعمرات الغربية وغيرها. بل إن الموضع الوحيد الذي يأتي فيه الفيلسوف الفرنسي السويسري على ذكر العبودية، ونقدها، هو للدفاع عن الأشخاص البيض في حال أخضعهم ملكٌ لسطلته المطلقة.
ويقدّم الكتاب تحليلاً للافتراضات الضمنية التي يقوم عليها عقدٌ كهذا، ولا سيّما الافتراض بأن "الآخرين" من غير البيض هم أشخاصٌ من درجة ثانية يعيشون في عالم "الأشخاص الحقيقيين"، الذين هُم البيض، ويخضعون لقوانينه وهرميّته، حيث يُستبعَد غيرُ البيض أو تنقص حقوقهم في مختلف المجالات: من الحكم والمشاركة السياسية إلى حقوق التملّك والإرث وغيرها.
كل هذا يقود ميلز إلى القول بأن العقد الاجتماعي ليس في الحقيقة إلّا عقداً عنصرياً وعرقياً، وهو يشرح الطريقة الضمنية التي يعمل وفقها هذا العقد العنصري من خلال ثلاث نقاط: أوّلاً، البُعد السياسي، حيث الدولة تنبني على استعمار الآخر أو استغلاله واستغلال أرضه؛ وعلى البُعد الأخلاقي، والمبادئ التي ينبني وفقها المجتمع تقوم على تمييز بين أشخاص كاملي الإرادة والحقوق هُم الأشخاص البيض، وبين "البقية" الذين لا يتمتّعون تماماً بهذه الصفات؛ والبُعد الإبيستيمولوجي أو المعرفي، حيث ثمّة اتفاق ضمني على تشويه النقاشات حول العرقية والعنصرية وإظهار عدم تفهّمها، ضمن ما يسمّيه المؤلّف بـ"الجهل الأبيض"، هذا الجهل الذي يُخفّف المجتمعات الغربية البيضاء من مسؤوليتها التاريخية في استعباد الآخر ونفيه من دائرة الحقوق.
تغريد
اكتب تعليقك