الصراع الأجنبي على العراق والجزيرة العربية في القرن التاسع عشر
فكر – عرض: هبة كمال سعد
عنوان الكتاب: الصراع الأجنبي على العراق والجزيرة العربية في القرن التاسع عشر
المؤلف: د. علي عفيفي علي غازي
الناشر: دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع ببيروت، ودار أوبيس للنشر بكندا
عدد الصفحات: 250 صفحة
صدر عن دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع ببيروت، ودار أوبيس للنشر بكندا؛ كتاب الصراع الأجنبي على العراق والجزيرة العربية في القرن التاسع عشر في 250 صفحة. يتناول الكتاب من خلال منهج البحث التحليلي المقارن، جذور التدخل الأجنبي في الخليج العربي والعراق، وأثر الحملة الفرنسية على الاهتمام الدولي بالمنطقة، وبالتالي ازدياد النشاط الأجنبي، ومظاهر الصدام بين الوكيل البريطاني في العراق والوالي داود باشا حتى انتهى الأمر بطرد الوكيل البريطاني من العراق، وكانت النتيجة تأييد بريطانيا وحكومة الهند البريطانية لحملة على رضا باشا والي حلب، التي أرسلها السلطان محمود الثاني؛ بهدف القضاء على المماليك والعودة بالعراق للحكم العثماني المباشر، الأمر الذي انتهى بتفوق النفوذ البريطاني في العراق.
ثم تطرقت الدراسة لأثر الصراع المصري العثماني على النشاط الأجنبي، والملاحة البخارية في الخليج، والنهرية في العراق، فقد نبه الدول الأوروبية، وخاصةً بريطانيا، إلى أهمية موقع المنطقة الاستراتيجي كطريق للمواصلات العالمية بين الشرق والغرب، ومن ثم كان إرسال تشيزني في بعثة لدراسة مدى إمكانية استغلال أنهار العراق في الملاحة، وموقف محمد علي من تلك البعثة التي اشتهرت باسم بعثة الفرات، ولماذا وقف منها معارضًا في البداية؟، ثم لماذا تحول إلى التأييد والسماح لها بالمرور من الأراضي الشامية التي كانت تحت سيطرته في ذلك الوقت؟، وموقف الأهالي والعشائر العراقية منها، ونجاحها في النهاية في العمل على تفوق الملاحة البخارية البريطانية في أنهار العراق، وفي السماح لأربع بواخر مسلحة بأن تمخر عُباب المياه العراقية.
كذلك لعب الصراع المصري العثماني دورًا في تنشيط الاهتمام السياسي والدبلوماسي في العراق، وفي تنشيط بعثات التبشير التنصيرية البريطانية والفرنسية والإيطالية والأمريكية، ولعب دورًا في بعثات التنقيب عن الآثار، وفي الدراسات الطبوغرافية والجغرافية، فقد نبه الصراع بين محمد علي والسلطان العثماني الدول الأوروبية إلى أهمية الخليج العربي والعراق، وأهمية موقعه الجغرافي، كطريق بديل للمواصلات إلى الهند، فتنامى التدخل الأجنبي فيه حتى انتهى الأمر باحتلاله.
ومؤلف الكتاب هو باحث تستشرف مكتبة الدراسات التاريخية الخليجية به باحثًا جادًا، حاصل على الماجستير بتقدير ممتاز عن أطروحته المعنونة "أثر الصراع المصري العثماني في الجزيرة العربية والشام على العراق 1831-1841"، والدكتوراة في تاريخ الخليج والعراق بمرتبة الشرف الأولى في موضوع "رؤية الرحالة لقيم وعادات عشائر العراق 1800-1958". وله كتابات عديدة منشورة في المجلات والصحف، ويعمل مدير تحرير لمجلة رواق التاريخ والتراث، التي تصدر عن مركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية بدولة قطر.
ويذكر المؤلف أن الدراسة أوضحت أن التطلع البريطاني للسيطرة على العراق، والطرق البحرية العربية كان سابقًا على تواجد محمد علي في شبه الجزيرة العربية، ولكن نجاح محمد علي في القضاء على الدولة السعودية الأولى كقوة عربية كانت تخشاها بريطانيا، أتاح لها الفرصة لتدخل تطلعها هذا حيز التنفيذ، فكانت حملتها على رأس الخيمة 1819م التي انتهت بتكبيل مشيخات الخليج بمعاهدة 1820م التي جعلت من بريطانيا صاحبة النفوذ الأول في تلك المناطق، والوصية على مقدراتها، حتى إذا ما عاود محمد علي نشاطه مرة أخرى ضد الدولة السعودية الثانية، ووصل إلى الخليج ونجح في عقد اتفاق مع شيخ البحرين، وأوجد وكيل له في الكويت، وأرسل سعد بن مطلق المطيري وكيلاً عنه لمشيخات الساحل العماني، عملت على التصدي لأطماعه التوسعية تلك بإقدامها على احتلال جزيرة خرج 1838م، ثم في العام التالي احتلال عدن 1839م للتصدي لتوسعه في اليمن وجنوب البحر الأحمر، وأرسلت بعثة تشيزني لدراسة مدى صلاحية أنهار العراق للملاحة البخارية، وأوجدت لها بواخر مسلحة في المياه العراقية، لتكون أداة للدفاع عنه إذا ما أقدم محمد علي على تنفيذ مشروعه لضم العراق.
ويذكر كذلك أن الدراسة قد أشارت إلى أن محاولة تشيزني قائد بعثة الفرات لاستخدام البيتومين لأجل تشغيل مركبي البعثة البخاريين: دجلة والفرات، إن لم تكن التجربة والمحاولة الأولى في هذا المجال، وهو ما لم يستطع الباحث الجزم به، فإنها على أية حال من أولى المحاولات لاستخدام تلك الثروة النفطية التي تتدفق عبر أراضي بلاد الرافدين، منذ أيام الأشوريين، وقد أثبتت التنقيبات الحديثة أنه يملك أكبر احتياطي بترول في العالم.
وأخيرًا أثبتت الدراسة أن مخطط محمد علي التوسعي لم يكن مقصورًا على مناطق شبة الجزيرة العربية بل تعداها إلى منطقة شمال الخليج والعراق، وقد بينت الوثائق العثمانية أن اهتمام محمد علي بالعراق كان منذ أن وطئت أقدام قواته الحجاز، حيث كشفت إحدى الوثائق عن أنه كلف محافظ المدينة المنورة بجمع المعلومات عن طريق جواسيسه وعيونه عن ولاية بغداد، وحينما عاود نشاطه في منطقة شرقي شبه الجزيرة العربية، اهتم قائده خورشيد باشا بموضوع غزو البصرة وجنوب العراق اهتمامًا كبيرًا، وصور له أهمية العراق لتوطيد حكمه في شبة الجزيرة العربية، وطلب منه الإذن في البدء في تنفيذ المشروع مغريًا إياه بأنها ملك يضاهي ملك مصر، ولكن حينما حانت ساعة التنفيذ كان الوضع الدولي في غير صالح محمد علي وضد سياسته التوسعية خاصة بعد هزيمة نجله إبراهيم باشا للجيش السلطاني في موقعة نصبيين، الأمر الذي جعله يتراجع عن تنفيذ هذه الفكرة، وينصح خورشيد باشا بترك التفكير فيها نهائيًا، ويأمره بالانسحاب إلى مصر ليغلق باب المصروفات الذي فتحه لمشروعاته.
تغريد
اكتب تعليقك