مارتن فورد و«صعود البشر الآليين ــ الروبوت»
فكر – المحرر الثقافي:
نعيش اليوم عصر الآلة بامتياز. ولا شك أن ذلك ترافق مع تسهيلات لا تعدّ ولا تحصى للبشر في حياتهم اليومية. وما كان يتطلّب الكثير من الجهد ومن الوقت أصبح يحتاج تنفيذه في الكثير من الأحيان إلى «الضغط على أحد الأزرار» كي يتم تنفيذ المهمة بلمح البصر، كما يقال.
لكن للميدالية وجهها الآخر. ذلك بالنسبة لضياع عدد كبير من فرص العمل التي كان يقوم بها بشر ويتقاضون مقابلها أجراً يسمح لهم بالعيش في مجتمعات غدا الاستهلاك هو سمتها الأولى والغالبة. وليست قليلة الحالات التي غدت فيها الأعمال تُنجز بواسطة «الروبوت». ذلك من مخازن البقالة وغيرها من متاجر البيع إلى مراكز توزيع الصحف والكثير من المهمات الأخرى.
هذه الظاهرة الواضحة للعيان في قيام البشر الآليين «الروبوت» بالأعمال التي كانت تقوم بها اليد العاملة الإنسانية هي موضوع كتاب «مارتن فورد»، المدير في أحد مؤسسات «وادي السيليكون» العاملة في مجال البرمجيات، الذي يحمل عنوان «صعود البشر الآليين ــ الروبوت». وهو يدرس فيه العلاقة بين «التكنولوجيا وتهديد فرص عمل المستقبل»، كما جاء في عنوانه الفرعي.
الملاحظة الأولى التي يؤكّدها المؤلف ويقدّم سلسلة من الشواهد عليها من الحياة اليومية في الولايات المتحدة بشكل خاص هي أن «الروبوت» في طريقه إلى القيام بأعمال البشر في مختلف قطاعات الخدمات كمرحلة أولى وصولاً إلى مجال التدريس والمحاماة والعمل الإعلامي.
ومن جهة أخرى يدرس مارتن فورد الآثار الاجتماعية التي ستترتب بالضرورة على حالة التشوش في مجالي تنظيم العمل والنشاط الاقتصادي بسبب فقدان عدد كبير من العاملين أعمالهم وعدم تمكّن الوافدين إلى سوق العمل إيجاد فرص كثيرة في عصر «صعود الروبوت».
ويشير المؤلف بهذا الصدد أن مثل هذه الحقيقة كانت غائبة عند بدايات دخول الآلة مجال «فرص العمل».
لكن الواقع يبيّن أن ذلك «التفاؤل» لم يكن في مكانه. ولا يتردد «مارتن فورد» في التأكيد أن «تكنولوجيا صناعة الروبوت سوف تستمر، بل سوف تتسارع في قادم الأيام».
ويبين أن أفق استبدال العمل بـ «الروبوت» المتطور غدا مفتوحاً. ذلك خاصة أن هذا الأخير «لا يتعب» و«لا يخشى الإصابة بجرح» و«لا يطلب التعويض على إصابة عمل». ومثل هذا المنطق في إعطاء الأولوية للإنتاج وللمردود الاقتصادي يمكن أن يصبح ساري المفعول في جميع القطاعات، كما يشرح المؤلف. ويشير المؤلف أنه هناك «روبوت آخر» هو قيد الإنجاز ومكرّس للعمل في قطاع الوجبات السريعة. ومن خلال عملية رصد ما يمكن أن يفعله «الروبوت» في مختلف النشاطات الاقتصادية من زراعة، كما في اليابان، وغيرها من قطاعات الإنتاج والخدمات.
ويشير المؤلف أنه ينبغي على الأمريكيين أن يتمتعوا بقدر من المهارة الكافية فكرياً كي «يصدّوا زحف التوجهات المخرّبة لفرص العمل بفعل التكنولوجيات التي تتيح إحلال الروبوت مكان الدور الإنساني». هذا مع تأكيده أن «الروبوت» ليسوا أعداء للبشر. ولكنه يوجه إدانته لما يصفه بـ «صيغة غبيّة للرأسمالية» لا ترى سوى الكسب بعيداً عن الاهتمام بمصائر البشر.
تغريد
اكتب تعليقك