عشرة أساطير إسرائيلية

نشر بتاريخ: 2023-10-31

ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

 

الكتاب: "عشرة أساطير إسرائيلية"

المؤلف: إيلان بابيه

الناشر: فيرسو بوكس

تاريخ النشر: 2 مايو 2107

اللغة: الإنجليزية

عدد الصفحات: 192 صفحة

يعتبر كتاب المؤرخ إيلان بابيه "عشرة أساطير إسرائيلية" مقدمة مفيدة للراغبين بمعرفة نضال الشعب الفلسطيني الساعي إلى التحرر ويقدم إضاءات تتعدى ذلك الهدف. كما أنه أداة قيمة للمتابعين المخضرمين لتفسير الأساطير المؤسسة لإسرائيل والدعاية المستمرة لتأبيد قمع الشعب الفلسطيني.

يوجه الكتاب، رغم صغر حجمه (192 صفحة)، القراء إلى العديد من الأعمال الأصيلة ضمن التأريخ الفلسطيني الإسرائيلي. وبالتالي يستطيع الراغبون بالاستزادة والتعمق التماس المراجع المتعمقة الأخرى ضمن ذلك السياق.

ما هي الأساطير العشرة؟

يقسم بابيه الكتاب إلى ثلاثة أقسام: "أكاذيب الماضي" و"أكاذيب الحاضر" و"التطلع للمستقبل".

تشمل أساطير الماضي الستة القول الشهير "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" وهي الربط بين الصهيونية واليهودية والصهيونية كحركة تحرير قومية والهروب الطوعي المزعوم للفلسطينيين خلال حرب عام 1948.

أما أساطير الحاضر الثلاثة فهي الادعاء بأن إسرائيل ديموقراطية وأن اتفاقيات أوسلو تمثل عملية سلام حقيقية بدلاً من "خديعة لتعميق الاحتلال" وأن هجمات إسرائيل العديدة على غزة ليست سوى أفعال دفاع عن النفس.

أما الأسطورة الأخيرة المتطلعة للمستقبل فهي الاعتقاد بأن إيجاد دولتين منفصلتين للفلسطينيين والإسرائيليين هي الحل الوحيد لتحقيق السلام العادل.

وبالرغم من شيوع بعض تلك المواضيع وتفنيد معظم تلك الأساطير يقوم بابيه بإلقاء نظرة علمية جديدة ومتعمقة لكل منها. ويكشف خلال تلك العملية مدى تواجد الكثير من أساطير الماضي لغاية اليوم واستمرارها بعملها المضلل.

ولنأخذ على سبيل المثال الفبركة التي عفا عليها الزمن بأن فلسطين كانت خاوية من السكان إلى حد كبير عندما بدأ أوائل المستوطنين الصهاينة بالاستقرار فيها والادعاء المناظر بأن الفلسطينيين هم شعب "مختلق". يجلب بابيه لتفنيد تلك الأسطورة أعمالاً متجاهلة من أمثال كتاب الدكتور رشيد الخالدي: الهوية الفلسطينية-بناء الوعي القومي الحديث.

أعتقدُ أن قلة من الناس تجادل اليوم بأن فلسطين كانت مهجورة إلى حد كبير وقت الاستعمار الصهيوني. ولكن الأسطورة الثانية -بأن اليهود مثلوا شعباً أو أمة بلا أرض – لا تتعرض للتحدي إلا فيما ندر. يتفحص بابيه الادعاء الاستعماري الاستيطاني بأن "الأمة اليهودية" عادت ببساطة إلى أرض طردت منها قبل أكثر من 2000 سنة.

يلاحظ بابيه استناداً إلى أعمال المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند وغيره عدم وجود دليل تاريخي موثوق بأن اليهود في فلسطين إبان عهد الرومان قبل أجبروا على النزوح عام 70 للميلاد. ويصر بأن الاحتمال الأكبر أنهم ظلوا هناك وأن الكثير منهم اعتنقوا المسيحية في البداية ثم تحولوا إلى الإسلام.

يظهر بابيه أن مفهوم الأمة اليهودية في الشتات قد نبع مع الصهاينة المسيحيين وتوافقت مع المعادين للسامية الساعين لإخراج اليهود الأوروبيين عبر "إعادتهم" إلى فلسطين.

ثم تحولت الصهيونية لاحقاً إلى "حركة تحرير قومية".

تحاول المنظمات المؤيدة للصهيونية غالباً التعمية على أهدافها العنصرية الضيقة بحجة أن اليهود يستعيدون ما هو حق لهم كشعب أصيل في تلك المنطقة.

وبالرغم من رفعه للقبعة إزاء أبحاث ساند يحاج بابيه بأن ما يهم ليس بالضرورة الخلل التاريخي لذلك الادعاء ولكن مدى تنكر هذا "السرد التكويني" لحقوق الفلسطينيين وما أفضى إليه من "مشاريع سياسية مثل المذابح والتطهير العرقي والقمع".

أو كما يقول ريموند دين في مراجعته لكتاب ساند: اختراع الشعب اليهودي- "لا يمكن في النهاية تأسيس قضية ضد الدولة اليهودية استناداً إلى التفوق الوراثي بل وفق مسار الحقوق الإنسانية والسياسية الأساسية."

يختار بابيه مساراً بديلاً لتفحص الأساطير الأخرى مثل حرب عام 1967 التي يعتبرها الغرب إلى الآن هجوماً استباقياً مشروعاً شنته إسرائيل على الجيش المصري. فندت كثير من الدراسات المؤخرة الافتراض القائل بهجوم مصري وشيك على اسرائيل وقدمت دليلاً بديلاً بأن القوات الاسرائيلية المسلحة اقتنصت الفرصة لتدمير القوات المصرية والتي وضعت في موقع مكشوف.

يوثق بابيه نقاشه مسترشداً بأبحاث المؤرخ الإسرائيلي توم سيجيف القائل أن اللوبي القوي ضمن الحكومة والقوات المسلحة الإسرائيلية، والذي تزعمه موشي دايان وايجال الون، خطط لفترة طويلة للاستيلاء على غزة والضفة الغربية. ويصر بابيه بأن ذلك كان هدفاً صهيونياً حتى قبيل حرب عام 1948"الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من أرض فلسطين واقل عدد من الفلسطينيين."

ومع وصول الأساطير العشرة إلى "أساطير الحاضر" يكتشف المؤلف صعوبة انتقاء أسطورة دون غيرها. وتأخذ الفصول عناوين جماعية مثل" أساطير أوسلو" و"أساطير غزة" لتوضيح بأن أكثر من فقاعة بحاجة إلى تفجير.

تمثل اتفاقيات أوسلو أسطورة لاعتبارها عملية سلام حقيقية وأن ياسر عرفات كرئيس للسلطة الفلسطينية قد قوض عمداً عملية السلام عبر تشجيعه للهجمات الإرهابية خلال الانتفاضة الثانية.

ثمة اسطورتان فيما يتعلق بغزة أي الادعاء الإسرائيلي بأن حماس منظمة إرهابية وأن انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005 كان "إيماءة سلام".

أما بالنسبة لكاتب هذه السطور فإن الأسطورة الأساسية التي يتحداها بابيه مقولة أن إسرائيل ديموقراطية.

وجهت الهيمنة السياسية الصهيونية، ضمن حركة الاستعمار الاستيطاني، منذ البداية تأسيس دولة يهودية بحيث لا تكون ديموقراطية في يوم من الأيام. فاليهودية والديموقراطية ضدان لا يجتمعان لأن السيادة الديموقراطية الحقيقية تسمح بتعايش كافة السكان-كلهم وليس جماعة عرقية دينية منتقاة ويجب أن تأوي الدولة الديموقراطية كافة السكان بلا تمييز.

نبعت كافة الجرائم التي شهدت إيجاد الدولة اليهودية في أرض فلسطينية عربية-مثل التطهير العرقي والفصل العنصري والتحالف مع الامبريالية والاستعمار والمجازر المتصاعدة والحكم الاستبدادي المستند على الفاشية-من فكرة دولة عرقية.

يختتم بابيه هذا الاستهلال بانتقاد الاستعمار الاستيطاني والذي يقول إنه يعمل وفق "منطق الاقصاء" و"ومنطق الاذلال".

لن يُحل منطق التقسيم، الذي استهل موجة الجرائم تلك، عبر حل الدولتين والذي يصر بأنه شكل آخر من أشكال التقسيم.

لن تتمتع إسرائيل قط "بالشرعية الأخلاقية" طالما تابعت نزعتها الاستعمارية.

ويقول بابيه" لا يعتبر السلام قضية تغيير ديموغرافي أو إعادة رسم للخرائط." وبدلاً من ذلك "السلام هو اجتثاث الأيديولوجيا العنصرية وسياسات الفصل العنصري". سنرى إن كان بالإمكان إقصاء الأيديولوجيا ولكن مما لا شك فيه أن الصهيونية السياسية هي جذر المشكلة وكعب أخيل للدولة الإسرائيلية.

 

المصدر:

The Electronic Intifada


عدد القراء: 884

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-