مستقبل الصحافة الورقية نحو الأفول
أنا لست ميتًا.. ولكني أبدو هكذا!! عبارة هادئة هازئة، ذكرها أحد الفلاسفة وهو يطالع ملامحه الشاحبة، وقواه المنسرقة، وبدنه المعتل، فهل باتت الصحافة الورقية في مسيرها ومصيرها تحكي لنا صورة نسخة غير منقحة من قسمات الأحياء الموتى في نزعهم الأخير، كما يمثلها ذلك الرجل؟ وهل سيسهم الواقع المعيش - وعلى رأسه قطاع كبير من النخب المثقفة - في إعلان وفاة الصحافة الورقية، ليتماهى دورها مع ما حكاه أحد الملوك وهو يجود بنفسه على فراش الموت: إنني أموت بمعاونة أكثر الأطباء شهرة!!
لقد شهدت الصحافة الورقية خلال السنوات الأخيرة أزمة حقيقية، أخذت تتفاقم من سنة إلى أخرى في العديد من الدول الغربية المتقدمة نتيجة لثورة الاتصالات والمعلومات وظهور شبكة الإنترنت، وتتمثل هذه الأزمة في عزوف الكثير من القراء عن اقتناء أو مطالعة الصحف الورقية ونشوء جيل جديد لم يعد يتعامل مع الورق، وفي تغيّر أنماط الاهتمام والقراءة لدى مجتمع المعرفة، وشيوع ثقافة الحصول المجاني على المعلومة، كل هذا أدى إلى التراجع المتواصل لمبيعات الصحف الورقية وانخفاض عائداتها من الإعلانات، التي تتحرك بسرعة صوب شبكة الإنترنت.
ومع دخول التطور الهائل الذي لحِق بوسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات في المدة الأخيرة؛ ليغير خريطة المنافسة في عالم الصحافة التي بدأت تتحول إلى متغيرين مختلفين؛ هما: الصحف الورقية، والإلكترونية، بعد أن كانت هذه المنافسة تقتصر بين الورقية وبعضها فحسب، واكتسب هذا النوع الجديد من الصحافة أهمية بالغة منذ ظهوره أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وتزايدت أهمية الصحافة الإلكترونية مع توالي الأعوام وانتشار الإنترنت، وتضاعُف أعداد مستخدميه، فأصبحت غالبية المؤسسات الصحفية على الصعيدين العالمي والعربي، تمتلك مواقع إلكترونية لمطبوعاتها الورقية، لكن الجديد هو ظهور نوع جديد من الصحف غير التقليدية، وهو ما عُرف بـ(الصحف الإلكترونية)، التي يقتصر إصدارها على النسخة الإلكترونية دون المطبوعة، كما يعود صدور أول نسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993م؛ حيث أطلقت صحيفة سان جوزيه ميركوري الأمريكية نسختها الإلكترونية، تلاها تدشين صحيفتي (ديلي تليغراف والتايمز) البريطانيتين لنُسختهما الإلكترونية عام 1994م، وعربيًّا أصدرت أول صحيفة عربية نسختها الإلكترونية منذ أكثر من ثلاثة عشر عامًا وهي صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن، تزامن معها إصدار النسخة الإلكترونية لصحيفة النهار اللبنانية.
وتُعد صحيفة إيلاف التي صدرت في لندن عام 2001م أول صحيفة إلكترونية عربية، أما اليوم وبعد مُضي ما يقرب من 12عامًا على هذه التجربة، لا نكون مبالغين حين نقول: إن بإمكان متصفح الإنترنت العربي العثور يوميًّا على المزيد من الصحف الإلكترونية العربية الوليدة، لم تتعدَّ أعمارها الأيام أو الأشهر، فعلى الرغم من انخفاض نسبة قراءة الصحف بشكل عام - وفقًا للدراسات في هذا المجال - فإن عدد قرَّاء الصحف الإلكترونية - كما تشير الدراسات نفسها - في ازدياد مستمر، ويوضِّح تقرير صدر عن مركز بيو للأبحاث مؤخرًا تناول تحديات الصحافة الورقية والإلكترونية ومستقبلها، أن مزيدًا من الأمريكيين يتجهون إلى الإنترنت لمعرفة الأخبار، في مقابل انخفاض قراء الصحف المطبوعة أو الورقية.
كل هذا أثر بشكل واضح في مستقبل الصحافة الورقية ولقد رأينا كيف توقفت صحيفة (ذي لندن بيبير) المسائية المجانية عن الصدور بعد ثلاث سنوات من انطلاقها وتوزيعها نصف مليون نسخة يوميًّا في مركز العاصمة البريطانية ومحطات القطارات، وكانت تتلقفها الأيادي من 700 موزع منتشرين في لندن مجانًا مساء كل يوم، فيما يتركها القراء في القطارات لغيرهم في تقليد عن شيوع القراءة بين المسافرين، كما ذكرت مصادر في إدارة الصحيفة التابعة لشركة المليادير روبيرت مردوخ، أنها خسرت 21.2 مليون دولار أمريكي لغاية السنة المالية المنتهية في حزيران/يونيو 2008، وقالت: إنها ستبلغ العاملين فيها والبالغ عددهم 60 موظفًا وصحفيًّا بأمر الإغلاق.
ويأتي خبر إغلاق صحيفة (ذي لندن بيبير) بعد الإعلان عن إغلاق أكثر من مئة صحيفة محلية في بريطانيا، بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية والمنافسة الحادة مع الإعلام الإلكتروني.
وتنوي المجموعة الأمريكية الإعلامية (نيوز كورب) التي أعلنت تسجيلها خسائر، فرض رسوم على قراء نسخها الإلكترونية، وهو قرار قد يدفع بحسب رئيسها روبيرت مردوخ إلى تعديل مبدأ مجانية الإعلام على الإنترنت.
وفي العالم العربي نرى مجلة (الأسبوع العربي) التي صدرت قبل 55 عامًا، علمًا بأن بعض المجلات السعودية تصدر منذ 60 عامًا، ولكن تحول (الأسبوع العربي) إلى النسخة الإلكترونية كليًّا، انسجم مع دورها كمجلة سياسية تتابع الشأن العربي، وتطوراته أولاً بأول، وبالمناسبة قرار التحول هنا جاء بعد تجربة عام كامل وطوال الـ 2013م، نتيجة المشكلات المالية وعوائد التوزيع والإعلان نتيجة تبعات (الثورات العربية) منذ 2010م وحتى اليوم، فبشهادة الصحفيين والعاملين في هذه المؤسسة الإعلامية العربية، كان هناك خيار الإغلاق الكلي، أو قرار التحول الإلكتروني بأقل الخسائر ودخول مضمار المنافسة مع مواقع إخبارية إلكترونية عربية مماثلة؟!
وكذلك مجلة الآداب اللبنانية التي تصدر منذ 1953 توقفت عن الإصدار الورقي في عام 2012، وأصبحت تصدر فقط إلكترونيًّا.
وقد لجأت مجموعة كبيرة من الصحف ذائعة الصيت إلى تقليص أرقام توزيعها وإلغاء آلاف الوظائف وتسريح عدد كبير من العاملين فيها، بينها صحف واسعة الانتشار، مثل (شيكاغو تربيون)، و(بوسطن جلوب) و(أنجلوس تايمز)، وحتى المجلة الأوسع انتشارًا في العالم، وهي مجلة تايم الأمريكية الشهيرة.
وثمة صحف أخرى، تحولت إلى صحف رقمية، مثل (كريستيان ساينس مونيتور) التي ألغت طبعتها الورقية منذ العام 2008، واكتفت بنسخة رقمية على موقعها على شبكة الإنترنت.
وأعلنت (مجلة نيوزيوك) الأسبوعية الأمريكية الشهيرة تسدل الستار على 80 عامًا كمجلة مطبوعة توقف نسختها الورقية عن الصدور، وتفتتح عصرها الرقمي.
وكشفت مؤخرًا عن غلاف نسختها الأخيرة بالأبيض والأسود، وفيه يظهر مقرها الرئيسي في مدينة مانهاتن مع عبارة #Last Print Issue المستوحاة من نمط التغريدات في تويتر، وفي ذلك إشارة إلى انتصار بمعركة جديدة للإعلام الرقمي على منافسه الورقي.
وستطل المجلة اعتبارًا من عام 2013 على قرائها بصورة رقمية وباسم جديد (نيوزويك غلوبال) مستهدفة متصفحي الويب عبر مختلف المنصات الرقمية وفقًا لما ذكرت رئيسة التحرير تينا براون.
كما أن هناك عاملان أساسيان ساهما في التحول الرقمي الذي نهجته (نيوزويك) أولهما تدني العائدات الإعلانية نتيجة لتحول جمهور القراء إلى الإنترنت ولحاق المعلنين بهم.
وثانيهما، عجز (نيوز ويك): عن تقديم محتوى أسبوعي تحليلي متميز عن الأخبار التقليدية الصرفة، التي أصبح القارئ يجدها في ثوان على الإنترنت، دون الحاجة إلى انتظار مجلة مطبوعة بشكل أسبوعي.
وسبق (نيوزويك) مطبوعات أخرى منها ما أغلق بشكل كامل مثل مجلة (لوس أنجلوس تايمز)، ومنها ما تحول إلى الصيغة الرقمية مثل مجلة الكمبيوتر الشهيرة (بي سي ماغازين).
كما توقفت مجلة (يو أس نيوز أند ريبورت)، وهي الثالثة الأوسع انتشارًا في أمريكا في العام 2010، إضافة إلى المئات من الصحف المحلية الأمريكية، التي اختفت عن الوجود نهائيًّا.
وتشير الإحصاءات، إلى أن عدد الوظائف في الصحافة الورقية الأمريكية قد تقلص بحوالي 30% منذ عام 2008، ومن المتوقع أن تستمر هذه العملية بوتائر أسرع في المستقبل المنظور.
ولم تقتصر الأزمة على الولايات المتحدة، ففي بريطانيا تم إغلاق صحيفة (ذي لندن بيبير) بعد الإعلان عن إغلاق أكثر من مئة صحيفة محلية لفشلها في التكيّف مع ظروف المنافسة الحادة مع الإعلام الإلكتروني. ويبدو، أن صحيفة (الغارديان) اليومية، واسعة الانتشار على وشك إيقاف القطاع المطبوع من الصحيفة وملحقها الأسبوعي الأوبزيرفر نظرًا لتكبد هذا القطاع خسارة تقدر بحوالي 44 مليون دولار سنويًّا.
وقد رضخت ثلاث صحف تقليدية كبرى في لندن، إلى أن تعتمد مقاسات أصغر لصحفها، تنافسًا مع باقي الصحف الأخرى التي اعتمدت مقياس أقرب إلى مقاييس صحف التابلويد النصفية، كما اضطرت هذه الصحف إلى أن تعيد النظر في تبويباتها الصحافية لتواكب احتياجات سوق الجمهور من القراء.
وفي فرنسا، توقفت جريدة فرانس سوار عن الصدور منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2011، واكتفت بنسخة على الإنترنت، وكانت إلى عهد قريب مؤسسة إعلامية مرموقة، عمل فيها مجموعة كبيرة من الإعلاميين على مستوى العالم.
وفي إسرائيل، توقفت صحيفة (معاريف) عن توزيع طبعتها الورقية في الثالث من أيلول/سبتمبر العام الماضي مع استمرار نسختها الإلكترونية على شبكة الإنترنت.
ومما ساعد على انتشار الصحافة الإلكترونية مصداقيتها وقدرة المتلقي على التفاعل معها، فالخبر يقرأ، ثم يتم التعليق عليه والتعديل فيه أكثر من مرة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وهو ما يتعذر حصوله بسهولة في الصحافة الورقية، لذا لجأت بعض الصحف الورقية إلى إخراج أكثر من طبعة من العدد الواحد من أعدادها (ثلاثة طبعات من العدد الواحد)، وذلك في محاولة تطوير الأداء، وتصويب بعض الأخبار إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
إن البون الشاسع والفرق الواسع بين ما تقدمه الصحافة الإلكترونية في مجال الدعاية والإعلان واضح أشد الوضوح، فالمعلن يدفع 30 ألف جنيه في إعلان على الموقع الإلكتروني في مدة قدرها (15) ساعة، ليشاهدها مليون مستخدم للموقع، وهو حلم بعيد المنال لأي معلن في صحيفة ورقية. وهو ما دعا أحد علماء المستقبليات، وهو الأسترالي (داوسن) إلى توقع أن عام 2022 سوف تموت فيه الصحافة، ورسم فيها سيناريو يوم الموت، وحدد بعض الدول التي سيحدث فيها ذلك ومبرراته، مؤكدًا أن المستقبل سوف يكون لأجهزة الكمبيوتر على شاكلة الآيباد، وأن ذلك سيكون هو البديل للصحافة المطبوعة، ولديه مبرراته، ومنها شدة المنافسة، وتغير لأذواق الناس.
من أهم ما يميز الصحافة الإلكترونية وهو ما يمكن الصحفي من التفاعل من خلال الآراء والتعليقات وردود الأفعال، كما تتسم الصحافة الإلكترونية بالمصداقية وشدة التوثيق، وإمكانية تصويب الخبر بعد نشره.
كذلك نلاحظ أن اللامركزية في الصحافة الإلكترونية من الأمور التي سهلت تدفق المعلومات، فالتواصل مستمر بين المحررين في الشوارع والساحات وموطن المعلومة وزملائهم في صالات التحرير.
وهو ما دعا مؤتمر (ألوان) الذي يصدر تقارير عن أهم ما ينتظر الناس من أحوال الصحافة في العالم إلى التأكيد - في آب/أغسطس 2010 - على أن ما يعادل 1,7 مليار شخص يقرؤون الصحافة الورقية في العالم، لكن في مقابل هؤلاء فإن هناك حوالي مليارين من البشر يتعاملون مع الإنترنت وصحافته الإلكترونية.
لا تستطيع الصحف الورقية مجاراة الصحف الإلكترونية كوسيط نقل جديد للمعلومة والإعلان والتنافس مع مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت - التي تجتذب مئات الملايين من المتصفحين مثل (تويتر)، و(فيسبوك) وغيرهما - في سرعة نشر الخبر للقارئ وقت حدوثه وتحديثه لحظة بلحظة، في زمن يتقادم فيه الخبر بسرعة بالغة، وإتاحة المجال للقراء للمشاركة في تحريرها والتعبير عن آرائهم ومناقشتها مع قراء آخرين بكل حرية على نحو لم يسبق له مثيل.
كل ما تقدمه الصحافة الورقية من محتوى مرة في اليوم أو الأسبوع، تقدمه الصحف الرقمية مجانًا وفورًا بكل سهولة. ولعل فوز الصحيفة الإلكترونية (هفنجتون بوست) بجائزة بوليتزر للصحافة لعام 2012 بعد أن تخطّت صحفًا عريقة لتنال الجائزة الأهم في الإعلام الأمريكي، هو اعتراف صريح بالتفوق الرقمي على الورقي التقليدي.
ولا يقتصر الاختلاف بين الصحافتين على سرعة النشر والوسيلة المستخدمة لنقل المحتوى كما يظن البعض، فالصحافة الرقمية تقدم خدمات إعلامية كثيرة تعجز عنها الورقية منها الندوات وبرامج المحادثة (الشات) وشريط الأخبار المتحرك، إضافة إلى عدم وجود محددات لحجم المواد المنشورة وزمن العرض. وعلى خلاف الصحافة الورقية، فإن الصحيفة الالكترونية بإمكانها تقديم المعلومة الجديدة بالحجم الكامل في أي وقت. كما تسمح شبكة الإنترنت بتراكم المعلومات وحفظها وأرشفتها. وبدلاً من إيراد مقتطفات من المصادر، فإن النشر الإلكتروني يسمح للكاتب بوضع روابط لمصادر ومراجع المادة المنشورة، سواء أكانت مقالة أو دراسة أو حتى كتابًا كاملاً. بذلك يقتصد الباحث أو الكاتب كثيرًا في حجم البحث أو الدراسة.
وثمة إمكانيات فنية أخرى للصحف الإلكترونية منها خدمة الانتقال إلى الإذاعات والقنوات الفضائية، وخدمات التعليقات، الردود الآنية، الربط بالمواقع الأخرى والإحصائيات الخاصة بالموقع الإلكتروني (عدد القراءات لكل مادة صحفية، وتوزيع القراء حسب البلدان والفئات العمرية، والتحصيل العلمي، وغيرها من البيانات)، التي تتيح للصحيفة الإلكترونية معرفة مواطن القوة والضعف في عملها من أجل التطوير اللاحق.
كتب أحد أبرز المدافعين عن الصحافة الورقية في العالم العربي وهو الصحفي المعروف الأستاذ عبدالرحمن الراشد مقالاً في جريدة الشرق الأوسط يقول فيها:
«هل سيصبح مصير الصحف الورقية مثل مصير الحمير والبغال والخيول في زمن ظهور السيارة؟ هل فعلاً حان موعد تفكيك المؤسسات الصحافية والانتقال إلى الوسيلة الجديدة، المواقع الإلكترونية؟ رغم احتفاء الزميلات من المواقع الإلكترونية بأنباء وفيات الصحف المنتشرة في أنحاء العالم، كما لو أن وباء قد أصابها، فإنها قراءة خاطئة في نظري، وستثبت الأيام أن الصحف الورقية باقية لكن بلا ورق. وهنا يقع خلط، وربما تدليس متعمد، بإضافة كلمة الورقية إلى الصحف. فالصحيفة شكلاً ورقية لكنها في واقع الأمر محتوى، أي الأخبار والآراء، أي المنتج المكتوب سواء كان على ورق أو جدران، كما كان يفعل الصينيون في الماضي، حيث تعلق ورقة على لوح في الحي ليصطف الناس في طابور لقراءتها بسبب نقص الورق وكثافة السكان، أو مثل الصحيفة اليوم من خلال الصفحات الإلكترونية.
هذا الرأي – رغم احترامنا للكاتب – غير صحيح، لأن الصحافة الإلكترونية تختلف عن الورقية ليس فقط من حيث الوسيلة المستخدمة لتقديم المادة الصحفية أو للقراءة، بل من حيث المحتوى أيضًا، فالصحافة الإلكترونية لا تقتصر على المنتج المكتوب، بل قدمت أنواعًا جديدة من طرق عرض الخبر مثل الفيديوهات، التي تنقل القارئ مباشرة إلى موقع الحدث بالصوت والصورة في الوقت الذي تكون فيه الصحيفة الورقية مضطرة لانتظار 24 ساعة لطبع الخبر، وقد تكون أحداث أخرى قد جرت بعد ذلك، وبهذا تكون الصحف الورقية قد فقدت أهم عنصر من عناصر النجاح، وهو ما يسمي بـ(السبق الصحفي).
ويقول مؤلف كتاب (النهاية الحتمية للإعلام الورقي) فيليب ماييرز: إن آخر مطبوع ورقي سيصدر في عام 2043.
كما تشير الدراسات الخاصة بمستقبل الصحافة الورقية إلى أن الصحافيين أنفسهم يعتقدون أنها ستكون أقل أهمية في الحياة العامة في السنوات القادمة.
ولكننا نعتقد أن تزايد قوة وفاعلية الصحافة الإلكترونية، لا يعني بأي حال من الأحوال انقراض الصحافة الورقية المطبوعة في المستقبل المنظور، فما يحدث غالبًا أن الوسائط الأكثر الحداثة، لا تؤدي بالضرورة إلى انقراض الوسائل القديمة. فالصحافة الرقمية لا تلغي دور الصحافة الورقية، وأنهما يمكن أن يتعايشا بعضهما مع بعض، خاصة وأن لكل منهما قارئه الخاص به ومصدره في استقاء الاخبار.
وأسهم في ازدهار الإعلام الرقمي انتشار الأجهزة اللوحية المخصصة لقراءة الكتب الإلكترونية مثل آيباد وكيندل من شركة أمازون التي غزت نمط الحياة اليومية للملايين، إضافة إلى التطبيقات المطورة خصيصًا لقراءة الكتب الإلكترونية.
لكن فريقًا آخر لا يزال يرى طول العمر في الصحف المطبوعة، ويرى أنها بناء صلب سيظل لها عشاقها المخلصون، وأن العلاقة بينها وبين الصحافة الرقمية يجب أن تكون قائمة على التكامل وليس التنافس.
لكن المد الرقمي سيستمر إلى كل المطبوعات الورقية، التي لا تراعي تقديم محتويات تحليلية معمقة، تستهوي متابعي الصحافة المطبوعة، وخاصة مع استمرار اتجاه القراء نحو المادة الرقمية.
تغريد
التعليقات 1
من حق المجلة أن تبحث عن المجال الأرحب الذي ينتشر فيه ما تسعى لنشره، فإذا انحسر مد الصحافة الورقية باقتحام الصحافة الالكترونية ساحة القراء لسهولة الاطلاع عليها وبخاصة مع توفر الأجهزة الذكية في أيد الكثير. لكن بحسب قوة المجلة وأهميتها فيما تنشر فإن من حق الكاتب أن يحفظ انتاجه للأجيال القادمة. وعلى هذا يمكن أن يصحب كل اصدار الكتروني للمجلة اصدار ورقي يحفظ في مراكز حفظ الحقوق الفكرية في المكتبات الوطنية على الأقل.
اكتب تعليقك