العدد الحاليالعدد رقم 44ثقافات

فقه رد الفيلسوف على المتكلم

حينما انتقد أبو حامد الغزالي الطوسي (ت. 505هـ/1111م)، في كتابه (تهافت الفلاسفة)، الفلسفة وجمهور الفلاسفة بشدّة وعنف، محاولًا إثبات عجز العقل البشري عن إثبات أو نفي الحقائق الإلهية، جاءته ردود كثيرة، وأشدّها وأعنفها رد أبو الوليد ابن رشد (الحفيد) (ت. 595هـ/1198م)، فكان لهذا العالم، والفقيه، والقاضي الطبيب، والفيلسوف، والشارح الأول لكتب أرسطو؛ ردودًا واعتراضاتٍ كثيرة في كتابه (تهافت التهافت) على كتاب (تهافت الفلاسفة)، وهو كتابٌ ليس مخصصًا في المقام الأول للبرهنة على صحة المسائل الفلسفية ومذاهب الفلاسفة، بقدر ما هو محاولة رد هجوم الغزالي. والذي يهمّنا ويشغلنا في هذا المقام، ليس مضمون الردود، التي تضمّنها الكتاب، بقدر ما يهمنا ضرورة الالتفات إلى جانب آخر لا يشغل بال الكثير من القراء، ألا وهو؛ أسلوب رد واعتراض ابن رشد على مضمون ما جاء في كتاب التهافت؛ لأبي حامد الغزالي.

إن الغزالي وابن رشد يكادان يتفقان في الأسلوب وطريقة عرض المسائل، فطريقة ابن رشد طريقة جدلية كطريقة الغزالي، إلا أنها أدق منها من حيث تفنيدها بنقد نص بعينه، والدليل على ذلك أن الغزالي إذا عرض إحدى نظريات الفلاسفة ذكر أدلتهم كما فهمها، ثم أورد اعتراضه عليها وفنّدها، وأتى بأحكام مناقضة لها، أما ابن رشد فيكتفي بذكر أول النص وآخره خوفًا من الإطالة، فيوجز ويوضّح خطأ قائله، كما تميزت طريقته بتحليل المسائل تحليلًا منطقيًا جَليًا مثبتًا تعريف الألفاظ وتطبيقاتها على ما هو، فهما لا يتفقان؛ إذ إن الغزالي متكلم، وابن رشد فيلسوف.

ومن استظهار بعض من فصوله، يتحقق للقارئ لباقة ابن رشد الحفيد في الرد والاعتراض على الخصم، والذي يعكس أخلاق عالم جمع بين علوم الأولين (اليونان)، وبين أخلاق قاض عادل نزيه، جمع بين قضاء المغرب والأندلس وهو دون الخامسة والثلاثين من عمره. ويكفي أن نستعرض كتابه (بداية المجتهد ونهاية المقتصد)، لندرك سماحة أخلاقه، وعلوّ كعبه في الفقه، والذي يعرض فيه اجتهادات فقهاء المذاهب الفقهية، ثم يدلو بدلوه إما مؤيدًا لمجتهد أو معارضًا، باسطًا استدلال كل مذهب من غير ميل أو نصرة لمذهب على آخر.

وحين جرد الحفيد قلمه للرّد على ما جاء من مقولات وردت في كتاب (تهافت الفلاسفة)؛ ألزم نفسه بميثاق أخلاقيات القاضي العادل، الذي لا تسمح قناعاته العقلية، أو الفلسفية، بالوثب والقفز على حساب معيار الحق والعدل والانصاف، على الرغم مما تضمّن خطاب الغزالي من تجاوزات في حق عقول الحكماء والفلاسفة إلى حد الاستفزاز. فهو قد ألزم شخصه فيما كتب؛ بالبحث عن الحقيقة المجردة بعيدًا عن هوى التمذهب، وليس الرّد على الخصم من باب التخاصم وإثبات الأنا المتمذهب، ومن لا يراعي مثل هذا في مذهبه؛ فلا الحق حصّل، ولا العلم وصل. فقد جمع ابن رشد بين العلم والفضيلة، وهو القائل: «من العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي بها لنفسه»، أي يقدم لخصومه العذر، وعُرف عنه أنه كان يُسامح في أمر نفسه، ولا يسامح في أمر غيره. وكتاب التهافت محاولة منه للفصل في النزاع القائم بين الغزالي وابن سينا وجموع الفلاسفة، حيث يقف ابن رشد موقف القاضي، الذي يجتهد للحكم بالعدل والانصاف.  ومن الشروط والمبادئ التي أشترطها القاضي ابن رشد الحفيد للناظر في كُتب القدماء؛ «يجب ألا يزيد، ولا ينقص ولا يحرّف ولا يشوّه ما قاله القدماء، ولا يُقوّلهم ما لم يقولوا، سواءً كانوا مشاركين لنا في الملة والعقيدة أو مخالفين».

ولم يكن ابن رشد من الذين يعيبون على الآخرين أشياء يرتكبونها، ضمن ما اصطلح عليه على عهد معاوية اسم «الاستخراج»، وما يطلق عليه اليوم اسم «المصادرة»، كأنْ يلجأ الحاكم إلى الانتقام من الشخص الذي يريد معاقبته لأمر ما، فظل ابن رشد وفيًا للفضيلة الخُلقية التي طبعت سلوكه في القضاء؛ مثلما طبعت الفضيلة العلمية عقله وفكره. وكانت قوة نفسه تأبى عليه أن يكون غير ما هو مع جميع الناس، الضعيف والقوي سواء. ويكفي أن نذكر أنه إذا تدخّل الخليفة الموحدي أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور في ميدان العلم، من غير علم، صاح فيه كما يصيح الأستاذ في تلميذ أو طالب: «تسمع يا أخي!»، يقولها باللغة الطبيعية «جاريًا في ذلك على طريقة العلماء في الإخبار عن ملوك الأمم وأسماء الأقاليم، غير ملتفت إلى ما يتعاطاه خَدَمة الملوك، ومُتحيِّلو الكتاب من الإطراء والتقريظ».

ويبدو واضحًا أن القاضي ابن رشد يرى في الصدق قيمة عليا توزن بها أعمال الخصمين وكل الأعمال مطلقًا. ومع أن ابن رشد ألزم نفسه بالحياد والموضوعية في الحكم بين الخصمين، وبين جمهور الفلاسفة وحجة الإسلام الغزالي، فهو يرسم صورة القاضي في الفلسفة، فيقف موقفًا عدْلًا بين الخصمين الكبيرين؛ الغزالي وابن سينا، ويحاول الفصل في مختلف النزاعات بينهما. وذلك لكشف انحرافات ابن سينا عن أصول الفلاسفة، وبيان تهافت الغزالي على هؤلاء الفلاسفة.

وقبل أن يُصدر ابن رشد الأحكام يقلب الحقائق على مختلف وجهاتها، وهي صفة اكتسبها من ممارسته القضاء، كما أنها صفة كل قاض عدْل.  ومع ما يحمله من تقدير واحترام لهذا الإمام الذي لا ينكر أحد قدره وفضله ومكانته بين المسلمين؛ بل أكثر من ذلك فقد أنصفه وانتصر له على خصمه أبي علي بن سينا الفيلسوف في كثير من المواطن التي أخطأ فيها ابن سينا، بالمقابل لم يستطع التغاضي أو التجاوز، حينما لم يلتزم أبو حامد الفضيلة العلمية. فهذه الخصال في نظره ضرورية؛ لمن يريد النظر في كتب الأولين، فإن «صناعتهم إنما تقتضي بالذات الفضيلة العملية»، وهذه الفضيلة أساسها «الفضيلة الخُلقية»؛ الأولى تعني أن يكون العالم مقتنعًا بصواب الرأي الذي يعتنقه والمذهب الذي يقول به، وأن تتشخص هذه القناعة في سلوكه، وبذلك يتحقق التطابق بين «العقل والوجود في نفسه». وهو موجهًا النقد لأبي حامد؛ يقول الحفيد: «إنه لم يلتزم مذهبًا من المذاهب في كتبه؛ بل هو مع الأشعرية أشعري، ومع الصوفية صوفي، ومع الفلاسفة فيلسوف».

وابن رشد في نقده واعتراضه لموقف غريمه (الغزالي) من الفلسفة والفلاسفة، لم يؤاخذه بالشبهة والمحتمل من القول؛ بل عامله بأسلوب القاضي العدْل الخبير؛ فهو ابتداءً قبل إصدار الأحكام شرّح وسائله ومناهجه المستعملة في تسفيه الفلاسفة، وحدّد جملة من المآخذ في منهجه؛ ومن مآخذ ابن رشد على الغزالي؛ أنه لم يكن متمكنًا من فهم أعماق ومرامي الفلسفة اليونانية، وهو يذكر؛ أنه خصّص لها فترة قصيرة من مساء كل يوم لمدة سنتين بعد انتهائه من الدرس والتأليف، وهو في نظرنا ذكي أريب إلى الحد الذي تكفيه هذه المدة من أن يستوعب فلسفة الأولين، وما كتب فلاسفة المسلمين، وأنه في الغالب ركز على فلسفة ابن سينا؛ بحكم أنه يمثل ويحمل باكورة التفلسف اليوناني، مع الإشارة إلى أنه مهد لكتاب «تهافت الفلاسفة» بكتاب «مقاصد الفلسفة»، وهو يدرك صعوبة الأمر بالقول: «لا يقف على فساد نوع من العلوم، من لا يقف على منتهى ذلك العلم حتى يساوى أعلمهم في أصل ذلك العلم». وهو في نظر الحفيد؛ لم ينصف فلاسفتها، إما لسوء تقدير، أو ضعف إدراك – ونعتقد أنه لا يمكن وصف الغزالي بمثل هذا الوصف، فمعروف عنه أنه كان آية عصره في الفهم والذكاء – أو لدافع يحمله في نفسه اتجاههم، وهو ذاته في مقدمة كتاب «تهافت الفلاسفة» يعترف أن هدفه من الكتاب التشويش على الفلاسفة، فهو لم ينصفهم، ولم يعترف لهم بالفضل أصلًا. فالواجب فيما يرى ابن رشد ألا ينكر فضلهم عليه؛ فقد استفاد منهم في النظر العقلي، فلو لم يكن لهم إلا صناعة المنطق لكان واجبًا عليه وعلى جميع من عرف هذه الصناعة أن يعترف لهم بالفضل.

وأما من حيث المنهج والاستدلال فآخذه على أنه لم يميّز بين المقدمات والنتائج في مواضع شتى عدّدها ابن رشد في مؤلفه «تهافت التهافت»، وحمّله في كونه لم يلتزم طريق البرهان في كتابه؛ بل اتبع سبيل السفسطة، ولم يبيّن تناقض أرسطو كما ادعى؛ بل تعامل فقط مع نصوص ابن سينا، الذي نزل بالعلم الإلهي إلى مستوى علم الكلام ومنهجه الجدالي. ومن مآخذه عليه؛ اعتماده نفس الأقيسة المنطقية لجلد الفلسفة والفلاسفة، وهي الأقيسة التي قال بها فلاسفة اليونان. ومن أشد المآخذ أنه اتخذ من آراء ابن سينا الفلسفية منطلقًا لنقد الفلاسفة وتسفيه أقوالهم، الأمر الذي أوقعه في تعميم أحكامه، وتعميم الحكم في أصله خاطئ، لأنه استدل بالخاص على العام، وهذا ليس من المنطق في شيء، وهو الذي ألزم نفسه ابتداءً بمناهج المعلم الأول -أرسطو- في النقد والاعتراض لمذاهبهم.

ولسنا بحاجة لتأكيد أو نفي مآخذ ابن رشد على غريمه الغزالي، فهو ذاته انتقد بعضًا مما ذهب إليه ابن سينا، فخطّأه وانتقده بشدة، لأنه تقوّل على الفلاسفة اليونان ما لم يدّعوه، وأنه أساء فهم بعض مذاهبهم، فأساء بذلك لهم، واعتمد مناهج المتكلمين عوضًا على مناهج الأولين من الفلاسفة. وهذا ما كان ينبغي أن يكون، وعليه فإنه ألحق الضرر الجسيم بالفلسفة والفلاسفة. فالقاضي الفقيه كان منصفًا حينما انتقد الفيلسوف والمتكلم من منطلق التجاوز والخطأ. وعليه لا ينبغي ركوب جريرة ابن سينا في الحكم على الفلاسفة بالتهافت.

ومن إنصاف الحفيد لغريمه؛ لم يتردد في نقد من سبقوه من الفلاسفة والشراح كالفارابي وابن سينا، والإسكندر وثامسطيوس قبلهما، بلهجة لا تخلو من العنف «الفلسفي»، عندما يلاحظ أنهم ارتكبوا أخطاء لا تليق بالعلماء، سواءً في الفهم أو التأويل، ومع ذلك لم ينس أن يعترف لهم بالفضل عليه وعلى غيره. ولم يكن يتردد في الاعتراف بالخطأ إذا تبين له أنه ارتكب خطأ، ولا بالتصريح بالتقصير واحتمال وقوعه في الخطأ، والتنبيه إلى أن رأيه لا يمثل الحقيقة النهائية، طالبًا من قرائه أن يكاتبوه، ويطرحوا ما قد يبدو لهم من شكوك، أو مآخذ على ما قررّه في مسألة من المسائل، وهذا من تواضعه؛ فهو يقول في آخر مقالة «الزاي» من كتابه «شرح ما بعد الطبيعة»، والذي ألّفه في أواخر عمره، بعد ما لا يقل عن أربعين عامًا من البحث والتأليف والتدريس: «هنا انقضت هذه المقالة، وقد بلغت في تفسيرها أقصى ما انتهى إليه جهدي بعد تعب طويل وعناية بالغة. وأنا أقول لمن وقف على تفسيرنا لهذا الكتاب، ما قاله أرسطو في آخر كتاب السفسطة: إنه من وقف على تقصير منّا فيما وضعناه فليعذرنا». وفي «شرح كتاب النفس»، يقول بصدد طبيعة العقل، بعد أن انتهى من مناقشة آراء الشراح السابقين ونقدها: «ولما كان ذلك كما وصفنا، فقد ينبغي أن ندلي هنا برأينا. وإذا كان ما ظهر لي لا يفسر كل شيء فقد يكون منطلقًا لتفسير أكمل. ولهذا أطلب الآن من الأصحاب الذين سيقرؤون هذا الكتاب أن يطرحوا أسئلتهم كتابة، لأنه قد نجد الحقيقة بهذه الطريقة، إذا لم أكن قد صادفتها بعد. وإذا كنت قد صادفتها، كما يخيل إليّ، فإن أسئلتهم ستساعدني على توضيحها أكثر. وكما يقول أرسطو: فالحق يوافق الحق ويشهد له».

ومن تواضع ابن رشد الحفيد اعترافه بأن ما منعه من التأليف في جزئيات الطب (الطب التجريبي)؛ أنه لم يمارس مهنة الطب بما فيه الكفاية، يقول: «وذلك أني لم أزاولها كبير مزاولة، اللهم إلا في نفسي أو في أقرباء لنا أو أصدقاء». أما الطب النظري أو «الكليات» فقد ألف فيه، ليس فقط لكونه درسه في أمهات المراجع، بل أيضًا لأنه كان يمسك بأصوله العلمية، فإن ابن رشد كان بحق أحد أولئك القلائل الذين اقترن لديهم العلم بالفضيلة والتواضع.

ويلتزم ابن رشد بالاعتراف لخصمه فيما يذهب إليه من حقائق؛ فهو في هذا الشأن لا يُماري ولا يعترض على غريمه فيما ذهب إليه بالقول في بعض المسائل، فهو يقبل ما يراه صحيحًا من الأدلة، التي تقدّم بها الغزالي في كتابه، ذاكرًا أنها أدلة الفلاسفة في مذاهبهم، فمثلًا؛ يسلّم للغزالي فيما ذهب إليه من تقدير وتقرير في مسألة الزمان حيث يوافقه الرأي في قوله: «ما هو إلا من عمل الوهم، وليس له وجود بذاته، ولا له وجود خارج النفس»، فيؤيده بالقول إن الزمان «نسبة لاَزمة بالقياس إلينا». فالمتكلم والفيلسوف يتفقان في القول بأن تعدد الأنواع والأجناس يوجب التعدد في العلم، وأن عقلنا الإنساني يستمد علمه من الموجودات الجزئية لأنه «عقل منفعل ومعلول».

ويتفقان كذلك في مسألة علم الله؛ فهو «فعل محض وعلّة؛ فلا يقاس علمه على العلم الإنساني». وأيد ابن رشد الغزالي في القول إن النفس (الروح) لا تفنى بفناء الجسد، وإنما تبقى بعد الموت، مما يؤكد وحدة المعتقد لدى الرجلين رغم الاختلاف الفلسفي، فهما مثلًا يختلفان في مسألة نسبية حركة الأفلاك. وعلى الرغم من اتفاقهما في القول بقدم الله سبحانه وتعالى على العالم ليس تقدمًا زمانيًا، نجدهما يختلفان في نوع هذا التقدم. كما أنهما يختلفان ويفترقان في مسألة قدم أو حدوث العالم وفي غيرها من المسائل.

إن النقد ونقد المخالف الملتزم بآدابه وأطره، هو من أهم وسائل الارتقاء الفكري والبناء الحضاري، والحوار بين الإمامين أو بين الكتابين يمثل في عمقه اختلاف الفيلسوف والمتكلم من خلال مجابهة الرأي بالرأي، ومقارعة الحجة بالحجة حتى أضحى الكتابان في مخيلة المثقف سواء داخل الوطن العربي الإسلامي أو خارجه نموذجان للاتصال الفكري والتكامل المعرفي، فلا يذكر «تهافت التهافت» إلا قُرِن بـ «تهافت التهافت»، فهما قرينان متكاملان، ويمثّلان في العمق قمة الجدل الفكري البنّاء، وليس مجرد مهاترة وسفسطة. فالكتابين في أصلهما مجهود فكري بنّاء بعيد عن طبيعة الجدل العقيم، والنظرة السطحية، والحكم على الناس بمصطلحات مشينة، وصدق الحفيد حين قال «لو سكت الجاهل لقلّ الخلاف». وصدق حين قال أيضًا «الفضيلة علم والرذيلة جهل».

ولا ننكر سلبيات ابن رشد وبعض التجاوزات في حق حجة الإسلام، ولكن نحاول بسط أخلاقيات الرد عند الفيلسوف القاضي الفقيه، ولا نجزم أنه كان مصيبًا في كل ما ذهب إليه، فكم خانه فكره وتمجيده أرسطو فحاد عن الموضوعية، فوقع فيما انتقد فيه الغريم. ونحن في هذا المقام، لا نبرؤ ساحة ابن رشد لأنه أحيانًا خرج عن قواعد وآداب الرد والحوار -قياسًا لمقامه وعلمه- وقد تجاوز في حق فلاسفة الإسلام والمتكلمين بألفاظ غير لائقة ولا مقبولة مثل «الحماقة» و«الرّدة» و«الشرارة» و«الهذيان»، ومع ذلك ظل في كثير مما ذهب إليه ملتزمًا بأخلاق العلماء، وآداب وقواعد النقد والرد والجدل، خلاف ما نعيشه في زماننا؛ بضاعة مزجاة، خلاف كثير، وتعصب مقيت، ففقه العلم يحتاج إلى فقه.

 

المصادر:

  1. أبو حامد الغزالي: تهافت الفلاسفة، تحقيق أحمد شمس الدين، (بيروت: دار الكتب العلمية، د. ت).

2.ابن رشد: تهافت التهافت، تحقيق الأب بويج، (بيروت: 1930).

  1. محمد عابد الجابري: ابن رشد: فكرة وسيرة، دراسة نصوص، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1998).
  2. محمد عابد الجابري: التراث والحداثة، دراسات ومناقشات، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2006).
  3. طه عبدالرحمن: تجديد المنهج في تقويم التراث (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 1994).
  4. محمد يوسف موسى: بين الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط، (القاهرة: مؤسسة هنداوي، 2018).
  5. عائشة يوسف الدوكالي عرعارة: الخطاب الفلسفي بين الغزالي وابن رشد؛ دراسة تحليلية مقارنة، رسالة ماجستير (طرابلس: كلية الآداب بجامعة طرابلس، 2007).
Facebook
X
WhatsApp
Threads
Telegram

عدد التحميلات: 0

د. محمد صابة

الجزائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى