العدد الحاليالعدد رقم 44مراجعات

في العراء: رواية إسبانية عن تبعات الفشل المناخي

الكتاب: “في العراء”

المؤلف: خيسوس كاراسكو

المترجم: مارك جمال

الناشر: منشورات تكوين

سنة النشر: 2021

اللغة: العربية

عدد الصفحات: 219 صفحةيأمل الكثيرون حول العالم، مع تفاقم أزمة التغيّر المناخي، في امتلاك بصيرة ثاقبة تطلعهم على مآلات النظام البيئي، كتلك البصيرة التي امتلكها إله الزمن «كرونوس» في الأسطورة الإغريقية القديمة، وجعلته يلتهم أبنائه عقب ولادتهم؛ خوفًا من أن يطيحوا به إذا كبروا، في لحظة جسدها فنيًا التشكيلي الإسباني «فرانشيسكو غويا» (Francisco Goya) داخل لوحته الشهيرة «زحل يلتهم ابنه»؛ ومن ثم نالت «روايات الخيال المناخي» (Climate Fiction Novels)، المعروفة اختصارًا بـ (cli-fi)، شعبية جارفة في العقد الأخير، وذلك لتقديمها نظرة استباقية لما قد تكون عليه ملامح المستقبل في ظل تفشي الأوبئة والأمراض والانبعاثات الكربونية والجفاف والتلوث وهطول الأمطار الحمضية ونقص المياه والمحاصيل الزراعية وغيره من الأضرار البيئية، وذلك تزامنًا مع توجهات حكومات العالم المختلفة نحو تحقيق مبدأ الاستدامة ومجابهة الاحتباس الحراري، وعليه فقد قدمت تلك الروايات فكر نضالي بسردية أدبية في محاولة للإجابة عن السؤال المُلِحّ: ماذا سيحدث إذا فشلنا مناخيًا؟

بما يفسر الحفاوة التي قُوبِلَت بها رواية «في العراء» للكاتب الإسباني «خيسوس كاراسكو» (Jesús Carrasco) وقت نشرها عام 2013، كأحد روايات الخيال المناخي المحذرة من قرب هلاك البشرية جراء تفاقم الأزمة المناخية؛ إذ نالت الرواية بجانب تقدير القراء عددًا من الجوائز الأدبية المرموقة مثل جائزة الثقافة والفن والأدب الإسبانية وجائزة أوليس وجائزة ماريه الفرنسيتَيْن، كما صُنفت ككتاب العام من قِبل بائعي الكتب في مدريد، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة، وأدرجت الترجمة الهولندية في القائمة المختصرة لجائزة الأدب الأوروبي عام 2014، وصنفتها صحيفة الإندبندنت ضمن قائمة أفضل الكتب المُترجَمة إلى الإنجليزية عام صدورها، وتحولت إلى فيلم سينمائي، وصدرت ترجمتها العربية عن سلسلة مرايا لدار «منشورات تكوين» بالكويت عام 2021، بتوقيع المترجم «مارك جمال».

أدب ما بعد الكارثة في روايات الخيال المناخي

تمتلك رواية «في العراء» خصوصية عميقة ضمن روايات الخيال المناخي، كونها أولى روايات الكاتب الإسباني «خيسوس كاراسكو»، الذي سبق وأنّ عمل صحفيًا ومحررًا أدبيًا، وساهمت في تصنيفه كأحد المدافعين عن القضايا البيئية وتأثيرها الاجتماعي؛ إذ تدور أحداثها داخل بلدة صحراوية فقيرة منكوبة بالقحط، يحكمها المأمور الظالم وأعوانه الأشرار، مع عدم وجود أيّ إشارات تدل على اسم البلدة أو مكانها على الخريطة أو زمن وقوع الأحداث فيها، بشكل يجعل القارئ يصُبّ كامل تركيزه على آثار الكارثة المناخية التي ضربت البلدة، ويفكر في قابليتها للوقوع داخل أي مكان في العالم، جراء تنامي الفوضى الصناعية وآثارها التخريبية على البيئة، وكأنّ الرواية تذكرنا بالمقولة التحذيرية للكاتب «جون ماي»: «عندما تُقطع آخر شجرة، وتُقتل آخر سمكة، وتُسمم آخر نهر، سترى أنه لا يمكنك أكل المال».

إذ تبدأ أحداث الرواية بهروب صبي، لا نعرف اسمه أو سنّه أو تاريخه السابق، من بلدته المنكوبة إلى العراء وسط السهول، ويلاحقه جماعة أشرار بنية قتله لأسباب مجهولة وقعت في ماضٍ غامض لا نعرف تفاصيله، مع التلميح بحدوث فاجعة مناخية لا نعرف أبعادها، لنجد أن الأحداث قفزت إلى اللحظة التالية لوقوع الكارثة، كشأن معظم روايات الخيال المناخي المكتوبة وفقًا لنمط «أدب ما بعد الكارثة» (Post-Apocalyptic Fiction)، وهو تصنيف أدبي يقع ضمن أدب الخيال العلمي أو الديستوبيا (Dystopian)، ويركز على تصوير العالم بعد وقوع كارثة مدمرة، قد تكون طبيعية، مثل: الزلازل أو الأوبئة، أو من صنع البشر، مثل: الحروب النووية أو تغيّر المناخ، فتجمع الروايات المكتوبة وفقًا لهذا التصنيف الأدبي ما بين الترفيه والتحذير والتنبؤات بقرب بزوغ عالَمٍ جديد لم نعهده من قبل، حال لم نتعلم من أخطائنا الحالية.

يقرر الكاتب بداية من الجملة الافتتاحية إيقاع القارئ سريعًا في حبائل الخوف والتوتر، بما يتناسب مع جو الغموض المسيطر على خلفية الأحداث، فيقول على لسان الراوي: «من موقعه في حفرة الوحل، سمع صدى الأصوات التي راحت تناديه، فسعى إلى تحديد موقع كل رجلٍ في حدود بستان الزيتون، وكأنه يحدد مواقع الزيزان»؛ مما يجعل القارئ يشتبك سريعًا مع الخطر المجهول الذي يواجهه الصبي الشريد، وجعله يختار السهل القاحل ملاذًا آمنًا، ليختبئ فيه تارة بين التخوم وتارة بين النباتات اليابسة، ويقضي القيلولة تحت ظلال الأشجار، ويتلحف العراء في ظلام الليل.

«أمضى الطفل البقية الباقية من النهار تحت ظلًّ هزيل ألقَت به شجرة لوز ذابلة، فريدة من نوعها في ذلك المكان، قائمة على الخطّ العتيق الفاصل بين أرضَيْن، ذلك الخطّ الذي رسمَتم المحاريث المارّة على الجانبَيْن».

ونستنتج من الأوقات العصيبة التي قضاها الصبي في التنقل وحيدًا شريدًا، يصارع الجوع والعطش تحت أشعة الشمس الحارقة داخل أراضي السهل اللامتناهية، أنه طفلًا بلغ سنّ التمييز، ويظهر ذلك جليًا في حساباته العقلية للزمن والأساليب التي اتبعها في التخفي، وقدرته على الاسترشاد بالنجوم كأنه بحارًا ماهرًا يجيد فنون الملاحة وسط الأمواج العاتية، فيصفّه الراوي بأنه: «كان قادرًا على تمييز درب التبانة، وكوكبة ذات الكرسي التي تشبه حرف الـW، وكوكبة الدبّ الأكبر. هكذا حدَّد موقع النجم القطبي، وإليه وجَّه خطواته» بل أن الصبي كان ضمن الصفوف المدرسية في بلدته، لنفاجأ بأنه: «تذكّر مجسّم الكرة الأرضيّة المصنوع من الورق المقوّى في مدرسته، تلك الكرة الضخمة الّتي تكاد لا تستقرّ مكانَها من فرط ما يترنّحُ الحامل الخشبيّ».

يصادف الصبي أثناء تجوله في السهل القاحل مُتجهًا صوب جبال الشمال الآمنة راعي أغنام كهل، لا نعرف اسمه أو تاريخه السابق أو سبب تواجده في المكان المُقْفِر، غير أنه يقرر منذ اللحظة الأولى مساعدة الصبي الشريد بمهارة فائقة ومن دون سؤاله عن سرّه الغامض، وكأنه يتبع الحكمة الصينية القديمة: «عند هبوب العاصفة، يتعرّف البحّارة الماهرون على بعضهم»، لتبدأ رحلة الثنائي «الصبي والكهل» داخل الأرض القاحلة، حيث شح المأكل والمشرب تحت لهيب أشعة الشمس وسط أهوال البحث عن سُبل للنجاة.

الأب المفقود والفارس الأبيض

يمكننا مقارنة رواية «في العراء» على عدة روايات، فنجد أن الإطار العام للقصة يذكرنا برواية «الشيخ والبحر» للكاتب «إرنست همنغواي»، في استخدام ثنائية «الكهل والصبي»، ورفقة الدرب بينهما وسط العثرات القاسية، والصراع القائم بين البشر وقوى الطبيعة، ورفض الاستسلام تحت وطأة المعاناة، أمّا إذا تعمقنا أكثر داخل المأساة ستقفز إلى أذهاننا المقارنة مع رواية «الأشباح» للكاتب الروسي «أندريه بلاتونوف»، وذلك لاشتراكهما في أجواء الكآبة جراء عناد الطبيعة، والكفاح من أجل البقاء داخل مكان سيؤول مصيره الحتمي إلى الهلاك، في حين أن المقارنة الأدق يجب أن تكون مع رواية «الطريق» للكاتب البريطاني «كورماك مكارثي»، فكلاهما يمتلك نفس عناصر البناء: ثنائية «الكهل والصبي»، اللذان يصارعان من أجل البقاء، في مواجهة كارثة مناخية مجهولة الأبعاد، لكن الفارق هنا أن الكاتب «خيسوس كاراسكو» لجأ في روايته «في العراء» إلى خلط المأساة الإنسانية مع عقلانية الفلسفة مستخدمًا الرمزيات؛ فيرمز الصبي الشريد إلى البراءة الإنسانية  التي تصارع من أجل البقاء، بينما يرمز الراعي الكهل إلى الخبرة والحكمة التي تدعم الإنسان في مواجهة صعوبات الحياة، بينما ترمز الصحراء إلى العالم الموحش، ما يطرح أسئلة وجودية عن معنى الحياة والبقاء، وينقلنا إلى مستوى أكثر عمقًا بإثارة أفكار حول العناية الإلهية.

فيقدم الكاتب رؤيته لفكرة المخلِّص أو المنقذ، عبر التوظيف الأدبي لما يُعرف في علم النفس بـ«متلازمة الفارس الأبيض» (The White Knight Syndrome)، الذي يظهر فجأة لنجدة شخص ما يتعرض للخطر، مع استغلال حبكة السرّ الغامض وراء هروب الصبي وملاحقة الأشرار له؛ في الوقت الذي يحل فيه الراعي الكهل أو الفارس الأبيض محل الأب كحامي وداعم للصبي، مع التزام الراعي بالصمت أغلب الوقت بصورة اكسبته هالة شديدة الوقار كأنه «الملاك الحارس» للصبي أثناء رحلته القاسية، بالإضافة إلى توظيف فكرة الأب المفقود بتغييب سيرة والد الصبي الشريد عن الأحداث تمامًا، فلا يأتي ذكر الأب داخل الرواية إلا في مواضع نادرة، في إشارة إلى انعدام دوره وتخليه عن صورته النمطية كرَّب للأسرة يسعى لتأمين احتياجاتها الأساسية.

«راح الطفل يتأمَّل تاج النخلة الساكنة تحت السماء الزرقاء، مُتسائلًا عن حاجة أبيه إلى مُراكَمة الماء. فكَّر أنه ربما كان يكنزها لبيعها غاليةً كالذهب يومَ تنقطع مياه الصنبور. لعلَّه أراد أن يشمل أسرته بالحماية في حال ضرَب الجفافُ الشديد مرة أخرى، فيغدو آخر الرجال الراحلين عن القرية».

مما يستدعي أفكار مؤسس علم النفس الحديث «سيغموند فرويد»، الواردة ضمن مؤلفاته «قلق في الحضارة» و«موسى والتوحيد»، والتي ربطت بين مفهوم الرَّب في اللاوعي لدى الأطفال وبين صورة الأب كرَّب للأسرة، ويضع القارئ أمام توظيف أدبي للجدال الفرويدي القائل بأن نمط الأب المفقود -جسديًا أو نفسيًا- في حياة الأبناء قد يدفعهم نحو التمرد بهدف إسكات الصراع داخلهم، بما يفسر دوافع لجؤ الصبي للهرب كحلًا تبدأ بعده أحداث الرواية.

«تساءل عما إذا كان بمقدوره الصفح في تلك الحالة، تساءل عما إذا كانت الشعلة التي أحرقَت نفسه من الداخل سوف تستمرّ في التوهّج حتى بعد أن يعبر القطب المُتجمِّد، والغابات الموحشـة، وصحراوات أخرى».

الكارثة المناخية بعيون الطفل

إن أهم ما يميز رواية «في العراء» كأحد روايات «أدب ما بعد الكارثة»، ليس التساؤل عن مصير البشرية إذا حلّت كارثة مناخية تُدمَّر كل شيء فحسب، بل سعيها لتقفي أثر الكارثة على مصائر الأطفال المستضعفون المهمشون مجتمعيًا وروائيًا؛ فبعيدًا عن فرع «أدب الطفل والنشء» فقد ظل الطفل مهمشًا وغير مرئيًا في أغلب المعالجات الروائية طوال تاريخ الأدب العالمي؛ إذ تتيح رواية «في العراء» النظر بطريقة مختلفة إلى الطفولة كمرحلة عمرية جوهرية نابضة بالحياة في قلب البشرية، على غرار رأي الشاعر الإنجليزي «وليام وردزورث» (William Wordsworth) في قصيدته الشهيرة «المقدمة»، عندما أكد على أولوية مرحلة الطفولة في التجربة الإنسانية عبر تأسيسها علاقة البشر مع الطبيعة والعالم بأكمله، فما بالنا هنا إذا كان الأطفال هم الأقل مسؤولية عن وقوع الكارثة المناخية، إلا أنهم يتحملون العبء الأكبر من تأثيرها، وذلك وفقًا لتقرير اليونيسف عام 2021 والذي أكد على إن  المخاطر المناخية والبيئية لها آثار مدمرة على رفاه 920 مليون طفل حول العالم، فأكثر من ثلث أطفال العالم معرضون بشدة لندرة المياه.

«إذا تحملت مسؤولياتك، فسوف تستطيع عند لحظة وقوعك في خطأ أن تقول: حسنًا كانت هذه غلطتي، بدلًا من القول: حسنًا كانت هذه غلطة الآخـر أو كان سببها كذا وكذا. كلما تحملت المسؤولية أكثر، كلما قل خوفك. وهذا يجعلك إنسانًا حرًا».

فنجد الرواية تصوّر تبعات القحط كأكثر الكوارث المناخية بشاعة، لكن عبر عدسة مكبرة ترصد التفاصيل بعيون الطفل ومن موقعه داخل المأساة، وامتلاكه ذهنية الصغار البعيدة عن قواعد التفكير المنطقي التي يعرفها الكبار، فالطفل يفكر بمحدودية البراءة أولًا ثم ينفذ ما يريد فعله وبعدها يبصر أبعاد ما يدور حوله، وكأنه يطبق منهجية «بيكاسو» حينما قال: «أنا أرسم الأشياء كما أفكر فيها لا كما أراها»؛ بما يفسر لجوء الصبي الشريد إلى الهرب دون تخطيط أو دراسة مسبقة لعواقب قراره، فبعد هبوب الزوبعة الغامضة التي لم تُبقِ ولم تذر في كأسه شيئًا، اختار العراء ملاذًا آمنًا، مدفوعًا بمشاعر الغضب من الحدث المجهول في حياته العائلية، ورغبته في التعبير عن ذاته بحرية واستقلالية، مسقطًا مخاطر الرحلة من تفكيره.

«لم يكُن قد أعدّ العدّة للرحيل في واقع الأمر. كل ما هنالك أن قطرةً سقطت في الكأس يومًا، ففاضَت الكأس. ومن تلك اللحظة فصاعدًا، لاحَت فكرةُ الهرب في نفسه، وباتَت أملًا لا غنى عنه لاحتمال جحيم الصمت الذي عاش فيه».

الاستبطان النفسي وتغييب الحوار

تمر أحداث رواية «في العراء» للكاتب الإسباني «خيسوس كاراسكو» بتتابع بطيء الإيقاع قد يشعر معه القارئ بشيء من الملل في البداية، فلا يوجد حدث أو فعل، وإنما يسود الاستبطان النفسي على الفعل كصدى الصوت، غير أن الكاتب لجأ إلى استخدام الأسلوب التجريبي، مستغنيًا عن وجود أسماء لأبطال حكايته أو إقحام المزيد من الشخصيات داخل القصة، مكتفيًا ببطلّي الرواية فقط، معتمدًا على الغموض وحبكة السر المجهول لدفع الملل، كما ركز على السرد وزخم وصف طبيعة المكان، مع براعة الكاتب في توظيف لغة شاعرية ذات نغمة موسيقية، زُينت بالاستعارات المتأملة في جمال الطبيعة، ساهمت في جعل مشاهد الرواية لوحة بصرية مرسومة بالكلمات، على نحو عمق الإحساس بالخوف والوحدة داخل السهل المُقْفِر، مما جعل المكان قوة حاضرة في السرد، تفرض وجودها وتؤثر على سير الأحداث.

«بدَت السّماء بلونٍ أزرق في منتهى الدكنة. بينما تراءت النجوم في الأعالي وكأنّها ترصِّع كرة شفّافة. وأمامَ عَيني الصّبي، أزاحَ السّهل عن كاهلِه ذلك الشقاء الذي ما برحت الشمس تذيقه إياه طوال النهار، مطلقًا رائحة الأرض المحترقة والعشب اليابس».

استعان الكاتب بتغييب الحوار بين الشخصيات، مستعينًا بأسلوب الراوي العليم ببواطن الشخصيات ومصائرهم، مما سمح له بالابتعاد عن إصدار الأحكام الشخصية على لسان بطلّي القصة، والاكتفاء بدور المراقب المتابع للأحداث عن بُعد، مما سمح له بالتركيز على تمرير أفكاره الفلسفية عن المأساة المناخية بلغة شاعرية مليئة بالاستعارات.

«كان التسلّط محفورًا في جوف البرميل الخشبي، كجرح مفتوح تعلق به حزم الطحالب اللزجة، كعلامة خفية، أو شفرة مستغلقة. كان ذلك الشقُّ كخنجر يطِلّ من جوف البرميل، مسلَّطًا على عنق الأم دون سواها».

وتجدر الإشارة إلى أن الكاتب لم ينعمس في المأساة إلى حد السوداوية، فكلما ضاقت جعل الأمل في نزول رحمة السماء يبرق مرة تلو أخرى، لتنتهي الأحداث مع الجملة الختامية: «وهناك بقي ما استمرّ المطر في الهطول، يتأمَّـل كيف يرخي الرَّب أوتار عذابه المشدودة حينًا»، بعدما جاءت النهاية بعيدًا عن شعبية سيناريوهات الهلاك الهوليودي.

وهكذا، استغل الكاتب الخيال الأدبي لتقديم تأمل فلسفي في الطبيعة البشرية عند مواجهة الظروف القاسية، لفت فيه الانتباه إلى ضرورة إدراك أبعاد الأزمة البيئية، حال أراد القارئ فهم ماهية الكارثة المناخية وآثارها التخريبية التي تنتظر البشرية.

Facebook
X
WhatsApp
Threads
Telegram

عدد التحميلات: 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى