
انثروبولوجيا الخيال رحلة في متاهات الخيال الإنساني
«الخيال أهم من المعرفة، فهو رؤية مسبقة لجاذبيات الحياة المستقبلية». (ألبرت أينشتاين)
«الإنسان عندما يسمع عن شيء لا يعرفه يحتاج إلى نقطة يبدأ منها بالتخيُّل، فالخيال لا ينشط من الفراغ» (عبد الله بن بخيت، مذكرات منسية).
”لا شيء أكثر حرية من خيال الإنسان، وعلى الرغم من أنه لا يمكنه تجاوز ذلك المخزون الأصلي من الأفكار الذي تقدمه الحواس الداخلية والخارجية، فإن لديه قوة غير محدودة على خلط هذه الأفكار، وتركيبها، وفصلها، وتقسيمها، في جميع أصناف التخيل والتصور“ (جينيفر جوزيتي فيرينسي: الخيال؛ مقدمة قصيرة جدًا، ص50).
”إن قدرة البشر على التخيل تقريبًا غير محدودة، إذ من خلاله يمكننا التفاعل عقليًا مع الأفكار دون التقيد بقيود الواقع. وتسمح ممارسة الخيال بالهروب من حياتنا العادية دون أن نغادرها. ومع ذلك، يغدق الخيال أيضًا على حياتنا الإمكانيات. ففي حين لا يمكننا التدخل في الواقع ببساطة عن طريق تخيله بشكل مختلف، يمكننا النظر إليه في شكل جديد. إذ يمكننا تجاوز القيود الراهنة وتغيير الأحوال القائمة ونحن معزَّزون بالخيال“ (جينيفر جوزيتي فيرينسي: الخيال؛ مقدمة قصيرة جدًا، ص9).
يهدف هذا المقال – من منظور انثروبولوجي – إلى معرفة دور الخيال الإنساني في تشكيل تجربتنا الذاتية، والاجتماعية، والعلمية، وخطوط التماس بين الخيال والواقع. بالإضافة إلى توضيح مفهومي الخيال وانثروبولوجيا الخيال، وتبيان الكيفية التي يرتبط من خلالها الخيال بالواقع الاجتماعي عبر مفهوم التخيّلات الاجتماعية، ثم تتبع مسار تطور الخيال الإنساني في العصور القديمة والوسطى، وعصر النهضة والتنوير، وصولًا إلى الرومانتيكية والسريالية والحداثة والمعاصرة. وفي الختام، حاول المقال تقديم تحليلًا مهمًا لدور الخيال في تشكيل البناء الاجتماعي ومؤسساته، وأثره في تقدم وتطور العلوم والأبحاث التطبيقية.
المقدمة:
في السرد الانثروبولوجي هناك بوح مع النفس ومناجاة، وتخيل عوالم من الهواجس والأفكار المتمردة على العقل، أو تفرد حسي وانطولوجي بعيدًا هناك، في مكان ما من الذهن البشري، حيث الذات وهي تتصارع مع الكائنات المتخيلة، فالصورة المتخيلة ليست شرطًا أن تكون متخيلة بالكامل، فربما هي واقعية مئة بالمئة، ولكن بأسلوب يراد منه أن يكون متخيلًا، إنها “انثروبولوجيا الخيال”. الذي أبدع فيها الانثروبولوجي الفرنسي جيلبير دوران Gilbert Durand (1921–2012)، والتي تمثل إعادة اعتبار جذري للقيمة المعرفية والعلمية للخيال، وهي تصور يقود الى الأخذ بعين الاعتبار مجموعة متنوعة ومختلفة من المناطق الروحية والنفسية والذهنية، التي كانت معزولة في العقلانية الأوروبية الضيقة، مثل الأساطير والأفكار قبل المنطقية والخواطر البدائية. بالمقابل سيطر الغموض الشديد على استخدام التعابير الخاصة بالخيال وربما يتعين الافتراض أن حالة كهذه نشأت عن الانتقاص الشديد الذي أصاب المخيلة، التخيل (الفانتازيا)، في الفكر الغربي والعصور الكلاسيكية القديمة. وتنبثق قيمة وأهمية هذه المحاولة الانثروبولوجية في كونها تسمح للباحث المهتم بتأويل الثقافات أن يسبر أغوار الرمزية والخيال، بمظاهره المختلفة، وفق أسس منهجية علمية ونظرية فلسفية عميقة.
تعتبر انثروبولوجيا الخيال إحدى الحقول الحديثة نسبيًا في الانثروبولوجيا الثقافية، التي تبحث في كيفية استخدام البشر للخيال كأداة جوهرية لفهم العالم، وبناء الهويات، وتشكيل الواقع الاجتماعي. ولا يقتصر الخيال هنا على كونه نشاطًا فرديًا أو هروبًا من الحياة اليومية، بل ينظر إليه كقوة جماعية فاعلة تنتج رموزًا، سرديات، وعوالم افتراضية تؤثر بشكل عميق في السلوكيات، العلاقات، والأنظمة الثقافية.
بذلك تسعى انثروبولوجيا الخيال إلى دراسة القدرة البشرية على توليد وتمثيل العوالم الممكنة من خلال الممارسات الثقافية والأساطير والرموز المشتركة ضمن المجتمع، باعتباره (الخيال) أحد أهم الآليات لفهم الواقع الاجتماعي وصياغة المستقبل عبر عمليات التخيّل الجمعي. كما يستخدم الباحثون الانثروبولوجيون مفاهيم عديدة منها “التخيلات الاجتماعية” لتحليل كيفية إنتاج القيم والمؤسسات والأساطير التي تنظم توقعات الأفراد وتوجه سلوكهم الجمعي من خلال الدراسات الإثنوغرافية الميدانية، مع التركيز على كيفية إعادة إنتاج ومعايير المعاني الرمزية عبر الأجيال المتتالية. وهكذا تشكل انثروبولوجيا الخيال إطارًا معرفيًا لفهم كيفية استخدام المجتمعات الخيال كوسيط لتثبيت الهويات وبناء مشاريع مستقبلية، مما يجعلها تخصصًا حيويًا لفهم التحولات الاجتماعية والثقافية المعاصرة.
منهجيًا، تعتمد انثروبولوجيا الخيال على مجموعة متنوعة من المناهج البحثية، حيث تعتبر الإثنوغرافيا المنهج الأساسي. من خلال الملاحظة بالمشاركة والمقابلات المتعمقة، حيث يسعى علماء الانثروبولوجيا إلى فهم كيف يعيش الناس خيالهم ويعبرون عنه في سياقات ثقافية محددة. ويتم أيضًا استخدام تحليل الخطاب لفحص كيف يتم بناء الخيال والتعبير عنه من خلال اللغة والروايات والرموز الثقافية. بالإضافة إلى ذلك، تستكشف الانثروبولوجيا الحسية كيف يتشابك الخيال مع الإدراك الحسي والذاكرة والحواس في تشكيل التجربة الإنسانية. وأخيرًا، يتيح منهج التحليل المقارن للباحثين تحديد الأنماط العالمية والخصوصيات الثقافية في التعبيرات والمفاهيم الخيالية عبر ثقافات مختلفة.
حول مفهوم الخيال وانثروبولوجيا الخيال:
يشهد مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية اهتمامًا متزايدًا بدراسة الخيال، باعتباره قوة محركة للفكر والسلوك الإنساني. ومع ذلك، فإن دوره وتأثيره في الانثروبولوجيا لا يزال قيد الاستكشاف والتوسع. تقليديًا، ركزت الانثروبولوجيا على دراسة البنى الاجتماعية والثقافية والمادية للمجتمعات، لكن هناك إدراكًا متزايدًا بأن الخيال يلعب دورًا حاسمًا في تشكيل هذه الجوانب وفي فهم التنوع الثقافي الغني الذي يميز البشر. إن إعادة تصور الانثروبولوجيا تتطلب منا استخدام الخيال كأداة منهجية وكهدف للدراسة، مما يتيح لنا تجاوز الانقسامات بين المقاربات الاجتماعية، والمادية، والبيولوجية. هذا التحول يعكس وعيًا متزايدًا بأن الخيال ليس مجرد عملية ذهنية فردية، بل هو نشاط اجتماعي وثقافي متشابك مع الممارسات اليومية وبناء الهويات.
كما تبرز أهمية دراسة الخيال من منظور انثروبولوجي في قدرتها على توفير فهم أعمق للتنوع الثقافي الهائل الذي يميز المجتمعات الإنسانية. فالخيال يشكل الطريقة التي يفهم بها الناس عالمهم، وكيف يعبرون عن أنفسهم، وكيف يتفاعلون مع الآخرين. من خلال استكشاف كيف يتم تصور الخيال والتعبير عنه في ثقافات مختلفة، يمكن للانثروبولوجيا أن تكشف عن الأسس المعرفية والاجتماعية التي تقوم عليها الممارسات الثقافية والمعتقدات والقيم. علاوة على ذلك، يلعب الخيال دورًا محوريًا في بناء الهويات الفردية والجماعية، خاصة في سياق العولمة والتحولات الاجتماعية السريعة.
في واقع الأمر، يفتقر مجال انثروبولوجيا الخيال إلى تعريف واضح وموحد، على الرغم من الاستخدام المتزايد لهذا المصطلح ومشتقاته في الأدبيات الأكاديمية. ومع ذلك، يمكن تتبع مجموعة من التعاريف والمفاهيم الأساسية التي تسعى إلى تحديد طبيعة الخيال ودوره من منظور انثروبولوجي.
ويشير مفهوم انثروبولوجيا الخيال إلى القدرة على رؤية العالم من خلال عيون ثقافة أخرى. هذا لا يشمل مجرد مراقبة ممارسات ثقافة ما، بل يتضمن أيضًا فهم المعاني الكامنة وراء تلك الممارسات ورموزها. تتطلب هذه العملية نهجًا إبداعيًا وخياليًا لتفسير الظواهر الثقافية، واستعدادًا فهم جوهر التحيزات الثقافية الخاصة بجماعة ما من أجل تقدير تعقيد وثراء الثقافات الأخرى.
ويؤكد كليفورد غيرتز (عالم انثروبولوجي أمريكي) على أن الانثروبولوجيا ليست مجرد علم، بل هي أيضًا فن. يجب على علماء الانثروبولوجيا ألا يكتفوا بجمع البيانات، بل يجب عليهم أيضًا استخدام خيالهم لتفسير هذه البيانات وفهمها. وهذا يشمل رؤية العالم كمجموعة من الرموز، وفهم كيفية استخدام هذه الرموز من قبل ثقافات مختلفة. ومن ناحية أخرى، يرى جان بول سارتر (فيلسوف وجودي فرنسي) أن الخيال مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحرية الوجودية، فالخيال هو القدرة الإنسانية على تكوين تمثيلات ذهنية للعالم تختلف عن الواقع كما هو متصور، مما يمنح الإنسان القدرة على تجاوز الواقع المادي. كما يمكننا اعتبار الخيال “قدرة فردية مجسّدة، متعالية وجوديًا (بخلاف الجسد)، والتي تؤثر على العالم المادي”. هذا التفسير في جوهره يسلط الضوء على جانب الفاعلية الفردية للخيال وممارسته التي تحدث جنبًا إلى جنب مع الآخرين.
كما يعتقد أرجون أبادوراي (عالم انثروبولوجيا هندي أمريكي) على أن الخيال قد أصبح ممارسة اجتماعية منظمة، وشكلًا من أشكال العمل، ووسيلة للتفاوض بين مواقع الفاعلية والحقول العالمية للإمكانيات. في هذا السياق، لم يعد الخيال مجرد وهم أو هروب من الواقع، بل أصبح مكونًا أساسيًا في النظام العالمي الجديد، ومرتبطًا بجميع أشكال الفاعلية. بذلك يمكن فهم الخيال مبدئيًا من منظور انثروبولوجي على أنه القدرة الإنسانية الأساسية على إعادة إنشاء ما ليس حاضرًا ماديًا، والعملية الإبداعية للتخيل نفسها، والمنتجات الفردية والاجتماعية لهذه العملية. بناءً على ما سبق يطرح المقال علينا التساؤل الرئيس التالي: ما الخيال؟ ما هو موضوع انثروبولوجيا الخيال؟
يُعرّف الخيال لغويًا في اللغة العربية كمفهوم يشير إلى ما يتشبّه للإنسان في اليقظة والمنام من صور وأطياف، وقد ورد في المعاجم القديمة على أنه “ما تشبَّه لك في اليقظة والمنام من صورة” مشيرًا إلى الصور الذهنية التي تستحضرها النفس بلا وجود خارجي فعلي أو هو إحدى قوى العقل التي يُتخيّل بها الأشياء أثناء غيابها، قوة باطنية قادرة على الخلق والابتكار. أما فلسفيًا، فيعرفه الفلاسفة بأنه “تمثيل للاحتمالات دون الإيهام بأنها واقعية”، وحالة ذهنية شبه حميمة تسمح لنا بالنظر بعيدًا عن الواقع الحالي. وتعرّف موسوعة ستانفورد الفلسفية بأنه تمثيل للأشياء دون أن يهدف إلى تصويرها كما هي فعليًا في الواقع الحاضر، مميزةً إياه عن الإدراك والاعتقاد. وتنظر روتليدج البريطانية إلى الخيال كحالة ذهنية افتراضية تمكننا من تصور مواقف وأزمنة لا تتطابق مع الحاضر الفعلي، مما يؤكد دوره المركزي في الفلسفة الغربية عبر تاريخها. نفسيًا (سيكولوجيًا)، يُنظر إلى الخيال أو (الفانتازيا) على أنه “مجموعة من التجارب العقلية التي تعبّر عن رغبات غير محققة عبر صور عقلية حية”، وهو كذلك “العملية التي تنشأ فيها أفكار جديدة لا يمكن تفسيرها بمجرد تركيب الأفكار القائمة”. وتشير الأدبيات السيكولوجية إلى وجود نوعين رئيسيين من الخيال: خيال الذاكرة أي استدعاء أحداث ماضية وتوظيفها في بنى ذهنية جديدة، وأحلام اليقظة التي تتسم بكونها بعيدة عن الواقع وتعبر غالبًا عن آمال وأمنيات غير محققة. ويعرف قاموس الجمعية الأمريكية لعلم النفس الخيال بأنه القدرة التي تظهر من خلالها أفكار جديدة وغير مألوفة، خاصةً عندما يكون ظهورها غير مفسر بمجرد تركيبة الأفكار السابقة. اجتماعيًا، يُطلق على قدرة الأفراد ربط تجاربهم الشخصية بالسياق الاجتماعي الأوسع مصطلح “الخيال الاجتماعي”، وهو إطار لفهم كيف تشكّل القوى البنيوية التاريخية تجاربنا الفردية. كما أن الخيال الاجتماعي هو القدرة على ربط التحديات الشخصية بالقضايا الاجتماعية الكبرى، ما يتيح فهمًا أعمق للتجارب الفردية. وينطبق هذا المفهوم على رصد العلاقات بين الأفراد والمؤسسات والقيم المجتمعية، حيث يستخدم لتفسير كيف تشكّل البنى الاجتماعية خياراتنا الفردية. كما يؤكد الإعلام الاجتماعي أن الخيال الاجتماعي يُمكن الأفراد من التفكير المنهجي في القضايا المشتركة مثل الجوع والفقر، وربطها بالسياق التاريخي الأوسع. ثقافيًا، يشير إلى دور الثقافة في تشكيل وتوجيه الخيال الفردي والجماعي. فالثقافة، بما تشمله من اللغة والقصص والمعتقدات والقيم، توفر الإطار الرمزي الذي يعمل من خلاله الخيال. على سبيل المثال، القصص التأسيسية والأساطير الكبرى لشعب ما تشكل فهمهم لذاتهم وأصولهم ومصيرهم، وبالتالي تضفي الشرعية المطلقة على مجتمعهم. اللغة، باعتبارها نظامًا من الرموز التقليدية، ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي أيضًا وسيلة لبناء الواقع الاجتماعي وإدراكه. ومن خلال اللغة والثقافة بشكل عام، يخلق البشر ويعيدون خلق عوالمهم الاجتماعية ويبنون واقعهم الاجتماعي. ماديًا، يركز هذا المفهوم على الروابط العميقة بين الخيال والإبداع والمادة. بدلًا من النظر إلى الخيال كعملية ذهنية مجردة ومنفصلة عن العالم المادي، يؤكد هذا المنظور على أن الخيال متأصل في المادة ويتشكل من خلال تفاعلاتنا مع الأشياء. إن الفعل الإبداعي، سواء كان ذلك في الفن أو الحرف أو التكنولوجيا، يتضمن دائمًا تفاعلًا بين التصور الذهني والقيود والإمكانيات المادية. على سبيل المثال، يمكن رؤية الخيال المادي في كيفية استخدام المهندسين المعماريين لخيالهم لتصميم المباني والهياكل، مع الأخذ في الاعتبار المواد المتاحة والقيود الهندسية.
بناءً على ما سبق سنقوم بتفكيك مفهوم الخيال وانثروبولوجيا الخيال. يُعرّف مفهوم الخيال بأنه القدرة البشرية المشتركة على إنتاج تمثلات ذهنية للواقع والاحتمالات، تجمع بين المخيلة الفردية والبنى الثقافية والاجتماعية، وتعتبر آلية مركزية للإبداع والنقد والتخطيط المستقبلي. أو هو القدرة البشرية على إنتاج تمثلات ذهنية للأشياء والظواهر والأزمنة والاحتمالات الغائبة عن الإدراك الحسي المباشر، ضمن إطار يجمع بين المخيلة الفردية والرموز الثقافية والاجتماعية، ويدعم الإبداع والتفكير النقدي والتخطيط المستقبلي، متميزًا عن الإدراك والحقيقة الملموسة، ومترابطًا بأسس بيولوجية، وفلسفية، ونفسية، واجتماعية. أو هو أحد أنشطة الوعي – سواء كان موجهًا عن عمد أو مُعاشًا كتجربة سلبية – الذي يقدم صورًا أو أفكارًا لما هو ليس ظاهرًا مباشرة في الإدراك، وقد يحدث بها تغييرًا. وقد يحدث هذا التقديم والتغيير في الذهن فقط، أو عبر الإبداع المادي أو اللغوي أيضًا.
في الانثروبولوجيا، يُنظر إلى الخيال على أنه قدرة تمكن الأفراد والجماعات من بناء سرديات ثقافية حول الماضي والحاضر والمستقبل، رموز معتمدةً على وأساطير مشتركة. كما يمثل الخيال خطوةً مركزيةً في الابتكار الإنساني والتخطيط المستقبلي، عبر إمكانية تخيّل بدائل للواقع القائم قبل حدوثها فعليًا. يركز البحث الانثروبولوجي المعاصر على المنهج الإثنوغرافي الذي يستكشف الطقوس والقصص والأساطير بوصفها ممارسات خيالية تصنع الواقع الاجتماعي. ويمكننا تعريف انثروبولوجيا الخيال Anthropology of Imagination بأنها مجال انثروبولوجي يدرس دور الخيال الإنساني في تشكيل الثقافات والمجتمعات، وكيفية استخدام الأفراد والجماعات للصور الذهنية، والقصص، والرموز، والأساطير لبناء واقعهم الاجتماعي والثقافي. كما يركز هذا الحقل على فهم كيف تُنتج “العوالم التخيلية” المشتركة (مثل الأساطير، المعتقدات الدينية، الفنون، وحتى التصورات المستقبلية) وتؤثر في الممارسات اليومية، الهويات، والعلاقات الاجتماعية. وتنحصر أبعادها الرئيسية في دراسة كيف تُبنى “التخيلات المشتركة” داخل الجماعة (كالأفكار عن العدالة الطوباوية، الجمال، أو الهوية الوطنية) وتصبح جزءًا من البنية الثقافية مثل الأساطير التأسيسية لأمة ما أو الرموز الدينية المشتركة. وتحليل دور الخيال في تحفيز التحولات الاجتماعية (مثل الحركات الثورية أو مشاريع التحديث) من خلال تصور بدائل للواقع القائم باعتبار التخيل أداة للتغيير. بالإضافة إلى دراسة كيفية استخدام الرموز (في الطقوس، الفنون، أو اللغة) لنقل معان تخيلية تعزز التماسك الاجتماعي أو تبرر مشروعية السلطة في الواقع الاجتماعي. وفي سياق التفاعل بين الواقع والخيال بهدف استكشاف الحدود الضبابية بين ما هو “حقيقي” وما هو “تخيلي” في الممارسات الثقافية مثل تأثير أفلام السينما (الخيال العلمي) أو الأدب على تصورات الناس عن التاريخ أو المستقبل. وأخيرًا كيف تستخدم الجماعات المهمشة الخيال لخلق سرديات مضادة أو لإعادة تعريف هويتها في مواجهة الهيمنة الثقافية.
يتجسّد ربط الخيال بالواقع الاجتماعي عبر التخيلات الاجتماعية التي تشكل الإطار الرمزي والقيمي للمجتمع، إذ يتيح الخيال صياغة الصور والرموز والسرديات المشتركة التي تنظم توقعات الأفراد وتوجه سلوكهم في إطار مؤسساتي وثقافي محدد. ومن منظور الخيال الاجتماعي (Sociological Imagination)، يربط الخيال خبرات الأفراد الشخصية بالبنى الاجتماعية الأوسع، مما يمكننا من فهم كيف تتولد المشكلات الفردية من السياقات البنائية المختلفة والتأثير عليها. ويقدم شارلز تايلور (فيلسوف كندي) مفهوم “الخيال الاجتماعي” كإطار لفهم كيف يتخيل الناس بشكل جماعي حياتهم الاجتماعية. ويرى تايلور أن الخيال الاجتماعي ليس مجرد مجموعة من الأفكار النظرية، بل هو فهم مشترك وواسع النطاق يجعل الممارسات الاجتماعية المشتركة والإحساس بالشرعية ممكنًا. إنه يشكل الخلفية التي نفهم من خلالها عالمنا الاجتماعي ونتفاعل معه. يركز تايلور بشكل خاص على تطور الخيال الاجتماعي الحديث في المجتمعات الغربية، والذي يتميز بثلاثة أشكال ثقافية رئيسية: الاقتصاد، والمجال العام، والحكم الذاتي. هذا المنظور يساعد في فهم الاختلافات بين الحداثات المتعددة حول العالم.
ويذهب كورنليوس كاستورياديس (فيلسوف وناقد اجتماعي واقتصادي ومحلل نفسي) إلى أن المجتمع ذاته هو نتاج فعل تخييلي دائم يبدع القيم واللغة والقوانين الجماعية. وقد وصف بنديكت أندرسون (الباحث في الدراسات الدولية) الأمة بأنها “جماعة متخيلة” لأن أعضائها يتخيلون وحدتهم عبر الرموز المشتركة رغم عدم لقاء غالبيتهم، لكنهم بالمقابل في أذهان كل فرد يعيشون صورة عن تواصلهم، وهذا تأكيد على دور الخيال في بناء الهوية الوطنية. ويعتقد غيرتز أن الخيال يشكل حجر الزاوية في دراسته من منظور انثروبولوجي من خلال التأكيد على أهمية قدرة عالم الانثروبولوجيا على رؤية العالم من منظور الثقافات الأخرى، وفهم المعاني الكامنة وراء ممارساتها ورموزها. وتتطلب هذه العملية التعاطف والقدرة على وضع الذات مكان الآخر، واستخدام الخيال لتفسير البيانات الإثنوغرافية بشكل غني ودقيق. ويرى غيرتز أن الانثروبولوجيا هي مسعى تفسيري يسعى إلى فهم “المعنى” الذي يضفيه الناس على أفعالهم ومعتقداتهم، والخيال هو أداة أساسية لتحقيق هذا الفهم.
أما أبادوراي، فيظهر كيف يشكل الخيال اليوم المدن العالمية عبر ممارسات تصميم المخاطر والتنبؤ والتفاعل الاجتماعي التي تتيح للمواطنين رؤية ممكنات حضرية تتجاوز حدود الواقع المادي. ومن آليات بناء الواقع الاجتماعي عبر الخيال السرديات والرموز، حيث تنتج المجتمعات سرديات تأسيسية (أساطير وطنية، تواريخ مؤسسة) تستخدم الرموز (العلم، النشيد، الأعياد) كآليات خيالية توحد الانتماء وتمنح الهوية المشتركة. وهذه السرديات تعمل “كخرائط رمزية” تحدد “كيفية” و”لماذا” ينبغي للمؤسسات الاجتماعية أن ترتبط ببعضها وتعمل معًا في أفق قيم مشتركة. بالإضافة إلى المؤسسات والإيديولوجيات حيث يرى كاستورياديس أن المجتمع ليس مجرد بناء مادي، بل “نتاج مستمر لفعل تخييلي” يبدع القوانين واللغة والقيم التي تحكم الحياة الجماعية. وفي ذات السياق تتكرس الإيديولوجيات السياسية والدينية كخيالات مؤسسية تتحكم في العلاقة بين الفرد والدولة، حيث تُبنى الحدود السياسية على خيال وطني أسطوري يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، فتصبح الولاءات الجماعية فاعلة رغم افتقار غالبية المواطنين للقاء المباشر. وفي سياق الأديان والطوائف توظّف الرموز والأساطير لتشكيل علاقات اجتماعية قائمة على الإيمان المشترك، فتنتج أنماط سلوك جماعية وتتجاوز الاختلافات الفردية بغية بناء الهوية الجمعية.
وتذهب الأبحاث الانثروبولوجية أن الخيال الإنساني مرَّ في مراحل تاريخية مختلفة محكوم عليه بتطورها وتقدمها المعرفي والحضاري، ففي الحضارات القديمة (المصرية، السومرية، اليونانية)، ازدهرت الأساطير والطقوس التي وظّفت الخيال لوصف أصل العالم وعالم ما بعد الموت، وعكس ذلك في الأعمال الأدبية والفنية والنصوص الدينية .وخلال العصور الوسطى، تعامل الفلاسفة المسلمون مع الخيال باعتباره وسيلة بين الحس والعقل، ركزوا على طبيعته وسلطته على النفس ومخاطره الأخلاقية في سياق التقوى والرذيلة .أما عصر النهضة والتنوير نجد أن عصر النهضة شهد عودة إلى دراسات النفس وشرح الخيال كأداة للابتكار في الفنون والعلوم، فكتب إراسموس وتوماس مور عن قوة التصور في نقد المؤسسات. وفي عصر الأنوار، اعتمد الفلاسفة مثل كانط وهيوم على الخيال لتفسير المعرفة الإنسانية – فالخيال التوليدي لدى كانط هو الذي ينسّق المدركات الحسية لبناء مفهوم موحد .أما في المرحلة الرومانتيكية حمل الرومانسيون الخيال إلى مرتبة مركزية باعتباره جوهر الإبداع وأساس الحقيقة الداخلية، فاحتفلوا بالعواطف والطبيعة وأولوية الفرد وحكم اللاعقلاني على النمط الكلاسيكي .وفي السريالية والحداثة وبالأخص بعد الحرب العالمية الأولى، أطلق السرياليون العنان للخيال اللاواعي عبر الكتابة التلقائية والصور المركبة، متحدين القوانين العقلية وأطر الواقع المألوف. وفي الحداثة والمعاصرة، استخدم الفنانون والمفكرون الخيال الرقمي والافتراضي لاستكشاف الحدود بين الحقيقي والافتراضي، مستعينين بخوارزميات الذكاء الاصطناعي لتوسيع مجال الممكنات الخيالية.
كما يلعب الخيال الإنساني دورًا مهمًا في بناء الواقع الاجتماعي، حيث يعد الخيال ملكية عامة حين يتحول إلى رموز وأيقونات وقصص مؤسسية، كالأعلام والنشيد الوطني والأساطير التأسيسية التي تمنح المجتمع الشعور بالاستمرارية والهدف الجامع، كما يساهم الخيال في صياغة نموذج الفرد في الجماعة، فتُخلق “صور مثالية” تلهم السلوك المرغوب وتنهى عن السلوك المناقض للمعايير السائدة. وفي مجال التعليم والإعلام، يستثمر الخيال في بناء سرديات تعليمية توطد الهوية وتشرّع قيمًا اجتماعية محددة، كقصص الأبطال والأساطير العلمية والتاريخية. وتتجلى قوة الخيال المؤسس أيضًا في الحركات الاجتماعية والسياسية التي تستند إلى رؤية خيالية لعالم أفضل، كحلم العدالة والمساواة الذي حرك الثورات والانتفاضات عبر التاريخ.
وبمساعدة الأعمال الخيالية، يمكننا أيضًا التفكير في وجهات النظر المختلفة في زماننا الحالي. فعندما نضع أنفسنا “مكان شخص آخر”، نتبنى بذلك وجهة نظر متخيلة. وبالخيال، يمكننا أن نحاول الوصول إلى فهم أفضل لأولئك الذين يختلفون عنا. وعندما نفشل في هذا التخيل، قد تبدو الاختلافات أكثر صعوبة في التجاوز مما هي عليه. لذا يؤدي الخيال دورًا مهمًا في الحياة الأخلاقية والسياسية.
كما يتلاعب الخيال أيضًا بعنصر الزمن. فنحن لا نتذكر الماضي وحسب، ولكن قد نراه في ضوء جديد. إذ يمكن تخيل الأخطاء التي ارتكبناها كأنها لم تحدث في عقولنا. وبينما قد يغذي هذا شعورنا بالندم، فيمكن أن يساعدنا هذا التأمل أيضًا في التعلم من أخطاء الماضي. ويمكننا تأمل الحاضر من خلال تخيل بدائل له. فيمكننا تصور طرق أخرى ممكنة للعيش في الوقت الراهن، وتصميم أهداف مستقبلية نستهدفها. وفي السياق العلمي لعب الخيال دورًا بارزًا في تحقيق التقدم العلمي، حيث يمثل الخيال العلمي منصة أولية لتوليد فرضيات ونماذج قبل اختبارها تجريبيًا، فهو يمكن الباحث من تصور كيانات وعمليات غير مرئية حاليًا، مثل الجزيئات دون الذرية والثقوب السوداء. كما يتيح الخيال تطوير “التجربة الفكرية” التي تعتبر وسيلة لفحص مباحث فيزيائية وأخلاقية دون الحاجة إلى البنية التحتية المكلفة، كما في تجربة يوجين سينغر غير أخلاقية على البشر في الولايات المتحدة.
وتُظهر الدراسات الابستمولوجية أن الخيال المنظم ضمن المجتمعات العلمية يكوّن “حلقات البحث”، حيث يدافع الباحثون عن رؤاهم النظرية ويصقلونها بالبحث والجدل والمناقشة. كما يمكّن الخيال من التفكير المستقبلي في ابتكار الأدوات والتقنيات التكنولوجية، فيتخيل العلماء آثار التقنيات الناشئة قبل ظهورها، ما يوجه السياسات البحثية والأخلاقية نحو المسارات ذات التأثير الأكبر. وفي النهاية يطرح علينا هذا المقال التساؤل الاستشرافي التالي: إلى أين يتجه الخيال الإنساني في سياق العلمي؟ ما الآفاق الجديدة التي يفتحها الدمج بين الخيال البشري وتقنيات الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي؟
تظهر التجارب مثل مشروع “Future You” كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحاكي صورة مستقبلية لشخص ما لتعزيز شعوره بالاستمرارية المستقبلية وتحفيز التخطيط بعيد المدى .ويتوقع الباحثون أن تتطور منصات الواقع الممتد “XR” (أي النسخة التفاعلية لمحاكاة بيئة العالم الحقيقية تقنية الواقع الممتد) لتصبح مساحات خيالية تعاونية، تستخدم في التعليم والتدريب وصياغة السياسات الاجتماعية عبر تجسيد سيناريوهات افتراضية تفاعلية .وعلى المستوى الانثروبولوجي، قد يؤدي هذا إلى ظهور “ثقافات افتراضية” جديدة تتشارك نسخًا خيالية من الهويات والقصص، مسببة تغييرات في مفهوم المجتمع والهوية الجماعية. وفي ضوء ذلك، يتحول الخيال من نشاط داخلي فردي إلى بنية اجتماعية تقنية تشارك في تشكيل السياسات والاقتصادات والثقافات العالمية.
خلاصة القول أظهرت المناقشة الانثروبولوجية أن الخيال أقدم من أن يكون مجرد هروب من الواقع الاجتماعي، فهو نافذة البشر الأساسية لفهم الممكنات وتشكيلها على أرض الواقع. بالمقابل نجد أن الخيال تطور عبر سياقات مختلفة كمرتكز رئيسي في الثقافة والفن والسياسة والعلم بفضل قدرته على تجاوز محددات الحاضر واستقراء المستقبل. كما ساهم الخيال في بناء الأبنية الاجتماعية من خلال التأسيس على قصص ورموز وأساطير مشتركة، كما ساند تقدم المعرفة العلمية بالنماذج والتجارب الفكرية قبل التجريب الحسي. وفي وقتنا المعاصر في ظل الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، يقف الخيال على أعتاب تحول جذري، مضافًا إليه أبعاد تقنية واجتماعية جديدة تدفعنا لإعادة التفكير في ماهيته ووظائفه المستقبلية.
وفي النهاية، نجد أن انثروبولوجيا الخيال تظل حقلًا واعدًا لاستكشاف كيفية توظيف الإنسان لقواه الرمزية في مواجهة تحديات الحاضر وصياغة بدائل للمستقبل، مما يجعل دراسة الخيال ضرورة أكاديمية وفكرية مستمرة. كما توفر انثروبولوجيا الخيال منظورًا فريدًا لقراءة الواقع الاجتماعي باعتباره نتاجًا مستمرًا للتخييل الجماعي، مما يعيد تعريف المجتمعات كعمليات ديناميكية خيالية. ومن خلال دمج الإثنوغرافيا مع النظريات الفلسفية والثقافية، تبرز أهمية انثروبولوجيا الخيال في فهم التحولات الاجتماعية المعاصرة وتخطيط المستقبل الجماعي. إن توسيع هذه المنهجية البحثية يفتح آفاقًا لدراسة تأثير التقنيات الرقمية المتقدمة على “مخيلاتنا المشتركة” وكيفية إعادة إنتاج الواقع الاجتماعي في البيئة الافتراضية والمعززة. فمن خلال تفعيل الخيال، يمكننا التعبير بإبداع عن أفكار جديدة، وأحيانًا دمجها في الواقع.
وتستمر دراسة انثروبولوجيا الخيال في التطور، مع ظهور مجالات بحثية ناشئة وتحديات منهجية جديدة. على سبيل المثال، يتزايد الاهتمام باستكشاف العلاقة بين الخيال والتكنولوجيا، ودور الخيال في سياقات الهجرة والتنقل الدولية، وتأثير التغيرات البيئية والاجتماعية على الخيال الجماعي. كما أن تطوير مناهج إثنوغرافية مبتكرة قادرة على التقاط الطبيعة الديناميكية والمتغيرة للخيال يمثل تحديًا وفرصة للباحثين في هذا المجال.
لكن بالمقابل، لم يكن الخيال الذي أثر بعمق في تاريخ البشرية مفهومًا فهمًا جيدًا في معظمه. فحتى الفلاسفة الذين أسندوا إلى الخيال دورًا مهمًا في نظرياتهم عن العقل اعترفوا بأن فهم الخيال يمثل تحديًا مهولًا وشاقًا. فقد وصف الفيلسوف البريطاني ديفيد هيوم الخيال بأنه يتملص من قبضة الفلسفة، معتبرًا إياه نوعًا من “القدرات السحرية غير القابلة للتفسير بأقصى جهود الفهم البشري”. كما وصف كانط الخيال بأنه “فن خفي في أعماق الروح البشرية، يمكننا التكهن بعملياته الحقيقية من الطبيعة وكشفها أمام أعيننا بصعوبة”.
المراجع المعتمدة:
– جينيفر جوزيتي فيرينسي: الخيال؛ مقدمة قصيرة جدًا، ترجمة: عبد الفتاح عبد الله، مراجعة: مصطفى محمد فؤاد، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ط2، 2025.
– جيلبير دوران: الخيال الرمزي، ترجمة: علي المصري، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، ط 2، 1994.
– نورية سوالمية: انثروبولوجيا المخيال الاجتماعي – مقاربة في دور الدين والأمثال الشعبية، مجلة انثروبولوجية الأديان، المجلد: 19، العدد: 01، الجزائر، 2023.
– رايت ميلز: الخيال السوسيولوجي، ترجمة صالح جواد الكاظم، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، ط1، 1987.
– إلهام غالي شكري: انثروبولوجيا الخيال، مجلة نزوى، مسقط، العدد: 20، أكتوبر 1999.
– مين جونج: الدماغ المُبتكِر: الخيال والتفكير المجرد في علم الأعصاب، ترجمة: سارة طه علام، مراجعة: شيماء طه الريدي، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ط2، 2025.
– يحيى حسين زامل: انثروبولوجيا الخيال .. الأرواح الشفرات .. الأساطير، جريدة الصباح، بغداد، العدد: 5050، 18 شباط 2021.
– الحسين أخدوش: مكانة الرمزية والخيال في الدراسات الثقافية المعاصرة انثروبولوجيا جيلبير دوران نموذجًا، مجلة الثقافة الشعبية، العدد: 44، البحرين، 2019.
ar/index.php?issue=44&page=article&id=830
– حسام الدين فياض: التصورات الاجتماعية عند سيرج موسكوفيتشي ودورها في إعادة بناء الواقع الاجتماعي، الحوار المتمدن، العدد: 7554، 18/03/2023.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=786838
– عبد الكريم الصواف: جدلية الخيال والمتخيل في الفكر الفلسفي، مجلة الرافد الكترونية، الشارقة، 2021. https://arrafid.ae/Article-Preview?I=HnrIuPv4dBM%3D
– شين بي لياو: التخيل والخيال وفلسفتهما، ترجمة: ناصر الحلواني، مجلة حكمة، 2021.
https://hekmah.org/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D9%8A%D9%84/
– هيئة التحرير: تعريف الخيال، موقع موضوع، تاريخ الدخول إلى الموقع 25 أبريل 2025. https://mawdoo3.com/
– Ingo Rohrer and Michelle Thompson: Imagination theory: Anthropological perspectives, Sage Journals, Volume 23, Issue 2, First published online November 13, 2022.
– Maurice Bloch: Anthropology and the Cognitive Challenge, Cambridge University Press, 2012.
– James D. Faubion: The Retreat of the Social, Cultural Anthropology 34 (1): 17–24, 2019.
– Michael Kilman: Anthropology, Our Imagination, and How to Understand Difference, TEDxMSUDenver, 2021.
– Tania Zittoun: Imagination in People and Societies on the Move: A Sociocultural Psychology Perspective, Culture & Psychology, 2020.
– Stanford Encyclopedia of Philosophy: Imagination, Last modified 2010. https://plato.stanford.edu/entries/imagination/
– Ingo Rohrer: Imagination Theory: Anthropological Perspectives, Anthropological Journal of European Cultures 31, no. 2 (2022): 45–67. https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/14634996221129117
– Charles Taylor: Modern Social Imaginaries, Durham, NC: Duke University
– Teresa Murphy: Imagination in Science, Philosophical Compass 17, no. 4 (2022): e12836.
https://compass.onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/phc3.12836
– Future You: An Interactive Digital Twin System for Self-Reflection, MIT Media Lab. https://www.media.mit.edu/projects/future-you/overview/
عدد التحميلات: 0