
العقـيـدة العلمـيـة
لغةً، تُعرف بأنها الإيمان بالقلب والقول والعمل بتوحيد الله من ربوبية وألوهيته مع بقية أركان الإيمان كالإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، مع التسليم التام لله تعالى في كل شيء. أما اصطلاحًا فمن الحالات العملية هو التمييز بين العقيدة العلمية والعقيدة العملية، ولا بد من تحديد المصطلحات المستعملة والتي تعنى بالعقيدة العملية كترجمة فعلية للعقيدة العلمية. أننا نميز بين عقيدتين أحدهما علمية الموجودة في بطون الكتب بمنهجها ومصطلحاتها وهو النوع الذي لا يفهمه إلا الخاصة من العلماء المختصين بعلم عقيدة الإسلام، داخل علم العقيدة، أما الثانية فهي عقيدة سواد الناس المكتسبة بالفطرة وعاشوا عليها وتوارثوها، لكنهم لم يكونوا على علم تام بتفاصيلها من ألوهية وربوبية ونبوات، وبذلك قد يقع بعض التباين بين العقيدة العلمية والعملية بسبب عدم العلم والمعرفة، أن التباين موجود بين العقيدة العلمية والعملية لتباين عقول الناس واختلاف مدارك عقولهم.
ومما يضاف إلى العقيدة العلمية هي التي تعرف بالعلم والطلب المكتسبة بالتربية، وأهلها معدودون ومحسوبون، بينما العقيدة العملية أصحابها كثر وهم سواد الأمة وغالبيتها. ومن منطلق ذلك نقول إن العقيدة العلمية تحتاج إلى:
- أسلوب الفهم المبني على منهج علمي رصين وسديد.
- أسلوب الاعتدال والاستقامة تماشيًا مع المنهج العلمي.
- أسلوب تبسيط الأفكار بعيدًا عن التعقيدات.
- أسلوب تعليم سلس يتقبله العامة من الناس قبل المختصين، بعيدًا عن التفاصيل والفرعيات.
- أسلوب العمل في العلم والالتزام به.
هنا لا بد من التعريج على حقيقة عصر الإيمان مع عصر العلوم والتكنولوجيا، والعلم والدين متعارضان؟ وما حقيقة كل منهما؟ وما هي طبيعتهما؟ مرورًا بحقيقة الإعجاز العلمي موظفًا العقيدة في الاستدلال على الحقيقة العلمية والرد على الشبهات. أن تقوية العقل وتنشيطه بحاجة إلى المهارات والتنمية الفكرية بالتدريب المتواصل وتكريس وقته في توسيع مداركه منعكسًا على سلوكياته، ليصل إلى أقصى قدر ممكن من التحفيز لمليارات الخلايا العصبية التي تعمل وتتواصل مع بعضها البعض في الدماغ.
أوضحت دراسات علمية مؤخرًا أن الناس يستخدمون 10% من قدراتهم العقلية الكامنة، حتى عند بذلهم أقصى درجات التفكير، ولكن السعي إلى تنمية العقل بالتحفيز والتدريب يمكّن الإنسان من محاولة استغلال نسبة أعلى من قواه العقلية بطرق مختلفة منها تنمية القدرات العقلية اللفظية، وتنمية القدرات العقلية المرئية، وتنمية القدرات العقلية المنطقية والرياضية، وتنمية القدرات العقلية العاطفية، والاهتمام الصحي. تبرز أهمية عقل الإنسان بتعرضه إلى العديد من المصادر المعرفية التي تجعله يتزود بالمعارف والخبرات بطريقة اختيارية ناتجة عن تعرضه لأنشطة التعلم الذاتية التي يختارها بلعبه وتفاعلاته، أو بطريقة قسرية ناتجة عن تعرضه لأنشطة التعلم المنهجية.
تفترض القدرات الأساسية للعقل أن كل إنسان يمتلك قدرات عقلية محدودة ومختلفة عن غيره، أما العلوم والمعارف فقد أفادت أن لدى العقل قدرات لامتناهية تشمل المواضيع العلمية والأدبية، حيث كشفت دراسات تحليلية حول النصفين الأيسر والأيمن للدماغ، أن كل إنسان لديه دماغ رياضي ودماغ خيالي، وأن قدرة عمل كل منهما متساوية، وأي خلل ينجم في عملهما هو بسبب إهمال الإنسان لهذا الجانب بغير قصد، وليس السبب عجزًا فطريًا في عمل الدماغ، فالجزء الأيسر منه يتحكم بالمنطق والتفكير، حيث يتعامل مع التواريخ، والأرقام، والحروف، والمهارات الحسابية، واللغة، والمعلومات، وتشكيل الأفكار، وتطوير المهارات الموسيقية، أما الجزء الأيمن فيتعامل مع الألوان، والصور، والربط بين الأماكن، كما أن له علاقة بالخيال والحدس والتفكير الإبداعي، بالإضافة الى قدرته على تمييز النغمات، والألحان وتذكرها، كما يمكن القول إن العقل لا يستطيع أن يعمل بأقصى طاقة له، إلا عندما يشترك الجانبان معاً في عملية التعلم. كما يتبين وجود فروق بين الناس في قدراتهم العقلية، لا يعني وجود أو غياب هذه الخصائص عند فرد ما، فليس هناك إنسان كامل الذكاء، أو إنسان مُعدم الذكاء، وإنما تقاس هذه الفروق بشكل نسبي حسب مقياس مستمر لأي خاصية من خصائص السلوك العقلي، بمعنى أن الناس لا ينقسمون إلى أنماط متمايزة في قدراتهم العقلية المختلفة وإنما يختلفون في درجة وجود هذه القدرات.
ولتنمية المهارات العقلية لا بد من التفرغ والممارسة المستمرة في تعزيز مهاراتك العقلية عبر ما يلي:
- القراءة الواسعة لكتب ومقالات متنوعة لتوسيع الآفاق.
- حل المشكلات عبر التحدي في حل مشكلات مختلفة.
- ممارسة التفكير النقدي بتحليل الأمور من مختلف جوانبها.
- تعلم مهارات التذكر والتعلم بتحسين الذاكرة.
- حل الألغاز العقلية لتنشيط العقل.
- ممارسة التأمل والتفكير الإيجابي لتهدئة العقل وزيادة التركيز.
- التعلم المتواصل باكتساب مهارات ومعارف جديدة.
- التفاعل مع أشخاص بتوجهات مختلفة لتوسعة آفاقك.
- التواصل مع الخبراء والمختصين للاستفادة من تجاربهم وخبراتهم.
وقد يواجه الإنسان صعوبات حياتية تعود سببها إلى محدودية العقيدة العلمية خصوصًا في زمننا المرتبط بالعلم والتكنولوجيا، مع تراجع القدرات المعرفية مثل التفكير المنطقي والاستجابة. لذا لا بد من شحذ العقل وتعزيز القدرات العقلية عبر الأساليب التالية:
- ممارسة الرياضة لتنوير المخ وراحة البدن.
- التحرك أثناء الحفظ لزيادة احتمال بقاء المعلومة في الذاكرة.
- تناول الأطعمة المفيدة للمخ.
- الابتعاد عن الواقع المليء بضغوطات الحياة.
- البحث عن طرق جديدة تتحدى بها نفسك.
- الاستماع إلى الموسيقى.
- التعلم قبل النوم، حيث يكون الاتصال بين الخلايا العصبية في الدماغ في أوجه. وعندما تخلد إلى النوم يُعزز هذا الاتصال، ويدخل ما تعلمته في الذاكرة.
- الاستيقاظ من النوم بالطريقة الصحيحة في بيئة صحية وآمنة وكافية لساعات النوم.
ومن الحقائق الواجب معرفتها والعمل بها هو تحصيل العلم ونشره بين الناس فهو جانب وله جوانب عديدة، وتعمل بها جهود تتكامل في النهاية ولا تتناقض لتحقق للأمة نهضتها وتقدمها، وعلى المفكرين والمثقفين أن يبذلوا قصارى جهودهم للحصول على العلم، حتى لو كانوا في أقصى بقاع الأرض. فالعلم لا وطن له ولا دين، ومن البديهي أن العلم الذي نطلبه لا صلة له بالعلم الديني، وإنما هو العلم بجميع أبعاده الذي يخدم الحياة التي نعيش فيها، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها كما جاء في الحديث النبوي الشريف. والعلم الذي حثنا عليه عقيدتنا الصحيحة ليس هدفًا في حد ذاته، ولكنه طريق لتحصيل خيري الدين والدنيا، فهو في مجال العقيدة العلمية أداة لمعرفة الأحكام وأسرارها، وفي مجال الدنيا وسيلة لتحصيل عزها وكشف أسرارها وتبادل الحوار ونقل الأفكار وتطوير الحياة على نحو أفضل وأسمى. ولهذا فإن علم الدنيا والدين مطلوبان، لتحقيق الهدف منه ملتزمًا بالقواعد العلمية والأخلاقية. وختامًا، فالعلم والإيمان مصدرهما مشكاة واحدة، والذي يعطينا الأدلة القاطعة على وجود الخالق وثبوت العقيدة، منسجمًا وموافقًا للعقل والفطرة والعلم، لذلك حث الله سبحانه وتعالى على طلب العلم والتعلم والمعرفة، معطيًا قيمة كبرى وعظيمة للعلماء ولطلبة العلم، بل جعل العلم بابًا من أبواب الجنة.
عدد التحميلات: 0