
مدخل إلى اللسانيات الاجتماعية
الكتاب: مدخل إلى اللسانيات الاجتماعية
المؤلف: هنري بوييه
الناشر: المنظمة العربية للترجمة
تاريخ النشر: 2025
عدد الصفحات: 264 صفحة
ما اللسانيات الاجتماعية؟ هذا هو السؤال الذي يُعالجه كتاب الباحث الفرنسي هنري بوييه “مدخل إلى اللسانيات الاجتماعية”، الصادر حديثًا بطبعة عربية عن “المنظمة العربية للترجمة” في بيروت، وقّعها الباحث والمترجم وأستاذ اللسانيات الاجتماعية اللبناني نادر سراج، وبتصدير المفكّر التونسي الطاهر لبيب. تنفرج فصول الكتاب المُترجم (264 صفحة) عن مقاربات موضوعية تتناول في العمق اللغة لا بوصفها “أصواتًا يعبّر بها كل قوم عن أغراضهم”، كما قال ابن جنّي، بل باعتبارها مرآة للتحولات الاجتماعيّة وعنوانًا للكينونة والانتماء، والمدن بوصفها تُربة اللسانيات الاجتماعية الحَضَريّة، هي الشاغل المعرفي الرئيس عند المؤلِّف والمترجم على السّواء.
حياة اللغة/اللغات
يُدشّن كتاب “مدخل إلى اللسانيات الاجتماعية” مسارًا يربط بين اللسان والمجتمع، انطلاقًا من حياة الإنسان داخل المكان والزمان، ويعرض مؤلّفه المجالات والإشكاليات الأساسية لهذا الفرع الدراسي الذي أصبحت أهميته أكثر وضوحًا وترسيخًا داخل علوم اللغة، فهو يدرس نشأة اللسانيات الاجتماعية وتكوين موضوعها الأساسي: أي حياة اللغة واللغات داخل المجتمعات البشرية وقضايا العلاقة فيما بينهما. يرفد “مدخل إلى اللسانيات الاجتماعية” المعارف اللسانية الكلاسيكية بإضافات نوعية، نظرية وتطبيقية، تهمّ البحث اللساني العربي، وعمادها مروحة واسعة من الشواهد والتجارب. فهو يتطرّق إلى مسائل حيوية راهنة كالسياسات والأسواق اللغوية (الحرّة والرسمية) والازدواج اللغوي بوصفه صراعًا والأحادية اللغوية بوصفها أيديولوجية لسانية اجتماعية.
كما يتناول طرائق الكلام الحضرية الشبابية، من حيث انتمائها إلى أشكال المدن الجديدة التي تستوعب مختلف موجات التهجير. فالمدينة متعدّدة اللغات بحيويتها الاجتماعية، ورموزها اللغوية، وهي تربة اللسانيات الاجتماعية الحضرية. أما تأثير “الهجين اللغوي” وإسقاطاته اللسانية في الهوية والأيديولوجيا، فقد قاربها المؤلف مستعينًا بتحليل جملة مختارة من الألفاظ والتعابير والمقترضات اللغوية المتداولة في صفوف القوى الحية في المجتمع الفرنسي.
بُعد اللغة الاجتماعي وإشكاليات أُخرى
في مقدّمته للكتاب يوضّح بوييه ما تشغله اللسانيات الاجتماعية اليوم من حيّز خاص في صميم علوم الإنسان والمجتمع كما في صميم علوم اللغة. وانطلاقًا من النقد الناجع للسانيات البنيوية التي انغلقت على نفسها في “تأويل” کتاب فردينان دي سوسير “محاضرات في اللسانيات العامة” تأويلًا مذهبيًا، ظهرت اللسانيات الاجتماعية منذ أكثر من نصف قرن فكونت حقلًا اختصاصيًا معرفيًّا معلنًا، ويحمل اسمًا عنوانًا خاصًّا به، إذا صح التعبير. وقد اقترن ظهورها بهدف أساسي يُراعي بعد اللغة الاجتماعي مُراعاةً جدّية. وبطبيعة الحال، حضر هذا الفرع الدراسي قيد النشوء في مؤلفات عدد من اللسانيين، أما في فرنسا، فيذهب تفكيرنا بالتحديد إلى عالم اللسانيات أنطوان ميه.
يكتسب مسار اللسانيات الاجتماعية مشروعيته فيما وراء الأطلسي، ليتطور لاحقًا في أوروبا، ويظهر بصورة إفرادية على وجه الخصوص في فرنسا حيث تشكل اللسانيات الاجتماعية بيئة علمية غزيرة الإنتاج. كما أنها تشكل فرعًا دراسيًا ذا شخصية فريدة في قلب التعليم العالي والبحث العلمي كليهما.
عدد التحميلات: 1