أوجاع تعليمية 1الباب: مقالات الكتاب
د. محمد شوقي شلتوت أستاذ تكنولوجيا التعليم المساعد ومدير مركز التعلم الإلكتروني بكليات الشرق العربي للدراسات العليا السعودية واستشاري التعليم الإلكتروني والفنون البصرية |
وجع المعلم (المعلم الجاني والمجني عليه)
ما أكثر ما يصيبنا من أوجاع في هذه الحياة، وأصعبها التي تصيبنا بأفكارنا وتجعل منا رأسًا فارغًا لا يوجد به هدفًا أو رسالة واضحة نؤديها، ولدي الكثير من الأوجاع التي أصابتني وما زالت للآسف تسرى بعروقي، وهي أوجاعي تجاه العملية التعليمية في الوطن العربي، سوف يستغرب الكثير من حولي أن أكتب السطور القادمة وقد تعودوا إنني المتفائل دائمًا الذي لا تفارقه الابتسامة، والذي يكتب في كل ما هو جديد في مجال التقنية والفنون البصرية، ولكني أطمئنكم أنني ما زلت متفائلاً مبتسمًا إلى أن أفارق الحياة بإذن الله، ولكن أريد أن أعبر عن أوجاعي لعلها تكون بارقة أمل في إصلاح التعليم بالوطن العربي.
أوجاعي التعليمية لم تكن وليدة اللحظة، إنما بدأت معي من خلال عملي في التدريس لطلاب الدراسات العليا والبحث العلمي، وكذلك العمل في مجال تقديم الاستشارات لعدد كبير من الجهات التعليمية بالوطن العربي، حيث تعايشت بداخل الحقل التعليمي بين المعلمين والمعلمات والمشرفين والطلاب، فبدا الوجع بسيطًا ثم تحول إلى آلام كبيرة دفعتني، لكي أعبر عنها في السطور القادمة، حيث وجدت الكثير من المشكلات التي لها الأثر السلبي الكبير في العملية التعليمية، التي أحسست إنها أوجاع أصابت الأعمدة الرئيسية بالعملية التعليمية من معلم وطالب ومنهج، وأقدم بين أياديكم أوجاعي التعليمية الثلاثة في شكل سلسلة مقالات، التي أتمنى وأدعو الله بشفاء العملية التعليمية العربية منها لنرتقي بالمخرجات التعليمية بشكل أكثر تطورًا وتفاعلاً بإذن الله تعالى.
وفي السطور القادمة لن أكون جلادًا للمعلم ككثير من الناقدين في زماننا هذا، ولكن سأحاول أن أكون منصفًا ليس معه ولا ضده، إنما سأعرض ما تعايشته مع الكثير من المعلمين من خلال عملي، وما أحسست به من التعامل مع الكثير من المعلمين من مشكلات، وسأعرضها في مسارين وهما "الجاني والمجني عليه":
المعلم "الجاني":
الكثير من المعلمين سيتضايقون من هذه التسمية، فكيف يكون من يحمل رسالة العلم جانيًّا، ولكني أطلب منهم أن يتحلوا بالصبر إلى أن ينتهوا من قراءة السطور القادمة لأن المعلم أصبح جانيًا وهو لا يشعر بذلك، وسوف أستعرض النقاط التي جعلت منه جانيًا تجاه طلابه وتجاه العملية التعليمة ككل، وهي:
- عدم إيمانه برسالته حيث أصبحت في نظر الكثير من المعلمين، إنها وظيفة لحصول على راتب وليست رسالة يؤديها بشكل متفانٍ ليكون لها الأثر الكبير في إخراج جيل صالح ينفع الأمة.
- عدم تطويره لنفسه حيث إن الكثير من المعلمين لا يضع لنفسه خطة لتطوير نفسه، من حيث طريقة التعامل مع التقنيات والأساليب الحديثة في التدريس وغيرها، وسيكون رد الكثير من المعلمين إن التطوير يحتاج إلى تكاليف مالية، وسيكون الرد مني أن شبكات الانترنت بها الكثير من المواقع المجانية، التي تقدم الكثير للمعلمين مجانًا، ولكن يحتاج من كل معلم أن يضع خطته الخاصة لتطوير نفسه، ويجتهد أكثر لتحقيقها.
المعلم "مجني عليه":
المعلم مجني عليه، كيف هذا؟ نعم مجني عليه، حيث يعيش الكثير من القهر والتهميش، وهذا سيتضح للقارئ من خلال السطور القادمة، التي توضح كيف أن المجتمع جنى على المعلم كثيرًا، وما زال يجني عليه.
- عدم تعليمه جيدًا: حيث يحدث صدمة للكثير من المعلمين الجدد، عندما يبدأ حياته المهنية عندما يجد نفسه إنه لم يتعلم الكثير في أثناء دراسته الجامعية حتى يساعده في أداء وظيفته بشكل جيد، مما يكون له الأثر السيئ على المعلمين في ترك وظيفة التدريس، والاتجاه إلى أعمال إدارية أو وظائف أخرى، لذلك نحتاج إلى تطوير كليات التربية، بحيث يقدم بها ما يلمس واقع المدارس الآن من مهارات يحتاجها المعلم.
- النظر لمهنة المعلم إنها مهنة في آخر السلم المهني: حيث نجد أن الكثير من المهن مميزًا تميزًا واضحًا، إلا مهنة المعلم، فهي مهمشة، فإذا لم نتوقف قليلاً ونظرنا إلى مهنة المعلم على إنها مهنة عظيمة سيكون له الأثر في مخرج تعليمي ضعيف، ينعكس على باقي المهن الأخرى أيضًا وعلى المجتمع ككل.
- عدم اشراك المعلم في تطوير العملية التعليمية: كعادة الكثير من وزارات التعليم في بلادنا العربية، تأتي بالخبراء من شتى بقاع الأرض لتطوير العلمية التعليمة، ويتناسوا إشراك من بداخل الميدان التعليمي وهو المعلم، حيث من المفترض أن يسأل المعلم قبل أي تطوير لأنه هو من يعايش الواقع التعليمي، لذلك سيعطي تطويرًا صادقًا وليس مجرد تطوير أمام كاميرات الإعلام.
- سياحة التدريب: تقدم وزارات التعليم بوطننا العربي الجميل العديد من الدورات التدريبية، التي للأسف الكثير منها غير مبني على احتياجات المعلم، إنما مجرد سياحة للمعلمين للذهاب إلى رفاهية أو مجرد أن يقال: إن الوزارة تقوم بتدريبهم وعند النظر إلى ناتج التدريب تجدها إنها لا تسمن ولا تغني من الجوع ولا يوجد أي فائدة منها على المعلم أو العملية التعليمية.
وأخيرًا أختم وجع المعلم.... بسؤال سُئل لرئيس وزراء اليابان عن سر التطور التكنولوجي باليابان، فأجاب: أعطينا المعلم راتب وزير، وحصانة دبلوماسي، وإجلال الامبراطور !
" آه..آه.. يا له من وجع فطر قلبي.. إذا لم يحترم المجتمع المعلم ...ويحترم المعلم نفسه ...لن نجد تعليمًا ناجحًا" شلتوتيات فلسفية
انتظروني إذا كان في العمر بقية ... مع باقي أوجاعي التعليمية لعل الله يشفيها قريبًا.
تغريد
التعليقات 1
السلام عليكم شكرا لك دكتور على هذا الموضوع القيم وحقيقة فقد عبرت على أوجاع تعليمية ما احوجنا لأن نكتب عليها لكي نشخص بدقة أحوالنا التعليمية ونقف عند علامات الوهن التعليمي التي جعلت منظوماتنا التربوية لم تستطع أن تتقوى رغم كل محاولات الاصلاح ، وهنا تجبرنا مرارات وأوجاع الحال للبحث عن الانتقال والتغير التربوي المأمول مع أسمى التحيات
اكتب تعليقك