أوجاع تعليمية 2 .. وجع الطالب (الضحية/وغياب المثل الأعلى)الباب: مقالات الكتاب
د. محمد شوقي شلتوت أستاذ تكنولوجيا التعليم المساعد ومدير مركز التعلم الإلكتروني بكليات الشرق العربي للدراسات العليا السعودية واستشاري التعليم الإلكتروني والفنون البصرية |
إكمالاً لأوجاعي التعليمية التي بدأتها معكم بالوجع الأول "وجع المعلم"، أكمل باقي الأوجاع مع أحد الأوجاع التي أصابت الأعمدة الرئيسية بالعملية التعليمية من معلم وطالب ومنهج، وأقدم بين أياديكم وجعي الثاني عنصر مهم، وهو الطالب مستقبل الأمة إلي الرقي والتطور، فإذا كان مسخًا من المسوخ فسيقودها إلى الهاوية، لذلك ستحمل لنا السطور القادمة أوجاعًا قاتلة، لأنها تخص الطالب الذي هو مخرج العملية التعليمية .... لذلك سوف ترتكز أوجاع الطالب على محورين: محور: الطالب الضحية. والمحور الآخر: الطالب وغياب المثل الأعلى.
المحور الأول: الطالب الضحية
يعاني الطالب من قرارات غير مدروسة من القائمين على المناهج في وطننا العربي التي للأسف إلى الآن تخاطب الجانب المعرفي، والتي لا تتفاعل مع احتياجاته وترى جوانبه الأخرى ... وسأجد الردود الجاهزة من أهل الاختصاص، والتي تتلخص في "إنني ظالم، وأن هناك عملية تطوير للمناهج بشكل ممتاز في الدول العربية، ترتقي لمناهج الدول المتقدمة، والتي تخاطب جميع جوانب الطلب واهتماماته"... إجابتي ستكون قاسية، لا أنكر أن هناك تطويرًا للمناهج في دولنا العربية الجميلة، ولكنه تطوير في شكل الكتب وإخراجها فنيًّا أو إدخال التقنية وتطبيقها في المدارس، ولكن إلى الآن إذا نظرنا عن قرب لهذه المناهج سنجدها إلى الآن تخرج طالبًا متفوقًا، ولكن فقط في الجانب المعرفي فقط، وأصبح الطالب يمتلك رأس مثل صفيحة المياه التي تملأ بمعلومات، ونطلب منه أن يفرغها في الاختبارات آخر العام بدون توضيح ماذا سوف تساعده هذه المعلومات في حياته، وكيف تكون طريقه تغير لسلوكه وعلاقته بالآخرين ، ويرجع لعدم الاستفادة من المناهج المطورة لأسباب كثيرة جدًّا يعرفها كل من يعمل في المناهج والتعليم وهي أولاً إن الكثير من التطوير يأتي بدافع مواكبة الموضة وبأننا نمتلك مناهج مطورة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، التي سوف تجعلنا بين الدول المتقدمة، وأحب أن أقول التكنولوجيا ليست الحل عندما نطور المناهج. الحل أن نجد مناهج تساعد الطالب على بناء شخصيته ووضعه على الطريق السليم في حياته، وتجعله يستفيد مما يتعلمه في تطبيقه في حياته، لا تجعلوا الطالب ضحية للتطوير المستمر للمناهج، التي أصبحت في كثير من الأحيان مجرد تغير التصميم والإخراج الفني، إنما اجعلوا منه مشاركًا يصنع منهجه بنفسه، الذي يساعده على رسم مستقبله ومستقبل الأمة.
المحور الثاني: الطالب وغياب المثل الأعلى
عندما كنا صغارًا كنا نتشوق جدًّا لسؤال ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر، ومن هو مثلك الأعلى؟ أعتقد أن هذا السؤال أصبح نادرًا أو الإجابة أصبحت عليه مختلفة عن زمننا، حيث كانت إجابتنا أن أصبح ضابطًا للدفاع عن أرض الوطن أو دكتور أو مهندس ... قمت بتجربة أن أسال هذا السؤال لعدد من الأطفال، وكان الرد أن أصبح لاعب كرة أو فنانًا أو من مشاهير السوشيال ميديا ..... لست ضد هذه الفئات، لأن المجتمع يجب أن يكون متنوعًا في جميع التخصصات والعلوم والفنون...
ولكن سأخد مشهدًا من فيلم مصري كان يدور بين الفنان الراحل توفيق الدقن حيث يدخل على أحد الفنانين الذي يريد منه أن يعلمه أصول الفتوة ويجيبه الفنان توفيق الدقن بجملة تلخص ما نحن فيه" جري إيه للدنيا، الناس كلها فتوات، أمال مين اللي هيضرب"، لذلك أقولها اقتباسا لهذه الجملة "جرى إيه للدنيا الطلاب كلهم يريدون أن يكونوا مشاهير كورة أو فن أو سوشيال ميديا، أمال مين سوف يكون عالمًا أو مخترعًا" هذا ما أريده أن يصل للجميع، وهو إننا نحتاج لتغذية طلابنا وتغير فكرهم إلى أن يكونوا مخترعين وعلماء، لأن الأوطان لا تبني بمشاهير السوشيال ميديا ولاعبي الكورة، إنما هم جزء صغير فيه إنما تبنى بالعلماء والمخترعين.
وأخيرًا أختم وجع الطالب .... إذا لم نجد كتبًا ممزقة وأوراقًا مبعثرة في باحات مدارسنا وخارجها، مع الانتهاء من كل فصل دراسي.... أستطيع أن أقول لكم إن لدينا طالبًا يقدر العلم والعلماء، وأن الوجع تم الشفاء منه.
انتظروني إذا كان في العمر بقية ... مع باقي أوجاعي التعليمية، لعل الله يشفيها قريبًا.
تغريد
التعليقات 1
..فعلا يا دكتور لقد أصبت ,و و وضعت الأصبع على مكان الألم .و استطعت أن تحدد طبيعة الألم . فعلا ما كتبته من أوجاع يؤرقنا كلنا , فالطالب العربي من مرحلة الإبتدائي حتى المرحلة الجامغية هو ضحية نظام بأكمله .ـ أقصد نظام تربوي و تعليمي و نظام قيمي ـ.و أنت شخصت لنا الوضع ننتظر من الحكومات أن تتخلى عن الذهنية التي تبقي طلابنا يتمسكون بالثقافت الغربية التي لا فائدة منها في بعض الأحيان..لأننا إن أردنا أن نضمن المثل الأعلى لطلابنا علينا أن نقرأالتاريخ جيدا..
اكتب تعليقك