أوجاع تعليمية 3: وجـع المنهج (بين التطوير والتضليل)الباب: مقالات الكتاب
د. محمد شوقي شلتوت أستاذ تكنولوجيا التعليم المساعد ومدير مركز التعلم الإلكتروني بكليات الشرق العربي للدراسات العليا السعودية واستشاري التعليم الإلكتروني والفنون البصرية |
لقد بدأت سلسلة أوجاع تعليمية بوجع المعلم ثم وجع الطالب والآن سأنتهي بالوجع الأكبر وهو وجع المنهج الذي يعد العمود الثالث في العملية التعلمية وهو الذي إن صلح سيصلح معه أشياء كثيرة في العملية التعليمية .... وسوف أتناول هذا الوجع بطريقة مختلفة عن الطرق التي تناولت بها الأوجاع السابقة حيث سيكون هناك حديث بيني وبين المنهج، وسيتهمني الكثيرون بالجنون لأنني أتحدث إلى المنهج وسأجيبهم قائلاً تحدثي معه لأعرف أكثر ما بداخله من عبئ وتعب فهيا بنا ننطلق سويًّا في رحلتي في الحديث مع المنهج.
في البداية سألت المنهج عرفني بنفسك فأجابني ...
قال تعالى في محكم كتابه العزيز: ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) المائدة: 48، وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله (مرعي، 2004: 21): "لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترككم على طريق ناهجة"، إن كلمة المنهاج والطريق الناهج تعني الطريق الواضح، ويعزز هذا المعنى ما جاء في المعجم الوسيط: أن أصل كلمة المنهج هو نهج، ويقال: نهج فلان الأمر نهجًا؛ أي: أبانه وأوضحه، ونهج الطريق: سلكه، والنَّهْج- بسكون الهاء -: سلك الطريق الواضح أما ابن منظور في لسانه فقد أورد: أنهج الطريق: وضح واستبان، وصار نهجًا واضحًا بينًا والمنهج عنده- بفتح الميم وكسرها- هو النهج والمنهاج؛ أي: الطريق الواضح والمستقيم.
وتقابل كلمة المنهج في اللغة الإنجليزية كلمة Curriculum، التي تعود إلى أصل لاتيني، هو Currere، التي تعني مضمار السباق؛ أي: هي المسار الذي يسلكه الإنسان لتحقيق هدف ما.
وبعد ما أوضح لي ما هو المنهج قمت بطرح سؤال آخر عليه وهو: لماذا يتهمك الناس بأنك تحتاج إلى تطوير دائمًا وأنك لا تحقق مخرجات تعلم جيدة؟
فتنهد قائلاً .... كما ذكرت لك سابقًا إن المنهج " الطريق الواضح والمستقيم. أو هي المسار الذي يسلكه الإنسان لتحقيق هدف ما" لذلك إذا كان الطريق غير واضح ولا يحقق هدف فقد احتاج إلى تطوير ولكن إذا نظرنا لعدد ليس بالقليل من القائمين على إعداد المناهج والمتخصصين بها فهم لا يضعوا المناهج بشكل واضح لتحقيق أهداف واضحة مما يؤدي إلى الاحتياج لتطوير هذا الطريق الغير واضح، فسألته كيف تتهم متخصصين بهذا الاتهام فأجاب قائلاً اعطني فرصة للدفاع وتقديم إثبات على ما ذكرته من أقوال على القائمين على إعداد المناهج، حيث إنهم يعدوا المناهج بشكل معرفي جميل كمعرفة ولكن يحمل الكثير من الغموض حيث يعتمد أكثر على إكساب الطالب معلومات كثيرة خلال مراحل دراسته وتكون معلومات جيدة وجميلة ولكن يجدها الطالب غامضة ولا يظهر المنهج له كيفية الاستفادة منها وتطبيقها في الحياة الواقعية فيكون هناك فجوة بين ما يدرسه الطالب وما يواجه في الحياة فيرى الطالب إن ما درسه في المناهج لا يفيد إلا في الحصول على الشهادة فقط إنما الحياة لها مهارات وأدوات أخرى يكتسبها من خلال احتكاكه بالحياة بعد الانتهاء من الدراسة، لذلك طرق إعداد المنهج بها خلل كبير فهو معد جيدًا معرفيًّا ومعلوماتيًا ولكنه بعيد كل البعد عن حياة الطالب وما يحتاجه، فرددت عليه قائلاً إنه يتم تطوير المنهج بشكل مستمر لكي يصلح المتخصصون هذه الأمور فأجابني قائلاً: عندما يتم التطوير لا يتم إلا على الشكل فقط، ولا يتم بما يفيد الطالب ويربط ما درسه من معلومات بما سيواجه في الحياة أثناء الدراسة وبعد التخرج ..... ثم أفحمني بكلمات أخيرة جعلتني أسكت بشكل نهائي عن الأسئلة عندما أخذ الخاتمة التي ختمت بها مقالي وجع الطالب "إذا لم نجد كتب ممزقة وأوراق مبعثرة في باحات مدارسنا وخارجها، مع الانتهاء من كل فصل دراسي ستعرف وقتها إن المنهج أصبح شيء أساسي في حياة الطالب يستفيد منه"
انتظروني إذا كان في العمر بقية ... مع مقالات أخرى تنفعكم وتكون لبنه في تطوير التعليم في وطننا العربي الجميل.
تغريد
اكتب تعليقك