أشهر الأساطير والترجمات في كتاب: «في الأدب المقارن.. أساطير وترجمات»

نشر بتاريخ: 2016-06-12

فكر- المحرر الثقافي:

 

الكتاب: "في الأدب المقارن.. أساطير وترجمات"

المؤلف: د. توفيق منصور

الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة

عدد الصفحات: 440 صفحة من القطع الكبير

 

في كتابه "الأدب المقارن.. أساطير وترجمات" يعرض مؤلف الكتاب، د. توفيق منصور، رؤيته النقدية حول أشهر الأساطير والترجمات التي عرفتها الثقافة العالمية، وقبل أن يعرض المؤلف رؤيته النقدية المقارنة حول النصوص التي اختارها لتضمينها في كتابه، يخصّص المؤلف فصلاً مستقلاً عن الأسطورة، ليعرض للقارئ نشأة الأسطورة ووظائفها في الآداب العالمية.

ويوضح المؤلف في هذا الخصوص أن كثيراً من الأجناس الأدبية وخاصة الشعر تتضمّن الكثير من الأساطير الإغريقية والرومانية، وغيرها من الأساطير المستمدة من ثقافات الشعوب القديمة، ويستشهد المؤلف بالآية القرآنية: (وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (سورة الأنفال – الآية 31)، وحيث ذكرت آيات القرآن الكريم (أساطير الأولين) في تسعة مواضع من كتاب الله عز وجل.

يقول المؤلف: إن المقصود بالأساطير هي القصص الخيالية التي نسجها الأولون من الناس، وتناقل الأجيال جيلاً بعد جيل هذه القصص الخيالية قبل أن تعرف المجتمعات البشرية الكتابة.

• وظيفة الأساطير

واعتبر المؤلف أن الأساطير لها وظيفة في أن يعبر الإنسان عن مشاعره نحو خالقه، حيث شعر الإنسان على الدوام ومنذ العصور البدائية أن هناك خالقًا، وأنه في حاجة لأن يكون له إله يعبده ويشعر بقوته وعظمته وسيّطرته على الكون.

كما أشار المؤلف إلى ما ورد في معجم المصطلحات الأدبية حول الأساطير، بأنها رواية غير حقيقية تتضمّن كائنات خارقة للعادة، أو بشرًا يأتون بأعمال خارقة للطبيعة البشرية، وهي غالبًا ما تتعلّق بالخلق، وتفسّر كيف تمّ خلق الكون وكيف تمّ خلق الإنسان؟ والأساطير تميل دائمًا لأن تجسّد المشاعر والمفاهيم في مجسدات حية.

وبعد أن تعرّض المؤلف لمفهوم الأسطورة ونشأتها ووظائفها، تعرّض برؤية نقدية لعدد من الأساطير الشهيرة في الأدب العالمي، ومنها ملحمة الكوميديا الإلهية، وهي ملحمة أسطورية في ثلاث مراحل، أولاها الجحيم، وتشمل أربعا وثلاثين أنشودة، وثانيها الأعراف، وتشمل ثلاثًا وثلاثين أنشودة، والثالثة الجنة أو الفردوس، وتشمل ثلاثًا وثلاثين أنشودة.

• حور العين

ويشير المؤلف إلى وجود عناصر في الكوميديا الإلهية خالفت التصوّر المسيحي عن الفرودس والجنة، ويكاد يقترب من عناصر موجودة في التصور الإسلامي، خاصة عندما يتحدث دانتي عن الفردوس ويصف عروس الجنة التي تكاد تقارب وصف حور العين في القرآن الكريم، ويستشهد المؤلف بقوله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) (23).. (سورة الواقعة).

كما يرجح المؤلف أن دانتي ربما قد يكون تأثر بما ترجم إلى اللغة اللاتينية من قصة الإسراء والمعراج للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، خاصة فيما يتصل بالصعود للسماء واللقاء مع الأنبياء، ثم الحديث لهم ورؤية الجنة والأعراف والجحيم.

وفي الفصل المخصّص لدراسة الأسطورة في مسرح تي إس إليوت، يشير المؤلف إلى أن تي إس إليوت اعتبر أن الأسطورة هي الطريق الوحيد أمام الكاتب المبدع الذي يسعى إلى أن يعطي رؤية مضنية للحياة، ويعلق المؤلف على ذلك بأن هناك أسبابا دعت تي إس إليوت للتمسك بالأسطورة كمصدر أساسي من مصادر كتابته، ومنها أن الأسطورة في حقيقة الأمر هي جزء من التراث الأدبي لأوروبا، وأن الأسطورة بهذا الوصف تستمر في نفس الوقت جزءًا من تراب الماضي، ومصدرًا للتجدّد الحيوي للحاضر في المخيلة الأوروبية.

• النثر الإغريقي

وفي فصول تالية من الكتاب، تعرّض المؤلف لتجليات زينوفون في النثر الإغريقي، ويقصد المؤلف هنا زينوفون القائد الفارس، وليس المؤرخ الإغريقي الشهير زينوفانيس، وعرف زينافون بولائه وصداقته لسقراط، حيث يعتقد المؤلف أن هذه العلاقة بين زينوفون وسقراط هي التي دفعته للكتابة، حيث قدم عددًا من أهم كتب النثر الإغريقي، وهي كتب أظهرت جوانب من شخصيته مثل الاستقامة وإيمانه بإله واحد، لكن المؤلف يأخذ على كتاباته كثرة التكرار والاسترسال في النصح والإرشاد.

كما تناول الكتاب جوانب نقدية من تجليات المعري في النثر الفني العربي، وتجليات جراهام جرين في العالم الآخر، بالإضافة إلى الرمزية في القصة العربية، كما تناول المؤلف في ثلاثة فصول مستقلة دور الترجمة في الدفاع عن المقدسات، ودور الترجمة كنافذة للعلم والثقافة.

• الشعر الحر

وعلى الرغم من موضوع الكتاب حول الأدب المقارن وما يتعلق بالأساطير والترجمات، إلا أن الكتاب يفرد فصلاً خاصًا حول قضية الشعر الحر التي شغلت حيزًا كبيرًا من اهتمام المهتمين بالحركة النقدية منذ عشرينيات القرن الماضي، حيث تعرّض المؤلف للمعركة بين المدافعين عن الشعر العمودي الذين يعتبرون أن القافية هي أهم مظهر من المظاهر الغنائية في الشعر العربي، وعامل لا يمكن الاستغناء عنه من عوامل التقطيع الصوتي والغنائي في الشعر العربي، وفي الجهة الأخرى برز فريق آخر مال للدفاع عن الشعر الحر.

ويحتفي المؤلف برؤية د. عاتكة بنت وهب الخزرجي التي اعتبرت أن الشعر الحر هو "عملية هدم مقصودة من قبل الشباب المغرر بهم".

وينسب المؤلف للدكتورة عاتكة بنت وهب قولها: "أنا أخشى على هذه النبتة الطيبة أن تسمم أفكارها، وأن تنحرف عن النهج، ولهذا فنحن نناهض عملية الهدم هذه".

وحول نفس القضية أيضًا، يشير المؤلف إلى ما كتبه صادق الرافعي عن أنصار الشعر الحر خاصة من الشعراء: "هؤلاء تنقصهم الملكة ولكن لا ينقصهم الادعاء".

وفي مواجهة هذا الفريق يتمسّك أنصار الشعر الحر برؤيته التي يتمسك فيها بأن: "القافية العربية السائدة إلى اليوم ليست إلا قيداً من حديد يربط قرائح شعرائنا، وقد حان تحطيمه منذ زمن".

كما ينسب المؤلف للدكتور جلال الخياط قوله: "إن شكل القصيدة العمودي أصبح عاجزًا عن أن يقدّم مضامين الشعراء الجدد لطول العهد به، وكثرة استعماله حتى استنفذت طاقته".


عدد القراء: 3831

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-