روح النثر الشعريةالباب: مقالات الكتاب
أ. د. تحسين رزاق عزيز أستاذ في جامعة بغداد |
قسطنطين باوستوفسكي 1
ترجمة: أ. د. تحسين رزاق عزيز
ليس لدينا أيَّ كُتُبٍ تقريبًا عن عمل الكُتّاب. فهذا المجال المذهل والرائع من النشاط البشري لم يدرسه أحدٌ دراسة حقيقية.
الكُتّاب أنفسهم يترددون في الحديث عن عملهم. ليس فحسب لأنَّ التفكير التخيلي المتأصل في الكاتب لا يتوافق جيدًا مع الحسابات النظرية، ولأنَّ من الصعب «التحقق من الانسجام الجبري»، ولكن أيضًا لأنَّ الكُتّاب، ربما، يخشون الوقوع في موقع الحريشة (أم أربع وأربعين) في الحكاية القديمة. فقد فكرت الحريشة ذات مرة في التسلسل الذي يجب أن تحرك وفقه كلَّ واحدة من الأرجل الأربعين، ولم تتوصَّل إلى أيِّ شيء، بل ونسيت كيفية الجري.
يمكن للكاتب نفسه أن يفكك عملية إبداعه إلى أجزاء، ويحللها، ولكن، بالطبع، ليس أثناء العملية الإبداعية، وليس أثناء العمل.
تشبه العملية الإبداعية التبلور، عندما يتشكل من محلول مشبَّع (يمكن مقارنة هذا المحلول بمخزون الملاحظات والأفكار التي تتراكم لدى الكاتب) كرستال صلب، مثل الفولاذ، وشفاف ويتلألأ بجميع ألوان الطيف (في هذه الحالة، فإن البلور هو العمل الفني المكتمل، سواء كان نثرًا أو شعرًا أو عملًا مسرحيًا).
العملية الإبداعية مستمرة ومتنوعة. فبمقدار عدد الكتاب، توجد طرق لرؤية وسماع واختيار العمل، وبالتالي توجد أساليب بمقدار ذلك العدد.
ولكن لا تزال هناك بعض سمات وخصائص العمل الأدبي المشتركة بين جميع الكُتّاب. إنها القدرة على إيجاد النموذج، والميزة، والقدرة على التعميم، وجعل حركات الروح البشرية الأكثر تعقيدًا شفافة. إنَّها القدرة على رؤية الحياة دائمًا كما لو كانت تُرى من جديد، كما لو كانت تُرى لأول مرة، في نضارة غير عادية وأهمية لكل ظاهرة، مهما بدت صغيرة. وهي - حدة الرؤية، التي تدرك جميع الألوان، والقدرة على الرسم بالكلمات من أجل خلق أشياء مرئية، من أجل عدم وصف الواقع، بل لإظهار الواقع، وأفعال الناس وحالاتهم. وهي - معرفة الإمكانيات الهائلة للكلمة، والقدرة على الكشف عن الثروات اللغوية التي لم يمسها أحد. هذه هي القدرة على الشعور ونقل الشعر المنتشر بسخاء مِن حولنا.
يجب على الكاتب أن يدرس كل شخص عن كثب، لكن، بالطبع، لا أنْ يحب كلَّ من هبَّ ودب.
ما قيل في أعلاه ليس على الإطلاق «القائمة» الكاملة بالصفات والخصائص المرتبطة بالمهنة، أو بالأحرى، بمهنة الكاتب.
منذ زمن بعيد، وحتى قبل الحرب، بدأتُ العمل على كتاب عن كيفية تأليف الكتب. فأوقفَت الحرب العمل في منتصف الطريق تقريبًا.
بدأتُ تأليف هذا الكتاب ليس فحسب على أساس خبرتي، بل بشكل رئيس على أساس خبرة العديد من الكُتّاب. فقد نظرتُ عن كثب في عمل رفاقي، وبحثت عن تصريحات الكتّاب والشعراء بمختلف اتجاهاتهم، وقرأت رسائلهم ومذكراتهم ويومياتهم. وهكذا تراكمت لديَّ بعض المواد.
بالطبع، سيكون من الممكن إدخال هذه المواد بترتيب نسبي ونشرها بهذا الشكل. لكنّي لو فعلتُ ذلك لخرَجَت دراسة جافة إلى حد ما، وحتى لكان يمكن الادّعاء بأنها علمية إلى حد ما.
غير أنَّ هذا ليس ما كنت أصبو إليه. لم أبغِ أن أشرح ذلك فحسب. فعمل الكُتّاب يستحق أكثر بكثير من مجرد تفسير بسيط. إنه يستحق أن يُعثر عليه ويُكشَف عن الروح الشعرية العظيمة لحرفة الكتابة التي يصعب أحيانًا نقلها – أيْ فكرتها الخفية، وتَوقُها وقوتها، وأصالتها، وأخيرًا خصوصيتها المدهشة، التي تكمن في حقيقة أنَّ فعل الكتابة عندما يثري الآخرين، فإنه، ربما، قبل كل شيء يثري الكاتب نفسه، الحِرَفي نفسه.
لا يوجد عمل في العالم أكثر إثارة وصعوبة وجمالاً من الكتابة! وربما، لهذا السبب لا نعرف تقريبًا أمثلة على ترك هذه المهنة أو الفرار منها. أولئك الذين ساروا على هذا الطريق يكادون لا يحيدون عنه أبدًا.
في كتابي الذي لم يكتمل بعدُ، أردت قبل كل شيء أن أنقل هذه الخصائص الاستثنائية لمهنة الكتابة، التي تكشف عن جميع جوانب الروح الإنسانية والنشاط البشري.
حاولتُ أن أكشف بأكبر قدر ممكن من الوضوح والإقناع عن أنَّ عمل فنّان الكلمة لا يُقَيَّم كعمل جيد لنتيجته النهائية فحسب، بل وكذلك لحقيقة أنَّ عمل الكاتب ذاته، من خلال التغلغل في العالم الروحي للإنسان ومن خلال اللغة والحبكة والصورة، يفتح له ولمن حوله الثراء الكبير، الكامن في اللغة نفسها وفي الصورة نفسها؛ وأَّن هذا العمل يجب أنْ يصيب الناس بالتعطش للمعرفة والفهم والحب العميق للإنسان وللحياة. وبعبارة أخرى، ليس الأدب فقط، بل حرفة الكتابة نفسها تُعَدّ أحد العوامل القوية التي تخلق السعادة البشرية.
والآن، بعد أن عشت حياة طويلة وصعبة، فإنّي، مثل الجميع، أشعر بامتنان عميق لجميع الكُتّاب الحقيقيين في الاتحاد السوفياتي وروسيا والعالم بأسره، وللكتّاب من مختلف الأزمنة ومن مختلف الشعوب. وكلّي امتنان لحقيقة أنهم بقوة عقولهم وموهبتهم أظهروا لنا الحياة بكل تنوعها، وجعلوا كل واحد منا يدرك ما قدرة الروح البشرية، وما العدالة، وما السعادة والحرية والجمال والحب؛ إنهم أتاحوا لنا أنْ نسمع كيف يضحك الأطفال وكيف تضجّ أمواج البحر بانتظام، ووهبونا إمكانية أنْ نعرف بهاء الليالي فوق الغابات وتألُّق الفكرة التي تفضي إلى الحقيقة، وسمحوا لنا أنْ نشعر بدفء الشمس على راحة أيدينا ونتنسّم عبق أزهار الجاودار.
لا يمكن لشخص واحد أن يظهِر كل تنوع الكتابة وقوة تأثيرها على الناس. وينبغي على المرء من أجل ذلك أن يُشرك في هذا الأمر كل من يعمل في مجال الأدب. بهذه الطريقة فقط يمكن إنشاء موسوعة شاملة إلى حد ما عن العمل في مجال الكتابة.
بدأتُ تأليف كتابي حول كيفية كتابة الكتب كسلسلة من القصص حول الحبكة والتركيب واللغة والمناظر الطبيعية والحوار والاستعارات والإيقاع الداخلي للنثر وتحرير المخطوطات (إنه عمل رائع، حين يصافح الكاتب المُنضِّد)، وحول دفاتر الملاحظات، وحول مجالات الفن المجاورة للنثر - الشعر والرسم والموسيقى والمسرح والعمارة؛ وحول تأثير هذه المجالات الفنية على جودة النثر، وأخيرًا، حول طريقة عمل بعض الكُتّاب - الكلاسيكيين والمعاصرين لنا: تشيخوف، وتورغينيف، وليسكوف، وليرمونتوف، وبوشكين، وموباسان، وليف تولستوي، وبلوك، وغوركي، وأليكسي تولستوي، وبريشفين وآخرين.
في الكِتاب العديد من الأشخاص، والحوادث، والخلافات، والمواجهات، والكثير من «الصبغة المحلية» التي تميز هذا الكاتب أو ذاك. هذه الصبغة تحددها الطبقة الشعبية الأقرب للكاتب، ويحددها كذلك الحيّز من البلاد الذي يُعَدّ موطناً روحياً له.
هذا الكتاب غير المكتمل يحمل عنوان «وردة من الذهب». منشأ العنوان يحدد أحد الموضوعات الرئيسة للعمل بأكمله.
عندما كنت طفلاً، سمعتُ قصة عن رجل عجوز زبّال. كان ينظف كل يوم جميع وِرَش الحرفيين في أحد أحياء باريس. هذا الزبال لم يأخذ نقودًا من أحد مقابل هذا العمل، ولذلك عَدَّ كُلُّ سكان الحي، بمن فيهم أصحاب الورش الذين استفادوا من عمله المجاني، هذا الرجلَ مجنونًا.
لم يشك أحد في أنَّ الزبال، عندما يلقي الكُناسَة كلها والخردة التي جمعها خلال النهار، كان يبقي لنفسه غبار كناسة ورش الصاغة. وكان يحرق هذا الغبار في بوتقة. ونظرًا لاحتوائها على الكثير من غبار الذهب الناتج عن صقل وتشطيب الحُلي الذهبية الثمينة، يصهر هذا الزبال كل شهر تقريبًا سبيكة صغيرة من الذهب من هذا الغبار. وقد صبَّ من السبيكة الأولى وردة.
كل عمل يخلف وراءه نفايات. وحتى عمل الكاتب يترك خلفه من هذه النفايات. عادة ما تتضمن الرواية أو القصة جزءً فحسب من المواد التي جمعها المؤلف من أجلهما. أما الجزء الأكبر من المواد فيبقى خارج متن الكتاب المكتمل.
إنه غبار الذهب في ورش الصاغة.
وأعتقد أنَّ ثمة قانون يعيّن على الكاتب أن يعرف عما يكتب (خاصة عن الناس) أكثر بكثير مما يقوله في الكتاب.
النثر المضغوط، هو النثر الأكثر فعالية والأكثر روعة؛ إذ يُستَبعَد منه كل ما لا لزوم له، وكل ما يمكن ألا يُقال، ولا يبقى فيه سوى ما يلزم قوله للغاية.
ولكن لكي تكتب بإيجاز، فأنت بحاجة إلى معرفة ما تكتب عنه معرفة كاملة ودقيقة بحيث يمكنك بسهولة اختيار الأكثر إثارة للاهتمام والأكثر أهمية، من دون تخفيف السرد بماء التفاصيل غير الضرورية. الإيجاز يسْهَل من خلال المعرفة الشاملة.
هذا مهم بشكل خاص للكاتب عندما يتحدث عن الناس. ويجب أن يعرف الكاتب كل شيء حتى عن أبسط الشخصيات الثانوية. عندها فقط سيكون قادرًا على التقاط العديد من الميزات الأكثر دقة، وبهذا يستطيع على الفور إضفاء الحيوية على الشخصية.
يبدو لي أنَّ في هذا يكمن سر القدرة على إعطاء صورة حية وملموسة تمامًا لشخصية بلمسة واحدة أو لمستين، كما فعل تشيخوف بشكل مثير للدهشة.
في بعض الأحيان، لم يتبقَّ من الشخصية سوى الاسم وحده - «عامل تلغراف مُتَحّذلِق يدعى يات». لكن هذا الاسم وحده كافٍ حتى يتمكن القارئ من رؤية عامل التلغراف بوضوح تام في سترة البيكي2، «اعذروني على التعبير».
عندما قُدَّرَ لي لأول مرة أنْ أتعرَّفَ عن كثبِ على عمل الممثلين، لم أفهم لماذا يُثير لديَّ الممثل الذي يؤدّي دور شخصية ثانوية (يُكَلَّف في المسرحية بنطق عبارتين أو ثلاث عبارات) أسئلةً حول البيئة التي جاء منها هذا البطل، وماذا كان يعمل والداه، وما طبيعته الشخصية، وما عاداته، وما ذوقه، ولماذا صوته أجش.
وسرعان ما أدركت أنَّ من أجل أنْ يقول الممثل هاتين العبارتين أو الثلاث العبارات، التي شُحَّ على البطل بها، كان عليه أن يعرف عن البطل كل شيء قدر الإمكان.
كان الممثل على حق. لقد سار في طريق المقاومة الأعظم، التي يجب أنْ يسير فيها الكاتب.
في هذا المقال، للأسف، لا توجد إمكانية لبدء وإنهاء الكلام الطويل عن حرفة الكتابة. إذ يمكن للمرء أنْ يتحدّث عن هذا أيّاماً وأسابيع. هذا الموضوع حقاً لا ينضب. يمكنك أن تبدأ هذا الكلام فحسب، وهو ما أحاول فِعلَه.
احتياطي الكاتب من الذهب - هو احتياطي أفكاره وملاحظاته على الحياة. بعبارة أخرى، هو سيرته الذاتية.
لابد للكاتب من أن يكون لديه سيرة ذاتية خارجية أو داخلية ذات مغزى.
إنَّ مجرد الاشتغال بحرفة الكتابة يجعل الإنسان يعيش حياة متنوعة ومتوتِّرَة، ويتدخل في مجالات مختلفة من واقعنا، ويلتقي بالعديد من الناس ويتغلغل في جميع زوايا البلد - من موسكو إلى تشوكوتكا و«من الصخور الباردة الفنلندية إلى كولخيس الملتهبة»3.
لا يمكن أن نتخيل كاتبًا سوفيتيًا، معاصرًا لنا، لا يعرف بلده ومشاريعها الإنشائية، ولم يزُرها ولم يشارك مشاركة مباشِرة في حياة شعبه.
وليس من العبث أنْ يوجد تعبير «سيرة الكاتب». يحتاج الكتاب إلى إنشاء سيرة ذاتية.
عندما أفكر في هذا الأمر، أتذكر كلمات مدرس اللغة الروسية في المدرسة الثانوية. قال، لكي تصبح كاتبًا جيداً، يجب أن تكون أولاً وقبل كل شيء إنسانًا مألوفًا ومثيرًا للاهتمام، وإلا فلن تفلح في هذا المجال. وقال، أنْ تكون إنسانًا مألوفًا ومثيرًا للاهتمام – فهذا أمر في أيدينا وبمقدورنا تمامًا.
وتتأكد صحة هذه الفكرة من خلال السير الذاتية لكل من بوشكين، وغيرتسين، وغوركي، وسيرفانتس، وستيندال، وهوغو، وبايرون، وديكنز، وهاينه، وتشيخوف.
تشيخوف وهاينه! هذان الكاتبان، على الرغم من اختلافها، أظهرا بوضوح من خلال إبداعهما كله أنَّ النثر الأصيل تتخلله روح الشعر، مثلما يتخلل العصيرُ التفاحةَ.
النثر - نسيج، والشعر – لُحمَة (خيوط النسيج المعترضة). الحياة، المصوَّرة في النثر، الخالية من أي مبدأ شعري، هي طبيعة غليظة بائسة، لا تدعونا إلى أي مكان ولا تقودنا.
قال الشاعر فادييف ذات مرة، أنَّ النثر يجب أن يكون سامياً. يجب ألا ننسى هذا.
طالما أنَّ الحديث تحول إلى الشعر، إذًا، ربما، من الضروري هنا أن نتحدَّث عن مدى الأهمية الكبرى، التي يمثلها الشعر والرسم وكل ما يسمى بمجالات الفن المجاورة، بالنسبة لكُتّاب النثر ولكمال النثر.
يجب على كل كاتب نثر حقيقي أن يعرف الشعر والرسم جيدًا. وخاصة الشعر. فمن المعروف منذ قديم الزمان أنَّ الاستخدام المتكرر للكلمات يفقدها نضارتها وقوتها والصور التي يجب أن تحملها في حد ذاتها.
الكلمات تُمحى. ولا يبقى منها سوى الصوت وحده، القشرة الصوتية وحدها، ويختفي تأثيرها على وعينا وخيالنا.
لا شيء يجدد الكلمات مثل الشعر. في الشعر، تكتسب الكلمة نضارتها الأصلية وقوتها وطابعها الموسيقي. من لمسة الشعر تمتلئ الكلمات بمحتواها الحقيقي.
هناك الكثير من الأمثلة على هذا. لنأخذ أبسط مثال، ترد فيه الكلمات الاعتيادية «غابة»، «صقيع»، «حقل»، الموضوعة في التركيبة الشعرية الوحيدة الممكنة للتعبير عن الموضوع، تُذهلِنا، وتكشف عن روعة اللغة الروسية كلها، وتنشد وترن، مثلما يرن مرعى الماشية المغطّى بالصقيع، وهو يطقطق تحت القدم.
الغابة تسقط حلَّتها القرمزية،
ويفضِّض الصقيعُ الحقلَ الذابل4. ..
الكلمات «يُفضّض الصقيعُ» يكمن فيها أدقّ جناس استهلالي من خلال تكرار الحروف المتجاورة، وأدقّ محاكاة للأصوات.
شعرنا غني بالجناس الاستهلالي. إنه ينقل كل الأصوات والإيقاعات.
هكذا قعقعة الحصان الراكض وردت في شعر ليرمونتوف:
أعرف بمَ سُلِّيتُ،
على قارعة الطريق الرنّان
بالأمس ركضتُ مثل شابٍّ
تتريّ مجنون.
أو جناس بلوك المتأنِّق إلى حد ما والصادق، الذي ينقل حفيف القماش الحريري:
راحَ الحرير يهمس بقلق...
هذا كله ينبغي على كاتب النثر أنْ يعرفه. فالجناس الاستهلالي الذي يُطرح في محله ومن حين لآخر، ليس في الشعر فقط بل وفي النثر أيضًا، يثير لدى القارئ الانطباع الدقيق والقوي، وهو ما يحتاجه المؤلف.
الرسم، وعمل الفنانين، يمكن أن يعلَّم الكاتب أن يرى بدقة ويتذكر، وليس أنْ يشاهد فحسب.
يهمل بعض الكتاب الألوان والضوء. لذلك، فإنّ أعمالهم تترك انطباعًا بالتجهم، والبهاتة، وبالتالي تترك انطباعًا مشوبًا بالعقم. فالفنانون يعلموننا أن نرى الواقع في تنوّع كامل من الألوان والضوء.
ألقِ، على الأقل، نظرة على لوحات ليفيتان، وسترى مدى تنوع الإضاءة بشكل غير عادي، الذي يبدو رتيبًا عندما ننظر إليه نظرة عابرة.
الضوء في النهار الغائم قبل هطول الأمطار يختلف تمامًا عن الضوء في اليوم نفسه بعد هطول المطر. فأوراق الشجر الرطبة تمنحه شفافية ولمعان.
وضوء الشمس المنعكس على طرف غابة الصنوبر يختلف تمامًا عن الضوء البعيد عن الطرف. إنه أكثر دفئًا. إنه مليء بالانعكاس البرونزي لجذوع الأشجار.
في كل منظر طبيعي، لاسيما ذلك الذي يكشف عن مسافات واسعة، هناك العديد من مواضع الضوء. الجمع بين هذه المواضع يمنح ذلك الشعور بالطمأنينة والعظمة، التي تمتاز بها المناظر الطبيعية في المناطق الوسطى من روسيا. لنستذكر لوحة ليفيتان «فوق المثوى الأبدي».
ولكن، بالطبع، ليس في هذا فقط تكمن أهمية الرسم في تحسين النثر.
يمكنك أن تتعلم من الفنانين الاستيعاب المباشر للبيئة – وهي صفة مميزة لدى الأطفال. فالطفل كل يوم يكتشف عالَماً مغر، شعرَ الكبار بالملل منه منذ مدة طويلة.
أنْ ترى كل شيء كما لو كان للمرة الأولى، من دون عبء الاعتياد الثقيل، وأنْ ترى الشيء دائمًا كما لو أنك تراه للتو - هذه الميزة المتأصلة في الأطفال والفنانين، ضرورية أيضًا للكُتّاب. حينئذ كل إنسان، وكل فعل وإيماءة وكلمة منه، وكل شيء (سواء كان قوس قزح أو كسرة من الفحم) يكتسب قوة الطرافة، ويكتسب قوة الاكتشاف.
من المعروف أنَّ الضواحي القريبة من موسكو قد وصِفَت مئات المرات، وهي مألوفة لسكان موسكو بل وحتى تُشعِرهم بالملل. إننا لا نلاحظ فيها أي شيء مميز. ولكن الكاتب بريشفين، الذي احتفظ بعفوية مثمرة حتى سِنِيّ شيخوخته، جاء إلى نهر دوبنا في ضواحي موسكو واكتشف فيه هذا الفيض الشعري، وكشف الكثير من الأشياء المثيرة للاهتمام المتعلقة بهذا النهر المغمور، إلى درجة صار بالنسبة لنا، كما لو أنَّ بريشفين اكتشفه لأول مرة ووضعه على الخريطة.
يبدو لي أنَّ الكاتب الذي يتمتع بمثل هذه العفوية والاهتمام العاطفي يجب أن يدخل في أيّ موضوع. وينبغي أن يكون كل كِتاب من كتبه اللاحقة، بالنسبة له، كما لو كان رحلة استكشافية إلى بلد مجهول مثير للاهتمام إلى حد الدهشة، الذي تنتظره فيه أثمن الرواسب من المواد التي لم يكتشفها أحد بعدُ.
لا ينبغي للكاتب أن يكون مستهينًا بأي مادة أو غير مبالٍ بها، حتى بما يسمى «صغائر الحياة». ويجب ألا تكون ثمة صغائر بالنسبة له. المقصد كله في أنْ يعثر على الجوهر المميز الذي يكمن في كل شيء صغير.
الكاتب السوفييتي الأصيل - هو شخص نشط دائمًا ومحب للاستطلاع ومحروم تمامًا من التبجيل والوجاهة والوعي بدوره باعتباره «معلمًا للحياة» لا جدال عليه، والذي كان يُعَدّ في الأيام الخوالي تبعية لا غنى عنها للناس «العارفين» في الأدب.
ذلك النوع من الكُتّاب، الذين قال عنهم تشيخوف ساخرًا إنهم من حيث الأهمية يشبهون كبار الكهنة، أصبحوا، من حسن الحظ، شيئًا من الماضي. فالحياة بالنسبة للكاتب السوفيتي تعني المشاركة عن كثب، مع الشعب السوفيتي بأكمله، في بناء البلاد، وعدم الانخراط في أساليب تعليمية ثقيلة ومُعَمَّقة.
بما أنه كان عليَّ أن أتطرق إلى معنى التفاصيل في النثر، فيجب أن نتوقف عند هذا.
يحدث لي أنْ أقرأ الكثير من مخطوطات المؤلفين المبتدئين. يعاني جميعهم تقريبًا من عيب واحد مشترك: من أجل التعميمات اللفظية، فقدوا القدرة على تقديم التفاصيل الدقيقة التي تعرّف كل شيء. خذ، على سبيل المثال، البخل البشري. يمكن للمرء أن يصفه طويلاً وبتجرّد، لكن هذا لا يُقارن بإظهار البخل من خلال التفاصيل المختارة ببراعة، كما فعل غوغول في شخصية بلوشكين (في الأنفس الميتة).
يمكنك أن تقتصر على تفصيل واحد. فالقضية كلها تكمن في الإتقان والدقة. أتذكَّر امرأة بسيطة كانت تعتمر منديلها بالمقلوب (على القفا) طوال حياتها حتى لا يبهت لونه من الشمس. لذلك لم يتسنَّ لها أنْ تعتمره على الوجه بكل زهوه قبل أنْ يبهت لونه. لا تُظهر هذه التفاصيل البخلَ فحسب، بل تُظهر أيضاً شيئاً أكثر تعقيدًا - مأساة الإنسان المُعدَم الذي يحلم بقليل من الفرح، والذي هو بخيل، بالذات، بسبب حلمه الوحيد هذا.
التفاصيل الجيدة تقف على قدم المساواة مع الصورة الجيدة. فالصورة مثل النعت يجب أن تكون دقيقة غَضّة وشحيحة. عادةً ما يخطئ الكتاب المبتدئون بوفرة الصور والنعوت. وهذا ما يُضفي على نثرهم أبهة ميّتة أو وحُسنًا مُزَوَّقًا أو طنّانًا.
يحدث أنْ تُلحَق عدة نعوت باسم واحد. النعت يجب أن يُستَذكَر. ولهذا يجب أن يكون الوحيد. فمن بين ثلاثة نعوت مرتبطة بالاسم، يكون دائمًا واحدٌ منها الأكثر دقة، والنعتان الآخران يُسَلِّمان له بالتأكيد. لذلك، من الواضح أنَّ هذا النعت الوحيد يجب أنْ يُحتفَظ به، والنعتان الباقيان ينبغي حذفهما بلا رحمة. وإنَّ ما يسمى في لغة الكُتّاب بـ «المِقرَن»، أي وجود نعتين اثنين متعادلَين وضروريَّين لكلمة واحدة - هو أمر نادر للغاية.
غالبًا ما يقتني الكُتّاب نعوتًا «للتأجير»، وبعبارة أخرى، فإنهم يمشون على المسار الأقل مقاومة ويكررون ببساطة تلك النعوت التي تبدو كأنها ملتصقة إلى الأبد بكلمات معينة.
يتطلب الأمر شجاعة لتقديم النعت الجديد، الذي يكشف عن الشيء أو الظاهرة بصفته الجديدة التي لاحظها الكاتب. مثل هذه النعوت تعيش مدة طويلة.
يكفي أن نقرأ مرة واحدة: «يذوي الشباب» (عند ليسكوف)، «نور القمر الثاقب» (عند غونتشاروف)، «صمَت شعاع الشمس» (عند دانتي)، حتى تظل هذه النعوت في ذاكرتنا طول العمر.
عندما نتحدث عن النعت، وعن الصورة، فإننا ندخل إلى مختبر الكاتب، الذي تهيمن فيه الكلمة.
حول الكلمة، وحول اللغة ينبغي أن نكتب ليس مقالات قصيرة، بل نكتب مناشدات حماسية للكُتّاب، ودراسات موسَّعَة، وأبحاثًا متناهية الدقة.
لقد وِهِبنا اللغة الروسية، التي هي حقًا أغنى اللغات وأكثرها دقة وصوابًا وسحرًا. فيا ترى، هل إننا نتعامل دائمًا مع هذه اللغة بالطريقة التي تستحقها؟ يمكن للمرء، من خلال موقف كل شخص من لغته، أن يحكم بدقة ليس على مستواه الثقافي فقط، بل وأيضًا على قيمه الوطنية.
إنَّ حب المرء الحقيقي لوطنه لا معنى له من دون حبه للغته الأم. فالإنسان الذي لا يبالي بلغته الأم إنسان متوحش. إنه مُضر جدًا في طبيعته، لأنَّ عدم اكتراثه باللغة يُفَسَّر بعدم مبالاته الكاملة بماضي شعبه وحاضره ومستقبله.
فلنتذكر نداء لينين حول العناية باللغة الروسية. لقد وِهِبنا لغة كُتّابنا الكلاسيكيين الباهرة والثرية على نحو لم يسبق له مثيل. ونحن نعرف الأصول الشعبية الجبارة للغة الروسية.
ينبغي أن نتحدث حول هذا كله، لأنَّ الآن تجري في اللغة الروسية عملية مزدوجة: إثراء مشروع وسريع للغة نتيجة لمظاهر الحياة الجديدة وللمفاهيم الجديدة، وإلى جانب ذلك، إملاق ملحوظ، أو بل بالأحرى تلويث للغة من خلال الاستخدام العشوائي للكلمات الأجنبية. فتُحرَمُ لغتنا الجميلة، الرنانة، المرنة من الألوان ومن القابلية على التصوير ومن الاستعارة، وتُقَرَّب من لغة المكاتب البيروقراطية أو، بالأحرى، من لغة المدعو يات، عامل التلغراف سيئ السمعة.
ما علامات إملاق اللغة؟ أولاً وقبل كل شيء – هيمنة المفردات الأجنبية. فيجب أن ننظف اللغة الروسية بشكل حاسم ونهائي من جميع الكلمات المُستعارة من اللغات الأجنبية التي لها بدائل روسية.
في الآونة الأخيرة، أسمع وأنا راكب في حافلة نقل الركاب عبارات غريبة من مفردات أجنبية دخيلة وعبارات المكاتب البيروقراطية. ما هذا اللغو المفتقر إلى القدرة على التعبير الصحيح! عندما أستمع إلى مثل هذا الكلام، أفكّر مع نفسي: هل لمثل هذا عاش بوشكين وليف تولستوي وغوركي وتشيخوف وكتبوا باللغة الروسية المذهلة. هل فعلوا ذلك حتى يفقد أحفادهم الإحساس باللغة ويسمحوا لأنفسهم بالتحدث بهذا المزيج المقزز والميت من المفردات الأجنبية العسيرة على الهضم ومن لغة البروتوكولات. لقد تُرِك لنا هذا كإرث مثير للاشمئزاز من البيروقراطية القيصرية العديمة المشاعر.
هذا لا يمكن أن يكون! ولا ينبغي أن يكون! ولابد من أنْ نناضل بلا هوادة ضد إفقار اللغة هذا وضد العبارات السوقية.
إننا نصطدم بهذا الخطاب المستفز ليس في المؤسسات الرسمية وعلى اليافطات فقط، والأمثلة على هذا كثيرة؛ وتجد العديد من الكلمات المشوهة والفاسدة طريقها إلى الصحف وحتى إلى الأدب الروائي والقصصي.
يجب أن يكون الكُتّاب في طليعة المناضلين من أجل التطور الطبيعي للغة وتنظيفها من كل أنواع القمامة. إنَّ ثراء مفردات معجم الكاتب، كما يُقال، «يأتي مع الخبرة والزمن». فاللغة نتعلمها ويجب أن نتعلمها باستمرار إلى آخِر أيام العمر. ينبغي أن نتعلمها في كل مكان، ولكن قبل كل شيء يجب أنْ نتعلمها من الشعب، ومن الناس ذوي الخبرة، ومن الكتاب المشهورين باتساع وروعة مفرداتهم (من غوركي، وليسكوف، وبريشفين، وأليكسي تولستوي وآخرين).
نحن ملزمون بالبحث عن عينات من الكلام الروسي وجمعها في كل مكان، مثلما يُجمَع الرمل الحامل للذهب، شيئًا فشيئًا، حبّة بعد حبّة: في القطارات، وفي المزارع الجماعية، ومن الناس من مختلف المهن، وفي الشعر، وفي التقارير العلمية، وفي الأساطير الشعبية، وفي خطب الشخصيات السياسية. نحن ملزمون بجمع هذه العينات وإدخالها في النثر وتحقيق أصعب شيء - نقاء الصورة وصوابها والبساطة الشديدة تقريباً في التعبير.
الكُتّاب الكبار جميعهم يعرفون مدى تعقيد هذا العمل، ومدى صعوبة الارتقاء نحو البساطة. لقد سار كل واحد منهم تقريبًا على هذا الطريق البطيء، من وفرة الكلمات والحيوية إلى قسوة وانقباض الجمال الحقيقي، لأنَّ «خدمة مصادر الإلهام وربّات الشعر لا تحتمل الضجة، يجب أن يكون الجمال مهيبًا».
ليس عبثًا أنَّ بنديكتوف ذا الأسلوب المنمّق قد طواه النسيان، في حين أنَّ بوشكين البسيط والواضح تمامًا سوف يبقى متألقًا دائمًا عبر العصور ويظل صديقًا عصريًا لجميع الأجيال القادمة.
الكاتب يكتب بدافع داخلي حر، يكتب لأنه يأبى إلا أنْ يكتب. وإذا كان يجب على الكاتب من حيث التعبير أن يكون بسيطًا (ولكن ليس ساذجًا)، ومُتحفّظًا وملتزمًا التزامًا صارمًا بالمعايير، فعند التعبير عن نفسه، يجب أن يكون سَخِيًّا وحرًا بشكل غير عادي، ويجب عليه دائمًا أنْ يتحدث بأعلى صوته، باذلاً قصارى جهده، من دون أن يخشى من هدر كل ما لديه من أجل قصة واحدة ولو صغيرة. في هذه الحالة، تُعَدّ الرأفة بالنفس وصيانتها جريمة. «نحن بحاجة إلى فتح كل الأبواب، وقول كل شيء».
ربما بعد ذلك سيأتي الإحساس «بالدمار». ولكنَّ هذا الإحساس طارئ ومضلِّل. فبعد وقت قصير، تَستَحضِر فكرة جديدة وموضوع جديد من الوعي والذاكرة تدفّقًا جديدًا من الأفكار والصور. لأن الخيال، مثل الحياة نفسها، لا ينضب.
غالبًا ما يصطدم الخيال الحر للكاتب بالخطط والتصميمات المُعَدة مسبقًا. بالطبع، كل ناثر يضع خططًا لرواياته وقصصه. يُعِدّ البعض الخطط «حتى النقطة الأخيرة»، والبعض الآخر يرسمها بإيجاز، وحتى بشكل غامض. «مدى الرواية غير المُقَيَّدة لا يزال غير واضح بالنسبة لي من خلال البلورة السحرية».
عادةً ما تعيش الخطط الواسعة والدقيقة مدة قليلة - قبل أنْ يظهر على الصفحات أبطالُ الكِتاب الأوائل، البشر الأحياء الأوائل. ولكن بمجرد أن يأتي الشخص إلى الحياة من تحت قلم الكاتب، يبدأ في اللحظة نفسها بمقاومة الخطة المتعمدة وفي النهاية يكسرها.
يبدأ الشيء في العيش وفقًا لمنطقه الداخلي، «غير المتصوَّر» في أكثر الخطط مثالية. أثناء العمل، تظهر العديد من الأفكار الجديدة، والحلول، والاكتشافات، والانحرافات، وأحيانًا يظهر أشخاص جدد تمامًا. يبدؤون في قيادة السرد ودفع الشخصيات المُخَطَّط لها مسبقاً إلى الخلف.
الخطة ضرورية، لكن لا ينبغي أن تثقل كاهل العمل مثل الرسم الهندسي الذي لا يمكن تغييره. يجب ألا تقيد الخطة الخيال - هذه الخاصية الرائعة، السحرية حقًا، أساس الفن الحقيقي. يضيء الخيال مثل شمس ضخمة متلألئة فوق ضباب الفكرة الأصلية، ويفتح أمامنا فجأة عالمًا مدهِشًا وغير مرئي، مليء بالأفكار والحوادث والتألق والفرح والحزن والعمل والشخصيات البشرية والأصوات والألحان والروائح والحب والغضب وتغريد العصافير وتحليق السحاب.
نحن مدينون للخيال الإبداعي بأعمال الفن جميعها. والآن، بعد أنْ صارت هذه الثروات بحوزتنا، لا نقدر أنْ نتصوّر ما كان سيحدث لنا، وكيف كان يمكننا أنْ نعيش بشكل معقول على الأرض لو لم تكن كلها لدينا.
من حيث الجوهر، كل النثر الحقيقي المتكامل، الذي ننحني إجلالاً له، يتحدث عن شيء واحد - عن الإنسان. يعمل الكُتَّاب من أجله. يجتهدون في أن ينقلوا إليه أفضل ما تراكم لديهم وتربّوا عليه في نفوسهم وقلوبهم. إنهم يسعون جاهدين إلى أنْ ينقلوا إليه كل شيء، ويعبّروا له عن كل شيء حتى النهاية، من دون أنْ يطلبوا جزاءً على ذلك أو أنْ ينتظروا ردَّ الجميل.
وهكذا طالما تولد الأفكار العظيمة دائماً في أعماق القلب، فسينال الكُتّاب جرّاء سخائهم الحُظْوَةَ في قلوب الناس إلى الأبد.
قسطنطين باوستوفسكي
1953
الهوامش:
1 - قسطنطين باوستوفسكي (1892 - 1968): كاتب روسي سوفيتي ألّفَ العشرات من الروايات والقصص القصيرة والحكايات وقصص الأطفال واليافعين رُشِّحَ أكثر من مرة لجائزة نوبل.
2 - البيكي: نسيج قطني مُضلَّع تُصنَع منه الملابس. (المترجم).
3 - هذا مقطع من قصيدة وطنية كتبها الشاعر ألكسندر بوشكين عام 1831. كولخيس: موقع تاريخي لمملكة قديمة قامت في غرب جورجيا. (المترجم).
4 - من قصيدة لألكسندر بوشكين كتبها عام 1825. (المترجم).
تغريد
اقرأ لهذا الكاتب أيضا
- العلم الخَفي: ما اللسانيات الإدراكية؟
- خطاب لوباتشيفسكي «حول أهم مواضيع التربية»
- اللسانيات الإدراكية ودلالة مصطلح «إدراكي»
- ألكسندر نيستروغين وسلاسة الشعر الروسي المعاصر
- فيرا بولوزكوفا صوت مُمَيَّز في الشعر الروسي
- مهام الأدب في المجتمع المعاصر
- السياسة اللغوية في روسيا والعالم
- السوسير وباختين
- روح النثر الشعرية
اكتب تعليقك