رحيل المفكر السوري صادق جلال العظم
فكر – الرياض:
أُعلن فجر اليوم عن رحيل المفكر السوري صادق جلال العظم في برلين، بعد أزمة صحّية تعرّض لها الشهر الماضي ودخوله في غيبوبة. ولد الراحل في دمشق عام 1934 وتلقى تعليمه في مدارس الشام وصيدا قبل أن يتخرّج في "الجامعة الأمريكية" في بيروت.
يعد العظم من أبرز مفكري سوريا والعالم العربي، ارتبطت مسيرته الثقافية بكثير من الجدل، بسبب آرائه التي كان ينحاز لها في الفلسفة والثقافة والسياسة والاجتماع، وهو الجدل الذي وصل لدرجة الملاحقات القانونية في بيروت بتهمة إثارة النعرات الطائفية والعنصرية بسبب كتابه الأشهر "نقد الفكر الديني" الذي نشر عام 1969، والتي انتهت بإنصاف حيثيات الحكم الصادر بحق العظم باعتباره يضم "أبحاثاً علمية فلسفية تتضمن نقداً علمياً فلسفياً".
حاز العظم شهادة الدكتوراه من "جامعة ييل" الأمريكية وكانت أطروحته التي نشرت بالإنكليزية عن الفيلسوف الفرنسي هنري بيرغسون. عاد إلى دمشق بعد تخرجه، قبل أن ينتقل إلى بيروت ليعمل أستاذاً في "الجامعة الأمريكية"، التي رفضت عام 1968 تجديد عقده على خلفية مواقف سياسية يسارية معادية للسياسة الأمريكية ولخلافه مع شارل مالك، رئيس الجامعة في وقتها. وفي صيف عام 1968 بدأ تدريس الفلسفة في "الجامعة الأردنية" في عمّان، التي سرعان ما أجبرته السلطات الأردنية على مغادرتها في ربيع عام 1969.
عمل العظم، بعد ذلك، في "مركز الأبحاث الفلسطيني" في بيروت الذي ساهم في تأسيسه وانتظم في الكتابة لمجلة "شؤون فلسطينية" الصادرة عن المركز، لكنه سرعان ما أوقف عن العمل في المركز من قبل قيادة "منظمة التحرير الفلسطينية" على خلفية كتابه "نقد فكر المقاومة".
في أوائل الثمانينيات بدأ التدريس في "جامعة دمشق" ليصبح رئيساً لقسم الفلسفة فيها حتى تقاعده عام 1999. وكان العظم في أواخر الثمانينيات عمل أستاذاً زائراً في جامعة برنستون الأمريكية لخمس سنوات متواصلة، ثم عاد إليها لسنوات بعد تقاعده وبقي فيها حتى 2007.
وعمل في جامعات هامبورغ وهومبولت وأولدنبورغ في ألمانيا، وفي جامعة توهوكو في اليابان وفي جامعة أنتويرب في بلجيكا، وهو عضو في أكاديمية العلوم والآداب الأوروبية، ومن أهم المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي.
في عام 1969 نشر العظم كتابيه "النقد الذاتي بعد الهزيمة" و"نقد الفكر الديني" والذي حوكم وسجن بسببه قبل أن تبرئه المحكمة عام 1970، وهو نفس العام الذي أصدر فيه "دراسات يسارية في فكر المقاومة". في عام 1975 نشر "في الحب والحب العذري" و"الصهيونية والصراع الطبقي"، و"زيارة السادات وبؤس السلام العادل" عام 1978. ثم "دراسات في الفلسفة المعاصرة" عام 1981 و"الاستشراق والاستشراق معكوساً" عام 1981 والذي ساجل فيه أطروحة المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد وكتابه الشهير "الاستشراق". ثم أصدر العظم "دفاعاً عن المادية والتاريخ" عام 1987، وصولاً لواحد من أكثر كتبه إثارة للجدل عام 1994 أي "ذهنية التحريم: سلمان رشدي وحقيقة الأدب" والذي أتبعه بـ"ما بعد ذهنية التحريم" عام 1997.
بعد الثورة السورية عام 2011 أيّد العظم مطالبها وحراكها وانتظم في أُطرها الثقافية وانتخب عام 2013 كأول رئيس لـ"رابطة الكتاب السوريين" التي تأسست من قبل كتّاب داعمين للثورة السورية.
كُرّم العظم في أكثر من مناسبة خلال مسيرته، وآخرها في 2015 عندما منحه معهد "غوته" وسام الشرف الألماني. كما نال جائزة ليوبولد لوكاش للتفوق العلمي، التي تمنحها جامعة توبينغن في ألمانيا وجائزة إيرازموس الشهيرة في هولندا.
تغريد
اكتب تعليقك