المغول والعالم الإسلامي.. من الغزو إلى اعتناق الإسلام

نشر بتاريخ: 2024-09-10

المحرر الثقافي:

الكتاب: "المغول والعالم الإسلامي.. من الغزو إلى اعتناق الإسلام"

المؤلف: بيتر جاكسون

المترجم: منى زهير الشايب

الناشر: المركز القومي للترجمة في القاهرة

تاريخ النشر: 2024

عدد الصفحات: 554 صفحة

في كتابه "المغول والعالم الإسلامي.. من الغزو إلى اعتناق الإسلام" (منشورات جامعة ييل/ 2017)، يشير المؤرخ البريطاني بيتر جاكسون، في التقديم إلى أنه يسعى إلى استكشاف مسألتين؛ الأولى تتعلّق بتأثير الحملات العسكرية المغولية بقيادة جنكيز خان، وخلفائه الثلاثة الأوائل، على البلاد الإسلامية في بدايات القرن الثالث عشر.

ويبحث أيضاً في نظام الحكم المغولي الذي فُرض على المسلمين، على المدى الطويل، بعدما قسّمت إلى أربعة إيلخانات (إمبراطوريات أو ممالك)، في إيران والعراق وتركيا وأفغانستان وآسيا الوسطى وشرق أوروبا، واعتناق حكّامها جميعاً الإسلام، ومدى تحقيقهم العدالة في إدارة ممالكهم المختلفة.

عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة، صدرت النسخة العربية من الكتاب بترجمة أستاذة الآثار والحضارات القديمة منى زهير الشايب، التي تضيء مرحلة مهمة في التاريخ الإسلامي من خلال الاعتماد على مصادر باللغتين الفارسية والعربية وضعت في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، وبدرجة أقل على المراجع المكتوبة باللاتينية والفرنسية القديمة التي ألّفها باحثون ورحالة زاروا االإمبراطورية المغولية آنذاك، لافتاً إلى سوء حظّه في عدم التمكّن من الأرمينية والجورجية والسريانية والصينية التي كان يمكن أن تمدّه بالكثير أيضاً.

يعيد المؤلّف قراءة تلك الحقبة التي لم ينصفها إلا القليل من المؤلّفات التاريخية حتى اليوم، إذ تتركّز معظم هذه المؤلفات على عنف قبائل المغول من البدو الرحّل، وكذلك الإشارات المختلفة إلى إعاقتها للتطور السياسي والاقتصادي في المناطق التي احتلّتها من القارات الثلاث، بينما لعب المغول في المقابل دوراً فعالاً في تعزيز النشاط الاقتصادي والثقافي وتحفيز الشبكات التجارية التي تغطي كامل قارتي آسيا وأوروبا.

ويدرس أيضاً التبادلات الفكرية والثقافية، ولا سيما بين إيران والصين، خلال الحكم المغولي في مجالات متنوعة مثل الطب وعلم الفلك والجغرافيا والهندسة الزراعية والمطبخ، وصولاً إلى الفنون البصرية التي شهدت تطوراً كبيراً نتيجة التلاقح الثقافي بين الشرق والغرب، ويطلق عليها مصطلح "تبادل جنكيز" على غرار "التبادل الكولومبي" الذي يعني التبادل على نطاق واسع للنباتات والحيوانات والثقافة والأشخاص والتكنولوجيا والأمراض والأفكار بين الأميركتين وبين العالم القديم.

والكتاب يسعى للإجابة على عدد من الأسئلة، أهمها: كيف استطاع المغول إخضاع هذه المساحة الشاسعة من الأراضي الإسلامية في غضون بضعة عقود فقط لسلطانهم؟ وما مدى الدمار الذي تركته حملات الغزو على الأراضي الإسلامية؟ وإلى أي مدى تفاقم الضرر بسبب الحروب اللاحقة بين خانات المغول المعادية؟ وكيف أثرت الهيمنة المغولية على الأمراء المسلمين الخاضعين لسلطانهم، ورعاياهم المسلمين على المستوى الشعبي؟ ومن أي منظور رأى هؤلاء الخاضعون الحكام المغول الكفار؟ وكيف توصل أفراد السلالة الجنكيزية وقادتهم العسكريون وأتباعهم المغول إلى الإسلام؟ وهل حدث تغيير في البنية الاجتماعية والفكرية؟ وما العواقب المترتبة على اندماج دار الإسلام في إمبراطورية عالمية وتأثير ذلك مع اتصالها الوثيق بحضارة الصين القديمة المعقدة وغير المسلمة؟

أخذ الكتاب على عاتقه تغيير الصورة التاريخية النمطية المعروفة عن المغول بأنهم همجيون متوحشون يفتقرون معالم الإنسانية والحضارة، وحاربوا الإسلام والمسلمين ونكلوا بهم، ويؤكد على أن هذه الصورة لا تمثّل سوى الجزء الأسود المظلم من سلوكهم الذي نقل عنهم، والتاريخ يشهد بأن قبيلة "القبجاق" المغولية التي تحولت لتصبح أشد المناصرين والمدافعين عن الإسلام بأبهى صوره الحضارية كان لها لمسات إبداعية.

وعمل المغول وعلى رأسهم الخانات والأمراء والملوك على ترسيخ مظاهر الحضارة الإسلامية في المملكة الذهبية (خانية القبيلة الذهبية) كغيرها من البلاد الإسلامية، وحرصوا على توثيق كل ما هو إسلامي ذو طابع حضاري في تصرفاتهم وحياتهم العامة والخاصة.

المؤلف

بيتر جاكسون هو أستاذ فخري لدراسات تاريخ العصور الوسطى في جامعة كيل في بريطانيا، وله مؤلفات حول الحروب الصليبية، والعالم الإسلامي الشرقي، والمغول، ومن ضمن مؤلفاته كتاب بعنوان «المغول والغرب 1221-1410».


عدد القراء: 2261

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-