خطاب الجنون .. حفريات في الثقافة العربية
المحرر الثقافي:
الكتاب: خطاب الجنون .. حفريات في الثقافة العربية
المؤلف: مراد المتيوي
الناشر: كنوز المعرفة
تاريخ النشر: 1 يناير 2019
عدد الصفحات: 496 صفحة
يناقش الباحث المغربي مراد المتيوي في هذا الكتاب مفهوم الجنون الذي يعبِّر حسب رأيه عن تناقضات المجتمع وأخطائه، ويتكوَّن من مجموعة من الأبعاد الثقافية والسلوكية. فالبحث في الجنون كما يرى، هو بحث في الثقافة التي تبني استراتيجيتها من تشابك عدد كبير من المسارات التاريخية والفلسفية والاجتماعية وغيرها من المسارات التي يتأسس عليها تطور المجتمعات.
وفي بداية كتابه الذي يتكوَّن من بابين تنتظم فيهما عشرة فصول، والذي قدَّم فيه قراءة تحليلية لخطاب الجنون في الثقافة العربية، يعترف المؤلف بصعوبة تعريف الجنون، ويرجع ذلك إلى “تحوُّل الجنون إلى معطى ثقافي واجتماعي متغير يتأثر بالطب والدين والأفكار الشعبية”. وهكذا صار الجنون مفهوماً نسبياً “ما دام لكل مجتمع مجانينه الذين يخبرون عنه”. ولهذا أيضاً “يتخذ الجنون أشكالاً متعدِّدة، ويوظف توظيفات مختلفة، ويكثر حضوره كلما تعلق الأمر بالحيرة والخروج عن المألوف”. وبسبب هذه الصعوبة في الوقوف على معنى محدَّد للجنون، حرص الكاتب على استعراض عالم الجنون والمجانين على المستويين الفكري والفلسفي. ففي الباب الأول من الكتاب، يرصد تطوُّر دلالة المفهوم في الفكر الغربي الذي احتضن الجنون وأوجد له صوتاً وموقعاً بجانب الفكر. ثم يتتبع موقع الجنون في الثقافة العربية وحضوره في المصنفات التراثية. كما يبحث في علاقة الجنون بالتصوف، ويحدِّد أشكال توظيف الجنون سواء من خلال الاحتماء به أو باعتباره أداة للنقد يتم توظيفها لأغراض محدَّدة.
أما الباب الثاني من الكتاب فيكشف عن الامتدادات الثقافية للجنون، ويبرز سلطته كحالة اجتماعية لها طبيعتها الخاصة. ويوضِّح الكاتب كيف تسلط المجنون في المقامة باعتبارها وثيقة أدبية تظهر تناقضات المجتمع، كما يحلل العلاقة الكامنة بين المجانين والصبيان خاصة، لأن الصبي يشترك مع المجنون “في غياب التكليف وتسامح المجتمع”.
ويستعرض المؤلِّف كذلك في الباب الثاني تجليات ما سمَّاه “بنية الضحك عند المجانين والحمقى”، من منطلق اكتشاف طبيعة الضحك الذي يثيره المجنون. وذلك بسبب الارتباط بين أخبار المجانين والتسلية والتهريج، وهو الأمر الذي أشارت إليه من قبل عديد من الكتب والدراسات. لكنه يبرز في الوقت نفسه كيف يكون بوسع المجنون تطويع المواقف وتحويل الآخرين إلى موضوع للضحك بدلاً من أن يكون هو موضوعاً لضحكهم. وفي هذا الإطار، يركِّز الكتاب على طبيعة حضور السخرية عند المجانين والحمقى، ويقارن بين المضحك في خطاب المجانين الذي ينهض على الكشف عن طبيعة الناس وتناقضاتهم، والمضحك في خطاب الحمقى الذي يعود لأسباب ترتبط بالأحمق نفسه الذي يتحوَّل عن قصد إلى مهرج لتحقيق الضحك.
تغريد
اكتب تعليقك