أعراف الكتابة السردية
المحرر الثقافي:
الكتاب: "أعراف الكتابة السردية"
المؤلف: عبد الله إبراهيم
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
تاريخ النشر: 2019
عدد الصفحات: 440 صفحة
في كتابه "أعراف الكتابة السردية" استخلص الناقد العراقي عبد الله إبراهيم ما رآه من "أعراف يلزم الأخذ بها من طرف معظم الروائيين العرب الذين رآهم يعفون أنفسهم بسهولة من كثير منها، فجاءت رواياتهم باهتة، لا تفي بقواعد الكتابة السليمة".
وقد ابتدأ الكتاب بالقول: "يتطلّع هذا الكتاب إلى الوقوف على أعراف الكتابة السردية، ولستُ أنا من يضع تلك الأعراف، بل حاولت اشتقاقها من تجارب الروائيين في الكتابة، ومن آرائهم فيما يكتبون".
ويذكر الناقد أن عدداً من الروائيين كتبوا رسائل إلى أقرانهم، بهدف عرض خبراتهم، وتجاربهم، للإفادة منها، "وقد اطّلعتُ على شيء منها، فراق لي، وأبهجني؛ لما فيه من خبرات صدرت عن ذوي تجارب عميقة في الكتابة، وعلى منواله حاولت تحرير هذا الكتاب، بهدف مخاطبة القارئ الذي افترض أن يكون روائياً، أو في طريقه إلى أن يكون كذلك، سواء نضجت تجربته أم ما زالت قيد التكوين. وما غاية هذا الكتاب أن أنسب إلى نفسي ما ليس لها، بل إسناد الأفكار إلى أصحابها؛ فاسترسلت في إيراد كثير منها؛ وبذلك انتهى الكتاب إلى مزيج من الوصف والتحليل مما يستجيب لتوقّعات قارئ السرد في الدخول إلى عالم الكتابة الروائية، فالناقد في بدء أمره يحاول أن يفسر كل شيء، غير أنه ما يلبث، بتقدّم العمر، وطول الممارسة، أن يجعل الأشياء تفسّر بعضها بعضاً، فيتحوّل من شخص يسعى إلى اشتقاق تفسيره الخاص إلى آخر يتولّى توفير الظروف المنهجية التي تجعل الأشياء تفسّر نفسها".
ويرى إبراهيم أن الظاهرة السردية منفتحة على تجارب الكتابة في العالم، ولها قدرة على ابتكار تقنيات جديدة تمكّنها من التعبير عن موضوعاتها بأفضل الطرق، فحيثما التفت الناقد، وهو يحلّل السرد يجد طرائق مبتكرة، فما أن تستقر نُظم السرد على حال، إلا وتنحسر أمام أخرى، يدفع بها السرد كالأمواج الهادرة. ومع أن السرد العربي الحديث انفتح على اتجاهات لم تكن معروفة من قبل على نطاق واسع، مثل: التخيّل التاريخي، والسرد النسوي، والسيرة الروائية، وموضوع الهوية، وموقع الأقليات، وتمثيل التجربة الاستعمارية، وهي قضايا شديدة الأهمية، إلا أن معظم الروائيين العرب لم ينتبهوا إلى القوة الجبارة للسرد، ولم يأبهوا بصنعته، فكتب بعضهم أعمالاً مترهّلة، غلب عليها الإنشاء السطحي، والوصف الساكن، والحبكات الرتيبة، والشخصيات النمطية، والنهايات المفتعلة. ويعود ذلك إلى عدم الاهتمام بالوظيفة التمثيلية للسرد، ومجافاة أعراف صنعته، ولن يسعفهم أحد في إثراء ما يكتبون غير حركة السرد العارمة في العالم.
وينفي الناقد إبراهيم مفهوم «الموهبة» ويقترح «الصنعة» بديلاً لها، مشدداً على ما اصطلح عليه "صنعة السرد" وهذا أمر جدير بالاهتمام، إذ تقترن كلمة "صنعة"، لدى كثير من القراء، والكتّاب، بتجشّم المشقّة في التأليف، وما يرادفها من تصنّع، وتكلّف، الأمر الذي يوحي بكتابة تعارض البديهة، وتخالف الطبع، فلا يصار إلى الاهتمام بجودة الصنعة، وإتقانها، وإحكامها، والحذق فيها، بل التظاهر بها، وتكبّدها من دون خبرة، وادّعاء المعرفة بها من غير دراية بقواعدها العامة.
تغريد
اكتب تعليقك