المرقش.. رواية لقصة عشق خالدة

نشر بتاريخ: 2023-04-12

المحرر الثقافي:

الكتاب: "المرقش (حالت قرى نجران دون لقائها)"

المؤلف: ابن عايض صالح

الناشر: دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق

تاريخ النشر: 2023

عدد الصفحات: 390 صفحة

صدر حديثاً عن دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق رواية بعنوان: "المرقش (حالت قرى نجران دون لقائها)" للكاتب ابن عايض صالح. استطاع المؤلف عبر هذه الرواية تقديم قصة عشق خالدة بفيض من المشاعر وتتخللها قراءات تحليلية للعديد من الأحداث التاريخية عبر استلهام الصور والشخوص والأحداث بصورة تجعل القارئ قادراً على تخيلها كما لو أنها تقع أمام عينيه.

من خلال انتزاع الزمن وإعادة تراتيب الأحداث من خلال آلة ذكية يعمل عليها ثلاثة ومن أبناء نجران بدافع فهم حالة شقيق صديقهم وغيبوبته الغير مفسرة، تقوم آلة الرنين المغناطيسي الوظيفي بقراءة نمط الفكرة التي تكاد تسيطر على عقل مسعد والتي تجعله في حالة من النوم الأبدي أو اللذة اللامحدودة، وبعد رحلة من التفاسير والنظريات ومحاكاة كافة أنواع الحلول الممكنة، يكتشفون فجأة بأن السبب الدكتورة أسماء.

 أسماء كانت سبب في بداية خيط حل المتاهة التي خلقوها لأنفسهم. تتكشف رحلة المرقش في جزيرة العرب وبين الحيرة والشام واليمامة، تنازع المذاهب المسيحية، واقتتال ملوك العرب المناذرة والغساسنة، وحرب ملك حمير ذو نواس على نصارى نجران والأحناف، ومن ثم أوج زمن الشعر والحرب ومشاركته في حرب البسوس وتفاصيل وقوعه في الأسر على يد المهلهل. شخصية عربية وأيقونة حب لم يلتفت لها أحد ولكن مسعد أولاها الاهتمام، ربما بدافع الولاء والحب لنجران أو هو غريزة اكتشاف أسباب الغموض في الأحداث، والتي من خلال الرحلة يكتشف بأن اليهود كان يسيطرون على مفاصل الفكر العربي وكانوا يديرون الأحداث بدهاء سياسي منقطع النظير وسيطرتهم على أماكن تجمعات الشعراء والقوافل من خلال الحانات وتجارة الخمر.

يكتشف مسعد بأن يهود طبرية كانت لهم وفود خاصة إلى اليمن ويحرضون على المؤمنين في نجران لاعتقادهم بأن أحد وجهاء نجران كان السبب في تحريض نبوخذ نصر وتخريبه للهيكل.

رحلة العشق والحب العذري التي توج بها المرقش التاريخ، تنتهي بشكل لا يمكن إلا أن يكون خالداً، في سبيل الوفاء والتضحية ومجابهة كل الصعوبات في سبيل المحبوب، يؤسس ركائز الشعر العربي الخالد، ويتأثر به الشعراء قاطبة، على رأس أمرؤ القيس وابن شقيقه عمرو بن قميئة، والمرقش الأصغر وطرفة والأعشى.

أسماء تختفي في رحلة أخرى غامضة لتكون سبب في مقتل مرقش آخر.

يقول المؤلف: في عام 2018 سقط في يدي مختصر لكتاب الأغاني، تصفحته بكل رتابة، كحال أي كتاب، سرد مبسط للشعر والشعراء منذ فجر اللغة العربية، كتاب كتبه أبو فرج الأصفهاني في خمسين سنة، يسرد الشعر والأصوات والألحان والتي كانت في أوج الحضارة الإسلامية وبناء على طلب الوزير المهلبي وزير المعز للدولة البوهية، وحمله عندما أنتهى منه إلى سيف الدولة الحمداني.

الكتاب موسوعة إنسانية احتوت على أشعار وقصص وأصوات وموسيقى ومغنين من أشهرهم (ابن سريح وبن محرز، حياة الشعراء ومآسيهم.

لم أتردد في البحث عن نسخة نادرة واقتنيتها.

كانت لكلمة المرقش وقعاً خاصاً في مسامعي، جعلني أتتبع سيرته، أحد العشاق، وسيد من أسياد الغزل العذري، أحد المجانين العرب، أسماء ابنة عمه كانت المذنبة أم هو عمه عوف بن مالك الذي حرمه من أسماء وزوجها للمرادي؟

قصة تتفطر لها الأكباد، تركه الرفقاء، ونهشت السباع أنفه، وتُرك ليموت في كهف، أرسلت الرحمة الإلهية له راعي أغنام غريمه، ليرسل خاتمه في حليب المعزى، فيقرع الخاتم في ثنية أسماء، فتعرفه لتأتي إليه مع زوجها، لينشدها قصيدته الخالدة، والتي كلها تأسي وحزن.

أَغالِبُكَ القلبُ اللَّجوج صَبابَةً

                                   وشوقاً إلى أسماءَ أمْ أنتَ غالبُهْ

يهيمُ ولا يعْيا بأسماء قلبُه

                                      كذاك الهوى إمرارُه وعواقِبُهْ

أيُلحى امرؤ في حبِّ أسماء قد نأى

                                   بِغَمْزٍ من الواشين وازوَرَّ جانبُهْ

وأسماءُ هَمُّ النفس إن كنتَ عالماً

                                   وبادي أحاديثِ الفؤادِ وغائبهْ

إذا ذكرَتْها النفسُ ظَلْتُ كأنَّني

                                يُزعزعني قفقاف وِرْدٍ وصالبُهْ

كل ذلك هزني كحال إنسان يتأسى أو يتألم من ألم غيره، ولكن الذي استوقفني، بأن ذلك كله حدث في نجران، نعم نجران، مدينة المؤمنين، ومنبع البلاغة والشعر والبطولة.

ويقول المؤلف: أخذت على عاتقي بحث تلك الحقبة الزمنية، ومحاولة فهم الأحداث، وطبيعة العلاقات، وأبرز الشخصيات، عن طبيعة الدين وسيادة الفكر لمن، ولا أخفيكم سراً، بأنني اكتشف حجم جهلي وصغر مقامي أمام كل هذا الكم الهائل من المعرفة والتاريخ والعراقة والذي كنت به جاهلاً.

لذا انطلقت منذ أكثر من سنة، في محاولة لجعل الأمر ممتع وسهل، على من كان مثلي، لمن يحب نجران ويجهل كثير من تاريخها، ومن لا علم له بكل هذا الإرث العظيم من التاريخ، من خلال سرد روائي بسيط، أخ يحاول أن يفهم سبب غيبوبة شقيقه، فيهتدي لشخص يبحث في معالجة الصور الطبية بالرنين المغناطيسي الوظيفي fMRI، يقوم من خلال أحد الحكماء في منطقة نجران (أبو صالح) ليصلوا بأن الرجل في حالة نوم قسري، ولن يفيق من نومه إلا إذا حدثناه بما يفكر فيه.

وبالفعل، يصلون إلى قدرة من اختراع آلة تقوم بإعادة قراءة التاريخ، وسرد الأحداث، ومعالجة النصوص والصور لتساهم في بناء مدينة افتراضية يمكنك أن تتجول فيها كيفما شئت وفي أي حقبة كانت، وتستمع لأي شخصية تريد.

كانت أبرز الأحداث، حادثة الأخدود، وحوار كعب بن الحارث مع ذو نواس مسروق التبع اليماني، ولقاء امرؤ القيس مع عبيد بن الأبرص، وتأملات المرقش وبداية انبثاق الحب في نفسه إلى حد مصيره الأخير ومروره على قس بن ساعدة وهو يحادث أحد المارة.

يهود طبرية ودورهم في حروب العرب، المذاهب المسيحية والفرقة بسبب تأويل ناسوت ولاهوت المسيح عليه السلام، أشعار وتأملات مار أفرام الملفان السرياني.

ربما هو منهج جديد في السرد..


عدد القراء: 1275

التعليقات 1

  • بواسطة عبدالله من العراق
    بتاريخ 2023-04-14 04:01:19

    حُبي للثقافية لاينتهي وللناس الذي يسعون لنشر الثقافة اوجه تحية طيبة لكل شخص بادرة بجملة ونفع غيره اينا ماكنتم في هاذ العالم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-