اللغة العربية وإشكالية المحتوى الرقمي
فكر – المحرر الثقافي:
تواجه اللغة العربية في احتفاليتها السنوية اليوم، والتي تصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تحديات وإشكاليات كبرى من حيث دخولها للمحتوى الإلكتروني كوثائق رقمية تأريخية ووسيلة لنقل المعرفة في العالم الافتراضي عبر الوسائط الإلكترونية المتعددة كالنصوص والصور والسمعيات والمرئيات والخرائط والتطبيقات الإلكترونية.
وظهرت أهمية اللغة العربية رقميًا بسبب الأهمية الاستراتيجية التي حظيت بها المنطقة العربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية وبسبب ازدحام أرضية المنطقة بالصراعات والأزمات التي يتأثر بها العالم الخارجي أيضًا.
فقد حققت التغيرات الاجتماعية والسياسية للمنطقة قفزة نوعية في إثراء المحتوى الإلكتروني العربي والوصول إليه عبر الإنترنت من خلال شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة والتطبيقات والبرامج الإلكترونية الأخرى، سواء على الهواتف النقالة، أو على الأجهزة اللوحية والكمبيوتر.
وتشير دراسات حديثة إلى أن المحتوى العربي الإلكتروني ما زال يعاني من خلل كبير وبون واسع بين المحتوى المؤلف من اللغات الأخرى كاللغات اللاتنيية.
فبالرغم من التوسع الهائل الذي عرفه هذا المحتوى على مدار السنين الماضية، فإنه لا يتساوى مع الإرث العملي والثقافي العربي ولا مع عدد الناطقين بالعربية في العالم والبالغ عددهم حوالي 400 مليون شخص، أي ما يمثل نسبة تقدر بأكثر من 5 بالمئة من تعداد السكان عالميا.
وبحسب تقرير لمنظمة إسكوا فإن المنتجات المعرفية مثل الكتب الإلكترونية وبرامج التعليم الإلكتروني ما زالت دون المستوى المقبول في المنطقة، أضافة إلى النقص الواضح في المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت لتراث الحضارة العربية الذي امتد لقرون من المعرفة الموثقة باللغة العربية، والتي لا تضاهيها لغة حية أخرى.
وقد عكفت العديد من الحكومات العربية والمنظمات الدولية والمحلية خلال السنوات العديدة الماضية على تطوير المحتوى الرقمي من خلال تدشين عدة مشاريع ومبادرات باللغة العربية في عدة عواصم عربية.
فعلى سبيل المثال، ينهض المجمع Twofour 54 في أبوظبي بمبادرات عدة كمختبر الإبداع الذي يوفر التمويل للأفكار المبشرة المتولدة في العالم العربي والتي تركز على السوق الناطقة بالعربية، وتطبيقات Arabia Apps وهي بمثابة واجهة بين مطوري التطبيقات وذوي الأفكار لمحتوى التطبيقات.
وأشارت منظمة إسكوا الدولية في تقرير لها إلى أن المحتوى الرقمي في قطاع الإذاعة والتلفزيون والكتب والموسيقى والسينما حقق نجاحات متزايدة في السنوات الأخيرة، وهو بمثابة الوسيلة المواتية للمحافظة على البيئة، ليس من الناحية التكنولوجية فحسب، بل من النواحي القانونية والثقافية.
وجاء إطلاق أسماء النطاقات العربية ليعزز من مكانة اللغة العربية في محتوى الإنترنت. حيث أصبح ممكنًا الحصول على عنوان ويب بالعربية فقط رغم أن القسم الأكبر من المراجع العربية توجد على نطاقات أهمها: .org, .com, .net. حيث أظهرت دراسة أن المحتوى العربي الإلكتروني منشور داخل 53 نطاقًا من نطاقات الإنترنت.
وقدّرت دراسات حول قيمة سوق المحتوى الرقمي العالمي لعام 2011 بأقل من 3000 مليار دولار، ومن المتوقع أن يبلغ نحو 3800 مليار دولار في عام 2015. وتم تقدير حصة المنطقة العربية من سوق المحتوى العام اعتماداً على فرضيات تقريبية بما يقارب 89 مليار دولار لعام 2011 و112 مليار دولار لعام 2015.
تغريد
اكتب تعليقك