كتاب (الإعلام الإلكتروني وأزمة القيم) لثورة الإعلام الإلكتروني
فكر – المحرر الثقافي:
كتاب "الإعلام الإلكتروني وأزمة القيم"
المؤلف: د. خاطر الشافعي
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة
عدد الصفحات: 118 صفحة من الحجم المتوسط
في كتابه "الإعلام الإلكتروني وأزمة القيم"، يعرض د. خاطر الشافعي للتغيرات التي مست المجتمع العربي نتيجة ثورة الإعلام الإلكتروني سواء العربي والأجنبي، معتبرًا أن الاعلام الإلكتروني استطاع تحويل الفضاء الإلكتروني الواسع إلى ساحة من الفوضى الفعلية وليس الافتراضية كما يحلو للبعض وصف ذلك، فبفضل الإمكانات الهائلة التي يستحوذ عليها وبعد سقوط قيود الجغرافيا وحتى سقوط القيود القانونية التي كانت تقيد حركة النشر في الماضي قبل ظهور الإعلام الافتراضي والصحف الإلكترونية.
كما يعتبر المؤلف أن ما وصفه بهذه الفوضى الإلكترونية جعلت المتلقي العربي في حيرة من أمره، بسبب تضارب ما يتلقاه من معلومات وأخبار، بعضها قد يكون صادقًا وبعضها قد يكون كاذبًا أو مضللاً، بالإضافة إلى تضارب الأخبار والمعلومات المتدفقة طوال الوقت عن طريق هذه المواقع للمتلقي، ويصف المؤلف هذا التدفق بأنه خطر يعصف بمنظومة الأخلاق والقيم في العالم العربي.
ويحذر المؤلف من أن الإعلام الإلكتروني بهذه الإمكانات الواسعة والجديدة في الفضاء الإلكتروني قد وجه ضربة قاصمة لما يطلق عليه المؤلف اسم "الإعلام الهادف"، كما حذر المؤلف في نفس الوقت من أن ما وصفه بالفضاء الهائل للتخزين في فضاء الإنترنت قد جعل ملايين الأفكار والنصوص الإبداعية المتاحة عبر الإنترنت معرّضة للسرقة والاستيلاء عليها، طالما أن الوصول لهذه الأفكار والنصوص أصبح مجانيًا، وبهذه السهولة التي أصبحت عليه بعد ظهور الإنترنت والانفجار في عدد المواقع الإلكترونية.
وبخلاف الجانب الأخلاقي لما يعتبره المؤلف فوضى الإعلام الإلكتروني، فالمؤلف يشير في نفس الوقت إلى ما يصفه بالأخطار الأخلاقية الناتجة عن انتشار مواقع الإنترنت بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، وحيث تتزايد الصفحات الإباحية على الإنترنت، ويجد الشاب نفسه في محيط هائل من المحتوى الإباحي الذي يتم تصديره عبر الشبكة الافتراضية متخطيًا الحدود الجغرافية للدول.
ويشير المؤلف إلى ما يُطلق عليه العلماء اسم "إدمان الإنترنت"، حيث يدمن الشباب والفتيات الدخول على شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وحيث لم يعد في مقدور الشباب أن يتخيلوا حياتهم اليومية بدون الدخول على الإنترنت وبدون شبكات التواصل الاجتماعي، بما يمثله هذا من جانب سلبي على سلوك الشباب والفتيات.
ويشير المؤلف إلى أن الشباب أصبحوا يقضون معظم يومهم أمام شاشات الحواسب الإلكترونية للتواصل مع أصدقاء افتراضيين، معتبرًا أن قضاء الوقت على الإنترنت بهذا الشكل يمثل إهدارًا للوقت وخطرًا على أخلاق الشباب والفتيات.
ويلفت المؤلف في نفس الوقت إلى ظاهرة جديدة رافقت ظهور وانتشار مواقع الإنترنت بهذا الشكل، وهي ظاهرة البلطجة الإلكترونية، وحيث تتخذ ظاهرة البلطجة الإلكترونية أكثر من شكل وأكثر من أسلوب، منها اقتحام الحياة الشخصية للأفراد ونشر صورهم الخاصة بدون استئذان منهم، بل واستغلالهم بطريقة تخالف القانون، أو نشر صور فاضحة منسوبة لأشخاص بغرض الإساءة لهم أو ابتزازهم، أو حتى التعرض للأشخاص في الطريق أو وسائل المواصلات بالضرب أو افتعال المشاجرات، ثم نشر صور هذه الأحداث على الإنترنت لجذب مشاهدات لكسب المال منها، أو للابتزاز، أو لأي غرض آخر.
وفي مواقف أخرى يتعرض المراهقون للتحرش في أنفاق الأقطار أو المناطق المنزوية، وهي جريمة تكررت مرارًا في دول مختلفة خاصة في إنجلترا، ثم نشر صور التحرش أو الاعتداء على الإنترنت في المواقع الإباحية، وهو ما أدى في بعض الحالات إلى انتحار بعض المراهقين نتيجة تعرّضهم لهذا التحرش، ثم نشر ما تعرّضوا له من تحرش فضائحي على الإنترنت.
ويلفت المؤلف النظر إلى الدور المنوط بالأسرة للقيام به للتصدي لمثل هذا السلوك ولوقف هذه الجرائم وحماية أبنائهم من التعرض للتحرش الإلكتروني، ومن هذا التأكيد على الأبناء بعدم إعطاء أي معلومات شخصية أو معلومات عن العائلة، وتنمية الثقافة الإلكترونية للأسرة عن كيفية استخدام شبكة الإنترنت وتصفح صفحات الشبكة، ومتابعة الأبناء خلال إبحارهم على الإنترنت ومعرفة مواقع بحثهم، مع أهمية وضع الكمبيوتر المتصل بخدمة الإنترنت في مكان مرئي في المنزل أو زاوية متسعة بالمنزل، بحيث يكون في مقدور أي شخص من الأسرة رؤية ما يتصفحه الأطفال، وتجنب وضع أجهزة الكمبيوتر المزودة بخدمة الإنترنت في غرف نوم الأطفال، ومن الضروري أيضا معرفة الأسرة لمعارف وأصدقاء أبنائهم على الإنترنت.
ويعتبر المؤلف أن سلوكيات الشباب العربي المرتبطة بإساءة استخدام شبكة الإنترنت هو سلوك مكتسب نتيجة تراكم عدد من العوامل وليس نتيجة انتشار شبكة الإنترنت فقط، فالشباب العربي كما يقول المؤلف يفتقد القدوة الحسنة والمثل الأعلى، كما يفتقد الشباب العربي ما يصفه المؤلف بـ "التوازن الفكري السلوكي" في إطار حالة من التخبط وعدم التوازن تعيشها البلدان العربية في الفترة الأخيرة.
فالجماهير العربية تعيش في (حالة انبهار) وهذه الحالة تجعل من المواطن العربي أسيرًا لكل ما هو مستورد، بل إن حالة التخلف الفكري والثقافي التي تعاني منها كثير من المجتمعات العربية هي التي جعلت العرب يلهثون بهذا الشكل وراء كل ما هو مستورد من الغرب.
وبالعودة لموضوع الإعلام الإلكتروني، فإن المؤلف يعتبر كل ما سبق هو انعكاس وسبب في نفس الوقت في حالة الإخفاق الكبير الذي يعيشه الإعلام العربي في ظل أوضاع متراكبة من العيوب أنتجت إعلامًا معيبًا لا يستطيع التصدي لحالة الغزو الإلكتروني الذي يعصف بالمجتمعات العربية.
ويصف المؤلف البضاعة التي يقدمها الغرب لنا عبر ملايين الصفحات الإلكترونية، بأنها بضاعة فاسدة يقدمها إعلام فاسد، ويقبل عليها جمهور لا يجد بديلاً لهذا الإعلام الفاسد.
تغريد
اكتب تعليقك