المغرب أول بلد عربي يحل ضيفًا على معرض باريس للكتاب

نشر بتاريخ: 2017-03-23

فكر – باريس:

ضمن فعاليات معرض باريس الدولي للكتاب في دورته السادسة والثلاثين، يشارك المغرب ضيفَ شرف لهذه المناسبة الكبرى التي تستمر على مدى أربعة أيام. وفي هذا الإطار يشارك في هذه الدورة نحو 90 كاتبًا مغربيًا، و3 آلاف عنوان مغربي، صدرت عن 60 ناشرًا مغربيًا و30 ناشرًا فرنسيًا، مثلما يشهد معهد العالم العربي بباريس عرض ذخائر التراث المغربي، ونفائس الذاكرة الحضارية والثقافية للمغرب الأقصى.

المغرب الثقافي

يرى وزير الثقافة المغربي محمد أمين الصبيحي أن اختيار المغرب ضيف شرف لمعرض باريس هذه السنة إنما يمثل “فرصة للمغرب للتعريف بثرائه الفكري والأدبي وتعدد روافده الثقافية والحضارية، مثلما يشكل الحدث فرصة لتعزيز العلاقات المغربية والفرنسية، وامتدادا لتاريخ عريق من التبادل الثقافي”. وأضاف الوزير أن المغرب يطمح إلى أن يكون “في مستوى هذا الحدث الثقافي الاستثنائي، وفي مستوى تلك العلاقات المتينة بين البلدين، وأن يعكس صورة مغرب منفتح على التعدد والاختلاف، غني بتراثه وثقافته”.

وبحسب وزير الثقافة المغربي، فقد شهد المغرب تطورات كبرى في مجال الاعتراف بالتعدد الثقافي واللغوي الوطني، وبالحق في الولوج إلى الثقافة، من خلال دعم الإبداع الثقافي والفني واحترام حرية الإبداع، انطلاقًا من اعتبار الثقافة “عنصرًا أساسًا في النهوض بمجتمع قوامه التماسك الاجتماعي والتقدم والحداثة”. والدليل على ذلك، يضيف الوزير المغربي، تلك الدينامية التي عرفها المغرب خلال العقد الأخير، وهي دينامية ثقافية كبرى، تجلت في ظهور طاقات ومواهب جديدة، وبروز جيل جديد من المبدعين وتنامي الوعي بأهمية الثقافة.

و”ليس أدل على ذلك من ارتفاع عدد الكتاب وغزارة الإنتاج الأدبي باللغتين العربية والفرنسية من توقيع كتاب وكاتبات، توجت أعمال الكثيرين منهم بجوائز رفيعة”. وهنا يكون الوزير قد استحضر الروائية المغربية ليلى السليماني، الفائزة هذه السنة بجائزة الغونكور الفرنسية، وهي أول مغربية تفوز بالجائزة، بعدما توج بها كل من الطاهر بنجلون وعبداللطيف اللعبي وفؤاد العروي.

ضمن فعاليات الاحتفاء بالمغرب ضيف شرف لمعرض باريس، يشهد فضاء معرض العالم العربي في العاصمة الفرنسية باريس تنظيم أكبر معرض لذخائر المغرب ونفائس التحف الأثرية المغربية. وسيتم عرض 34 مخطوطًا نادرًا من أهم المخطوطات المتوفرة في الخزانات والمكتبات المغربية. ومن درر هذه المخطوطات الأمهات مخطوط نادر لتاريخ ابن خلدون، بعد المقدمة، وهو كتاب “العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”.

هنالك، أيضًا، نسخة نادرة لكتاب “كليلة ودمنة” لعبدالله بن المقفع، ومخطوط “الموطأ”، القادم من خزانة القرويين، وعمره نحو ألف سنة، ثم مخطوط المصحف الشريف، ومخطوط للإنجيل، ومخطوط للتوراة يبقى أنفس مخطوط مغربي، على الإطلاق، وقد كتب على رقاع يبلغ طولها نحو 24 مترًا.

كما تضم قائمة المخطوطات متونًا فريدة في علوم الموسيقى والصيدلة والفلاحة وغيرها. وكل المخطوطات مسجلة في المكتبة الوطنية والخزنة الحسنية في الرباط، وخزانة القرويين بفاس، وخزانة ابن يوسف بمراكش. كما سيتم عرض مجموعة من التحف المغربية.

جلسات باريسية

يلتقي زوار المعرض بكتّاب مغاربة في عدد من الجلسات الفكرية والأدبية التي سيحتضنها معرض باريس الحالي. وستكون الكلمة في البداية للشعراء، من خلال لقاء “أصوات شعرية”، الذي ينطلق بالإنصات إلى التجارب الراسخة في الشعر المغربي المعاصر، لكل من محمد بنيس وعبداللطيف اللعبي ومحمد حمودان. أما الجلسة الشعرية الثانية، فتضم كلاً من أحمد عصييد وحسن نجمي وسهام بوهلال.

كما يعرف برنامج “ضيف الشرف” تنظيم لقاء خاص بعنوان “حوار مع غائب”، يجدد اللقاء بكتاب مغاربة راحلين، من أمثال إدريس الشرايبي، صاحب “الماضي البسيط” وأعمال أخرى، هو الذي ما زال يحظى بحضور قوي في مجتمع القراءة الفرنسي، إلى جانب لقاء مع الكاتب محمد شكري، يستعيد علاقته الاستثنائية مع الكتابة، وتجربته الحياتية، ثم لقاء مع الراحلة فاطمة المرنيسي، التي ودعتنا السنة الماضية.

كما سيتم تنظيم ندوة بعنوان “المتوسط موضع أسئلة”، بمشاركة كل من محمد الطوزي ومحمد الصغير جنجار وديونيجي ألغيرا، وندوة أخرى عن “المجلات فضاء للحرية والحوار”، بمشاركة زكية داود اللعبي وعبدالسلام الشدادي، وندوة ثالثة عن “فهم المغرب”، يشارك فيها كل من عبدالسلام الشدادي وجامع بيضا ومحمد كنبيب، وندوة “لغات وآداب”، بمشاركة عبدالفتاح كيليطو ومحمد برادة ومحمد الأشعري وزكية العراقي سيناصر، ثم لقاء خاص عن المتوجين الأربعة من المغاربة بجائزة الغونكور، ولقاءات أخرى في الفكر والآداب والتاريخ.

وتأكيدًا لقيم الحوار الثقافي التي يصدر عنها اختيار المغرب ضيف شرف للمعرض، سيتم تنظيم لقاءات ثنائية يلتقي فيها مغاربة وفرنسيون تتقاطع تجاربهم وانشغالاتهم الفكرية والجمالية. ويجمع اللقاء الأول بين إدريس اليزمي وميشيل فورست، والثاني بين ماحي بنبين ودافيد أسولين، والثالث بين فتح الله ولعلو ولويس غيغو، والرابع بين ليلى السليماني ونينا يارجيكوف.

هكذا، سيقترب جمهور معرض باريس أكثر من الثقافة المغربية والمثقفين المغاربة، في دورة استثنائية بالنسبة إلى الثقافة الفرنكوفونية كما العربية، فبعد الأرجنتين التي حلت ضيف شرف على معرض باريس 2014، ثم البرازيل، ثم كوريا الجنوبية، خلال السنة الماضية، يكون المغرب أول بلد عربي وأفريقي يحل ضيفا على معرض باريس للكتاب، معرض يتيح لزواره إمكانية تصفح كتاب الثقافة المغربية ومخطوطاتها وذاكرتها الحية.


عدد القراء: 3019

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-