مسجد الملك فيصل بباكستان .. فن الهندسة العمرانية
فكر – الرياض:
يُعد مسجد الملك فيصل بالعاصمة الباكستانية إسلام آباد من أكبر مساجد جنوب آسيا، ومن ضمن أكبر وأجمل وأشهر المساجد في العالم لضخامته وبهندسته العمرانية الرائعة.
ويًُعرف المسجد في باكستان باسم "مسجد شاه فيصل"، وتبلغ مساحته نحو 5000 متر مربع (54000 قدم مربع)، ويتسع لنحو 300 ألف مصلٍّ (مائة ألف منهم في قاعة الصلاة الرئيسة والباحة والأروقة و200 ألف آخرين في المساحات المجاورة).
يقع مسجد الملك فيصل في شمال العاصمة الباكستانية إسلام آباد. وهو في نهاية شارع فيصل من جهة الشمال، ليصبح في أقصى شمال المدينة وتحت سفح جبال مارغالا، أقصى غرب سفح جبال الهيمالايا.
وكان الملك فيصل قد زار باكستان في عام 1966، وقرر بناء هذا المسجد، وفي عام 1969 أُجريت مسابقة دولية، ضمَّت مهندسي 17 دولة، الذين قدّموا 43 نموذجًا لبناء المسجد، وفي النهاية وقع الاختيار على التصميم الذي تقدّم به المهندس التركي "ودعت دالوكاي".
وبدأ بناء المسجد في عام 1976، بتمويل من الحكومة السعودية؛ بحيث كلفت عملية الإنشاء ما يوازي 120 مليون دولار أمريكي، وأُطِلق اسم الملك فيصل عليه، وعلى الطريق المؤدية إليه.
ويتميز التصميم المعماري للمسجد بالحداثة والتفرد، فهو لا يحتوي على قباب تقليدية مثل معظم المساجد حول العالم. يتكون تصميم من هيكل إسمنتي ذي ثمانية جوانب مستوحى من شكل الخيمة البدوية، وتعلوه أربع منارات ذات تصميم غير تقليدي مستوحاة من فن العمارة التركي ترتفع لأكثر من سبعين مترًا عن سطح الأرض.
أما داخل القاعة الرئيسة التي تتخذ شكل الخيمة فهو مغطى بالرخام الأبيض ومزخرف بالفسيفساء، ويحمل رسومًا من الخط العربي للفنان الباكستاني صادقين، وثريا مذهلة على الطراز التركي.
بالإضافة لشُرفة داخلية فوق المدخل الرئيسي، محاذية للحائط الموازي لحائط القبلة، ليكون مصلى للنساء، وهو يتسع لنحو 1500 مصلية.
قد يكون من المناسب وصف إسلام آباد بمدينة المساجد، حيث يوجد في كل منطقة من المدينة مسجد رئيس، إلى جانب عدد كبير من المساجد التي جرت إقامتها بصورة شخصية. غالبًا لا يتدفق الناس بأعداد كبيرة إلى المسجد البعيد عن الأحياء السكنية في المدينة في الأيام العادية. لذلك لا يعد مسجد الملك فيصل الذي يقع في منطقة بعيدة عن المناطق السكنية في المدينة الخيار الأول للمصلين في الأيام العادية. ولكن الوضع يختلف تمامًا في شهر رمضان. وقد صرح أحد المسؤولين عن إدارة المسجد في شهر رمضان بأن أعداد المصلين تختلف حسب أيام الأسبوع؛ ففي عطلة نهاية الأسبوع يتجاوز العدد ألف شخص.
تمتلئ الصفوف الستة الأولى من القاعة الرئيسة للمسجد، التي تتخذ شكلاً دائريًا، أثناء الأيام الأولى من الشهر الكريم. وتستقبل الإضاءة القوية داخل المسجد وأجهزة الصوت الأكثر قوة المصلين لدى دخولهم إلى القاعة لأداء صلاة التراويح، ويزداد عدد المصلين مع بداية الأسبوع الأخير من الشهر الكريم، وهم لا يقتصرون على سكان إسلام آباد فقط، بل يفدون من جميع أنحاء البلاد بأعداد كبيرة.
يقول المنظمون: «في الليالي الثلاث الأخيرة ندعو 30 قارئا من جميع أنحاء البلاد ليختموا القرآن. يبدأ قارئ المسجد بالصلاة بالجزأين الأول والأخير من القرآن، بينما يتلي القراء الآخرون الأجزاء الـ28 الباقية، ويجري اختيار هؤلاء القراء بواسطة وزارة الشؤون الدينية في مسابقة تجري على مستوى الدولة». كما تتم إذاعة صلاة التراويح في الليالي الثلاث الأخيرة من المسجد على قناة التلفزيون الحكومية، حتى يستمع الجميع للقرآن الكريم في جميع أنحاء البلاد.
احتل مسجد الملك فيصل مرتبة أكبر مسجد في العالم عام 1986 وحتى عام 1993. عندما تفوق عليه في الحجم مسجد الملك الحسن الثاني الذي أقيم في الدار البيضاء في المغرب. وبعد التوسعات المتتالية التي شهدها كل من المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، في فترة التسعينيات، تأخر ترتيب مسجد الملك فيصل إلى رابع أكبر المساجد حجمًا على مستوى العالم.
تغريد
اكتب تعليقك