علي بابا: البيت الذي بناه جاك ما
فكر – المحرر الثقافي:
الكتاب: "علي بابا: البيت الذي بناه جاك ما" Alibaba—The House That Jack Ma Built
الكاتب: دنكان كلارك
الناشر: هاربر كولينز، 12 أبريل 2016
عدد الصفحات: 304 صفحة
الرقم المعياري الدولي ISBN : 0062413406
رسب في الرياضيات، وفشل مرتين في المدرسة الثانوية، لكنه أجاد الإنكليزية، وصار اليوم "جاك ما" الذي يتمنى الرؤساء مجالسته. إنها قصة باني موقع "علي بابا" الصيني، رائد التجارة الإلكترونية.
إنها واحدة من القصص الأكثر إثارة للدهشة عن مدرّس اللغة الإنكليزية، جاك ما، الذي أنشأ إمبراطورية التجارة الإلكترونية. فلم يكن جاك ما، مؤسس مجموعة "علي بابا"، خبيرًا في التكنولوجيا يومًا، وكان سيئًا في الرياضيات، وفشل مرتين في المدرسة الثانوية، وحصل على أول جهاز كمبيوتر خاص في سن 33 عامًا. أما الطريق الذي أوصله إلى أن يصبح المؤسس الملياردير لإحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، فقد فتحته أمامه اللغة الإنكليزية.
يهابه الجميع
في كتاب "علي بابا: البيت الذي بناه جاك ما" Alibaba—The House That Jack Ma Built يتتبع دنكان كلارك، وهو مصرفي استثماري سابق في مورغان ستانلي يجيد اللغة المندرينية، قصة جاك ما منذ أيامه الأولى، مرورًا بأول مشروع له على الإنترنت، Chinapages.com، وبعد ذلك "علي بابا". ويملك الكاتب رؤية واضحة إلى كلّ هذا تقريبًا، لكونه عاش وعمل في شنغهاي، حتى كان مستشارًا لمجموعة "علي بابا".
من الواضح أن كلارك يهاب الملياردير، فيخبرنا في المقدمة أن اجتماعًا (وصورة شخصية) مع جاك أمر يرغب فيه رؤساء الدول ورؤساء الوزراء والأمراء وكبار المسؤولين التنفيذيين ورجال الأعمال والمستثمرون ونجوم السينما. فجاك يتشارك الشهرة بانتظام مع النخبة السياسية والمؤسسية في العالم. وهو خطيب بارع، حتى إنّه في أكثر الأحيان يفوقهم تألقًا.
نشأ في هانغتشو الصينية، واعتاد ركوب الدراجة للذهاب إلى فندق شانغريلا في سن المراهقة للتحدث إلى الأجانب وتحسين لغته الانكليزية. وعندما أتقنها، حصل على وظيفته الأولى مدرّسًا للغة الإنكليزية في معهد هانغتشو للهندسة الإلكترونية في سن 24 عامًا.
صفحات الصين
سافر "ما" في مهمة إلى سياتل في الولايات المتحدة في عام 1995، فتعرّف إلى عالم الإنترنت، حيث كتب استعلامَ عن الصين، ولم يحصل على نتائج. فسأل صديقه ستيوارت تراستي، الذي كان يعمل في سياتل مستشار إنترنت: "لماذا لا أصنع شيئًا عن الصين؟". وهكذا ولدت Chinapages.com في عام 1995.
أبلى الموقع بلاء حسنًا، لكنّ عدم وجود نموذج للإيرادات كان يعني أن الشركة ينقصها المال النقدي، وأنّها عرضة لعمليات الاستحواذ. في عام 1996، استولت عليها تشجيانغ تيليكوم وهي شركة مملوكة من الدولة. ففقدَ "ما" السيطرة على شركته الرائدة، واضطر إلى العودة إلى بكين لتولي وظيفة في وزارة التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي، حيث بنى مواقع تجارية للحكومة. وكان الغرق تحت طبقات من البيروقراطية محبطًا بالنسبة إليه.
في عام 1999، ترك الوزارة ليبدأ عمله في مشروع جديد على الإنترنت، هو "علي بابا"، الذي كان يلبّي احتياجات الشركات الصغيرة، ثم أصبح من أكبر شركات التجارة الإلكترونية في العالم.
فورست غامب الملهم
عانى صعوبات في البداية. كتب كلارك واصفًا الوضع: "الحقيقة هي أن جاك الذي تأخر في دخول لعبة البوابة التي يهيمن عليها الآن سينا وسوهو ونيتياس، كان عليه أن يجد مكانة خاصة في سوق الانترنت في الصين. وكانت البوابات الإلكترونية تحاول جذب عدد متزايد من المستخدمين الفرديين ليستعملوا الانترنت، غير أن جاك كان مصرًّا على متابعة القيام بأكثر أمر يعرفه: الأعمال التجارية الصغيرة.
وخلافًا لمواقع خدمات الأعمال إلى الأعمال B2B في الولايات المتحدة، التي تركز على الشركات الكبيرة، قرر جاك التركيز على الجمبري. والجدير بالذكر أنّه استمدّ إلهامه من فيلمه المفضل، فورست غامب، حيث يجني غامب ثروة من صيد الجمبري بعد عاصفة".
تكسب شركة "علي بابا" ربحًا من الإعلانات، وخلافًا لشركات التجارة الإلكترونية، مثل أمازون، فهي تعمل على نموذج سوق إلكترونية من دون استثمار في التخزين. وخلال الأيام التي تلت عرض أسهمها للاكتتاب في بورصة نيويورك، جمعت 300 مليار دولار، ما يجعلها ثاني أغلى شركة إنترنت في العالم بعد غوغل.
واليوم انخفضت تقييماتها (أو قيمتها المقدّرة)، لكنّها تدعو نفسها الآن "أكبر اقتصاد تجزئة في العالم"، متخطّية أمازون بأشواط، ومتفوّقة على وول مارت حتى، مع قيمة إجمالية أعلى للبضائع.
نهوض شركة "علي بابا" وسط حالات الازدهار والكساد في العقدين الماضيين، تجعل القراءة أخّاذة. هناك قصص التمويل في وقت مبكر التي تتضمن شخصيات وأدوار خاصّة بها من صفقات مع شيرلي لين مورغان ستانليالذياستثمر 5 ملايين دولارفي50 في المئة من الشركة، وماسايوشي سون رئيس شركة سوفتبانكالذي قام بعد أسابيع قليلة فقط برفع تقييمات علي بابا أكثر من خلال دفع 20 مليون دولارمقابل30 في المئة من الشركة.
في خضم المنافسة
في أروع فصل في الكتاب، نقرأ عن معركة "علي بابا" مع موقع إي باي (eBay). وحتى مع إطلاق "علي بابا" لموقع على شبكة الانترنت – تمّ تطويره في سرية تامة، وسمّي Taobao.com، وحمل شعار "لا كنز دفين إلا ويمكن إيجاده، ولا كنز موجود إلا ويمكن بيعه" – ظلّ موقع "إي باي" يرتكب خطأ تكتيكيًا تلو الآخر. فقد فهم الثقافة بطريقة خاطئة، مرسلًا صينية أمريكية من سان خوسيه في ولاية كاليفورنيا الأمريكية لشغل مناصب رئيسة، ما أدى إلى انخفاض معنويات الإدارة المحلية.
تم ترحيل الموقع الإلكتروني إلى مركز مضيف في الولايات المتحدة، وهذه كانت غلطة فادحة، إذ اضطرّ eBay عندئذ إلى التعامل مع "جدار الصين الناري العظيم"، أي إن المواقع المستضافة في الخارج يصبح تحميلها أبطأ، فتمرّ عبر سلسلة من نقاط الاختناق حيث يتم فحص الوصول إلى الموقع. كل ذلك يجعل قصة المنافسة بين eBay و"علي بابا" في الصين كتابًا تمهيديًا عظيمًا في الاستراتيجية التنافسية للشركات المتعددة الجنسيات.
في نهاية المطاف، يلاقي الكتاب نجاحًا، لأنه يروي حكاية خرافية عن الأعمال، في أرض مجهولة يرغب الجميع في معرفة المزيد عنها، حيث أسّس البطل الشاب، الذي رفضته جامعة هارفارد مرّات عدّة، شركة مثيرة للإعجاب، لدرجة أنّه دُعي بعد سنوات إلى تلك المؤسسة الأمريكية نفسها (هارفرد) ليلقي محاضرة.
تغريد
اكتب تعليقك