بنبين: لم يصلنا كتاب مخطوط في العالم سليمًا والكشاف للزمخشري حرف القرآن

نشر بتاريخ: 2017-04-18

فكر – المدينة المنورة:

كشف أستاذ علم المخطوطات د. أحمد بنبين مدير الخزانة الملكية بالمغرب أن تراثنا العربي لم يحقق بعد، وأن كل ما حقق منذ 150 عامًا سيعاد تحقيقه مرة أخرى، "نحن لم نبدأ بعد بدراسة علم المخطوطات هذا الوعاء الذي حمل أمانة الكلمة منذ 1200 عام" جاء ذلك في محاضرته "أصول تحقيق التراث العربي" والتي ألقاها في نادي المدينة المنورة الأدبي -مساء الأحد- وقدم لها رئيس النادي أ. د. عبدالله عسيلان.

ورفض د. بنبين بعض المصطلحات الدارجة لدى المشتغلين بهذا الفن، كالنسخة المعتمدة قائلاً: "عندما يكون لدينا مجموعة من المخطوطات ونعتمد أقدمها فهذا خطأ!؛ لأنه مخالف تمامًا لما يعرف بتاريخ النص وهو جمع النسخ ودراستها كل واحدة على حدة ثم مقارنتها، ثم الخروج من هذه الدراسة بالنسخة المعتمدة".

كما فند المفهوم السائد للنسخة الجيدة باعتبارها التي لا تحوي أخطاء، مشددًا على أن هذا الفهم سقيم وقاصر والصحيح ما يقابله، فالأخطاء تساعدنا للوصول إلى مصدر الخطأ وتبيانه.

وقال: عندما تظهر نسخ جديدة ونطبق عليها المنهجية العلمية من خلال تاريخ النص فإننا سنتأكد بأننا لم نصنع شيئًا، وسنعيد التحقيق مرة أخرى، وعلى سبيل المثال كتاب سيبويه بنسخه الثلاث وبعد اعتماده، وجد محققه "الفرنسي دبرنبورج" مشكلة كبرى في التمييز بين النص وتلك الحواشي والتعليقات التي أدمجها النساخ داخله، وأساؤوا كثيرًا لهذا الكتاب المهم.

وحمل د. بنبين: "النساخ، الطباعة، والتحقيق" مسؤولية ما وصفه بمآسي تراثنا العربي منذ ولادته، لافتًا إلى أن نسخ الكتاب أكثر من مرة يتولد منه كتاب جديد، وأن مآسي الطباعة لا تحصى تصحيفًا وتحريفًا وتبديلاً، مشددًا على أهمية الاهتمام بالكتاب المخطوط باعتباره قطعة مادية، محررًا جملة من معاني المفردات الخاصة بهذه الصناعة: "المخطوط، الورق، القراطيس، الكراس، والتعقيبة".

واستدل بنبين بمحيي الدين عبدالحميد الذي حقق كتاب ابن رشيق في الثلاثينيات من القرن الماضي، واشتكى مما أصاب التراث وقتئذ من تقنية الطباعة واصفًا إياها بأن سيئاتها أكثر من حسناتها.

ويضيف بنبين: «أكاد أجزم أنه لم يصلنا كتاب مخطوط في العالم سليمًا دون أخطاء، والآن أجزم أنه لا يوجد كتاب واحد مطبوع يخلو من تصحيف وتحريف».

وأشار الدكتور أحمد إلى أن ليس كل ما يكتب باليد هو كتاب، ولا بد في وصفه من قول الكتاب المخطوط، مضيفًا أن الحياة الثقافية وسيلة لدراسة المخطوط من خلال رصد ما هو محفوظ من التراث العربي، وبين أن عدد المخطوطات العربية لم يحص إلى الآن، وهناك من يقول إن عددها ثلاثة ملايين، وبعضهم أوصلها إلى خمسة ملايين.

وقال المحاضر: في كتبنا آلاف الأخطاء التي تحتاج تمييز بينها فقد نسبت خطوطًا لغير من دوّنها، وهذا يدعونا إلى مزيد من التفتيش في تراثنا لاكتشاف الكتب المزورة وذلك بالدراسة المستوفية للمخطوطات، مستدلاً بمخطوطة "الكشاف للزمخشري" الموجودة في لندن والتي لا يعقل التسليم بنسبة ما بين دفتيها له فقد كتب النص القرآني "الحمد لله الذي أنزل القرآن" (خلق القرآن)، كيف نقبل ذلك؟ والسيوطي ذكر بأنه بحث عن قواعد الاعتزال لدى الزمخشري بالملقاط؟ مشددًا على أنه يستحيل أن نحقق مخطوطًا دون أن نعرف على وجه الدقة تاريخه والطريقة التي وصل بها إلينا والمحيط الثقافي والاقتصادي، ومن كان ينسخه ولمن كان ينسخ؟ وأسئلة كثيرة جدًا.

وأسف مدير الخزانة الملكية من افتقار لغتنا العربية لمعجم تاريخي مماثل للغات الأجنبية التي تمكن أهلها من تحقيق تراثهم بها، مشيرًا إلى أن الكتب المخطوطة اليونانية جاوزت 55 ألفًا، واللاتينية 500 ألف حظيت برعاية مستحقة، بينما بقيت مخطوطاتنا العربية حبيسة المتاحف والخزائن والمكتبات، كما في تركيا التي تضم مليوني مخطوطة عربية.

فيما عرف الدكتور أحمد بنبين الكوديكولوجيا بأنه علم جديد بالنسبة إلى التراث العربي، وهو علم دراسة المخطوط، ومكون من مقطعين، أولهما الكلمة اليونانية «Logos» التي تعني «علم»، والآخر كلمة لاتينية هي «Codex» وتعني الكتاب المخطوط والاهتمام به على اعتبار أنه قطعة مادية.


عدد القراء: 3725

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-