الشعب (الناس) في مواجهة الديمقراطية

نشر بتاريخ: 2019-05-10

المحرر الثقافي:

الكتاب: «الشعب (الناس) في مواجهة الديمقراطية»

المؤلف: ياسكا ماونك

الناشر: مطبعة جامعة هارفارد 2018

الصفحات: 400 صفحة، القطع المتوسط

لم يزل مصطلح «الديمقراطية» محل اهتمام الناس، والشغل الشاغل على مستوى صفوف الخاصة وأهل العموم على السواء، وهي بداهة مصطلح مشتق في جزئه الاستهلالي من كلمة «ديمو» بمعنى الشعب أو عامة الجماهير، ثم مأخوذ في جزئه الختامي من كلمة «كراسي» بمعنى القوة أو هو أيضاً: مقاليد الأمور.

وهذا ما يبحث فيه البروفيسور ياسكا ماونك الأستاذ المحاضر في علم أصول الحكم بجامعة «هارفارد» في كتابه المعنون: «الشعب (الناس) في مواجهة الديمقراطية».

فماذا يقصد باحث ومفكر مرموق عندما يصدر كتاباً تحت هذا؟

مع الصفحات الأولى من هذا الكتاب تبدو المقولات المطروحة وكأنها تتوجه بالذات إلى تحويل الاهتمام نحو بعض أشكال نظم الحكم، وليس جميعها.

والتي جاءت إلى سدّة السلطة عبر الخيارات الشعبية، فيما يوضح المؤلف أيضاً أن مثل هذا النظام اعترته تحولات أدت إلى نوع من سياسات الحصار الذي تم فرضه على جوهر الديمقراطية ذاتها، ناهيك عن وضع ممارساتها موضع التنفيذ لا للصالح العام. مستطرداً الحديث عن التيار الذي بات مستشرياً في أوصال وشرايين الحياة السياسية في أكثر من بلد أوروبي في الوقت الراهن، حيث يحمل هذا المد اسمه المعروف وهو: «الشعبوية».

وهي الدعوة والممارسة التي لا يكلّ الدارسون والكتاب المعاصرون عن التحذير من تبعاتها ومما تخلفه من آثار سلبية على شعوب أوروبا الراهنة، ثم على ما قد يفد إلى تلك الأقطار عبر حدودها من جموع الوافدين أو اللاجئين أو المهاجرين في الحال، وفي الاستقبال كما يقولون.

وعندما يحلل المؤلف تيار ودعوات الشعبوية فهو يتوقف ملياً عند ما تنطوي عليه هذه المسلكية من أخطار: يأتي في مقدمتها ـ كما يؤكد المؤلف أيضاً ـ اشتداد مشاعر التعصب المعادية للمهاجرين.

وهي نفس المشاعر التي يرى المؤلف أنها تكاد تشكل الوقود الذي بات يستخدمه السياسيون الشعبويون من أجل إبعاد قطاعات الجماهير عن سلوكيات النهج الليبرالي الذي يقوم على أعمدة من الاستنارة والانفتاح والتسامح والتفاهم والتواصل فيما بين الشعوب من جهة، ثم بين الطبقات والعناصر والعرقيات المتعايشة، من جهة أخرى.

هنا أيضاً يتوقف المؤلف عند إنجلترا بالذات.. لماذا؟ لأنها المثل الذي لطالما طرحه محللو وعلماء السياسة كنموذج للممارسة الديمقراطية، ومنهم من يُحيل، كما هو معروف ومكرور إلى وثيقة «العهد الأعظم» ـ «ماغنا كارتا» الصادرة في عام 1215 باعتبارها باكورة وثائق الممارسة الديمقراطية في التاريخ.

ثم يوضح المؤلف كيف أن عام 2016 شهد استفتاء «البريكست» بخروج بريطانيا من إطار التكتل الوحدوي الأوروبي. وفيما صوروا الأمر على أنه رجوع إلى صوت الشعب فقد استند هذا التصوير إلى دعاوى تحرير إنجلترا من قبضة النخبة المتحكمة في مقاليد الاتحاد الأوروبي.

وهنا رفعوا الشعار الذي يدعو الناخبين إلى استعادة مقاليد أمورهم (من قبضة بروكسل - عاصمة الوحدة الأوروبية)، وتلك دعوات يرى المؤلف أنها مازالت تنمو ويتسع مداها على جناح تيار الشعبوية الذي يتمسح بشعارات الديمقراطية رغم تعارضه مع أصولها.


عدد القراء: 3296

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-