جواسيس بلا بلد: حيوات سرية في ولادة إسرائيل
المحرر الثقافي:
الكتاب: "جواسيس بلا بلد: حيوات سرية في ولادة إسرائيل"
المؤلف: ماتي فريدمان
الناشر: منشورات ألونكوين
اللغة: الإنجليزية
عدد الصفحات: 272 صفحة
تاريخ النشر: 5 مارس 2019
الرقم المعياري للكتاب: ISBN-13: 978-1616207229
يهود مستعربون، خدموا إسرائيل عند قيامها، وتوزعوا في الدول العربية جواسيس لصالح دولتهم الفتية. يوثق ماتي فريدمان حيوات أربعة منهم، افتتحوا لهم متجرًا صغيرًا في بيروت.
بعد فترة وجيزة من قيام دولة إسرائيل في مايو 1948، أنشأت مجموعة صغيرة من الجواسيس اليهود متجرًا صغيرًا في بيروت، ليكون نواة أول مركز استخبارات إسرائيلية في دولة عربية. بالنسبة إلى المواطنين اللبنانيين، ما كان الرجال في متجر المرطبات إلى جانب مدرسة الثلاثة أقمار الابتدائية يثيرون الريبة. ففي كل صباح، كانوا يبيعون أقلام الرصاص والحلوى والسندويشات.
بنفس القدر من الأهمية، بدا أصحاب المتجر (وهم جواسيس يهود) مثل أي من زبائنهم، ولم يعلم أحد أنهم على اتصال بالحكومة أو الجيش. هؤلاء اليهود المنحدرون من العالم العربي - سورية أو اليمن - عملاء إسرائيليون، درسوا العالمين الإسلامي والمسيحي حتى يتمكنوا من الاندماج والحصول على المعلومات الاستخباراتية ونقلها إلى رؤسائهم.
حيوات سرية
في كتابه الجديد "جواسيس بلا بلد: حيوات سرية في ولادة إسرائيل"، يروي ماتي فريدمان أنهم لم يحضروا حفلات العشاء الباذخة أو يتصلوا بالسلطة في لبنان. كانوا مثل العملاء الروس، يجمعون المعلومات من الرصيف أمام المدرسة العامة في كوينز وليس من أمام الكابيتول هيل أو وول ستريت.
لكن الجواسيس كرهوا وصف أنفسهم بمثل هذا الوصف الاصطلاحي الشرير. وفضلوا مصطلحًا عبريًا آخر: "مستعربون".
وكأي تأريخ مكتوب عن إسرائيل وفلسطين، يمكن كتاب "جواسيس بلا بلد" أن يثير غضبك... أو إعجابك، اعتمادًا على منظورك السياسي. إذا كنت مؤيدًا لإسرائيل، فإن كتاب فريدمان يقدم مجموعة من الشخصيات المتواضعة والعمل الدؤوب والشجاع لأشخاص تغلبوا على الأحكام المسبقة في أوطانهم القديمة والجديدة من أجل قضية أكبر أي اليهودية. لكن، إذا ما كنت مؤيدًا لإسرائيل، فقد تشعر أن الكتاب عمل آخر يجسد تاريخ الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد.
ضحايا سلبيون
من المستحيل أيضًا قراءة "جواسيس بلا بلد" من دون مراعاة خلفية مؤلفه. تسبب فريدمان، الصحفي السابق في أسوشيتد برس الذي يعيش في القدس، في بلبلة قبل خمس سنوات، عندما ألقى علنًا باللوم على وسائل الإعلام بالتسبب بـ"الهوس العالمي بشأن الأعمال الإسرائيلية"، بما في ذلك صاحب عمله السابق، متهمًا الصحافة بتغطيتها العدوانية للجيش الإسرائيلي.
واعتبر أن الفلسطينيين "ضحايا سلبيون". (تسببت مقالات فريدمان بضجة عارمة إلى درجة أن وكالة أسوشيتد برس أصدرت بيانًا مطولًا تنتقد فيه حججه عن "تشوهاتهم، وأنصاف حقائقهم، وأخطائهم").
لكن في كتابه الأحدث، يركز فريدمان، وهو كاتب رأي مساهم في صحيفة نيويورك تايمز، على صراعات إسرائيل المبكرة مع المسلمين، بقدر تركيزه على مشكلات إسرائيل مع نفسها.
"جواسيس بلا بلد" قصة أربعة رجال فروا من أوطانهم العربية للانضمام إلى بلد جديد كان يتألف بمعظمه من اليهود الأوروبيين في البداية، وفي أكثر الأحيان نظروا بدونية إلى يهود العالم الإسلامي.
أغراض أكبر
جواسيس فريدمان الأربعة هم: جميليل كوهين وإسحاق شوشان المولودان في سوريا؛ وهافاكوك كوهين من اليمن؛ وياكوبا كوهين البريطانية من مواليد فلسطين.
يروي الكتاب مآثر الرباعي الجريئة، كالوقت الذي حاول فيه شوشان وآخرون في الجيش اليهودي اغتيال شيخ مشهور في مدينة حيفا الساحلية، أو في وقت آخر عندما ساعد بعضهم رفيقًا خامسًا، إلياهو ريكا، لتفجير يخت طوله 443 قدمًا كان ملكًا لأدولف هتلر قبالة بيروت في أواخر عام 1948.
لكن، على نحو مثير للإعجاب، يبدو أن فريدمان يروي هذه القصة لأغراض أكبر مما يعلن. يريد تسليط الضوء على مجموعة من الناشطين العرب الذين يتم التعتيم عليهم في كثير من الأحيان في القصص التي رافقت تأسيس إسرائيل.
على نطاق أوسع، على الرغم من ذلك، يريد فريدمان مساعدة الغربيين على فهم أن التركيبة السكانية لإسرائيل تغيرت بشكل كبير مع مرور الوقت. يكتب أن حوالي نصف السكان اليهود لديهم "جذور في العالم الإسلامي". في تعبيره، لم ير قادة إسرائيل الأوائل أو يقدروا الموجة المتزايدة من الرجال مثل الجواسيس الذين ظهروا في هذه القصة.
يهود أسطوريون
عاش اليهود على مدى قرون، وبشكل سلمي، في العالم الإسلامي، من شمال إفريقيا إلى العراق. لكن، عندما تم تأسيس إسرائيل، تعرض اليهود في تلك الدول للتهديد، أو تم تجميد أصولهم البنكية، أو الأسوأ من ذلك.
لذلك، فروا جماعيًا إلى إسرائيل، كما يلاحظ فريدمان، بمساعدة "وكلاء الهجرة السريين" الذين وضعوهم على السفن أو الطائرات. في معسكرات الهجرة الإسرائيلية، توارت الأصوات العربية. ساعد اليهود العرب في بناء الدولة وأصبح لهم تأثير كبير على الثقافة الإسرائيلية. ويشير فريدمان إلى أن الموسيقيين الرئيسيين في إسرائيل "يغنون الآن بالعربية والفارسية".
يميل اليهود الذين أسسوا إسرائيل إلى أن يكونوا أسطوريين، كأولئك الذين انطلقوا من أوروبا وعملوا روادًا في الكيبوتسات.
كما يقول فريدمان، فإن مؤسسي البلاد الأوائل تجاهلوا أو رفضوا مساهمات يهود العالم العربي: "كان على الناس الذين يحاولون تشكيل دولة يهودية في الشرق الأوسط أن يروا أن يهود الشرق الأوسط يمكن أن يساعدوهم. ربما تمت دعوة القادمين الجدد للعمل شركاء متساوين في إنشاء هذا المجتمع الجديد، لكنهم لم يكونوا كذلك. بدلًا من ذلك، تم التنازل عنهم وتهميشهم. كانت واحدة من أسوأ الأخطاء التي ارتكبتها الدولة، والتي لا نزال ندفع ثمنها".
غرائز بدائية وحشية
أحد الأمثلة البغيضة التي وجدها فريدمان هي مقالة نشرت في أبريل 1949 في صحيفة "ديلي هآرتس" التي أرسلت مراسلًا إلى معسكر يضم اليهود الناطقين بالعربية من شمال إفريقيا.
كتب الصحفي، أريه جيلبوم، أن الوافدين الجدد كانت لديهم "غرائز بدائية وحشية" و"عدم القدرة على فهم أي شيء فكري... مستوى أقل من مستوى العرب الفلسطينيين".
يصير الكتاب أكثر جاذبية عندما يلتصق فريدمان بشخصية واحدة، بخط زمني واحد وفي مشهد واحد. لكن، في كثير من الأحيان، يتحول كتاب "جواسيس بلا بلد" من جدول زمني إلى آخر ومن جاسوس إلى آخر، ومن الصعب تتبع من يقوم بماذا ومتى، خصوصًا أن كلًا من الجواسيس الأربعة يحمل اسمًا مستعارًا يستخدمه فريدمان أيضًا.
في منتصف الكتاب، قمت بتمزيق صفحة مبكرة تسرد أسماءهم الحقيقية والمزيفة وصورهم وألصقتها على الحائط كمرجع تمس الحاجة إليه. (وبهذه الطريقة، شعرت كأنني جاسوسًا نفسيًا).
حياة معقدة
يعتمد فريدمان غالبًا على المقابلات التي أجراها مع أحد الجواسيس، شوشان، الذي لا يزال على قيد الحياة؛ في حين لقي الثلاثة الآخرون حتفهم. تعين على فريدمان اللجوء إلى القصص التي قدموها وعلى المحفوظات العسكرية.
على الرغم من العقبات العدة، يمثل كتاب فريدمان تجربة فريدة. عندما تنتهي من قراءته، لن تستطيع التوقف عن التفكير في الرجال داخل ذلك الكشك في بيروت، حيث كانوا يبيعون الحلوى وأقلام الرصاص لتلاميذ المدارس في أثناء إصغائهم سرًا إلى راديو ترانزيستور مدسوس في الخلف، في محاولة لالتقاط أخبار إسرائيل.
وصف شوشان، الشخصية الرئيسية لفريدمان، الحياة المعقدة للجواسيس اليهود العرب: "داخل المتجر كان استراتيجي بالنسبة إلينا، فمن الخارج لا يمكن رؤية ما يحدث في الداخل، وفي الوسط قسم من الخزائن يمكن خلفه تنظيم العديد من الأشياء وإخفائها من دون أن يرانا أحد".
تغريد
اكتب تعليقك