مصائر الرواية.. مقاربات في الفلسفة والثقافة

نشر بتاريخ: 2020-12-23

المحرر الثقافي:

الكتاب: مصائر الرواية

المؤلف: سعد البازعي

الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر

تاريخ النشر: 24/07/2020

عدد الصفحات: 232 صفحة

في هذا الكتاب  "مصائر الرواية" للدكتور سعد البازعي قراءات ٍ لأعمال روائية استدعت التفاعل معها على أكثر من مستوى، أحدها  التقنية العالية والأداء السردي الرفيع؛ كما إن منها استنطاقها للواقع الإنساني من حيث هو منقسم حول قضايا كبرى هي العنف ومصائر الأقليات، إلى جانب علاقة الرواية بالفلسفة وتأثّرها بالترجمة؛ الشأن الاجتماعي، إلى جانب السياسي والثقافي، دوائر كبرى للأدب والفن عامة النقدي سواء في الوطن العربي أو خارجه، وهي هنا هم نقدي رئيس بطبيعة الحال، غير أن الانشغال به لم يحل دون الوقوف على تقنيات السرد وجماليات اللغة والسعي لإيجاد الصلة بينها وبين هموم السرد من حيث هو انشغال بمصائر الإنسان، حين تلتحم تلك المصائر بمصائر السرد نفسه.

وعلى الرغم من أهمية المقالات بذاتها وبما تحمل من آراء ومقاربات مهمة هي حصيلة المسار النقدي الطويل والدؤوب للدكتور سعد البازعي، فقد أصرّ على أن يعيد النظر فيها بعيداً من صفتها "الكرونيكية"، مدرجاً إياها في سياقات نقدية، تحت عناوين "موضوعاتية"، ما جعلها تتحول مقالات بحثية، منفصلة ومتصلة في آن واحد.

في مقدِّمة الكتاب يقول البازعي: "تبدأ الحكايات في الرواية وغيرها من ألوان الأدب تتخذ، لدى البعض منا على الأقل، أبعاداً جديدة فتتغير العين القارئة من كونها مجرد عين مندهشة ومتشوّقة للأحداث إلى عين تبحث عن أمور أخرى في القص". ويضيف: "إنِّ ما يتضمَّنه هذا الكتاب سعي نحو تبيّن بعض ذلك في الروايات محل التحليل والتأمل. إن من البداهة في تقديري أن نقول إن ما تصدر عنه الأعمال الروائية وتصير إليه هو بصفة عامة، انشغال بقضايا إنسانية عامة أو فردية، ومسعى من الروائي للتدخل فيها برؤية تتوسل الحكاية والشخوص تعبيراً عنها. الرواية بشكل خاص خطاب اجتماعي مهما بلغت أدبيته وتجريبيته بل وفردانيته".

وحول استعمال مفهوم (المقاربة) لوصف إنتاج النص الأدبي، يقول البازعي "القراءة المتمعنة للنصوص ستكشف أنها مقاربات فعلاً، مقاربات بقدر ما توظّف تقنيات الكتابة ومخزون الكاتب المعرفي في الوصول إلى النص المنشود، رواية كان أم غير ذلك".

وفي المدخل إلى تناول روايات العنف، يقول المؤلِّف: "لا شك في أن العنف تحوَّل إلى ظاهرة مدروسة في العقود الأخيرة، لا سيما بعد انتشار ظاهرة الإرهاب، فصدرت دراسات كثيرة في مجالات بحثية مختلفة… إن الأدب بصفة خاصة حالة تفاعل فردي لغوي مع ظواهر الحياة والمجتمع، فمن المحتم أن نجد أعمالاً طوال التاريخ تتناول العنف بالتأمل أو التصوير أو التعمق النفسي المحلل".

وأفرد البازعي بابين آخرين في الكتاب، الأول بعنوان "الفكر الروائي" ويضم محاضرات مهمة ألقاها في مناسبات عدة ومنها: الرواية والفلسفة، الرواية بين الرؤية والأيديولوجيا، صورة المثقف في الرواية العربية، والثاني بعنوان "الرواية المترجمة"

وفي فصل بعنوان "الرواية المترجمة"، تحدَّث البازعي عن رواية "سيِّدات القمر" لجوخة الحارثي وترجمتها إلى الإنجليزية، وأبدى ملاحظات حول ترجمتها. فهو يرى أن "لا يمكن لأي ترجمة أن تستقيم من دون – التفسير والمواءمة – لأنَّ كل ترجمة تفسير لنص، استكناه للمعنى كما يراه القارئ، وقد يختلف القرّاء في ذلك الاستكناه، الأمر الذي يؤدِّي إلى قراءات مختلفة تنتج عنها تفاسير مختلفة". وحول تغيّر العنوان من "أجرام سماوية". بالإنجليزية إلى "سيِّدات القمر" بالعربية، يقول: "لو بحثنا في تفاصيل النص لوجدنا كثيراً مما يخرج عن النقل المباشر إلى اجتهادات للمترجمة. وهذه الأمور الطبيعية هي التي تجعل الترجمة إضافة إلى النص الأصلي أو إنقاصاً منه، لكنها خروج عليه في كثير من الحالات، وهي بذلك ليست مجرد صورة له في لغة أخرى بأية حال".

أما في باب "رواية الأقلية" يسعى البازعي إلى تأويل مقولة "الأقلية" التي مُنحت تفسيرات عدة في الفلسفة وعلم الاجتماع والإنتربولوجيا والتاريخ، مستخلصاً أن الأقلية أمر نسبي، فهي ليست مرتبطة دائماً بالعدد، بل أيضاً بالقوة والتأثير. فالعدد الذي يدل على الأقلية في مكان قد يعني الأكثرية في مكان آخر. وللنوع أو الجنس أيضاً دور في تحديد الأقلية.

المؤلف:

ناقد ومفكر سعودي، حاصل على البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة الملك سعود بالرياض 1974، وحاصل على الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة بيردو بولاية إنديانا عام 1978، والدكتوراة في الأدب الإنجليزي والأمريكي من جامعة بيردو Purdue عام 1983، وكانت أطروحته حول الاستشراق في الآداب الأوروبية. يعمل أستاذاً للأدب الإنجليزي المقارن بجامعة الملك سعود بالرياض منذ 1984 (لحوالي ثلاثين عاماً.) وسبق له الانضمام لعضوية مجلس الشورى عام 2009، وشغل عدداً من المناصب مثل رئاسة تحرير صحيفة "رياض ديلي" الصادرة باللغة الإنجليزية، رئاسة تحرير الطبعة الثانية من الموسوعة العربية العالمية، عضوية المجلس العلمي لجامعة الملك سعود، رئاسة النادي الأدبي بالرياض.

حصل الدكتور سعد البازعي على جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في دورتها السادسة في مجال النقد الأدبي عن فرع الآداب عام 2017.

ويعد البازعي من النقاد والباحثين المعروفين على الصعيد الثقافي السعودي والعربي، وقد رأس لجنة التحكيم لجائزة الرواية العربية العالمية (البوكر) لعام 2014، وله مقالات في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية، وعدد من الأبحاث باللغة الإنجليزية التي نشرت في مجلات عالمية مثل "الأدب العالمي المعاصر" التي تصدرها جامعة أوكلاهوما الأمريكية (WORLD LITERATURE TODAY).

له العديد من المؤلفات الهامة منها:

- "المكون اليهودي في الحضارة الغربية" 2007.

- "الاختلاف الثقافي وثقافة الاختلاف" 2008.

- "جدل التجديد: الشعر السعودي في نصف قرن" 2009.

- "سرد المدن الرواية والسينما" 2009.

- "قلق المعرفة: إشكاليات فكرية وثقافية" 2010.

- "لغات الشعر: قصائد وقراءات" 2011.

- "هموم العقل: مسائل، حوارات، إشكاليات" 2016.

- "جدل الألفة والغرابة: قراءات في المشهد الشعري المعاصر" 2016.

- "مواجهات السلطة: قلق الهيمنة عبر الثقافات" 2018.


عدد القراء: 2110

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-