المعجزة السبينوزية.. فلسفة لإنارة حياتنا
المحرر الثقافي:
الكتاب: "المعجزة السبينوزية، فلسفة لإنارة حياتنا"
المؤلف: فريديريك لونوار
المترجم: محمد عادل مطيمط
الناشر: دار التنوير
سنة النشر: سبتمبر 2020
عدد الصفحات: 240 صفحة
"لا تسخر ولا تأسف ولا تكره بل افهم".
بهذه العبارة يصدّر فريدريك لونوار كتابه عن معجزة سبينوزا. ويتساءل "كيف لهذا الرجل أن يتمكن في أقل من عشريتين من إقامة صرح فكري بهذا العمق بهذه الثورية في الآن نفسه؟ إن فكره يمثّل ثورة حقيقية سياسية ودينية وأنثربولوجية وسيكولوجية وأخلاقية. وهو يعتبر العقل معيارًا وحيدًا للحقيقة. فالعقل هو هو لدى كل البشر وفي كل الأزمنة. وبذلك فإن الرسالة التي أراد تبليغها لا تتغير بمفعول الزمن، أو بالظروف الذي اعترضته في حياته".
عن دار التنوير صدرت مؤخرًا الترجمة العربية لكتاب المفكر الفرنسي فريديريك لونوار "المعجزة السبينوزية، فلسفة لإنارة حياتنا" الصادر في نسخته الفرنسية الأصلية عن دار فايار للنشر باريس 2017. وقد قام بترجمة الكتاب محمد عادل مطيمط.
يقع الكتاب في أربعةَ عشرَ فصلاً، يوضح فيه لونوار، كيف يمكن للفرد المثقف العادي اليومَ، أن يكون سبينوزيا، حتى لو لم يكن مُختصًا في الدراسات السبينوزية؟ أو بعبارة أخرى كيف يستطيع الإنسان أن يتسلح برؤية سبينوزا وفلسفته في الحياة من خلال تفسيرٍ «مبسط لنظرية فلسفية يهدفُ صاحبُه إلى تسهيل فهمها بالنسبة إلى الجمهور العريض»؟
يرى لونوار في كتابه هذا أن سبينوزا وفلسفته وتجربته الشخصية تقدم «أفضلَ طريقٍ ممكنٍ إلى الخلاصِ» لكل أفراد المجتمع في هذا العالم الذي يقف على حافة الانهيار، إذ تهتز الديمقراطيات العريقة، وتنتشر النزاعات الطائفية ونزاعات الهوية والحزبية في كل أرجاء العالم. ففي هذا الكتاب يقدم لونوار "درسا فلسفيا وأخلاقيا" يطلق عليه "المعجزةِ السبينوزيةِ" وهو ليس تحليلاً أكاديميًا صارمًا يُقدم لمختصي الفلسفة دون غيرهم، بل هُو درسٌ أخلاقي يستخلصه المثقف العادي ويستنير به في علاقاته الاجتماعية والسياسية. ذلك هو ما يوثق علاقة الفلسفة بالحياة اليومية، ويربط بين "النظرية والتطبيق". فبالنسبة إلى لونوار، لا يتطلب تبني رؤية فلسفية ما للعالم والإنسان والحياة لدى قطاع كبير من المثقفين معرفة دقيقة بالنظرية الفلسفية، التي نشأ ذلك الموقفُ في إطارها.
تبرز رسالة سبينوزا الفلسفية ودرسه الإيطيقي في رحلته الشخصية، كما يقول الكاتب: "فإذا أردنا أن نعرف معنى المعجزة السبينوزية، يكفي أن ندرك أننا أمام شخص له سمات خاصة: شخص ظل وفيا لحُب الحقيقة، مُفضلاً حريةَ التفكيرِ على طُمأنينةِ العائلة والطائفة، وعلى الاِنْسياقِ للفكرِ السائدِ. لقد كانَ ضَحيةَ أبْشعِ الانتهاكات، تم التنكر له من قِبَلِ أَهْلِه وعَاشَ تحْتَ التهديدِ المتواصِل، ولكنهُ بَقِي وفِيا دائما للخط المُوَجهِ لمَسيرَتِهِ. كان عُرْضة للكَراهِيةِ ولكِنهُ لمْ يَكْره أبدا. تَعرضَ للغَدْرِ ولكنه لم يغدر أبَدًا. تَعرضَ للسخريَة ولكنه لم يستَخِف بأحَدٍ قَط. تَم شتمُهُ في كثيرٍ مِن الأحْيانِ ولكن ردهُ كان دائما هو الاحترام. عاشَ دائما باعتدال وكرامة وفي انسجام مع أَفكاره".
في هذا الكتاب يعمل لونوار على "إيضاح فكر هذا الفيلسوف، بالعودة إلى سيرة حياته التي فيها الكفاية من الأحداث كي تتشكل لدينا فكرة واضحة جدًا عن شخصية وحياة هذا الفيلسوف الذي عمل طيلة حياته على جعل تفكيره مُنسجمًا مع أفعاله. إن ذلك هو ما جعل من "سبينوزا" قريبًا جدًا منا لكي يكون أكثر من مجرد مفكر: إنه قبل كل شيء حكيم سعى إلى تغيير نظرتنا كي يجعلنا أحرارًا وسعداء تمامًا كما كان هو نفسه".
المؤلف:
كاتب وفيلسوف فرنسي وُلد في مدغشقر، اشتهر بكتاباته في الدين والروحانية، كما كتب عدّة كتب شهيرة بالتعاون مع فلاسفة وكتاب آخرون.
صدر له عن دار التنوير: "مفارقات السعادة"، "قوة الفرح".
تغريد
اكتب تعليقك