«بروست ولايبنتس» للباحثة الإيطالية صابرينا مارتينا
المحرر الثقافي:
الكتاب: "بروست ولايبنتس"
المؤلف: صابرينا مارتينا
الناشر: كلاسيك غارنييه
تاريخ النشر: 28 أغسطس 2021
اللغة: الفرنسية
عدد الصفحات: 375 صفحة
لم تكن أفكار الفيلسوف الألماني غوتفريد لايبنتس (1646 ـــ 1716) مجهولةً في فرنسا نهاية القرن التاسع عشر، بل على العكس، كان صاحب "مقالات جديدة حول الفاهمة البشرية" واحداً من المراجع الفكرية التي باتت كلاسيكية، حيث كان قد مضى نحو قرن على ظهور أولى الترجمات الفرنسية لأعماله، على يد الكاتب والفيلسوف الفرنسي دُني ديدرو.
هكذا، كان طبيعياً أن يتلقّى يافعٌ يدخل المدرسة الثانوية دروساً حول فلسفة لايبنتس، خصوصاً وأن شهادة التعليم الثانوي الفرنسي كانت تُسمّى، في ذلك الوقت، "فلسفة". بفضل معلّمه ألفونس دارلو، الذي حضر بروست دروسه بين عامي 1888 و1889، استطاع صاحب "في البحث عن الزمن الضائع" تكوين صورةٍ عن فكر الفيلسوف الألماني.
في كتابها "بروست ولايبنتس"، الصادر لدى منشورات "كلاسيك غارنييه" في باريس، تعود الباحثة الإيطالية صابرينا مارتينا إلى العلاقة التي طوّرها الروائي الفرنسي (1871 ـــ 1922) بأعمال الفيلسوف الألماني، وبحضور أفكار هذا الأخير ــ ولا سيّما مقولته حول مبدأ الموناد، والذي يُظهر بروست إعجابه به ــ في أكثر من موضع من أعماله ومراسلاته.
يتوزّع كتاب مارتينا على جزئين تسبقهما مقدّمة، ويأتي الجزء الأوّل ــ وعنوانه "دروس مارسيل بروست الفلسفية في المدرسة الثانوية ــ في خمسة فصول تستعيد فيها اكتشاف بروست لأعمال لايبنتس على أيدي ألفونس دارلو وإيميل بوترو، وتوضح تأثير معلّمي الفلسفة هذين، وغيرهما، في انفتاح الروائي الشاب آنذاك على عالم الأفكار والاستفادة منه في بناء شخصياته على الصعيد النفسي والتاريخي.
أما الفصل الثاني، المعنون "لايبنتس في نهاية القرن بين الفلسفة والفيلولوجيا، فتخصّصه المؤلّفة لدراسة التلقّي الفرنسي لأعمال لايبنتس، والذي شكّل الأرضية التي بنى عليها بروست فهمه للفيلسوف الألماني. هكذا، تدرس في هذا الفصل مشاريعاً فكرية اطّلع عليها بروست واستقى منها مبادئ فلسفية، ولا سيّما هنري برغسون ومعلّمه فيليكس رافيسّون، إضافة إلى غابريال سياي وجول لاشولييه.
في غضون هذه الدراسات التي تُحاول وضع العلاقة بين بروست ولايبنتس في سياقها التاريخي، تعرّج المؤلّفة على دور الفيلسوف الألماني في تشكيل فهم للكتابة والكاتب عند بروست، بحيث بات يعتبر ــ بعد اكتشافه لهذا المفهوم ــ أن الشخصيات وحتى كاتب العمل يمثّلون نومادات منغلقة على نفسها، متملّصة من فعل الزمان والمكان، وقادرة على توليد مونادات شبيهة؛ فهمٌ تقول الكاتبة إنه صار أشبه باستيهام (Fantasme) عند بروست الذي تخيّل العمل الأدبي بالأمومة، كينونةً وفعلاً.
تغريد
اكتب تعليقك