اللجوء في عالم متحرك: تتبع رحلات اللاجئين والمهاجرين عبر التخصصات

نشر بتاريخ: 2022-04-06

المحرر الثقافي:

الكتاب: "اللجوء في عالم متحرك: تتبع رحلات اللاجئين والمهاجرين عبر التخصصات"

المؤلف: إيلينا فيديان قاسمية

الناشر: UCL Press

تاريخ النشر: 17 يوليو 2020

اللغة: الإنجليزية

عدد الصفحات: 566 صفحة

يسود مفهوم "الأزمة" في التعامل مع اللاجئين ويمتلئ السرد التقليدي تجاه قضايا الهجرة واللجوء بمفاهيم مثل "تأمين النازحين" و"غوث اللاجئين"، وهي المفاهيم التي تعتبرهم مجرد ضحايا ومتلقين سلبيين للمساعدات، لكن هذه الفكرة على المدى البعيد تختزل صورا نمطية لا تفيد في اندماج اللاجئين في المجتمعات المضيفة.

في كتابها "اللجوء في عالم متحرك: تتبع رحلات اللاجئين والمهاجرين عبر التخصصات"، تجمع المؤلفة إيلينا فيديان قاسمية آراء المشاركين لتقديم استكشاف متعدد التخصصات لتعقيدات رحلات وتجارب اللاجئين والمهاجرين بطريقة مختلفة، ويمثل هذا الكتاب مصدرًا مهمًّا لمن يفكرون في الهجرة، وللقراء الذين يرغبون في تعميق فهمهم لهذا الموضوع والتضامن مع الأشخاص الذين اضطروا إلى البحث عن ملجأ على أرض لا ينتمون إليها.

يسلط هذا الكتاب الضوء على الهجرة وما تنطوي عليه هذه التجربة من تعقيدات وتأملات في الجوانب العلائقية والمتقاطعة للهويات والثقافات.

بالنظر إلى التغيرات السريعة التي تطرأ على المجتمع العالمي وتزايد عدد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والمشردين أو النازحين داخليًا، يثير هذا الكتاب بعض التساؤلات الملحة: كيف نتعامل مع الأنظمة الاجتماعية والسياسية والمكانية التي تعيد صياغة التمييز والإقصاء والعنف؟ وكيف يمكن تعزيز التفاهم بين المهاجرين والمجتمعات المُضيفة؟

التهجير واللجوء

ينقسم هذا الكتاب إلى 4 أقسام تتناول هذه الأسئلة من زوايا مختلفة ولكنها مترابطة. طُرحت في القسم الأول من الكتاب مقاربات مختلفة حول الكتابة عن التهجير، حيث يناقش المساهمون إمكانات وتعقيدات استخدام المنهجيات التشاركية والتعاونية والخلاقة في البحث والاستجابة لهذه الظاهرة. كما يقرّون بأن بعض اللاجئين قد يختارون البقاء في الخفاء للنأي بأنفسهم عن الصور النمطية التي تحد من خياراتهم في الاندماج والتعريف بأنفسهم.

في القسم الثاني، يناقش المشاركون الاستجابات للتهجير، بما في ذلك المناهج القائمة على الإغاثة الإنسانية والعمل التطوعي، من خلال تسليط الضوء على تعقيداتها المتعلقة بالهوية والتضامن والوكالة.

يُقدم فصل المؤلفين المشاركين سارة كرافتر وراشيل روزين فهمًا دقيقًا للرعاية الإنسانية من خلال الاستشهاد بحالة تطوع في "مخيم كاليه" للاجئين (في فرنسا) ومعرفة كيفية تلقيهم الرعاية، خاصة أولئك الذين لم يعتادوا على تلقيها.

تكتسي هذه الرؤية قدرًا من الأهمية لأنها تدفع القارئ إلى تخيل مختلف تفاصيل الرعاية بعدسة تشتمل على رصد المفاوضات والتوترات وعمليات التكيف والاندماج، وبحسب الكاتبة، يمكن تعزيز هذه الأفكار من خلال النظر في الآثار المترتبة على التسلسل الهرمي العنصري للسلطة، ولا سيما الامتياز الراسخ في الممارسات الإنسانية لصياغة "أخلاقيات الرعاية".

ويقدّم القسم الثالث تحليلًا للنهج النفسي والاجتماعي للتهجير ويناقش الاستجابات المختلفة للضرر والمعاناة الفردية والجماعية. وفي القسم الأخير، يعتمد المساهمون على المفاهيم المكانية والزمانية للمناطق التي تستضيف اللاجئين ويشجعون القارئ على التساؤل عن كيفية فهم العلاقة بالذات والآخر في مثل هذا السياق.

يطرح هذا الكتاب وجهات نظر تدفع القارئ إلى التفكير في التهجير وعلاقته بمواضيع مثل مؤسسات المهجر وتسييس الإغاثة الإنسانية وإضفاء الطابع الإنساني على السياسة، كما يثير بعض النقاشات الفلسفية المهمة، مثل أنطولوجيات الذات والآخر، والمسؤولية الأخلاقية والتسلسلات الهرمية المتناقضة بين الضيوف ومضيفيهم.

مفارقة البعد والقرب

ومن خلال التنقل بين المساهمات المختلفة في الكتاب، أدركت الكاتبة أن مفارقة البعد والقرب في علاقات الضيافة والترحيب هي التي توجه قراءتها. وبطبيعة الحال، تنبع هذه التجربة من اهتماماتها البحثية، وربما يجد القراء الآخرون أسبابًا مختلفة لاستكشاف الكتاب.

وتُظهر العديد من المساهمات أن الضيافة يمكن أن تكون مقنّعة بشكل جذري؛ ففي النظام السياسي السائد اليوم، أصبحت الضيافة بمثابة ترسانة يقودها المضيف الذي وإن كان يوفر المأوى، إلا أنه يميز بين سكان البلد المضيف الذين يمكنهم الترحيب بالآخرين، والدخلاء عنه الذين يتعين عليهم طلب الحماية والتقدير.

إن البعد والقرب في هذه العلاقة معنويان أو بالأحرى أخلاقيان، ويُميّزان بين المحتاجين والمتفرجين عليهم، بحسب تعبير الكاتبة، ويمكن استحضار مشاعرهم الأخلاقية من خلال صور المعاناة وروايات الإنقاذ الإنسانية.

القصة الثقافية للضيافة

تعتقد الكاتبة أن هذا الاتجاه الفكري يحثنا على إعادة النظر في الامتيازات الضمنية في المسؤولية الأخلاقية للترحيب باللاجئين، ويذكرنا بأن القصة الثقافية للضيافة التي نرثها دون تفكير قد تكون مشبعة ببعض العناصر القمعية، وهو ما يطرح تساؤلات من قبيل: من سيقدم كرم الضيافة؟ وبناء على أي شروط؟

وأشارت الكاتبة إلى أن الصدام الأكبر الذي يفكر فيه الكتاب هو إضفاء الطابع المؤسسي على الضيافة من خلال القوانين والأطر التنظيمية للدولة القومية الحديثة، وتشابك المسؤولية الأخلاقية تجاه الآخرين مع السياسة التي تُمارس في إطارها هذه المسؤولية.

وتطرقت مساهمة المؤلفين المشاركين ميكيلا فرانشيشيلي وأديل غاليبو إلى هذا الصدام من خلال عرض الديناميكيات المحلية للضيافة والعداء في جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. وهما تجادلان بأنه "في الحالات التي تتوسط فيها الدولة المسؤولية تجاه الآخرين، أي عندما تصبح السياسة وسيطًا للمسؤولية الأخلاقية، فإنها تعفينا من اتخاذ القرارات والأحكام بشأن الأمور المتعلقة بغير المواطنين، ولكنها توفر أيضًا إمكانية خلق مسافة بيننا وبينهم وتسييس العمل الإنساني".

في هذا الكتاب دعوة إلى تعزيز درجة التقارب التي تأتي مع الانفتاح على الآخر وتمكين مساحات الانفتاح الجذري، حيث يتم الاعتراف باختلافات كل جانب واحترامها وتقديرها دون إنكار قوى القهر والسيطرة.

قد تبدو هذه الأفكار خيالية في عالم تسوده المشاعر المعادية للاجئين وكراهية الأجانب، ولكن الترابط الذي يأتي من خلال المحادثات الصريحة ضمن أفراد مجموعات مختلفة تعيش في نفس المجتمع، قد يكون جسرًا نحو تطوير قيم التكافل والاندماج والمسؤولية.

جمع هذا الكتاب بين العديد من التخصصات والممارسات، بما في ذلك الفنون والدعوة والعمل التطوعي والعلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية، لتطوير فهم دقيق للمعاني والقوى المشاركة في الحركة البشرية.


عدد القراء: 2217

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-