جوزيف ناي يتسأل «هل القرن أمريكي أيضاً؟»

نشر بتاريخ: 2015-09-30

فكر – المحرر الثقافي:

لا يختلف اثنان أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على مدى عقود عديدة سابقة هي القوّة الأكبر في العالم. ذلك خاصّة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي خرجت منها منتصرة دون أن ينالها أي دمار على عكس المنتصرين الآخرين من الحلفاء، بما في ذلك الاتحاد السوفييتي السابق.

ولا يزال هناك اليوم عدد كبير من المحللين والمراقبين الأمريكيين وغيرهم يرون بها قوّة عظمى، بل إنها ستكون لفترة طويلة أيضًا هي القوّة الأولى في العالم. مراقبون ومحللون آخرون لهم رأي مختلف حيث يميل بعضهم إلى القول إن الصين «الصاعدة» هي بصدد أن تحتل المرتبة الأولى في العالم.

فـ«هل القرن أمريكي أيضا؟» في عالم اليوم. هذا التساؤل هو عنوان كتاب المحلل الأمريكي الشهير في مجال السياسة الدولية «جوزيف س. ناي» الذي يشرح فيه أن القرن الأمريكي ليس في طريقه إلى الأفول، كما يتردد في الكثير من التحليلات التي يؤكّد القائلون بها أن أميركا لا تملك إمكانيات المحافظة على نفوذها في العالم.

على عكس مثل تلك الآراء «المتشائمة» يرى «جوزيف ناي» أنه لا يزال أمام الولايات المتحدة عقود عديدة يمكنها خلالها أن تحتفظ بمكانتها الريادية في العالم. هذا رغم أن الصين تمتلك نموًا اقتصاديًا «متسارعًا» بالقياس إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم أنها، اي الصين، تعمل على تعزيز قوتها العسكرية بأسلحة متطوّرة نوعيا في مختلف الميادين، بما في ذلك الغوّاصات.

أمّا الأوراق الرابحة الأساسية التي تمتلكها الولايات المتحدة من أجل المحافظة على مكانتها كقوّة عظمى على الصعيد العالمي فيحددها في امتلاكها لـ«جيش قوي» يمكنه أن يدافع عن مصالحها في شتى أصقاع الأرض. كذلك تمتلك جميع مؤهلات وصفات «القوة العظمى الاقتصادية» التي تجعل منها «مركز الثقل» الأساسي.

وبالاعتماد على هذه الأوراق كلّها يرى «ناي» أنه يمكن للولايات المتحدة أن «تسبق منافسيها» جميعهم خلال العقود القادمة. وبالتالي التأكيد أن «القرن الأمريكي لم ينته». وشرح أنها تستطيع أن تتابع «زعامتها للعالم» من خلال «الدبلوماسية» و«التعاون» مع بلدان أخرى.

والإشارة أن مثل هذه الدبلوماسية لا تعني «التوسّع» أو «الانكفاء» بل بالأحرى تبنّي استراتيجية «ذكيّة» من خلال مجموعة من الخيارات السياسية الداخلية والخارجية «المرنة» لـ«القوّة الهادئة» وليس من خلال استخدام قوّة تاريخية «ساحقة» لم تعد مسيطرة في العالم. ذلك أن «التاريخ له دائما دينامياته المتجددة»، كما يشير مؤلف الكتاب.

الكتاب تتميّز تحليلاته بقدر كبير من الوضوح حول موقع أمريكا في عالم اليوم. ولكن أيضاً، وربما خاصّة، حول المفاهيم المعقّدة لـ«القوّة». وهو يشرح بهذا الصدد مختلف العوامل التي تتعلّق منها بالدولة وبغير الدولة ليصل إلى نتيجة مفادها أن أمريكا تملك العوامل الأساسية العسكرية والاقتصادية والقوّة الهادئة للمحافظة على موقع متميّز خلال العقود القادمة.

ذلك أن المستقبل، كما تشير التحليلات المقدّمة، لا يبعث إلى قدر كبير من التشاؤم، كما يخلص المؤلف إلى القول.. ولعل هذا الدرس الأمريكي مفيد جدا بالنسبة لمناطق أخرى ليس أقلّها أهمية اوروبا في مسارها التطوري الحالي.

المؤلف في سطور

جوزيف س. ناي هو أستاذ في جامعة هارفارد. درس في جامعات برنستون وأكسفورد ونال شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفارد. خدم في وزارة الدفاع بمجال الأمن الدولي وتولّى مناصب عليا في هذا المحال. أختاره المشاركون في عملية استطلاع رأي عام في 2011 أنه المفكّر الأكثر تأثيراً على السياسة الأمريكية في مجال السياسة الخارجية.


عدد القراء: 3081

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-