عدد جديد من مجلة «بانيبال»
فكر – متابعات:
تكتب رئيسة تحرير مجلة «بانيبال» الصادرة في لندن مارغريت أوبانك في افتتاحية العدد الجديد 54 مدخلاً نقدياً وتعريفياً عن محتويات العدد وهو الأخير للعام 2015 وعنوانه «أصداء». ومما تقول: «في الأدب العربي المعاصر ثمة اتجاه لإبداع شكل أو نموذج من الأعمال التي يمكن تسميتها بالسيرة أو السيرة الذاتية تجمع بين التاريخ الفعلي وشخصيات معاصرة أو متخيَّلة (الأمر الذي لا يعد بحد ذاته خارجاً عن المألوف) لكنه، بين يدي هؤلاء الكتّاب، يتيح لهم، من خلال السيناريوات والشخصيات، إنجاز تحليلٍ ودراسة خلاقتين وأصيلتين ومعمقتين للقضايا الرئيسية التي واجهت وتواجه مجتمعاتهم في الماضي أو الحاضر. وهنا يردد التاريخ والذاكرة والحياة الواقعية صدى بعضهم بعضاً ويغني كل منهم للآخرين جديد أغنياته».
وتضيف: «في مقدمتها لكتاب نجيب محفوظ «أصداء السيرة الذاتية» كتبت نادين غورديمير «هذه النصوص هي تأملات تردد صدى ما كان وما يحدث»، فهل أجرؤ على القول أن نصوص العدد 54 من بانيبال هي الأخرى مثلها بالضبط: «تأملات عميقة مبدعة تتيح للقارئ أن يستكشف ويطوف في حقول إبداعية فسيحة يتمازج فيها الخيال والتاريخ والذاكرة والحياة الواقعية».
أما الكتّاب الذين نقرأ لهم في العدد الجديد، فيمثلون مدى من الأصداء الحقيقية للحياة في أساليب إبداعية متعددة تنشر في ترجماتها الإنكليزية.
في رواية بدرية البشر «غراميات شارع الأعشى»، تغرم «عزيزة» بالأفلام المصرية التي تشاهدها في تلفازها الأسود والأبيض، تلك التي يستحيل مقارنة أحداثها بصراعات الحياة الواقعية التي تخوضها يومياً – مثل اضطرارها إلى أن تكون مجرد مراقبة صامتة لحب متفتح لكن خفي يجهضه زواج قسري.
أما الكاتب المغربي المعروف «محمد برادة» فقد أبدع في عمل روائي تاريخي ساحر وأصيل «بعيداً من الضوضاء، قريباً من السكات» حيث نرى «راجي» الخريج العاطل من العمل وهو يستغل عمله الموقت مساعداً لمؤرخ يجمع المعلومات لمشروع يتعلق باستقلال المغرب كي يكتب روايته الخاصة متنقلاً بين زمني ما قبل الاستقلال وما بعده.
تفتتح ابتسام عازم هذا العدد بمقتطفات من روايتها «سِفْر الاختفاء»، وهي مطارحات متخيّلة لعبور التاريخ والذاكرة ذهاباً وإياباً، تجري أحداثها في تل أبيب ويافا في غضون 48 ساعة بعد استيقاظ الإسرائيليين من النوم واكتشافهم أن الفلسطينيين برمتهم قد اختفوا.
وثمة شاعران: عماد فؤاد الذي يستحضر ذكريات مغامراته الطفولية مع جده، ذكريات حب متقد، وموت موجع وإخلاص خجول؛ وجليل حيدر الذي يروي في قصيدته «أسد بابل» حكاية أرض وطنه العراق، تلك الأرض التي عمّها الخراب على رغم تاريخها الغني العريق، في قصيدة تغلي بالغيض والحزن والسخرية المريرة.
أما رواية أمين الزاوي «اليهودي الأخير في تمنطيط» التي تدور أحداثها في جزائر العصور الوسطى فهي قصة متخيلة عن فتى وفتاة أحدهما مسلم والآخر يهودي يتناوبان رواية حكاياتهما وتقاسم الذكريات وقصص الحب والأحقاد والرغبات المستعرة. والنص المقتطف المنشور هنا يتعلق بخالة تزوجت خمس مرات حتى لقبت بـ «آكلة الرجال». وتصحبنا قصة «إسماعيل غزالي» القصيرة «الحديقة اليابانية» في حكاية حب ورحلة فنطازية عبر حديقة من قصائد الهايكو الياباني.
وتعد مقالة «حسين الموزاني» حول لغته الأم (أو بالأحرى الافتقار إليها والانتقال اللغوي الذي رافق تنقله بين البلدان) مساهمة غنية في سؤال العلاقة بين اللغة والهوية.
ويقدم العدد في الزاوية المعنونة «الأدب الضيف» نصوصاً لأربعة من الأدباء العالميين الذين يكتبون هنا عن «مستقبل المدن»، حيث يقدم رودي دويل من إرلندا، راوي الحاج من لبنان - كندا، بيريهان ماغدين من تركيا وبوعلام صنصال من الجزائر وفرة من الزاد الفكري من خلال نصوصهم الأصيلة الواسعة المدى حول القضايا التي تواجه المدن الكبرى في عالمنا المعاصر – التمدن المتزايد، كثافة السكان، التغير المناخي، الأصولية الدينية والتنامي المتسارع لتكنولوجيا الإنترنت والكومبيوتر.
تغريد
اكتب تعليقك