«خواجة يني» تصدر بعد وفاة صاحبها بخمسة سنوات

نشر بتاريخ: 2016-01-21

فكر – الرياض:

صدرت مؤخرًا رواية للكاتب السعودي الراحل محمد صادق دياب بعنوان "خواجة يني" بعد وفاة صاحبها بخمس سنوات، وحققت مبيعات عالية في معرض الكتاب الذي أقيم في مدينة جدة في أواخر العام الماضي.

وتأتي أهمية الرواية وسبب ارتفاع مبيعاتها من زاويتين: الأولى تكمن في تعرضها لشخصية حقيقية شكلت جزءًا من ذاكرة جدة، ولها أثر كبير في نفوس سكان المدينة بحيث كان يني صاحب الرواية شخصية رئيسية في يوميات سكان المدينة وتربطهم به علاقات عميقة وكانوا يحبونه وهو يرتبط بعلاقة طيبة معهم حتى أنه كان يصوم رمضان معهم.

ويعود سبب تحقيق الرواية لنسبة مبيعات عالية إلى زاوية ثانية وهي سطوة الموت وتأثيره في النفوس، فمجرد أن يعرف القارئ أن هذه الرواية أو تلك كانت آخر أعمال المؤلف ولم تمهله الحياة لرؤيتها منشورة، حتى يترك هذا الخبر الهامشي تأثيرا كبيرا على القارئ الذي يصيبه الفضول في قراءة آخر ما خطه المؤلف والتلصص على الكلمات والبحث بين فواصلها عن رائحة الموت، وتعقب ما قد تشي به السطور فيما إذا كان المؤلف قد توقع موتا وكتب ما يشير إلى هذا التوقع، فالقارئ مهووس أحيانًا ومولع بآخر الكلمات وآخر الأعمال وآخر ما قاله أو كتبه الشاعر الفلاني أو المؤلف العلاني.

ويني الذي تحدثت رواية محمد صادق دياب عنه وشكلت سيرته جزءًا من ذاكرة مدينة جدة هو صبي يوناني جاء مع أبيه دولو وعمه إيكيليا إلى مدينة جدة، فعشق المدينة وأدمن أنسها، وناسها، وبحرها، ورائحة تاريخها، ووجد في أهلها من التسامح ما جعله جزءاً من إيقاع شارع قابل أهم شوارع جدة.

دخل يني إلى قلوب أهل جدة بظرفه وخفة ظله، ولم تكن لكنة يني تشعره بأي حرج، فصوته لا يكف عن الضجيج في السوق ممازحاً المارة والزبائن، يصوم رمضان مع المسلمين، ويغادر متجره فور أن يتعالى الأذان من مئذنة مسجد عكاش.

وكبر يني في جدة وكان أول من أنشأ في المدينة بقالة بمفهوم عصري، تجد فيها الجبن الرومي، والزيتون بلونيه، والبسطرما، والسمك المجفف، والزيوت بأنواعها، ومن دهشة الناس بتلك البقالة العصرية أطلقوا عليها مصطلح بنك يني.

بعد مغادرته جدة إلى بلاده، عاش يني سنواته الأخيرة في وطنه غريباً في عيون الناس، والناس غرباء في عيونه، حتى ودّع الدنيا، وفي قلبه شيء من الحنين تجاه مدينة ومضت في دواخله كنجمة في غمرة المسافات.

وقد كتب الروائي السعودي محمد صادق دياب قبل سنوات من وفاته أمنيته في كتابة سيرة حياة يني وفعلاً حدث هذا وكتب الرواية لكن الموت عاجله قبل أن تصدر روايته التي أنهى كتابتها قبل أن يتوفى بوقت قصير، كتب في مقالة له "تحت إغراء هذه الشخصية، تمنيت أن أكتب رواية بعنوان «خواجه ينّي»، تغوص في أعماق شخصية الرجل، وتكشف مقدراته على التكيف مع مدينة لم تكن تزيد مساحتها عن كيلومتر مربع، وأعترف أنني أتعثر منذ سنوات في كتابة هذه الرواية، والقبض على شخصية الرجل، رغم كتابة عشرات الصفحات.

ويذكر أن الروائي السعودي توفي أثر مرض السرطان في عام 2011 وله العديد من المؤلفات القصصية والتاريخية والاجتماعية منها "المفردات العامية بمدينة جدة" و "امرأة وفنجان قهوة" و"جدة التاريخ والحياة الاجتماعية" و "ساعة الحائط تدق مرتين" (مجموعة قصصية) و "الأمثال العامية في الحجاز" و"مقام حجاز".


عدد القراء: 3335

اكتب تعليقك

شروط التعليق: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.
-